المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكاتبة البريطانية والراهبة المسيحية السابقة د. كارين: الإسلام دين رحمة



Ahmed_Negm
2009-09-19, 02:57 PM
الكاتبة البريطانية والراهبة المسيحية السابقة د. كارين أرمسترونج: الإسلام دين رحمة وسلام

حوار: حسام وهبة

الباحثة الإنجليزية الدكتورة كارين أرمسترونج الراهبة المسيحية السابقة كتبت كثيراً عن الإسلام وتعمقت في المقارنة بين الأديان وقد وجدت بعض كتبها المترجمة إلى العربية صدى كبيراً بين المسلمين لأنهم وجدوا في كلماتها صوتاً مختلفاً عن الذي تعودوه من الغرب. بدأت حياتها راهبة كاثوليكية، لكنها خرجت من الرهبنة بعد تجربة سبع سنوات إلى فضاء الأديان بانفتاح على الآخر. “الخليج” التقت أرمسترونج خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة وتحدثت معها حول رؤيتها للوضع الحالي الذي يعيشه المسلمون. تحدثت بصراحة متناهية واعترفت بشعورها بالعار بسبب الصمت الأوروبي حيال ما يتعرض له الإسلام والمسلمون من تشويه.


ونصحت الدكتورة كارين أرمسترونج الحكومات الأوروبية وأمريكا، بالبدء فوراً في حوار جاد مع المسلمين من أجل فهم الإسلام الحقيقي بعيداً عما يقدمه الإعلام الغربي من صور مشوهة لذلك الدين العظيم، كما ألقت بالمسؤولية على المسلمين في ضرورة تعريف الغرب بعظمة الدين الإسلامي عن طريق الفعل وليس القول فحسب. والتفاصيل في السطور التالية:




القرآن الكريم كتاب التراحم ويجب نشر تعاليمه بين الناس


في البداية نود أن نلقي الضوء على سيرتك الذاتية، وكيف بدأت الاهتمام ودراسة الإسلام؟


اسمي كارين أرمسترونج ولدت في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1944 في إنجلترا لأسرة من أصول ايرلندية، والتحقت بجمعية “يسوع الطفل المقدس” للعمل كراهبة 1962 1969 ضمن نظام تعليمي وعملت كراهبة مبتدئة إلى أن تم إرسالي إلى كلية “سانت آن” في جامعة “أكسفورد” حيث درست الأدب الإنجليزي ثم قررت ترك الدير بعد سبع سنوات من الرهبنة وفي عام 1984 بدأت في العمل على تنفيذ سلسلة من الأفلام التسجيلية عن حياة وأعمال القديس سان باولو وقد دفعتني هذه الأفلام إلى البحث من جديد في شؤون الأديان السماوية وهكذا اطلعت بكثافة على الإسلام والمسيحية واليهودية، وهو أمر بدأته خلال السنوات السبع التي قضيتها في الرهبانية ولم يقف أثر تجربة الفيلم التسجيلي عند هذا الحد إذ إن هذا التكليف استلزم سفري إلى القدس عدة مرات وهناك بدأت في الملاحظة وطرح الأسئلة على من أعمل في أوساطهم وكنت في القدس حين سمعت “الإسرائيليين” يشيرون إلى العرب والدين الإسلامي بأكثر التعبيرات ازدراء، لم أصدق وأنا التي نشأت أستنكر فظائع الهولوكوست كيف لأناس عانوا الكثير من الاضطهاد أن يتورطوا في مثل هذا النوع من العنصرية وهكذا قررت أن أقرأ في الديانات السماوية من جديد وتعجبت عندما تمعنت في الإسلام حيث وجدته ديناً يستحق الدراسة والتأمل ويختلف تمام الاختلاف عن الإسلام الذي تقدمه لنا وسائل الإعلام الغربية.




اختلاف جذري


وكيف وجدت الإسلام بعد دراستك الأديان السماوية؟


لقد وجدت إسلاماً يختلف جذرياً عن الإسلام الذي يروج له الإعلام الغربي وكثير من التيارات اليمينية المحافظة في الغرب، فالإسلام مثلاً لم يدع إلى معاداة أي من الأديان السماوية التي سبقته ولم يدع إلى رفضها بل إن الإسلام لم يدع إلى كراهية اليهود بشكل مطلق على العكس فالقرآن يدعو المسلمين إلى الإيمان بالأديان السماوية التي سبقته وحسن التعامل مع أهل الكتاب على عكس المفهوم السائد لدينا بأنه دين عدائي ولا يقبل غير المسلمين.


كذلك وجدت النبي محمد صلى الله عليه وسلم شخصية مثالية ولديه دروس مهمة ليست فقط للمسلمين، وإنما للعالم كله، حياته كانت جهادا ليس بمعنى الحرب بل بمعنى النضال، قدم مجهوداً فريداً لكي يحقق السلام للعرب الممزقين، لذا نريد اليوم أناسا مستعدين للاقتداء بذلك، إن حياته كانت حملة ضد الظلم والتغطرس، قام بجهد إبداعي لتطوير تدريجي ووضع حلولاً مثالية المشكلات التي كان يعاني منها ذلك المجتمع وهو ما دعاني للبدء في الكتابة عن الإسلام لإنصاف القرآن والرسول الذين ظلموا طويلا في الإعلام الغربي.




سوء فهم


وما رأيك في الإساءات المتتالية التي يتعرض لها الإسلام في الغرب؟


للأسف الشديد فإن الإساءات بالفعل تتكرر ولكن لابد أن يدرك المسلمون أن المسيئين للإسلام قلة قليلة ولكن المشكلة تتمثل في ان غالبية المجتمع الأوروبي والأمريكي لا تفهم مبادئ الإسلام ولا تدرك سماحته، ولا تعرف أنه دين رحمة وسلام مما أفسح المجال للمتطرفين في الغرب لبث أفكارهم وزرع الكراهية للإسلام بين الجماهير هناك، في الوقت الذي لم يعرف المسلمون حتى الآن كيف يواجهون المجتمع الأوروبي بالحوار لتعريفه بطبيعة هذا الدين وما يحمله من مبادئ نبيلة وقيم سامية لاسيما أن أغلب هذه الشعوب لا تعتبر الأديان فوق النقد من فرط تقديرها لحرية التعبير، ويكفي أن نعرف أن نسبة كبيرة من الشباب في الدول الأوروبية ليست لديهم فكرة عن الأديان، ولذلك انتابهم الشعور بالذهول عندما وجدوا المسلمين يشعرون بالأذى من التعليقات والرسوم المسيئة.


ولابد أن نعترف أيضاً بأن هذه النظرة الأوروبية للعرب والمسلمين تدل على ضيق الأفق وعدم الرغبة في الاعتراف بفضل المسلمين عليهم وعلى العالم الذي نعيش فيه، وهم أصحاب حضارة لا تقل في مكانتها عن الحضارة الغربية، ويكفي أن نعرف أن كلمة الإسلام نفسها جاءت من كلمة سلام.


قلت إن المسلمين أهملوا في تقديم صورة الإسلام السمحة فكيف في رأيك نقدم هذه الصورة بشكل أفضل؟


دعنا نعترف بأن كل الشواهد تؤكد أن المسلمين تقاعسوا طويلا عن تعريف العالم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله بشيرا ورحمة للعالمين، وانكمشوا داخل حدودهم، واكتفوا بأداء العبادات، ثم مضوا يلطمون الخدود على جهالات الغرب وأخطائه في حق دينهم، وراحوا يجأرون بالصراخ والعويل والشتائم حين وجدوا من يسخر من كتابهم ورسولهم، ولم يستفيدوا من الكتاب المنصفين في الغرب والذين أشادوا بهذا الدين وبرسوله الكريم ونسوا أن أجدادهم بنوا حضارة عظيمة عندما حرصوا على التعلم وعلى الاستفادة مما تعلموه، ولكن مسلمي اليوم يكتفون باستيراد كل معارفهم ومداركهم من الغرب ولهذا فإن الغرب وصل إلى اعتقاد بأن المسلمين عالة على الإنسانية ولذلك فإن العالم الإسلامي إذا كان يريد الدفاع فعلاً عن معتقده فعلى المسلمين أن يسارعوا إلى المساهمة في الركب الحضاري ولا يكتفون بموقف المتفرج خاصة ونحن نعيش في زمن لا يعرف إلا لغة المصالح فإذا نهض المسلمون وتفوقوا علميا، فثق بأن الغرب سيشعر بأنهم أنداد له ولن يغامر بالإساءة الى مسلم واحد.


ألا ترين أن الغرب لابد أن يلعب دورا أيضا في مسيرة التقارب مع العالم الإسلام؟


بالطبع أرى أنه على الغرب أن يحذف من مناهجه كل ما يسيء للإسلام ولابد أن يتأكد أن القرآن الكريم منح المسلمين مهمة تاريخية تتمثل في إيجاد مجتمع عادل يحظى كل أفراده بنفس القدر من القيمة والاحترام وخبرة تأسيس مثل هذا المجتمع والعيش فيه منحت المسلمين جوهر الحياة الدينية الذي يعني أن شؤون الدولة لا تنفصل عن الشؤون الروحية عند المسلمين، وكذلك القرآن يحرم العدوان، ولا يسمح بالحروب إلا دفاعاً عن النفس ويؤكد أن القيم الإسلامية الحقيقية هي السلام والمصالحة والعفو، وكلمة “الجهاد” لا تعني الحرب المقدسة كما يعتقد البعض في الغرب وإنما الكفاح والجهد، كذلك فإن المسلمين مطالبون ببذل محاولات واسعة على جميع الجبهات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والعرقية والروحية، أما الجهاد فقيمة روحية لأغلب المسلمين لا ترتبط بالعنف والإسلام ليس دين سيف كما قيل لنا ونحن صغار لذلك فنحن أيضاً في حاجة إلى إصلاح المناهج وليس المسلمين فقط.




الموقف من المرأة


يتحدثون في الغرب كثيراً عن موقف الإسلام من المرأة، ويصفونه بالتعنت فما رأيك؟


هذا كلام غير صحيح بالمرة فالإسلام قدم للمرأة حقوقاً لم تمكن تعرفها من قبل حتى في ظل وجود ديانتين سماويتين سابقتين وهنا أكتفي بذكر قصة حدثت في صلح الحديبية حيث كان المسلمون مستفزين بشدة بسبب طريقة المفاوضات التي استخدمها سهيل بن عمرو مع الرسول صلى الله عليه وسلم ابتداء من رفض “البسملة” ورفض أن يكتب الرسول محمد صفته كرسول من عند الله وإنما كتب اسمه مجرداً ثم رفض دخول المسلمين الكعبة في عامهم الذي أتوا فيه وتأجيل ذلك إلى عام مقبل. بالإضافة إلى الشرط المجحف، والذي يعبر عن عدم المساواة في الالتزامات وهو الخاص برد محمد صلى الله عليه وسلم من يأتيه من غير إذن وليه، وعدم التزام قريش بالرد بالمثل ويجيء ابن سهيل بن عمرو نفسه أثناء توقيع العهد يرسف في أغلاله وينادي المسلمين بأن يخلصوه من الأغلال ويأخذوه معهم والرسول صلى الله عليه وسلم يواسيه ويرده إلى أبيه لأنه وقع مع القوم صلحاً.


ولم تتحمل أعصاب المسلمين كل هذا، على النقيض من الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أمرهم في هذه اللحظات بأن يحلوا إحرامهم وأن يذبحوا الهدي إيذاناً بالعودة من دون تأدية العمرة ويدخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زوجته أم سلمة في خيمتها حزيناً ويقول “هلك الناس، هلك الناس” يعصون أمر نبيهم وتشير عليه أم سلمة بأن يحل الإحرام وأن يذبح من دون أن يناقش أحداً أو يلتفت إلى قول أحد ويفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وينقذ الأمة من فتنة محققة أخذاً بمشورة أم المؤمنين أم سلمة. إذاً كان للمرأة دور سياسي بارز في حياة المسلمين، ولم تكن أبداً كماً مهملاً كما يزعم الغرب وكانت تشارك في السياسة وفي التجارة بل في الحرب وفي كافة شؤون الحياة ولكن غلب عليها العمل في المنزل. في تربية الأبناء وهي مهمة صعبة، وكانت المرأة تاجرة كما كانت تفعل السيدة خديجة أم المؤمنين قبل الإسلام وبعده.


لكن ما رؤيتك للأديان السماوية الثلاثة؟


اليهود يجدون دائماً صعوبة في تقبل الديانات اللاحقة سواء المسيحية أو الإسلام، والمسيحيون لا يتمتعون بعلاقات تتسم بالسهولة مع أصحاب الديانتين اليهودية والإسلامية، على عكس الإسلام الذي يتضمن كتابه “القرآن الكريم” رؤية ايجابية لليهودية والمسيحية، ودائما يؤكد أن النبي محمدًا لم يأت لإلغاء الديانتين السابقتين، بل يقول إن الإنسان لا يكون مسلما إذا لم يؤمن بجميع الأنبياء.


وشدني في القرآن الكريم حثه على التراحم حتى إنني أفضل دائماً أن أصفه بأنه كتاب التراحم والحقيقة أن المسلمين هم أكثر الشعوب الذين تنتشر بينهم تلك الصفة الجميلة.


وأنا تعرضت لمضايقات من اللوبي اليهودي وخاصة المنظمات اليهودية المتطرفة بسبب انتقاداتي ل “إسرائيل” ولكنني أرد دائماً بأن هناك فارقاً بين أن تتحدث عن اليهودية وبين أن تتحدث عن الكيان “الإسرائيلي” المحتل الغاصب لأرض ومقدسات غيره وأنا أعمل دوما على عرض تلك الرؤية على مائدة كافة المؤتمرات والمنتديات التي أشارك فيها حتى يعلم العالم أن المقاومة الفلسطينية لها ما يبررها.

http://www.alkhaleej.ae/portal/353fab6f-af5b-4850-904f-820a651d9b6a.aspx