المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على شبهة سورة البقرة آية 26



السيف البتار
2008-11-23, 04:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم




المطعن

(1) لما ضرب محمدٌ المَثَل بالذباب والعنكبوت، وذكر النحل والنمل، قال المعارضون: ما أراد الله بذكر هذه الأشياء الخسيسة! إننا لا نعبد إلهاً يذكر هذه الأشياء . فقال محمد: إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً . فأجابهم من جنس أقوالهم، ولم يأتِ بجديد!

سيقت هذه الآية لبيان أنَّ ما استنكره الجهلة والسفهاء وأهل العناد والمراء من الكفار واستغربوه من أن تكون المحقّرات من الأشياء مضروباً بها المثل، ليس بموضع للاستنكار والاستغراب، من قبل أنّ التمثيل إنما يصار إليه لما فيه من كشف المعنى ورفع الحجاب عن الغرض المطلوب، وإدناء المتوهّم من المشاهد.

فإن كان المتمثل له عظيمًا كان المتمثل به مثله، وإن كان حقيراً كان المتمثل به كذلك.

فليس العظم والحقارة في المضروب به المثل إذاً إلاَّ أمراً تستدعيه حال المتمثل له وتستجرّه إلى نفسها، فيعمل الضارب للمثل على حسب تلك القضية.

ألا ترى إلى الحق لما كان واضحاً جلياً أبلج، كيف تمثل له بالضياء والنور؟ وإلى الباطل لما كان بضد صفته، كيف تمثل له بالظلمة؟

ولما كانت حال الآلهة التي جعلها الكفار أنداداً لله تعالى لا حال أحقر منها وأقلّ، ولذلك جعل بيت العنكبوت مثلها في الضعف والوهن، وجعلت أقلّ من الذباب وأخس قدراً، وضربت لها البعوضة فالذي دونها مثلا لم يستنكر ولم يستبدع، ولم يقل للمتمثل: استحى من تمثيلها بالبعوضة، لأنه مصيب في تمثيله، محق في قوله.

سائق للمثل على قضية مضربه، محتذ على مثال ما يحتكمه ويستدعيه، ولبيان أنّ المؤمنين الذين عادتهم الإنصاف والعمل على العدل والتسوية والنظر في الأمور بناظر العقل، إذا سمعوا بمثل هذا التمثيل علموا أنه الحق الذي لا تمرّ الشبهة بساحته، والصواب الذي لا يرتع الخطأ حوله. وأن الكفّار الذين غلبهم الجهل على عقولهم، وغصبهم على بصائرهم فلا يتفطنون ولا يلقون أذهانهم، أوعرفوا أنه الحق إلا أنّ حبّ الرّياسة وهوى الألف والعادة لا يخليهم أن ينصفوا، فإذا سمعوه عاندوا وكابروا وقضوا عليه بالبطلان، وقابلوه بالإنكار، وأن ذلك سبب زيادة هدى المؤمنين وانهماك الفاسقين في غيّهم وضلالهم.


والعجب منهم كيف أنكروا ذلك وما زال الناس يضربون الأمثال بالبهائم والطيور وأحناش الأرض والحشرات والهوام، وهذه أمثال العرب بين أيديهم مسيرة في حواضرهم وبواديهم قد تمثّلوا فيها بأحقر الأشياء فقالوا: أجمع من ذرّة، وأجرأ من الذباب، وأسمع من قراد. وأصرد من جرادة، وأضغف من فراشة. وآكل من السوس.

وقالوا في البعوضة: أضعف من بعوضة، وأعز من مخ البعوض وكلفتني مخ البعوض. ولقد ضربت الأمثال في الإنجيل بالأشياء المحقرة، كالزوان والنخالة وحبة الخردل، والحصاة، والأرضة، والدود، والزنابير. والتمثيل بهذه الأشياء وبأحقر منها مما لا تغني استقامته وصحته على من به أدنى مسكة، ولكن ديدن المحجوج المبهوت الذي لا يبقى له متمسك بدليل ولا متشبث بأمارة ولا إقناع، أن يرمي لفرط الحيرة والعجز عن إعمال الحيلة بدفع الواضح وإنكار المستقيم والتعويل على المكابرة والمغالطة إذا لم يجد سوى ذلك معوّلاً.



المطعن
(2) كان ينبغي أن يقول بعوضة فما تحتها لا بعوضة فما فوقها فما تحتها هو الصحيح في مثل هذا الموقف. وقد حاول علماء المسلمين تفسير هذا، فقالوا فما فوقها أي دونها في الصِّغر!! (الطبري في تفسير البقرة 2: 26).


أما ما جاء عن الامام الطبري

وأما تأويـل قوله: { فَمَا فَوْقَهَا }: فما هو أعظم منها عندي لـما ذكرنا قبل من قول قتادة وابن جريج أن البعوضة أضعف خـلق الله، فإذا كانت أضعف خـلق الله فهي نهاية فـي القلة والضعف، وإذ كانت كذلك فلا شك أن ما فوق أضعف الأشياء لا يكون إلا أقوى منه، فقد يجب أن يكون الـمعنى علـى ما قالاه فما فوقها فـي العظم والكبر، إذ كانت البعوضة نهاية فـي الضعف والقلة.

وقـيـل فـي تأويـل قوله: { فَمَا فَوْقَها } فـي الصغر والقلة، كما يقال فـي الرجل يذكره الذاكر فـيصفه بـاللؤم والشحّ، فـيقول السامع: نعم، وفوق ذاك، يعنـي فوق الذي وصف فـي الشحّ واللؤم. وهذا قول خلاف تأويـل أهل العلـم الذين تُرتضى معرفتهم بتأويـل القرآن، فقد تبـين إذا بـما وصفنا أن معنى الكلام: إن الله لا يستـحيـي أن يصف شبهاً لـما شبه به الذي هو ما بـين بعوضة إلـى ما فوق البعوضة. فأما تأويـل الكلام لو رفعت البعوضة فغير جائز فـي ما إلا ما قلنا من أن تكون اسماً لا صلة بـمعنى التطول.

=------------------=


طالما أن الكنيسة تعتبر أن النحل والنمل انها أشياء خسيسة فعلينا نقول ونطرح سؤال : هل أهل اورشليم كانوا سيحترموا يسوع لو دخل بدون جحش ؟ وأيهما خسيس : النحل والنمل ام الحمار والجحش ؟ . حتى بعد دخول يسوع أورشليم بالجحش أهل اورشليم قبضوا عليه وقتلوه وعلق على خشبة كما يُعلق الأرنب بعد سلخه .

نور اليقين
2008-11-23, 07:26 PM
أما ما جاء عن الامام الطبري

وأما تأويـل قوله: { فَمَا فَوْقَهَا }: فما هو أعظم منها عندي لـما ذكرنا قبل من قول قتادة وابن جريج أن البعوضة أضعف خـلق الله، فإذا كانت أضعف خـلق الله فهي نهاية فـي القلة والضعف، وإذ كانت كذلك فلا شك أن ما فوق أضعف الأشياء لا يكون إلا أقوى منه، فقد يجب أن يكون الـمعنى علـى ما قالاه فما فوقها فـي العظم والكبر، إذ كانت البعوضة نهاية فـي الضعف والقلة.

جاء في تفسير فتح القدير للشوكاني:

وقوله : { فَمَا فَوْقَهَا } قال الكسائي ، وأبو عبيدة ، وغيرهما : فما فوقها والله أعلم : ما دونها : أي : أنها فوقها في الصغر كجناحها . قال الكسائي ، وهذا كقولك في الكلام أتراه قصيراً ، فيقول القائل ، أو فوق ذلك أي : أقصر مما ترى . ويمكن أن يراد ، فما زاد عليها في الكبر

واعجبني ما قرأت في تفسير القشيري في هذا الباب فهو ردا عظيما وصفعا قويا على وجوه من يتناقل هذه الشبهه:

قوله جلّ ذكره : { إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحِى أن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } .
الاستحياء من الله تعالى بمعنى التَرْك ، فإِذا وصف نفسه بأنه يستحي من شيء فمعناه أنه لا يفعل ذلك وإذا قيل لا يستحي فمعناه لا يبالي بفعل ذلك .
والخَلْقُ في التحقيق - بالإضافة إلى وجود الحق - أقلُّ من ذرةٍ من الهباء في الهواء ، لأن هذا استهلاك محدود في محدود ، فسِيَّان - في قدرته - العرش والبعوضة ، فلا خَلْقٌ العرش أشق وأعسر ، ولا خَلْق البعوضة أخف عليه وأيسر ، فإِنه سبحانه مُتَقَدِّسٌ عن لحوق العُسْر واليُسْر .
فإذا كان الأمر بذلك الوصف ، فلا يستحي أن يضرب بالبعوضة مثلاً كما لا يستحي أن يضرب بالعرش - فما دونه - مثلاً .
وقيل إن جهة ضرب المثل بالبعوضة أنها إذا جاعت فَرَّتْ وطارت ، وإذا شبعت تشققت فَتَلِفَتْ - كذلك { إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّءاهُ اسْتَغْنَى } [ العلق : 6 ] .
وقيل ما فوقها يعني الذباب ، وجهة الإشارة فيه إلى وقاحته ، حتى أنه ليعود عند البلاغ في الذب ، ولو كان ذلك في الأسد لم ينجُ منه أحد من الخَلْق ، ولكنه لمَّا خَلَق القوة في الأسد خلق فيه تنافراً من الناس ، ولما خلق الوقاحة في الذباب خلق فيه الضعف ، تنبيهاً منه سبحانه على كمال حكمته ، ونفاذ قدرته .

تعالى الله عما يصفون