المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقف الفرق من نصوص الوعد والوعيد



عزتي بديني
2009-06-17, 03:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


مواقف الفرق من نصوص الوعد والوعيد


الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي


من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة التاسعة) (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showcontent&contentid=4391)


قال شيخ الإسلام (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=alam&id=1000010) في (ص:468) من المجلد الثاني عشر من مجموع الفتاوى (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=book&id=4000356) : "فصل، إذا تبين ذلك فاعلم أن (مسائل التكفير والتفسيق) هي من مسائل (الأسماء والأحكام) التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة" ثم تكلم عن الفرق وعن معنى الإيمان، إلى أن يقول في (ص:474): http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3251albshara.gif "ولهذا قال علماء السنة في وصفهم اعتقاد أهل السنة والجماعة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000006) أنهم لا يكفرون أحداً من أهل القبلة بذنب" وهي العبارة التي يشرحها المصنف رحمه الله هنا، ثم يستمر الكلام إلى أن يقول في (ص:477): "وإذا عرف مسمى الإيمان؛ فعند ذكر استحقاق الجنة والنجاة من النار، وذم من ترك بعضه ونحو ذلك، يراد به الإيمان الواجب" وهذا أيضاً سيأتي إن شاء الله شرحه في موضوع الإيمان؛ لأنه رحمه الله يتوسع ويستطرد في كلامه، فتتداخل عنده القضايا، لكن الأمر المهم الذي نريد أن نصل إليه هو قوله في (ص:478): "وإذا تبين هذا" يعني: إذا تبينت حقيقة الإيمان والخلاف فيه، وأن الإيمان إذا نفي، فالمقصود به الإيمان الواجب لا الكامل المستحب، وإن قيل: الكامل، فالمقصود به الكمال الواجب، قال: http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3251albshara.gif"وإذا تبين هذا، فمن ترك بعض الإيمان الواجب لعجزه عنه، إما لعدم تمكنه من العلم: مثل ألا تبلغه الرسالة، أو لعدم تمكنه من العمل، لم يكن مأموراً بما يعجز عنه، ولم يكن ذلك من الإيمان والدين الواجب في حقه، وإن كان من الدين والإيمان الواجب في الأصل؛ بمنزلة صلاة المريض، والخائف، والمستحاضة، وسائر أهل الأعذار الذين يعجزون عن إتمام الصلاة، فإن صلاتهم صحيحة بحسبما ما قدروا عليه" يعني من الصلاة أو من الطهارة، "وبه أمروا إذ ذاك" والمقصود من هذا أن المعذور الذي لم تبلغه المسائل العلمية، فحاله كحال المتفق عليه بين الجميع، وهو المعذور في الأمور والأحكام الشرعية الواضحة؛ كالمستحاضة والعاجز عن القيام والمريض.


http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3252albshara.gif اجتماع الثواب والعقاب في حق المعين عند أهل السنة
ثم قال: "فصل، فهذا أصل مختصر في (مسألة الأسماء)" يعني ما يتعلق بالأسماء؛ متى يسمى المرء مؤمناً أو يسمى كافراً أو يسمى عاصياً أو يسمى فاجراً.


يقول: " وأما (مسألة الأحكام) وحكمه في الدار الآخرة، فالذي عليه الصحابة ومن اتبعهم بإحسان وسائر أهل السنة والجماعة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000006) : أنه لا يخلد في النار من معه شيء من الإيمان، بل يخرج منها من معه مثقال حبة أو مثقال ذرة من إيمان" وهذا قد تقدم.


http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3251albshara.gif ثم يقول: "وأما الخوارج (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000007) ومن وافقهم من المعتزلة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000004) ، فيوجبون خلود من دخل النار، وعندهم من دخلها خلد فيها، ولا يجتمع في حق الشخص الواحد العذاب والثواب.


وأهل السنة والجماعة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000006) وسائر من اتبعهم متفقون على اجتماع الأمرين -حصول الثواب من جهة والعقاب من جهة- لأن الإيمان يزيد وينقص؛ ولأن الإنسان يطيع الله في أمور ويعصيه في أمور، فيأتي ببعض شعب الإيمان مع إتيانه ببعض المعاصي، فيستحق اللوم والعقاب من جهة كما يستحق المدح والثواب من جهة أخرى".


قال: "(وأيضاً): أهل السنة والجماعة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000006) لا يوجبون العذاب في حق كل من أتى كبيرة، ولا يشهدون لمسلم بعينه بالنار لأجل كبيرة واحدة عملها؛ بل يجوز عندهم أن صاحب الكبيرة يدخله الله الجنة بلا عذاب، إما لحسنات تمحو كبيرته منه أو من غيره"، يعني كمن كان له حقوق على الناس أو له ولد صالح يدعو ويستغفر له، ويدخل في ذلك أيضاً الشفاعة، فقد يشفع له من لا يعرفه، ومن ليس بينه وبينه قرابة، وليس عليه حق؛ كإنسان صالح يشفعه الله سبحانه وتعالى في مجموعة، وهناك رجل من هذه الأمة يشفع في مثل مضر، فهذا من نعم الله ومن رحمته، فالمقصود أنه قد يدخل الجنة بحسناته أو بحسنات غيره.


قال: "وإما لمصائب كفرتها عنه، وإما لدعاء مستجاب منه أو من غيره فيه" أي: قد يكون ذلك بسبب دعائه لنفسه أو دعاء غيره له، فيستجاب للدعاء في الحالين، قال: "وإما لغير ذلك".





http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3253albshara.gif


http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3252albshara.gif أخذ الخوارج والمعتزلة بنصوص الوعيد وأخذ المرجئة بنصوص الوعد
ثم قال: "والوعيدية (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000585) من الخوارج (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000007) والمعتزلة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000004) " يسمون الوعيدية (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000585) لأنهم يأخذون بنصوص الوعيد "يوجبون العذاب في حق أهل الكبائر" يعني بأعيانهم، يقولون ذلك "لشمول نصوص الوعيد لهم" فيرون أنهم يدخلون تحت نصوص الوعيد العامة "مثل قوله تعالى: http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3254albshara.gifإِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=ayat&id=6000502) http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3255albshara.gif[النساء:10]. وتجعل المعتزلة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000004) إنفاذ الوعيد أحد الأصول الخمسة التي يكفرون من خالفها".


وقد تقدم شرح الأصول الخمسة وشرح كلام المعتزلة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000004) ، http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3251albshara.gif ويقابلهم في هذا القول المرجئة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000010) الذين أخذوا بنصوص الوعد.


يقول رحمه الله: "فعارضهم غالية المرجئة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000010) بنصوص الوعد، فإنها قد تتناول كثيراً من أهل الكبائر" يعني: أنهم يعتمدون نصوص الوعد؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: {من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3256albshara.gif } فإنه يتناول أصحاب الكبائر، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=alam&id=1000214) : {وإن زنى وإن سرق http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3256albshara.gif } فردوا عموم الوعيد بعموم الوعد.


يقول: "فهنا اضطرب الناس، فأنكر قوم من المرجئة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000010) العموم" وهذا من المذاهب الغريبة، وهو الذي يظهر من مذهب الأشعرية (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000003) ومن أكثر كلامهم، فقد اضطروا حتى يتخلصوا من هذه القضية إلى أن يقولوا: (العموم مجاز، ولا يوجد عموم في اللغة أصلاً).




http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3253albshara.gif


http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3252albshara.gif منهج أهل السنة في الجمع بين نصوص الوعد والوعيد
يقول: "وقال المقتصدة -ويعني بكلامه هذا أهل الحق-: بل العموم صحيح" العموم حق "والصيغ صيغ عموم"، يعني: قد أنكر أولئك المبتدعة صيغ العموم جميعاً مثل (من، وما، وكل، والنكرة في سياق النفي، وألفاظ العموم جميعاً)، وأثبت أهل السنة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000006) العموم ينكروا الصيغ الدالة عليه.


قال: "لكن العام يقبل التخصيص" يعني: أي نص عام يمكن أن يأتي نص يخصصه، فالعموم يبقى، ولكن في حق المعين نأخذ الحكم بشروطه هل تحققت، وبموانعه هل انتفت، ثم نحكم عليه.


http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3251albshara.gif يقول: "والتحقيق أن يقال: الكتاب والسنة مشتمل على نصوص الوعد والوعيد، كما ذلك مشتمل على نصوص الأمر والنهي، وكل من النصوص يفسر الآخر ويبينه" يعني أنه لا تعارض بين آيات وأحاديث الوعد وبين آيات وأحاديث الوعيد، يقول: "فكما أن نصوص الوعد على الأعمال الصالحة مشروطة بعدم الكفر المحبط" يعني أن من كفر فقد حبط عمله والعياذ بالله، حيث قال الله تعالى: http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3254albshara.gifوَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=ayat&id=6000673) http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3255albshara.gif[المائدة:5] قال: "لأن القرآن قد دل على أن من ارتد فقد حبط عمله، فكذلك نصوص الوعيد للكفار والفساق مشروطة بعدم التوبة"، أي: مشروطة بعدم إيمانهم إن كانوا كفاراً، أو توبتهم إن كانوا فساقاً، فهذه مع تلك عمومها باق، ولكن يدخلها التخصيص في حق المعينين.


ثم يقول: "فإن الله قد بين بنصوص معروفة أن الحسنات يذهبن السيئات، وأن من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، وأنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وأن مصائب الدنيا تكفر الذنوب، وأنه يقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر، وأنه لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، كما بين أن الصدقة يبطلها المن والأذى، وأن الرياء يبطل العمل"، كما جاء في الحديث القدسي يقول الله تعالى: {أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري، تركته وشركه http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3256albshara.gif } رواه مسلم (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=alam&id=1000059) .


قال: "وأنه إنما يتقبل الله من المتقين؛ أي في ذلك العمل" قال تعالى: http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3254albshara.gifإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=ayat&id=6000695) http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3255albshara.gif[المائدة:27] يعني: من صلى بإخلاص وتصدق برياء؛ فإن الله يقبل صلاته؛ لأنه كان متقياً فيها، ولا يقبل صدقته منه؛ لأنه راءى فيها؛ فهناك حسنات وموانع لوقوعها، وهناك سيئات وموانع لوقوعها.


يقول: "فجعل للسيئات ما يوجب رفع عقابها، كما جعل للحسنات ما يبطل ثوابها"، أي: ما يمنع حصول ثوابها؛ فكما أن الله جعل للسيئات ما يوجب رفع عقابها، فكذلك جعل الله تعالى بنص القرآن والسنة للحسنات ما قد يكون سبباً في عدم حصول ثوابها.


قال: "لكن ليس شيء يبطل جميع السيئات إلا التوبة" حتى لو ارتكب أعظم ذنب وهو الشرك، قال تعالى: http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3254albshara.gifفَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=ayat&id=6001245) http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3255albshara.gif[التوبة:11] هذا إذا تاب من الشرك، ولو كان ذلك الذنب قتل النفس -كما مر معنا في حديث الذي قتل المائة- ثم تاب القاتل؛ الله تبارك وتعالى يتوب عليه، فأي ذنب فهو داخل تحت قوله تعالى: http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3254albshara.gifإِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=ayat&id=6002924) http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3255albshara.gif[الفرقان:70]؛ فهذه التوبة تمحو جميع السيئات.


قال: "كما أنه ليس شيء يبطل جميع الحسنات إلا الردة"، فهو إن فعل محظوراً أو ترك واجباً، وهو في نفس الوقت يفعل الواجبات الأخرى، ويترك المحظورات الأخرى، فذلك لا يستدعي بطلان جميع العمل ولا قبول جميع العمل.


يقول: " وبهذا يتبين أنَّا نشهد بأن http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3254albshara.gifالَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=ayat&id=6000502) http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3255albshara.gif[النساء:10] على الإطلاق والعموم" وبعموم كلام الله لا بد أن نقول وأن نشهد، إذا وعظنا الناس في المساجد، وفي خطب الجمعة، وفي المجالس أو في أي مكان؛ لنزجرهم ونخوفهم من عذاب الله، ونأتي بهذه الآية ونبين أن هذا حكمه وهذا جزاؤه.


ثم يقول: "ولا نشهد لمعين أنه في النار"، أي: لا نقول: هذا في النار؛ لأنه أكل مال يتيم؛ فإننا نشهد بالعموم والإطلاق، ولكن لا نشهد في المعين؛ يقول: "لأنا لا نعلم لحوق الوعيد له بعينه" فما عندنا علم فيه بذاته وبعينه؛ "لأن لحوق الوعيد بالمعين مشروط بشروط وانتفاء موانع، ونحن لا نعلم ثبوت الشروط وانتفاء الموانع في حقه".


مفهوم كلامه رحمه الله أننا لو علمنا ثبوت الشروط وانتفاء الموانع أجرينا الحكم عليه في الدنيا، ولكننا مع ذلك لا نعلم حكمه في الآخرة، وهذا هو الذي يجعلنا نعاقب في الدنيا ولا نتكلم عن العقوبة في الآخرة إلا بنص أو على يقين، أما في الدنيا، فإننا نستطيع أن نتأكد في حدود علمنا أن الشرط متحقق وأن المانع منتفٍ، فنجزي عليه العقوبة الدنيوية؛ مع أننا لا نجزم مائة بالمائة أننا على صواب؛ فقد يكون عند الله تعالى غير مذنب، لكن على القاضي أن يحكم ويتحرى؛ فإذا أصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر.


وقد يقال: ما دمنا لا نجزم بالوعيد في حق المعين، فما فائدته؟


http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3251albshara.gif يقول: "وفائدة الوعيد بيان أن هذا الذنب مقتضٍ لهذا العذاب، والسبب قد يقف تأثيره على وجود شرطه وانتفاء مانعه".


يعني أننا نقول للناس: من فعل هذا الفعل فهذا حكمه، فإذا أنت وعظت الناس، وذكرتهم بالله عز وجل؛ فقلت لهم: لا تأكلوا أموال اليتامى؛ فإن الله تعالى قال في ذلك: http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3254albshara.gif إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=ayat&id=6000502)http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3255albshara.gif[النساء:10] فأنت قد أعذرت وأبلغت، وبينت للناس حكم هذا الذنب، وكل واحد من الحاضرين يرى في نفسه ويعلم أنه فاعل لهذا الذنب؛ فعليه أن يتوب ويستغفر الله ويجتهد في الخير؛ ففي هذه الحالة وجود الوعيد له فائدة عظيمة، ولا يستلزم وعظ الناس أن تعين فلاناً بذاته، وتقول: فلان من أهل النار؛ لأن الله تعالى قال http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3254albshara.gif إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=ayat&id=6000502)http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3255albshara.gif[النساء:10].


يقول: "يبين هذا -يبين الفرق بين العموم والإطلاق وبين المعين- أنه قد ثبت: {أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وآكل ثمنها http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3256albshara.gif }.


وثبت عنه في صحيح البخاري (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=book&id=4000012) عن عمر (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=alam&id=1000033) : {أن رجلاً كان يكثر شرب الخمر، فلعنه رجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3256albshara.gif }".


فالحديث الأول يدل على أن اللعن في العموم حق، وقد صرح به النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الثاني يدل على أن لعن المعين منهي عنه، وكثير من الناس في هذه المسألة على طرفي نقيض؛ فإما أنهم ممن لا يرى ذكر هذه الأمور مطلقاً ويقول: لا نكفر، ولا نفسق، ولا نضلل، وهذا مذهب المرجئة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000010) ، وإما أنهم ممن يطلقها على المعينين رأساً بلا تثبت، وهذا منهج الخوارج (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=firak&id=2000007) وطريقهم.


ففي الحديث الثاني علل النبي صلى الله عليه وسلم نهيه عن لعن شارب الخمر بقوله: {إنه يحب الله ورسوله http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3256albshara.gif } أي أنه وجد في هذا الشخص بعينه مانع يمنع لحوق الوعيد العام به، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم اللعن في العموم؛ لأنه هو الذي قاله وأطلقه؛ فلو أنك سمعت أن رجلاً شرب الخمر، فقلت: لعن الله شاربها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها، فما عليك شيء؛ لأنك لم تلعنه هو بعينه؛ بل أطلقت اللعن بعمومه؛ فإن كان هذا الرجل يستحق اللعن شمله اللعن، وإن لم يكن مستحقاً للعن، فأنت حينئذ ما أخطأت وما أثمت، لكن إن قلت: فلان ملعون، فقد يقال: هناك مانع يمنع من إطلاق هذا الحكم.


وربما لو انتفى هذا المانع في حق ذلك الرجل، لسكت النبي صلى الله عليه وسلم وأقر اللاعن له على لعنه، لكن وجد المانع وهو حب الله ورسوله، يقول: "فنهى عن لعن هذا المعين، وهو مدمن خمر؛ لأنه يحب الله ورسوله، وقد لعن شارب الخمر على العموم".





http://www.albshara.com/forums/imgcache/2/3253albshara.gif