المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث: (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير)



عزتي بديني
2009-02-19, 07:58 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح حديث: (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير)

عن حذيفة: إنه قدم من عند عمر، قال: لما جلسنا إليه أمس سأل أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أيكم سمع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الفتن؟ فقالوا: نحن سمعناه، قال، لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وماله، قالوا: أجل، قال: لست عن تلك أسأل، تلك يكفرها الصلاة والصيام والصدقة؛ ولكن أيكم سمع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الفتن التي تموج موج البحر؟ قال: فأمسك القوم وظننت إنه إياي يريد، قلت: أنا؟ قال لي: أنت لله أبوك، قال: قلت : تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير، فأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، وأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء حتى يصير القلب على قلبين: أبيض مثل الصفا لا يضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربد كالكوز مجخًيا، -وأمال كفه-، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا؛ إلا ما أشرب من هواه.



"..... فشبه عرض الفتن على القلوب شيئًا فشيئًا كعرض عيدان الحصير وهي طاقاتها شيئًا فشيئًا، وقسَّم القلوب عند عرضها عليها إلى قسمين:

قلبٌ إذا عرضت عليه فتنة، أشربها كما يشرب السفنج الماء، فتنكت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتى يسود وينتكس، وهو معنى قوله: (كالكوز مجخيا) ، أي: مكبوبًا منكوسًا، فإذا اسود وانتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطران متراميان به إلى الهلاك،

أحدهما: اشتباه المعروف عليه بالمنكر، فلا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، وربما استحكم عليه هذا المرض حتى يعتقد المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والسنة بدعة والبدعة سنة، والحق باطلاً والباطل حقًّا.

الثاني: تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-، وانقياده للهوى واتباعه له.


وقلبٌ أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان وأزهر فيه مصباحه، فإذا عُرضت عليه الفتنة أنكرها وردَّها، فازداد نوره وإشراقه وقوته.


والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات وفتن الشبهات، فتن الغي والضلال، فتن المعاصي والبدع، فتن الظلم والجهل،

فالأولى: توجب فساد القصد والإرادة،
والثانية: توجب فساد العلم والاعتقاد.


وقد قسَّم الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- القلوب إلى أربعة، كما صح عن حذيفة بن اليمان، القلوب أربعة: قلب أجردٌ فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن، وقلبٌ أغلف فذلك قلب الكافر، وقلبٌ منكوس فذلك قلب المنافق، عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمى، وقلبٌ تمده مادتان: مادة إيمان ومادة نفاق وهو لما غلب عليه منهما، فقوله: (قلبٌ أجرد)، أي: متجردٌ مما سوى الله ورسوله، فقد تجرد وسلم مما سوى الحق، وفيه سراج يزهر وهو مصباح الإيمان، فأشار بتجرده إلى سلامته من شبهات الباطل وشهوات الغي، وبحصول السراج فيه إلى إشراقه واستنارته بنور العلم والإيمان، وأشار بالقلب الأغلف إلى قلب الكافر؛ لأنه داخل في غلافه وغشائه، فلا يصل إليه نور العلم والإيمان، كما قال تعالى حاكيًا عن اليهود: {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [سورة البقرة: 88]، وهو: جمع أغلف، وهو الداخل في غلافه كقلف وأقلف، وهذه الغشاوة هي: الأكنة التي ضربها الله على قلوبهم عقوبة له على رد الحق والتكبر عن قبوله، فهي أكنة على القلوب، ووقر في الأسماع، وعمى في الأبصار، وهي الحجاب المستور عن العيون في قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً} [الإسراء : 45- 46] ، فإذا ذكر لهذه القلوب تجريد التوحيد وتجريد المتابعة، ولّّى أصحابها على أدبارهم نفورًا، وأشار بالقلب المنكوس -وهو المكبوب- إلى قلب المنافق، كما قال تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ}[النساء: 88]، أي: نكسهم وردهم في الباطل الذي كانوا فيه بسبب كسبهم وأعمالهم الباطلة، وهذا شر القلوب وأخبثها، فإنه يعتقد الباطل حقًّا ويوالي أصحابه والحق باطلاً ويعادى أهله،-فالله المستعان-. وأشار بالقلب الذي له مادتان إلى القلب الذي لم يتمكن فيه الإيمان ولم يزهر فيه سراجه؛ حيث لم يتجرد للحق المحض الذي بعث الله به رسوله؛ بل فيه مادة منه ومادة من خلافه، فتارة يكون للكفر أقرب منه للإيمان، وتارة يكون للإيمان أقرب منه للكفر، والحكم للغالب وإليه يرجع.



"إغاثة اللهفان"

الفضة
2009-02-19, 10:45 AM
جزاك الله خيرا على الموضوع القيم

ذو الفقار
2009-02-19, 11:32 AM
جزاكِ الله خيراً وزادكِ من فضله أختي الكريمة

أبوحمزة السيوطي
2009-02-19, 03:22 PM
جزاك الله خيرا أختنا الفاضلة

نفع الله بك

ونسأل الله أن يحفظ قلوبنا ويطهرها

ماهر
2009-02-19, 11:38 PM
اخـوتي الأفاضــل
الســـلام عليكم ورحمــة الله وبركاته
يشــرح هــذا الحـديث الشــريف قوله تعـالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكســبون ) ، فكسب الســيئات وتعلق القلب بهــا يؤدي إلى صــبغ القلب صبغة ســوداء تحــجب النــور عنــه ، والنــور هــو هــدى الله ونـور العــلم فيكون بذلك الكافر والعــياذ بالله هــو ذو القلب الأســود وانظــروا إلى قوله تعــالى ( ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون )
شــاهدي في الآية أن الذي يفقــه هو القلب و أن أهــل جهنم - أعاذنا الله وإياكم منها -هم الذين لهم قلوب لا يفقهــون بهــا ، مع أن الفقه الذي هــو الفهم والفطنــة والذكاء كما هو المتعـارف عليه من وظـائف المــخ لأننــا نجـد كثيرا من المفكـرين والمخــترعين والمبـدعين ليســوا من أهــل المـلة الحــنيفة بل وقد يكونون من الغارقين في الفــتن ، فكيف نفســر هــذا ؟
أقــول وإن أخطــأت فإثمــي علي
إن القلب الفــاســد لا يقبــل التعــلم ذلك أنك عنــدما تتقــدم لنصــحه وتعليمه يكــون ذهـنه شــاردا عنــك في بحث مقــاصد أخــرى من وراء حــديثك فهـو يراك بعــين طــباعه فهـو غــير نـاصح ولن يظن فيك النصـيحة فيحــســبك إنمــا تريــد مصــلحة ما من وراء حـديثـك فيعمــل ذهنــه باحــثا عن تلك المصــلحة فــلا يتــلقى المعــرفة منــك ولا يفهــم حديثك الأصــيل لهــذا الشــرود ، وعكســه تمــاما ذو القلب الصــافي النقـي فهــو لا يظــن بك الطنــون فيتـتـبع مقــالك ويفهم مقصــدك بل ويبنـي علــيه ما ينفعــك أنت في توثــيق ما تقــول كأن يضــرب لك مثــلا موافقــا قــولك من مجـال تخـصـصـه العمــلي أو الدراســي لأن تفكــيره وميــوله يخــتلفان عنــك فتحـصل بذلك فائــدة تكامــلية ترفــع من مســتوى الحــوار ليكــون علمــا فمـا العلم إلا التعــلم ،
والحــديث في ذلك طــويل ولكني أفضــل الإختصــار لتحصــل الفائــدة ،

عزتي بديني
2009-02-20, 05:54 AM
بارك الله فيكم ونفع بكم

أسأل الله لنا الثبات

عزتي بديني
2009-02-20, 05:55 AM
اخـوتي الأفاضــل
الســـلام عليكم ورحمــة الله وبركاته
يشــرح هــذا الحـديث الشــريف قوله تعـالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكســبون ) ، فكسب الســيئات وتعلق القلب بهــا يؤدي إلى صــبغ القلب صبغة ســوداء تحــجب النــور عنــه ، والنــور هــو هــدى الله ونـور العــلم فيكون بذلك الكافر والعــياذ بالله هــو ذو القلب الأســود وانظــروا إلى قوله تعــالى ( ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون )
شــاهدي في الآية أن الذي يفقــه هو القلب و أن أهــل جهنم - أعاذنا الله وإياكم منها -هم الذين لهم قلوب لا يفقهــون بهــا ، مع أن الفقه الذي هــو الفهم والفطنــة والذكاء كما هو المتعـارف عليه من وظـائف المــخ لأننــا نجـد كثيرا من المفكـرين والمخــترعين والمبـدعين ليســوا من أهــل المـلة الحــنيفة بل وقد يكونون من الغارقين في الفــتن ، فكيف نفســر هــذا ؟
أقــول وإن أخطــأت فإثمــي علي
إن القلب الفــاســد لا يقبــل التعــلم ذلك أنك عنــدما تتقــدم لنصــحه وتعليمه يكــون ذهـنه شــاردا عنــك في بحث مقــاصد أخــرى من وراء حــديثك فهـو يراك بعــين طــباعه فهـو غــير نـاصح ولن يظن فيك النصـيحة فيحــســبك إنمــا تريــد مصــلحة ما من وراء حـديثـك فيعمــل ذهنــه باحــثا عن تلك المصــلحة فــلا يتــلقى المعــرفة منــك ولا يفهــم حديثك الأصــيل لهــذا الشــرود ، وعكســه تمــاما ذو القلب الصــافي النقـي فهــو لا يظــن بك الطنــون فيتـتـبع مقــالك ويفهم مقصــدك بل ويبنـي علــيه ما ينفعــك أنت في توثــيق ما تقــول كأن يضــرب لك مثــلا موافقــا قــولك من مجـال تخـصـصـه العمــلي أو الدراســي لأن تفكــيره وميــوله يخــتلفان عنــك فتحـصل بذلك فائــدة تكامــلية ترفــع من مســتوى الحــوار ليكــون علمــا فمـا العلم إلا التعــلم ،
والحــديث في ذلك طــويل ولكني أفضــل الإختصــار لتحصــل الفائــدة ،




بارك الله فيكم اضافة قيمة

وجزاكم كل خير