المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المدخل لمعرفة الحديث الضعيف ( أمثلة تطبيقية )



أبوحمزة السيوطي
2009-05-30, 10:32 AM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد ولد آدم وآل بيته وصحابته أجمعين

أما بعد ...

فهذا موضوع نتعرف فيه على الحديث الضعيف بأمثلة تطبيقية لا يخرج منها القارئ محدثا ولكنها بمثابة بيان للمبتدأ وتذكرة للمجتهد وهي بيان لباب من أبواب العلم الحديث هذا العلم الذي قل طالبه وعز جانبه فكثر مجانبه مع أنه الأمر الذي يشرف به صاحبه ويهنئ به شاربه .

ومع البيان تطبيقات للتوضيح والتفهيم تجعل للقارئ تصورا جيدا .

للتعليق والإستفسار :
http://www.albshara.com/showthread.php?t=7103 (http://www.albshara.com/showthread.php?t=7103)

لكي نعرف الحديث الضعيف لا بد أولا أن نعرف ما هو الحديث الصحيح فنقول :

الحديث الصحيح هو :
ما اتصل إسناده برواية عدل ضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ أو علة ..

ومن خلال هذا التعريف نرى لكي يصح الخبر خمسة شروط لازمة ثلاثة إيحابية واثنتان سلبيتان إذا أخل أي نقل بهذه الشروط الخمسة يكن الحديث ضعيفا ..

إسناد للتطبيق :
قال البخاري حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ "

بعد الإطلاع على تراجم كل رجل من رجال هذا الإسناد تبين لنا أنهم عدول ثقات وبتواريخ وفاتهم عرفنا إمكانية الإتصال وبصيغ الأداء الحسية ( حدثنا وسمعت ) تأكد لنا اتصالهم .

أولا شروط إيجابيه لازمة الوجود :
1- اتصال السند :
ما سَلِم إسنادُه مِنْ سقوطٍ فيه، بحيث يكون كلٌّ مِنْ
رِجاله سمعَ ذلك المرويَّ مِن شيخه . (نزهة النظر)
وأن تكون صيغة أداء الراوي عن شيخه حسية تُفيد السماع
قال البخاري : " قَالَ لَنَا الْحُمَيْدِيُّ كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَسَمِعْتُ وَاحِدًا "

وتقبل العنعنة كأن يقول الراوي عن فلان إذا كان الرواي سالم من التدليس والكذب .

يقدح في الإتصال :
التعليق والإنقطاع الإعضال والإرسال والتدليس والمرسل الخفي .

2- العدالة :
" أجمع جماهير أهل الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلاً ضابطاً لما يرويه وتفصيله أن يكون مسلماً، بالغاً عاقلاً سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة " (مقدمة ابن الصلاح)

ويعرف ذلك من سيرت كل راوي المسطرة في كتب الرجال .

3- الضبط :
أ - ضبطُ صَدْرٍ ( الحفظ ) : وهو أن يُثْبِت ما سمعه بحيث يتمكَّنُ من استحضاره متى شاء.
ب- وضبطُ كتابٍ: وهو صِيانَتُهُ لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يُؤَدِّيَ منه. وقُيِّدَ بالتام إشارةً إلى الرتبةِ العُليا في ذلك. (نزهة النظر)


ثانيا شروط سلبية واجبة الإنتفاء :
1- إنتفاء العلة :
والعلة : " عبارة عن سبب غامض قادح مع أن الظاهر السلامة منه " (النووي في التقريب)
" المعلل ، هو الذي أطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها ، و يتطرق ذلك الى الاسناد الذي رجاله ثقات الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر " (مقدمة ابن الصلاح)


2- إنتفاء الشذوذ .
والشاذ كما قال الشافعي :
" ليس الشاذ من الحديث ان يروى الثقة حديثا لم يروه غيره انما الشاذ من الحديث ان يروى الثقات حديثا فيشذ عنهم واحد فيخالفهم " (الخطيب في الكفاية)

يتبع ...

أبوحمزة السيوطي
2009-05-30, 03:15 PM
أمثلة تطبيقية على قوادح الإتصال :

أولا الحديث المعلق : سقوط راوي أو أكثر على التوالي من مبدأ الإسناد ..

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ...

إذا سقط من هذا الأسناد موسى بن إسماعيل وهو مبدأ الإسناد كان الحديث معلقا .
إذا سقط موسى وعبد العزيز كان الحديث معلقا
إذا سقط موسى وعبد العزيز وعبد الله كان الحديث معلقا
إذا سقط موسى وعبد العزيز وعبد الله وابن عمر كان الحديث معلقا

مثال واقعي :
قال البخاري في كتاب الإيمان باب بني الإسلام على خمس وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ " لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ "

هنا البخاري حذف إسناد الخبر كله حتى وصل إلى صاحب الخبر فيسمى هذا الخبر معلقا ..

ملحوظة :
المعلق من أنواع الحديث الضعيف والأحاديث المعلقة تجدها كثيرة في البخاري وهنا يجب التنبيه على أشياء :
1- معلقات البخاري وضعها البخاري هكذا وحذف أسانيدها للإختصار وبوب بها كتابه لتوضيح شيئا معينا كتفسير أو فقه أو كذا ومنها الصحيح ومنها الضعيف .
2- معلقات البخاري ليست على شرطه أي ليست هي أحاديث البخاري المسندة التي هي أصل كتابه ويحتج بها والتي هي صحيحة كلها .*(انظر المشاركة رقم 6)
3- لا يصح لأحد أن ينقل عن البخاري حديث معلقا دون الإشارة إلى أنه من معلقات البخاري .
مثل أن يقول قائل روى البخاري عن ابْنُ عُمَرَ " لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ " ويسكت دون أن يقول رواه معلقا أو في معلقاته لأن ذلك فيه إيهام أن الحديث مسند من أصل الكتاب وهذه كبيرة عند المحدثين ..

أبوحمزة السيوطي
2009-05-30, 04:00 PM
ثانيا الإنقطاع : سقوط راوي من أي موضع في السند

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ " سُرِقَتْ مِخْنَقَتِي فَدَعَوْتُ عَلَى صَاحِبِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسَبِّخِي عَلَيْهِ دَعِيهِ بِذَنْبِهِ " رواه أحمد (25798)

وهذا إسناد ضعيف منقطع
إبراهيم هو ابن يزيد النجعي لم يثبت له سماع من عائشة وتم معرفة ذلك عن طريق البحث في سيرته من كتب الرجال مثل تهذيب التهذيب .

قال ابن حجر :
روى عن عائشة ولم يثبت سماعه منها.
وقال : وقال أبوحاتم لم يلق أحدا من الصحابة إلا عائشة ولم يسمع منها وأدرك انسا ولم يسمع منه.

إذا فلابد من وجود واسطة بينه وبين عائشة لكي يثبت الإتصال ونقبل الحديث وهذا لم يتحقق في هذا الإسناد فيُحكم على الإسناد بالضعف للإنقطاع بين ابراهيم النخعي وعائشة رضي الله عنها .

أبوحمزة السيوطي
2009-05-30, 04:24 PM
ثالثا الإعضال : وهو سقوط راويان متتاليان في أي موضع من الإسناد :

حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَسْقَى قَالَ " اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهِيمَتَكَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ " موطأ مالك (403)

هذا إسناد ضعيف معضل

عمرو بن شعيب لا يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا بواسطتين أبيه وجده فكثيرا ما ستجد هذا الإسناد ( عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ) ففقد شرط الإتصال بفقد واسطتين .

لهذا يُحكم على الإسناد بأنه ضعيف والسبب الإعضال وهو سقوط راويان متتاليان .

أبوحمزة السيوطي
2009-12-16, 03:43 PM
رابعاً المرسل : وهو ما سقط مِن آخره مَنْ بَعد التابعي .

وصورتُهُ: أن يقول التابعي -سواءٌ كان كبيراً أم صغيراً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو فعل كذا، أو فُعِلَ بحضرته كذا، ونحو ذلك.

وإنما ذُكِرَ في قِسْم المردود للجهل بحالِ المحذوفِ؛ لأنه يُحتمل أن يكون صحابياً، ويُحتمل أن يكون تابعياً.
وعلى الثاني يُحتمل أن يكون ضعيفاً، ويُحتمل أن يكون ثقةً، وعلى الثاني يُحتمل أن يكون حَمَل عن صحابي، ويُحتمل أن يكون حَمَل عن تابعي آخر، وعلى الثاني فيعود الاحتمالُ السابقُ، ويَتعدد. أمّا بالتجويز العقليّ فإلى ما لا نهاية له، وأمّا بالاستقراء فإلى ستةٍ أو سبعةٍ، وهو أكثرُ ما وُجِدَ مِن روايةِ بعضِ التابعين عن بعض. أ.هـ ( نزهة النظر)

مثاله :
قال ابن أبي شيبة حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " سَلْمَانُ سَابِقُ فَارِسَ " (المصنف 12/148)

هذا الإسناد ضعيف مرسل

الحسن هو الحسن البصري التابعي
قال ابن علية: مات الحسن في رجب سنة عشر ومئة. أ.هـ (سير أعلام النبلاء)

فالحسن تابعي أي لم يرى النبي صلى الله عليه وسلم ولكن رأى بعض الصحابة فيسمى تابعي وعلة الحديث أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة وليست العلة جهالة الصحابي فإن جهالة الصاحبي لا تضر كما هو عند أهل التحقيق ولكن لأنه من المحتمل أن يكون قد روى عن تابعي أو أكثر ربما كان ثقة وربما كان ضعيفا وأمتنا لا تعترف بالإحتمالات في قبول الأخبار فإما نعلم من الواسطة وإما يُرد الخبر فرحم الله هذه الأمة العريقة ...

أبوحمزة السيوطي
2009-12-18, 04:00 PM
تعقيب هام


2- معلقات البخاري ليست على شرطه أي ليست هي أحاديث البخاري المسندة التي هي أصل كتابه ويحتج بها والتي هي صحيحة كلها .*(انظر المشاركة رقم 6)



قال أخي الحبيب أبو جاسم في صفحة التعليقات :

http://www.albshara.com/showthread.php?t=7103&page=2


بالنسبة للنقطة الثانية فالقول أن معلقات البخاري ليست على شرطه هكذا باطلاق أظن فيه نظر ، لأن الكثير من هذه المعلقات تجدها مسندة موصولة في مواضع أخرى من صحيحه .

ثم أورد كلاماً رائعاً لابن حجر رحمه الله قال :

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في هدي الساري مقدمة فتح الباري

(( الفصل الرابع في بيان السبب في إيراده للأحاديث المعلقة مرفوعة وموقوفة أحكام ذلك والمراد بالتعليق ما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر ولو إلى آخر الإسناد وتارة يجزم به ك قول وتارة لا يجزم به ك يذكر فأما المعلق من المرفوعات فعلى قسمين أحدهما ما يوجد في موضع آخر من كتابه هذا موصولا وثانيهما ما لا يوجد فيه إلا معلقا فالأول قد بينا السبب فيه في الفصل الذي قبل هذا وأنه يورده معلقا حيث يضيق مخرج الحديث إذ من قاعدته أنه لا يكرر إلا لفائدة فمتى ضاق المخرج واشتمل المتن على أحكام فاحتاج إلى تكريره فإنه يتصرف في الإسناد بالاختصار خشية التطويل والثاني وهو ما لا يوجد فيه إلا معلقا فإنه على صورتين إما أن يورده بصيغة الجزم وإما أن يورده بصيغة التمريض فالصيغة الأولى يستفاد منها الصحة
إلى من علق عنه لكن يبقى النظر فيمن أبرز من رجال ذلك الحديث فمنه ما يلتحق بشرطه ومنه ما لا يلتحق أما ما يلتحق فالسبب في كونه لم يوصل إسناده إما لكونه أخرج ما يقوم مقامه فاستغنى عن إيراد هذا مستوفى السياق ولم يهمله بل أورده بصيغة التعليق طلبا للاختصار وإما لكونه لم يحصل عنده مسموعا أو سمعه وشك في سماعه له من شيخه أو سمعه من شيخه مذاكرة فما رأى أنه يسوقه مساق الأصل وغالب هذا فيما أورده عن مشايخه))