وأختم هذه المشاهد العظيمة الرائعة الرقراقة من الخلق العالى الرفيع لنبينا بمشهد رواه الإمام مسلم([13]) من حديث معاوية بن الحكم السلمى قال: صليت يوما مع رسول الله فعطس أحد القوم فى الصلاة فقلت له:
يرحمك الله فرمانى القوم بأبصارهم فقلت: وأثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلى؟! يقول: فضرب القوم بأيديهم على أفخادهم يسكتوننى فلما علمت أنهم يسكتوننى سكت.


يقول: ولما أنهى النبى صلاته فبأبى هو وأمى والله ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن منه والله ما نهرنى ولا ضربنى ولا شتمنى وإنما قال لى:" إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" وصدق ربى إذا يقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران.


وأخيراً: هل عرفت الأمة قدر نبيها؟ والجواب لا والله، لا والله ما عرفت الأمة قدر نبيها إلا من أفراد قلائل
أسأل الله أن يجعلنا منهم إن ادعت الأمة أنها عرفت قدر نبيها، فإن حالها يكذب ادعاءها فما أيسر الادعاء.

لقد أدعى قوم المحبة فابتلاهم الله بآية المحنة ف: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (31) سورة آل عمران.

من يدعى حب النبى ولم
فالحب أول شرطه وفروضه
يفد من هديه فسفاهة وهراء
إن كان صدقاً طاعة ووفاء

إن أدعت الأمة أنها عرفت قدر نبيها ، فإن واقعها وحالها يكذب ادعاءها. زعمها هل عرفت الأمة قدر النبى فى الوقت الذى نحت فيه شريعته وأخرت فيه سنته، وقدمت القوانين الوضعية البشرية وحكمتها فى الأعراض والأموال والدماء والفروج والله جل وعلا يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء.

والله جل وعلا يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) سورة الحجرات.

قال ابن عباس: لا تقدموا بين يدى الله ورسوله: أى لا تقولوا خلاف
الكتاب والسنة.

قال القرطبى: لا تقدموا بين يدى الله ورسوله، أى لا تقدموا قولاً ولا فعلاً على قول الله وقول وفعل رسول الله .
قال الشنقيطى: ويدخل فى الآية دخولاً أولياً تشريع ما لم يأذن به الله، فلا حلال إلا ما أحله الله، ورسوله ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ولا دينا إلا ما شرعه الله ورسوله .
إن حق النبى على الأمة لعظيم، إن حق النبى على الأمة لعظيم ولكن لواقع يبين بجلاء أن الأمة قد ضيعت حق المصطفى
إلا من رحم ربك من أفراد قلائل لا تخلو الأمة منهم فى أى زمان وفى أى مكان.

الدعاء...
(1) أخرجه مسلم فى كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلى على النبى ثم يسأل الله له له الوسيلة (1/384).
(1) أخرجه البخارى فى كتاب الرقاق، باب فى الحوض (11/6581)، ومسلم نحوه فى كتاب الصلاة باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة، سوى براءة (1/400).
(2) أخرجه مسلم فى الطهارة- باب استحباب إطالة الغرة، والتحجيل فى الوضوء (1/247)، والترمذى فى كتاب تفسير القرآن- باب من سورة الكوثر (5/3361)، وابن ماجه فى الزهد- باب صفة الجنة (2/4335)، وأحمد فى مسنده (2/112).
(2) أخرجه البخارى فى كتاب الوضوء- باب فضل الوضوء، والعز المحجلون من آثار الوضوء (1/136) ومسلم فى كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل فى الوضوء (1/247)، والنسائى فى الطهارة، باب حلية الوضوء (1/150)، وابن ماجه فى الطهارة وسنتها، باب ثواب الطهور (1/284).
(1) أخرجه مسلم فى الفضائل، باب تفضيل نبيا على جميع الخلائق (4/2278)، والترمذى فى تفسير القرآن، باب ما اء من سورة بنى إسرائيل (5/3148)، وأحمد فى مسنده (1/281).
(2) أخرجه مسلم فى كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/523)، والترمذى فى السير- باب ما جاء فى الغيمة (4/1553) عن أبى هريرة، قال أبو عيسى: حديث أبى أمامة حديث حسن صحيح.
(1) أخرجه مسلم فى افيمان، باب قول النبى :" أنا أول الناس يشفع فى الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا" (1/197)، وأحمد فى مسنده (3/136).
(1) أخرجه البخارى فى كتاب البيوع، باب كراهية السخب فى الأسواق (4/2125)، وأحمد فى مسنده (2/174)، والدرامى فى المقدمة، باب صفة النبى فى الكتب قبل مبعثه (1/5).
(1) أخرجه البخارى فى كتاب المناقب، باب صفة النبى (6/3561)، ومسلم فى كتاب الفضائل، باب كان رسول الله أحسن الناس خلقا (4/2309)، وأبو داود فى كتاب الأدب، باب فى الحلم وأخلاق النبى (4/2309)، وأبو داود فى كتاب الأدب، باب فى الحلم وأخلاق النبى (4/4774)، والدارمى فى المقدمة، باب فى حسن خلق النبى (1/62).
(2) أخرجه البخارى فى كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: "آمين" والملائكة فى السماء (6/3231)، ومسلم فى كتاب الجهاد والسير، باب ما لقى النبى من أذى المشركين والمنافقين (3/1794).
(1) أخرجه البخارى فى كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: "آمين" والملائكة فى السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه (6/3231)، ومسلم فى كتاب الجهاد والسير، باب ما لقى النبى من أذى المشركين والمنافقين (3/1795).
(1) أخرجه البخارى فى كتاب المغازى، باب وفد بنى حنيفة، وحدث ثمامة بن آثال (7/4372)، ومسلم فى الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه (3/1764)، وأبو داود فى الجهاد، باب فى الأسير يوثق (3/2679)، وأحمد فى مسنده (2/452)، والبيهقى فى السنن الكبرى (6/319).
(1) أخرجه مسلم فى كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام فى الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة (1/537).