...... تكملة الفقرات السابقة :
رغم ذلك , هناك نقطة لا مناص منها : و هو موقف اليهود إزاء أجداث الموتى بإعتبارها " نجاسة " . فاليهود طبقا لعاداتهم ما كانوا ليبنوا قرية في منطقة ملاصقة لقبور و العكس صحيح . فالقبور يجب أن تكون بعيدة عن أية قرية ..
" القبور , سواء التي إكتشفها الأب باغاتي أو الأخرى المعروفة من حفريات سابقة , كانت تقع خارج القرية و تفيدنا, في الواقع , في تحديد محيطها . و إذا نظرنا إلى مواقعها على الخرائط التي رسمها الأب باغاتي ( 1.28) أو فينيجان (27) فأننا نتأكد من كم كانت صغيرة جدا في الواقع تلك القرية "
( ج د كروسان :يسوع التاريخي –J.D. Crossan The Historical Jesus)
و لكن ما مدى صغر حجم تلك القرية قبل أن نسلم بأنه كانت هناك قرية أصلا ؟
إن وجود العديد من القبور المحفورة في الصخور الملاصقة للمغارة هو دليل على أنه في القرن الأول , لم تكن هناك قرية في تلك المساحة . و لم تكن تلك المنطقة مأهولة بساكنين حتى و إن كانت مستخدمة
![]()
البطل المسيحي نمره 2 : 1996 ــ 1997 . حفريات الدكتور بفان ( المدرسة الفرنسيسكانية للاهوت ) . في شهر نوفمبر من سنة 1996 قام الدكتور ستيفان بفان , و هو من مركز دراسات المسيحية الباكرة , بالبحث عن مدرجات زراعية في حديقة مستشفى الناصرة . و ما وجده الدكتور بفان و فريقه هومعصرة نبيذ غامضة التاريخ فوصفت بأنها " قديمة " . كما وجدت أيضا قطع خزفية على سطح المدرج , يرجع تاريخها لفترات زمنية مختلفة " إبتداءا من الفترة الرومانية الباكرة إلى الفترة الرومانية المتأخرة .
تم القيام بالمسح الأثري لسطح الأراضي المتاخمة لمستشفى الناصرة بين شهري فبراير و مايو من سنة 1997 بواسطة الدكتور بفان و فريقه , و كلهم من مركز دراسات المسيحية الباكرة . و تم تحديد منطقتين مختلفتين , تتميز كل منهما عن الأخرى بنوع المدرج المكتشف هناك .
و بحماسه المسيحي المثالي أستطاع الدكتور بفان أن يستنتج أن " الناصرة كانت صغيرة جدا , كانت تقطنها عشيرتين أو ثلاث في 35 منزلا متوزعة على منطقة تزيد عن 2,5 هكتار (( 25 ألف متر مربع )) " و لسؤ الحظ أن كل الإدلة عن تلك المنازل تم سحقها من قبل غزاة تاليين .
في الحقيقة أن الأدلة الهزيلة المكتشفة تتسق مع فكرة أن الموقع كان يستخدم كمزرعة عائلية واحدة لعدة قرون ـــ و مزرعة عائلية واحده لا تصنع قرية .
الحفريات التي قام بها مايكل آفي يوناه في قيصرية سنة 1962 :
يبدأ التاريخ و علم الآثار في التوافق واقعيا بإكتشاف قطعة من المرمر ذات لون رمادي غامق في كنيسة يهودية في قيصرية البحرية Caesarea Maritimaفي شهر أغسطس سنة 1962 . و يرجع تاريخها إلى أواخر القرن الثالث أو بدايات القرن الرابع , و تحمل هذه القطعة المرمرية أول ذكر للناصرة في نص غير مسيحي . إذ تذكر الناصرة كأحد أمكنة الجليل التي لجأت إليها عائلات الكهنة من منطقة اليهودية بعد حرب الإمبراطورهدريان المدمرة سنة 135 م . مثل هذه المجموعات ما كانت لتقيم إلا في مدن خالية من السكان الوثنيين , مما استبعد قرية صفورة المجاورة . و ظاهريا يبدو أن الكهنة قد إنقسموا منذ أزمنة قديمة إلى 24 مجموعة , تأخذ كل مجموعة دورها الأسبوعي في خدمة المعبد . يقول النقش الذي أعيد ترميمه :
" المجموعة الثامنة عشر من الكهنة [ المسماه] هابيزيز أقاموا من جديد في الناصرة "
(ج د كروسان : يسوع التاريخي – J.D. Crossan The Historical Jesus) .
بضعة كهنة يهود و عائلاتهم اقاموا في مقر صغير في جنوب غرب الوادي إلى القرن الرابع .
و من المحتمل تماما أنهم و سـّعوا و أعادوا استعمال بعض القبور القديمة . ثم تم استئصال القرية اليهودية الصغيرة بواسطة التواجد المسيحي شمالا و أبعد قليلا حول " بئر مريم "
قد يفترض المرء أن سيطرة المسيحيين على مصدر الماء الوحيد في القرية قد أدى إلى طرد اليهود الغادرين بعيدا , مما سمح للرهبان اليونانيين بالإستيلاء على الكنيسة اليهودية التي يرجع تاريخها إلى القرن الثاني ـــ و هي تعرف الآن باسم الكنيسة اليهودية المسيحية ــ في زمن ما من القرن الرابع حين نالت المسيحية ختم التصريح الرسمي .
نمت المدينة و كبرت , مما أدى إلى هجر و تدمير المساكن اليهودية القديمة , التى كانت مبنية , مثل كفرناحوم , من دون قواعد و أساسات . و ترتب عن ذلك أن بعض اليهود أعادوا استقرارهم في الوادي , و كما نعلم فقد تم طردهم مرة أخرى من المنطقة في القرن السابع بتهمة تعاونهم مع الفرس
المفضلات