المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا يظهر الالهام



ابن النعمان
2011-08-28, 07:42 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
هكذا يظهر الالهام
-------
ولو دققنا نجد ان الالهام الصارخ والعناية الفائقة يشملان كل المخلوقات من الخلايا والاجهزة والانسجة والاعضاء الى كل العوالم الموجودة على ظهر الارض من الطفيليات , والطيور , و الحيوانات ويتجسد كل ذلك بالنسبة للانسان بصرف النظر عن الرضاعة وغيرها من مظاهر للالهام والرعاية فى عدة مشاهد تظهرهما بصورة غير تقليدية تبدأ بخروج بويضة الانثى من حويصلتها وتنتهى بحدوث المخاض , وعندما نتفكر فى هذه المشاهد التى يتشلبه بعضها الملاريا والبلهارسيا نجد امامنا الكثير من الاسئلة وامامها الكثير من علامات التعجب .
ففى المشهد الاول ( مشهد خروج البويضة) نجد امامنا شىء محير , من الذى اوعز للبويضة بالخروج من مخبأها (الحويصلة او الجسم الاصفر الذى يتحول بعد ذلك الى غدة تفرز هرمون البروجيستيرون) و في وقت معين من كل شهر محسوب بدقة متناهية, لتقوم برحلة شاقة حتى تصل الى التجويف البريتوني , ومن الذى اوعز لقناة فالوب ان تتهىء لاستقبالها فتتلقفها حين خروجها من الحويصلة عن طريق آليتها الخاصة (اهداب داخل القناة تعمل بحركتها على شفط البويضة وتوجيهها الى عنق الرحم حتى تلتقى بالحيوان المنوى عند طرف القناة ثم تأمين رجوعها مرة اخرى الى الرحم لكى تزرع فى جداره بعد تقاتل الحيوانات المنوية وسباقها الرهيب علي الوصول اليها واختراقها وتخصيبها ) ومن الذى نصحها بالرجوع مرة اخرى بعد الاخصاب الى الرحم , ثم خطط لعملية الزرع والتثبيت ومن قبل جهز لتلك المقابلة بينها وبين حيوانات الرجل .... حيونات الرجل , التى لا ينجح منهما سوى حيوان منوى واحد يخترق البويضة ويلقحها وينقل لها كل صفات الذكر والغريب ان بمجرد حدوث ذلك , تقوم البويضة بغلق غلافها الخارجي ليستحيل دخول اى حيوان منوي
اخر , ومن الذى الهم البويضة بعد الاخصاب بان تبدأ رحلة اخرى مريرة للرجوع الى الرحم فى اثنائها تنقسم لتعطى اول طور من اطوار الجنين , , ومن ساعدها على الرجوع وهى لا تملك ذاتية الحركة بل تتحرك باليات خارجة كاهداب القناة وتيارات الشفط ( ولكن هناك شىء غريب تيار الشفط المفروض ان يكون له اتجاه واحد فهل سبحت لبويضة ضد التيار وكيف تسبح وهى لا تملك القدرة على الحركة ام ان التيار توقف او غير اتجاهه , كل هذه الاحتملات تدل على ان القناة هى الاخرى لم تنفك عن الرعاية والالهام مبرمجة على برنامج معين يتحد مع الرنامج العام للاخصاب ويشكل مفردة من مفرداته تحت اطارهما فالاهداب والبرنامج لا يمكن ان يعملا عشوائيا بل لابد عليه من قائم عليهما فالريحاح الناتجة عن حركة الاهداب لا تسير سوى فى اتجاه واحد فكيف سارت فى اتجاه معاكس ومن اعطاها الاشارة لتغير اتجاهها عقب تخصيب البويضة ) و الالهام فى هذه العملية شديدة الحساسية يمتد ليشمل كل صغيرة وكبيرة , حتى ان الرحم ذاته لم يشذ عنه فيقوم فى اطاره بالعديد من الادوار خلال هذه العملية حيث انه :
- يساعد الحيوانات المنوية علي الانتقال بفضل المادة اللزجة التي يفرزها.
- تأمين زرع وتثبيت البويضة وتكوين المشيمة (غشاء الجنين الذي يخرج منة عند الولادة) بفضل بطانته.
- كما يساعد في عميلة الولادة بفضل جدارة العضلي الذي ينقبض فيدفع الطفل نحو الخارج.
فهل يمكن ان تكون هناك صدفة او مجال للفوضى والعشوائية فى كل هذه الخطط التكوينية المتسمة بشدة التعقيد وتعدد المراحل , هذه المراحل المتسلسلة المنتظمة المتوازية المتوالية المتضافرة المتشابكة المتصلة المنفصلة التى لا مفر من الاعتراف من حتمية ان يكون هناك مخطط لها من بادىء الامر , فكل المراحل التى تمر بها البويضة بداية من خروجها من الحويصلة (1) ونزولها الى قناة فالوب والتقائها بالحيوان المنوى ورجوعها مرة اخرى الى الرحم محسوبة بدقة متناهية من ناحية المكان وتتابع الاحداث الزمنية وتوظيف الاليات التشريحية و الأنظمة البيولوجية كسلسلة منتظمة لا يمكنها ان تفقد ايا من حلقاتها (سواء من البداية او النهاية او الوسط ), وان فقدت فلن يكون للحلقات الاخرى الاخرى اى داعى , وبالتالى فهى غير قابلة للتراكم , بل لابد من كتابة السيناريو وتنفيذه مرة واحدة بترتيبه المسبق ومشاهده المتتابعة المدروسة و دقتة المتناهية , فمثلا لو لم تتحول المادة المتجمدة شديد اللزوجة التى تغطى وتغلق عنق الرحم الى مادة سلسة سهلة فى بداية الدورة الشهرية ما تأتى للحيونات المنوية اختراقه لتصل الى قناة فالوب , ولو لم يكن لقناة فالوب تلك الاهداب التى تتحرك فتؤدى الى تيار الشفط الذى يعمل على شفط البويضة من التجويف البريتوني بعد خروجها من الحويصلة او الجسم الاصفر لتمر من خلالها الى موضع الالتقاء , ما كان للبويضة الى دخول القناة ثم الوصول الى طرفها و الالتقاء بالحيوان المنوى من سبيل , ولو لم يدفع الرحم بانقباضاته الحيونات المنوية الى نفس الطرف لمكثت البويضات الى اخر الزمان بدون تلقيح , ولو لم يفرز الجسم الاصفر (الذى كان فى الاصل حويصلة البويضة ) هرمون البروجيستيرون ما امكن زرع البويضات المخصبة داخل الرحم وتثبيتها , ولو لم يكن جسم المرأة بكامله مهيىء لاستقبال الجنين (قبل وبعد ولادته) وتغذيته ورعايته بآلية ودقه تامة لا يمكن وصفها ما كتب للانسان المكوث داخله او الاستمرار فيه ولو بضع دقائق , ولو لم تخرج للطفل الاسنان فى وقتها المناسب لامتنع عليه مضغ الطعام واساغته وانتهى الامر بوفاته ولانشغلت امه برضاعته عن اى شىء اخر .
وبالنسبة للحلقات المتجانسة المتكاملة التى ليس هناك مفر من وجودها مرة واحدة بالتوازى وتنفيذها على التوالى , نقول : هل يعقل ان يستمر الانسان فى الحياة او التكاثر الجنسى مع عدم امكان وصول حيواناته المنوية الى قناة فالوب والتقائها بالبويضة وهل يمكن حدوث ذلك لولا انقباضات الرحم المتتابعة , التى تدفع بالحيونات المنوية نحو القناة وحركة اهدابها من ناحية اخرى الى تشفط البويضات وتوجهها الى نفس الهدف .
هل عليه ان ينتظر الاف السنين حتى تاتى طفرة وتبرمج الرحم على هذه الالية , ومن قبل تمده بالعضلات اللازمة لذلك وخلال هذه الفترة , هل يمكن ان يكون هناك شىء اسمه تزاوج او تكاثر او استمرار لحياة ؟ , ولو توفر حدوث كل ذلك فهل سوف ينتهى الامر ؟ لا !! الامر يحتاج الى المزيد من التهيئة والتكيف للرحم مع المخلوق الجديد, مما يحتم عليه الانتظار ملايين اخرى على امل ان تحدث له مجموعة من الطفرات التى يمكن ان تساعده على تهيئة الرحم وزرع البويضة وتثبيتها بعد الاخصاب , والى ان يحدث ذلك لن يكون هناك ايضا شىء اسمه تكاثر او استمرار حياة , لم تكتمل الحلقات بعد فلابد عليه ان ينتظر ملايين اخرى من السنين على امل اشد ضعفا عسى ان تحدث له مجموعة من الطفرات التى يمكن ان تعمل على وجود آلية خاصة برعاية البويضة المخصبة وتغذيتها والاشراف على مراحل نمو الجنين وانتقاله من طور الى اخر , , ولا زلنا نلضم فى الحلقات الى الان , فلم ينتهى امر الطفرات بعد , فلابد من حدوث طفرات اخرى تحدث على مدى ملايين اخرى من السنين لانشاء خلايا الثدى , وملايين اخرى لتجهيز هذه الخلايا للرضاعة بعد توطيد سبل التعاون بينهما باقى اعضاء واجهزة الجسم , ثم طفرات اخرى على مدى ملايين اخرى لبرمجة الطفل وتعليمه كيفية الرضاعة , ثم تسليحه بقوة ومقدرة على المص لا يمكن ان تتوفر لغيره ولو كان اقوى انسان على ظهر الارض ؟, وملايين اخرى لعمل برنامج ينفصل من خلاله الطفل عن الرضاعة يبدأ بخروج الاسنان فى وقت معين لاعطاء مجال لغذاء اخر و رضاعة طفل اخر .
واخيرا : لا مفر لابد من وجود كافة الحلقات مرة واحدة بداية من قذف الحيوانات المنوية داخل الرحم وانتهاء بفطم الجنين عن ثدى الام .
سبحان الله ...
يقول الجاحظ فى كتابه الخلق والتدبير :
"افرايت لو لم يجر اليه الدم اى الجنين وهو فى رحم الام الم يكن سيذوى ويجف كما يجف النبات اذا فقد الماء ؟ ولو لم يزعجه المخاض عند استحكامه الم يكن سيتبقى فى الرحم كالموءود فى الارض ؟ ولو لم يوافه اللبن مع ولادته الم يكن سيموت جوعا او يغتذى بغذاء لا يلائمه ولا يصلح عليه بدنه ولو لم تطلع له الاسنان فى وقتها الم يكن سيمتنع عليه مضغ الطعام واساغته او يقيم على الرضاع ولا يشتد بدنه ولا يصلح لعمل ثم يشغل امه بنفسه عن تربية ولد غيره ولو لم يكن شعر يخرج فى وجهه فى وقته الم يكن فى هيئة الصبيان والنساء ؟ فلا يرى له جلالا ولا هيبة ولا وقار , فمن الذى كان يرصده حتى يوافيه بكل شىء من هذه المآرب فى وقته الا الذى انشأه خلقا بعد اذ لم يكن ثم توكل بمصلحته بعد اذ كان ولئن كان الاهمال ياتى بمثل هذا التدبير فقد نجد فى القياس ان يكون العمدة والتقدير ياتى بالخطأ والمحال لانه ضد الاهمال وهذا خلف من القول" . (الخلق والتدبير – ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ص59)
ويقول فى موضع اخر " وانظر كيف جعلت اعضاء الجماع فى الذكر والانثى جميعا على ما يشاكل ذلك فجعلت للذكر اذا كان يحتاج ان يقذف ماءه فى غيره آله ناشرة تمتد حتى توصل النطفة الى الرحم , وجعلت للانثى اذا اذا احتاجت الى ان تشتمل على الماءين جميعا وتحمل الولد حتى يستحكم وعاء قعيرا يصلح لذلك ". (المرج السابق61)
ويقول فى موضع ثالث " فلا ترى جسم الصبى كيف ينمو بجميع اعضائه , وهو ثابت على شكله وعينه وهيئته لا يتزيد ولا يتنقص , واعجب من هذا تصويره فى الرحم حيث لا تراه عين , ولا تناله يد يخرج سويا مستويا بجميع ما به قوامه وصلاحه من الاحشاء والجوارح والعوامل والحوامل الى ما فى تركيب اعضائه من العظام واللحم والشحم والمخ والعصب والعروق والغضاريف من دقائق التركيب والتقدير والحكمة " . (المرجع السابق ص62)
---------------
(1) التى سوف تصبح بعد ذلك الجسم الاصفر الذى سوف يتحول الى غدة تفرز هرمون البروجيستيرون بامر من الغدة النخامية وهرمون البروجيسترون مهم في تحضير الرحم وتهيئته لعملية زرع البويضات وذلك بالإمداد الدموي للغشاء المبطن للرحم مما يجعله جاهزآ لعملية تثبيت البويضة الملقحة ، ويحافظ هرمون البروجيستيرون أيضآ على الحمل ويضاد هرمون البروجستيرون عمل هرمون الاستروجين في أنسجة معينة مثل المهبل وعنق الحم ، حيث يعمل على منع زرع البويضات في المبيض ، كما أنه مهم في تنظيم الدورة الشهرية في الاناث