المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معركة كوسوفا.. حملة صليبية سادسة على العثمانيين



صفاء
2008-03-06, 11:30 PM
معركة كوسوفا.. حملة صليبية سادسة على العثمانيين

السلطان مراد الثاني
كانت بدايات الدولة العثمانية قوية، انتقلت من طور الإمارة إلى طور الدولة في أوربا بفضل سلاطينها الأقوياء الذين ألفوا الحياة الجادة، وانشغلوا بعظائم الأمور، وعنوا ببناء الدولة ومؤسساتها العسكرية والمدنية، ولم يكد ينقضي الثلث الأول من القرن العاشر الهجري حتى صارت الدولة العثمانية أكبر إمبراطورية في العالم، تمتد أراضيها عبر قارات آسيا وأوربا وأفريقيا.

وكان من أعظم سلاطين الدولة العثمانية الذين شاركوا في مرحلة البناء والتأسيس مراد الثاني، تولى السلطنة في سنة (824 هـ = 1421م) بعد وفاة أبيه محمد جلبي، ولم يزد عمره حين اعتلى عرش الدولة العثمانية عن ثمانية عشر عاما، شابا فتيا، يفيض حماسا وطموحا، ويتطلع إلى المزيد من القوة والنفوذ.

في وجه العواصف والأعاصير

وما كاد مراد الثاني يعتلي السلطنة حتى كان على موعد مع القلاقل والثورات التي كادت تطيح به لولا أنه كان صلب العود قوي الإرادة، واثق النفس، لا تهزه العواصف والأعاصير، فقضى على ثورة عمه مصطفى جلبي الذي كان طامعا في السلطنة يرى نفسه جديرا بها أهلا لتولي مسئولياتها، وكان يقف وراءه الدولة البيزنطية التي كانت ترى في تزايد قوة العثمانيين خطرا داهما يهدد وجودها، ولذا لجأت إلى شغل الدولة العثمانية بالفتن والثورات حتى لا تلتفت إلى فتح القسطنطينية التي كان يحلم بها سلاطين آل عثمان.

وقضى مراد الثاني عدة سنوات يوجه ضربات موجعة لحركات التمرد في بلاد البلقان، ويعمل على توطيد أركان الحكم العثماني بها، وأجبر ملك الصرب "جورج رنكوفيتش" على دفع جزية سنوية، وأن يقدم فرقة من جنوده لمساعدة الدولة العثمانية وقت الحرب، ويزوجه ابنته "مارا"، ويقطع علاقاته مع ملك المجر، كما نجح السلطان مراد الثاني في فتح مدينة سلافيك اليونانية بعد أن حاصرها خمسة عشر يوما.
على جبهة المجر

اشتبك السلطان مراد الثاني مع المجر بسبب ضلوعها في تحريض الصرب على الثورة على الدولة العثمانية، فتحرك إليها في سنة (842هـ= 1438م)، وأحدث بها خسائر فادحة، وعاد منها بسبعين ألف أسير على ما يقال.

وفي السنة التالية خرج جورج برنكوفتش أمير الصرب على طاعة الدولة العثمانية فخرج السلطان مراد في قواته وحاصر "بلجراد" عاصمة الصرب لمدة ستة أشهر لكنه لم ينجح في فتحها لبسالة المدافعين عنها، ثم اتجه إلى ترانسلفانيا بالنمسا وأغار عليها. وكان من شأن ذلك أن أعلن البابا أوجينيوس الرابع في سنة (843هـ = 1439م) قيام حملة صليبية ضد الدولة العثمانية، وسرعان ما تكون من وراء دعوة البابا حلف من المجر وبولندا والصرب، وبلاد الأفلاق وجنود البندقية، وقاد هذا الحلف القائد المجري "يوحنا هونياد"، وكان كاثوليكيا متعصبا هدفه في الحياة إخراج العثمانيين من البلقان ومن أوربا.

وقد نجح هذا القائد المجري في إلحاق هزيمة ساحقة بالعثمانيين سنة (846 هـ = 1442م) بعد أن قتل منهم عشرين ألفا بما فيهم قائد الجيش، وألزم من نجا منهم بالتقهقر إلى خلف نهر الدانوب. ولما بلغ السلطان خبر هذه الهزيمة أرسل جيشا من ثمانين ألف جندي تحت قيادة شهاب الدين باشا، للأخذ بالثأر وإعادة الاعتبار للدولة العثمانية، لكنه لقي هزيمة هو الآخر من " هونياد المجري" في معركة هائلة بالقرب من بلجراد.

وتوالت الهزائم بالسلطان؛ الأمر الذي جعله يعقد معاهدة للصلح لمدة عشر سنوات مع المجر في (26 من ربيع الأول 848 هـ= 13 من يوليو 1444م) بمقتضاها تنازل السلطان عن الصرب، واعترف بجورج برانكوفتش أميرا عليها، وتنازل عن الأفلاق (رومانيا) للمجر. وبعد عودة السلطان إلى بلاده فجع بموت ابنه "علاء الدين" أكبر أولاده، فحزن عليه وسئم الحياة فتنازل عن الحكم لابنه محمد الذي عرف فيما بعد بـمحمد الفاتح وكان في الرابعة عشرة من عمره، وتوجه مراد الثاني إلى "مغنيسيا" في آسيا الصغرى ليقضي بقية حياته في عزلة وطمأنينة ويتفرغ للعبادة والتأمل.

المجر تنقض معاهدة الصلح

أنعش تخلي السلطان مراد الثاني عن الحكم آمال الأوربيين في الانقضاض على الدولة العثمانية، ولم يكن مثل السلطان الصغير محمد الثاني أهلا لأن يتحمل أعباء مواجهة الحلف الصليبي، وبالفعل نقض ملك المجر المعاهدة بتحريض من مندوب البابا، الذي أقنعه بأنه في حل من القسم الذي تعهد به، وكان ملك المجر قد أقسم بالإنجيل وأقسم مراد الثاني بالقرآن على عدم مخالفتهما شروط معاهدة الصلح ما داما على قيد الحياة.

وعلى أنقاض المعاهدة قام حلف صليبي تكون من المجر وبولونيا وألمانيا وفرنسا والبندقية والدولة البيزنطية، وحشدوا جيشا ضخما.

مراد الثاني يعود إلى السلطنة

تحركت هذه الحشود الضخمة نحو الدولة العثمانية، ونزلت إلى ساحل البحر الأسود واقتربت من "فادنا" البلغارية الواقعة على ساحل البحر، وفي الوقت الذي كان تجري فيه هذه التحركات كان القلق والفزع يسيطر على كبار القادة في "أدرنة" عاصمة الدولة العثمانية، ولم يكن السلطان الصغير قادرا على تبديد هذه المخاوف والسيطرة على الموقف وانتزاع النصر من أعداء الدولة؛ من أجل ذلك اجتمع مجلس شورى السلطنة في "أدرنة"، واتخذ قرارا أبلغه إلى السلطان محمد الثاني، نصه: "لا يمكننا مقاومة العدو، إلا إذا اعتلى والدك السلطان مكانك.. أرسلوا إلى والدكم ليجابه العدو وتمتعوا براحتكم، تعود السلطنة إليكم بعد إتمام هذه المهنة".

وعلى الفور أرسل محمد الثاني في دعوة أبيه مراد الثاني الموجود في مغنيسيا، غير أن السلطان مراد أراد أن يبعث الثقة في نفس ولده، فبعث إليه قائلا: إن الدفاع عن دولته من واجبات السلطان.. فرد عليه ابنه بالعبارات التالية: "إن كنا نحن السلطان فإننا نأمرك: تعالوا على رأس جيشكم، وإن كنتم أنتم السلطان فتعالوا ودافعوا عن دولتكم".

اللقاء المرتقب في "فادنا"
أسرع السلطان مراد الثاني في السير إلى "فارنا" في اليوم الذي وصل فيه الجيش الصليبي، وفي اليوم التالي نشبت معركة هائلة، وقد وضع السلطان مراد المعاهدة التي نقضها أعداؤه على رأس رمح ليشهدهم ويشهد السماء على غدر العدو، وفي الوقت نفسه يزيد من حماس جنده.

وبدأت المعركة بهجوم من "هونياد" قائد الجيش الصليبي على ميمنة الجيش العثماني وجناحه الأيسر، وترك السلطان مراد العدو يتوغل إلى عمق صفوف جيشه، ثم أعطى أمره بالهجوم الكاسح، فنجحت قواته في تطويق العدو، واستطاعت قتل ملك المجر "لاديسلاس" ورفعت رأسه على رمح وكان لهذا أثر مفزع في نفوس العدو حين رأوا رأس ملكهم مرفوعة على أحد الرماح، فاضطربت صفوفهم وتهاوت قواهم وخارت عزائمهم، ولم يلبث أن هرب القائد المجري "هونياد" تاركا جنوده تقع في الأسر، وقد بلغ عددهم ما بين ثمانين إلى تسعين ألف جندي، وتم هذا النصر في (28 من رجب 848هـ= 10 من نوفمبر 1444م)، وفرح المسلمون بهذا النصر، ولم يقتصر الاحتفال به على تركيا وحدها، بل امتد إلى العالم الإسلامي.
معركة كوسوفا.. حملة صليبية
مضت أربع سنوات على انتصار العثمانيين في "فارنا" لكن الألم كان يعتصر قلب "هونياد"، ورغبة الثأر تأكل قلبه، يريد الانتقام ومحو آثار هزيمته وهروبه من ساحة القتال، فقام بتجهيز الحملة الصليبية السادسة ضد العثمانيين، اشترك فيها مائة ألف جندي من المجر وألمانيا وبولونيا وصقلية، ونابولي، وتألف الجيش من 38 كتيبة، معظمها لا تعرف لغة الأخرى.

تقدم هذا الجيش الجرار حتى صحراء كوسوفا والتقى بالجيش العثماني الذي كان يقوده مراد الثاني، واستمر اللقاء ثلاثة أيام، بدءا من (18 من شعبان 852 هـ = 17 من أكتوبر 1448م)، وفي اليوم الثالث نجح السلطان مراد في محاصرة العدو الذي أنهكه التعب وضربات القوات العثمانية المتتالية، وأغلق أمامه طريق العودة.

عجز "هونياد" عن المقاومة، حتى إذا حل الظلام تمكن من الهرب، تاركا خلفه 17 ألف قتيل وعشرات الآلاف من الأسرى، وأعاد هذا النصر ذكرى انتصار السلطان مراد الأول على "لازار" ملك الصرب في هذا المكان سنة (791 هـ = 1389م) أي قبل 59 عاما من النصر الثاني، كما قضى على آمال الأوربيين في إخراج العثمانيين من بلاد البلقان لعصور طويلة.

عادل محمد
2008-03-06, 11:48 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صفحات مشرفة من تاريخ الامة تعزز الايمان في هذه الامة المباركة ويعمر بها القلب أيمانا كما هو دوما بأن نصر الله قادم لا محاله وان هذه الامة ستفوق من سباتها العميق لتعود امجاد نصرها
التي ما عدنا نراها الا في صفحات التاريخ ...
الاخت الكريمة صفاء أتابع هذا القسم الدسم بروائع والصفحات المضيئة بارك الله فيكي وأثابك الله
عن كل حرف ..

ذو الفقار
2008-03-07, 03:48 PM
بوركتِ يا أختي صفاء على موضوعك عن هذه الحرب الصليبية الشرسة التي تظهر في هذه المعركة ولا ننسى أن هذه الحملة قائمة ولازالت تحاول جاهدة النيل من الإسلام والمسلمين أينما وجوا ولكن تنوعت السبل ووضعوا القنابل فى أكاليل الزهور

حياكِ الله يا مشرفتنا الكريمة

د محمد قاسم
2008-03-07, 05:14 PM
:p015:
أبدعتي يا أختي الكريمة
جزاكي الله خيراً

الهزبر
2008-03-07, 09:07 PM
السلام عليكم.

بارك الله فيك اختنا الكريمة.

ستكون لي عودة باذن الله للتمعن في الموضوع والاستفادة منه.

مرور ومتابعة

صفاء
2008-03-08, 07:16 PM
وان هذه الامة ستفوق من سباتها العميق لتعود امجاد نصرها
التي ما عدنا نراها الا في صفحات التاريخ ...
اجل اخي الفاضل ابو البراء هذه الامة ستستفيق يوما ما من سباتها العميق وقولوا عسى ان يكون هذا اليوم قريبا ان شاء الله


الاخت الكريمة صفاء أتابع هذا القسم الدسم بروائع والصفحات المضيئة بارك الله فيكي وأثابك الله
عن كل حرف ..
جزاك الله الجنان اخي الفاضل والمحترم ابو البراء وبارك الله فيك على الاضافة الاكثر من رائعة ويشرفني مرورك الطيب على صفحتي

ولا ننسى أن هذه الحملة قائمة ولازالت تحاول جاهدة النيل من الإسلام والمسلمين أينما وجوا ولكن تنوعت السبل ووضعوا القنابل فى أكاليل الزهور
ستجد مختلف اصحاب العقائد الباطلة والمنحرفة يختلفون في عدة اشياء الا انهم يجتمعون على نقطة واحد وهي كره والحقدعلى المسلمين والنيل منهم وستزداد هذه الهجمات الشرسة على الاسلام والمسلمين ما لم نغير انفسنا وبقينا على هذه الحال .

حياكِ الله يا مشرفتنا الكريمة
جزاك الله الجنان اخي ذو الفقار وبارك الله فيك وشكرا لك على الاضافة الاكثر من رائعة وعلى المرور الطيب .

أبدعتي يا أختي الكريمة
جزاكي الله خيراً
جزاك الله الجنة اخي شعاع وبارك الله فيك على التعقيب وعلى المرور العطر


بارك الله فيك اختنا الكريمة.
وفيك بارك الله ياهزبر البشارة
حياكم الله وجزاكم الله كل خير

الهزبر
2008-03-09, 03:10 PM
السلام عليكم.


وما كاد مراد الثاني يعتلي السلطنة حتى كان على موعد مع القلاقل والثورات التي كادت تطيح به لولا أنه كان صلب العود قوي الإرادة، واثق النفس، لا تهزه العواصف والأعاصير، فقضى على ثورة عمه مصطفى جلبي الذي كان طامعا في السلطنة يرى نفسه جديرا بها أهلا لتولي مسئولياتها، وكان يقف وراءه الدولة البيزنطية التي كانت ترى في تزايد قوة العثمانيين خطرا داهما يهدد وجودها، ولذا لجأت إلى شغل الدولة العثمانية بالفتن والثورات حتى لا تلتفت إلى فتح القسطنطينية التي كان يحلم بها سلاطين آل عثمان.

تقدم بان مراد الثاني هو ثاني حاكم للدولة العثمانية. فهو في مرحلة التاسيس.
وتقدم في الاقتباس بان عمه قد خرج عليه.

ومن خلال هذا اريد ان اشير الى امر.

وهو ان تاسيس دولة جديدة يمر بعدة مراحل.

1 مرحلة الدعوة السرية او مرحلة تثبيت الحكم لسلطان على عائلته قبل ان يكون سلطانا على الناس وتبدا بشكل سلطة كاريزماتية ثم تتطور.
2 يواصل ذلك السلطان العمل مع رجال الدعوة او المؤسسين فينظم الدولة.
3 يموت السلطان ويخلفه اخر. فيجعل ذلك بقية رجال الدعوة والدولة يشعرون بالاحقية لانهم معه في مرتبة واحدة.
4 يخرج عليه بعض اقاربه فيحاربهم.
5 ان هزمهم يلتفت الى بقية رجال الدعوة(او مرحلة التاسيس) فاما ان يقتلهم او ان يجعلهم خارج مجال النفوذ اتقاء لشرهم ومطامعهم.
6 بعد ان ينهي كل هذا ينتقل من مرحلة الدعوة او التاسيس الى مرحلة الدولة. ويصبح للاسرة الحاكمة المكان الاول في الدولة وفي العقول والنفوس وان كانوا لم يساهموا في قيادة الجيوش ولا في الاعمال الكبيرة.
7 يلتفت السلطان المنتصر على اقاربه او ابنه الى خارج مجال دولته ليوسعها وليفرض نفوذه.

وهذا واضح جلي من خلال تاريخ العباسيين. والعبيديين(الفاطميون كما يدعون وفاطمة منهم براء)

بارك الله فيك على الموضوع اخت صفاء واعتذر عن تقصيري في قسمك بالمواضيع الجديدة ففيك وفي الاخوة كفاية

صفاء
2008-03-09, 05:16 PM
تقدم بان مراد الثاني هو ثاني حاكم للدولة العثمانية
هو ثاني حاكم للدولة العثمانية وتولى الحكم بعد وفاة ابيه محمد جلبي عام 824 فكان عمر السلطان (مراد الثاني لايزيد على ثماني عشر سنة )

وهو ان تاسيس دولة جديدة يمر بعدة مراحل.

1 مرحلة الدعوة السرية او مرحلة تثبيت الحكم لسلطان على عائلته قبل ان يكون سلطانا على الناس وتبدا بشكل سلطة كاريزماتية ثم تتطور.
2 يواصل ذلك السلطان العمل مع رجال الدعوة او المؤسسين فينظم الدولة.
3 يموت السلطان ويخلفه اخر. فيجعل ذلك بقية رجال الدعوة والدولة يشعرون بالاحقية لانهم معه في مرتبة واحدة.
4 يخرج عليه بعض اقاربه فيحاربهم.
5 ان هزمهم يلتفت الى بقية رجال الدعوة(او مرحلة التاسيس) فاما ان يقتلهم او ان يجعلهم خارج مجال النفوذ اتقاء لشرهم ومطامعهم.
6 بعد ان ينهي كل هذا ينتقل من مرحلة الدعوة او التاسيس الى مرحلة الدولة. ويصبح للاسرة الحاكمة المكان الاول في الدولة وفي العقول والنفوس وان كانوا لم يساهموا في قيادة الجيوش ولا في الاعمال الكبيرة.
7 يلتفت السلطان المنتصر على اقاربه او ابنه الى خارج مجال دولته ليوسعها وليفرض نفوذه.

وهذا واضح جلي من خلال تاريخ العباسيين. والعبيديين(الفاطميون كما يدعون وفاطمة منهم براء)
:p015::p015::p015: اضافة اكثر من رائعة ايها الهزبر

بارك الله فيك على الموضوع اخت صفاء
وفيك بارك الله اخي الهزبر وجزاك الله الجنة
تقديري واحترامي لشخصك الكريم

الهزبر
2008-03-16, 09:56 PM
السلام عليكم.

يضاف الى المواضيع المميزة. باذن الله