{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82
ولأن كُل ما في الأناجيل من تأليف البشر ، وهي ليست من عند الله ، فمُلئت بالإختلافات والتناقُضات، والتي سنُبين بعضها ، وبُطلان ما ورد فيها من تحريف وتلفيق مكشوف .
ولنأتي لما ورد في الأناجيل الأربعه عن حادثة الصلب ، فإن تعيين من يوشي ويخون المسيح ، ويُحاول تسليمه كانت واضحه ، وان المسيح حدده بأنه يهوذا الإستخروطي أحد الإثني عشر ، وتأكيده عن ان إبن الإنسان سيُسلم لأعداءه...ويُصلب ويُقتل ويُدفن ، وكلمة أعداءه فمن المؤكد أن المسيح يقصد بها اعداءه هو ، وأن إبن الإنسان سيُسلم لهم ، وابن الإنسان غير مقصوره على المسيح ، وإذا كانت مقصوره عليه فابن من غيرُه ، ويهوذا إبن للإنسان ، ومتى صار شبه المسيح فإن أعداء المسيح يُصبحوا أعداء لهُ وعليه لا لهُ .
ولنأتي لمكان الحدث ألذي سيتم فيه القبض على من سيُصلب ، فهو في ضيعة جتسيمانيفي بُستاننيقوديموس ما وراء جدول قدرون ، والذي فيه بيت نيقوديموس والذي يأوي فيه المسيح وتلاميذه الذين اختارهم ليكونوا معه وهُم دائماً معه وعددهم في تلك الليله 11 تلميذ بدون يهوذا ، والزمان ليلة الجُمعه وليلاً والوقت مُتاخر ، ومن الطبيعي أن يكون التلاميذ نائمون هُم ومُعلمهم ، إلا من كان في حالة قلق وترقُب وهو مُعلمُهم وشاطره هذا القلق تلميذه برنابا ، والمسيح كان يُصلي لربه لتعبر عنه أو يُجيز عنه هذه الكأس ، وكان في كُل مره يُصلي فيها ويعود يجد التلاميذ نائمون ، وعلى ثلاث مرات ويُعاتبهم بأن يسهروا معه هذه الليله ويُصلوا ، حتى نزل إليه ملاك الرب ليُطمنه ، ولنأتي لما ورد في الاناجيل .
في إنجيل متى ألإصحاح 26 " جاء فيه أنه بعد أن أكمل المسيح صلاته ، التي لجأ فيها لله أن تعبر عنه هذه الكاس ، بعدها أقبل عليه جمع كثير كتيبه من الجنود ، بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنه وشيوخ الشعب معهم ، وان علامة تسليمه هي القُبله من يهوذا ، وتم ذلك وتم القبض على المسيح ، علماً بأنه ورد أنه قال لتلاميذه وقتها لننطلق أي لنبتعد أو لنهرُب ، وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنه فقطع أُذنه ، في تلك الساعه قال للجموع يسوع كأنه على لصٍ خرجتُم بسيوفٍ وعصي لتأخذوني ، كُل يومٍ كُنت أجلس معكم أُعلم في الهيكل ولم تُمسكوني ، ثُم أن بُطرس تبعهم بعد أن مضوا إلى قيافا رئيس الكهنه ليرى ما سيحدث ، وان المقبوض عليه كان مُعظم الوقت لا يُجيب على الأسئله التي كانت تُوجه له ، وتبعه بطرس من بعيد ودخل إلى الداخل وإنكار بُطرس معرفته بالمسيح خوفاً على نفسه ، ثُم كُتب مره أُخرى وأنه كان خارج دارالقيافا .
وفي مُرقص الإصحاح 24 روى نفس رواية القديس متى إلا انه اضاف عليها ، فتركه الجميع وهربوا ، يقصد أن تلاميذه هربوا بعد القبض على مُعلمهم ، ثُم إن واحد من الحاضرين إستل سيف وضرب عبد رئيس الكهنه فقطع أُذنه ، وذكر أنه تبعه شاب لابساً إزاراً على عُريه فأمسكه الشُبان ، فترك الإزار وهرب منهم عُرياناً ، طبعاً هذا التلميذ هو يوحنا ولم يُحدده مُرقص بل قال شاب ، ذكره مُرقص بأنه تبعه أي تبع المسيح والجمع من بعيد إلى داخل دار رئيس الكهنه .
وفي لوقا ألإصحاح 22 " نفس ما ورد سابقاً في متى ، إلا أنه لم يذكُر عصي وسيوف ، إلا أن في لوقا أن المسيح قال ليهوذا بعد أن قبله – يا يهوذا أبقبله تُسلم إبن الإنسان - ، وإضافه أُخرى أن الذين من حوله لما راؤا ما يكون قالوا يا رب أنضرب بالسيف ، وضرب واحد منهم عبد رئيس الكهنه فقطع أُذنه اليُمنى ، وإضافه أُخرى أن المسيح قال دعوا إلى هذا ولمس َ أُذنه وأبرأها .
أما ما ورد في يوحنا إصحاح 18 " فهو روى روايه مُختلفه تماماً ، حيث ذكر وادي قدرون والبُستان وعلم يهوذا بالمكان(كما ورد في إنجيل برنابا) ، وخروجه إلى هُناك بعد أخذه للجنود وخُدام من عند رؤساء الكهنه والفريسيين ، إلا أنه يذكُر أن يسوع هو الذي خرج إليهم وسألهم من تطلبون وعرفهم على نفسه وكأنهم لا يعرفونه ، ثُم رجوعهم للوراء وسقوطهم على الأرض هُم ويهوذا وهم جمعٌ كبير ، لماذا سقطوا على الارض لا نعلم، ثُم طلب منهم ترك التلاميذ وشأنهم ، ولم يذكُر هروب التلاميذ ، ثُم أن يوحنا حدد من استل السيف بأنه سمعان بُطرس ، وحدد إسم العبد بأنه مَلْخُسَ ، وخالف يوحنا الباقين بأن الجنود ومن معهم أخذوا يسوع أولاً إلى حنان حمى قيافا ، ثُم ذكره أن بُطرس ومعه تلميذ آخر تبعوا المقبوض عليه....إلخ .
فالأناجيل الاربعه المفروض انها هي من كتابة التلاميذ الذين كانوا مع المسيح وسط الحدث ، أو ممن روى لهم الحدث ، والحدث وهو لحظة القبض لمن جاءوا للقبض عليه ، والحدث ليس طويل حتى يتم نسيانه أو عدم تطابق كلام الرُواه الأربعه أوغيرهم لتشابكه في أحداثه وما قيل من كلام فيه ، فالحدث صغير في حجمه ووقته وما قيل فيه ، ولم يكونوا غائبين ، ولم يروي لهم الآخرين ولذلك لم تأتي روايه أي واحد منهم مُتطابقه تماماً مع رواية الآخر ، فيوحنا لم يتطرق لصلاة المسيح ولجوءه إلى الله لتعبر عنه هذه الكاس قبل الحدث بساعات نهائياً ، وكذلك الآخرين إختلفوا مع بعضهم في الروايه .
وأن دل ذلك فإنما يدل على عدم صدق هذه الروايه ولهذا الحدث وبهذا المكان بالتحديد من الأساس ، وأن هُناك من ألفها ودسها في هذه الأناجيل بعد تحريفها ، ووقع فيما وقع فيه من أخطاء لا يمكن أن نجد لها مُبرر ، مع تبرئتنا للتلاميذ الأطهار بأن ما كتبوه قد لُعب به وتم تغييره بعدهم هذا إذا كتبوا هُم ولم يكتُب غيرهم ، أو بوقتهم وبغير إرادتهم ، أو أن ما كُتب بعدهم وبعد المسيح ب300 عام نُسب لهم .
أولاً :- القول إن المُعلم والتلاميذ كانوا في البُستان ، ومن السياق يفهم أنهم في العراء وغير نائمون ، ومكشوف لهم رؤية وسماع من يُقبل عليهم أو ما هو حولهم ، والدليل أن المُقبلون جمٌ غفير من البشر كتيبه من الجنود بالإضافه للفريسيين والكهنه والخدم وغيرهم ومعهم مصابيح ومشاعل تُرى من مسافه بعيده وعصي وسيوف ، وفي هذه الحاله من السهل رؤية النار على المشاعل ورؤيتهم وسماع صوتهم وجلبتهم من مسافه بعيده ، واخذ الحذر أو الهروب على الاقل للتلاميذ ومُعلمهم وتلاشي الخطر ، وقد سبق للمسيح أن إختفى من بين أعداءه عندما كان يُحيط به الخطر ، وهي إحدى مُعجزاته ولديه القُدره على ذلك ، كيف يُقبل عليه الخطر ومن مسافه بعيده ويُرى القادمون ، ويُسمع صوتُهم ، ولا يتصرف هو وتلاميذه لتلاشي الخطر ، بأن يهرب التلاميذ ويبتعدوا ويختفوا ما دام ليس لهم قُدره على المواجهه ، وان يختفي المسيح وله القُدره على ذلك ، أو يبتعد مع تلاميذه ، وترك المنطقه كُلها .
ثانياً: - ولكن هذه الروايه هُناك ما يُثبت عدم صحتها من الأناجيل ، وأن التلاميذ كانوا نائمين وبغير هذا الموضع أي في بيت ، وأن مُعلمهم كان يذهب خارجاً ويُصلي ويعود لهم ويطلب منهم بأن يُصلوا ويسهروا معه ولثلاث مرات، ولكنهم كانوا في نومٍ عميق ، رُبما من شدة الإرهاق والقلق والخوف في الايام والليالي السابقه ، وإنه من الظُلم إتهام التلاميذ بعدم الدفاع عن مُعلمهم ، والهروب وتركه لقدره وهم في حالة يقظه تامه والذين أُتهموا ظُلماً أنهم هربوا من البدايه ولم يُدافعوا عن مُعلمهم ، وانهم لم يؤخذوا على حين غره وهم نائمون ولا حيلة ولا إستعداد لديهم وهم نائمون في بيت نيقوديموس .
ثالثاً :- ولنأتي على الكذبه المكشوفه( ونتمنى من حرف أو كتب هذه الأناجيل أو من يؤمنوا بصدق ذلك ان يُرينا كيف أن شخص يستعمل السيف لقطع الاُذن فقط ، ولن يستطيع أن يُرينا أو يُثبت صحة كذبته، وبالتالي فإن هذه الروايه لهذه الواقعه بهذا المكان غير صحيحه ، ( وما حدث فيها وما قيل محض تحريف وتأليف مكشوف) ، وقيل كيف عرفت انها كذبه قال من كُبرها ، وقيل في المثل( عبد يعرُج من شفته أو أُذنه) ، ففي إنجيل متى قال واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه، والتلاميذ مع مُعلمهم 12 شخص كيف يقول واحد ، وكانه غير معروف له، وفي مُرقص " فاستل واحد من الحاضرين السيف " واحد من الحاضرين فهُنا عمم بشكل اكبر ، والواحد رُبما يكون منهم أو من الطرف القادم المُهاجم، وفي لوقا " قالوا يا رب أنضرب بالسيف ، وضرب واحد منهم عبد رئيس الكهنه" وهُنا زادها ما ورد في لوقا بأن التلاميذ كُلهم شاركوا بالفعل أنضرب بالسيف وقالوا يارب ، وكانه يقول عن تلاميذ المسيح كُلهم يحملون سيوف ، وهذه تُهمه وفريه ظالمه للمسيح وتلاميذه ، بأنهم حملة سيوف ومُسلحون وتهمه حقيره لتلاميذ المسيح بأنهم يقولون عن مُعلمهم يارب شُلت يد من كتبها ووضعها في الأناجيل زوراً وظُلماً ، والمُعلم صار رب ( ونُشهد الله أن تلميذ المسيح الطاهر القديس لوقا لم يكتب هذه الكلمه الكافره ) ، علماً أنهم ليس لديهم غير سيفين ، أحدهما مع بُطرس ، وفي يوحنا تم تحديد بأن سمعان بُطرس كان معه سيف فاستله وضرب عبد رئيس الكهنه ، كيف يضرب بُطرس بالسيف ويقطع الاُذن فقط ، وما هذه المهاره العاليه في قطع الآذان ، دون سطو السيف على الرقبه أو الكتف أو جانب الرأس ، والقُدره على إيقافه دون إيذاء أو قطع الكتف أو العُنق أو إيذاءهما أو جانب الرأس، إلا إذا كان بُطرس مُتخصص بقطع الآذان وإذا كان بُطرس بهذه المهاره فهو أراد قطع الرأس فلمَ أخطاهُ وذهب للأُذن ، وبالتالي إتهامه بالهبل باستخدام السيف ، لأنه بدل ان يقطع الراس قطع الاُذن ، ونقول هل بطرس لا سمح الله أهبل أم من الف وحرف هو الأهبل ولم يحتاط لكذبه وغفتراءه ، أم انه اراد قطع الأُذن ، ولكن كيف قطع بطرس الاُذن وحتى لو هُناك مجموعة كوابح(abs) على ذراعه ، فلن يستطيع إيقاف السيف والإكتفاء بقطع الاُذن ، ولانشغل المسيح بإصلاح الأُذن والكتف او الرقبه او جانب الرأس بدل الأُذن وحدها .
رابعاً:- وما هذه الجُراه وهذا التهور الذي عند بطرس وهو ومن معه ومُعلمه 12 شخص ، وليس معهم غير سيفين ، في مواجهة هذا الكم من القادمين والمُسلحين والذين يُضمرون الشر بقدومهم ، حتى يستل سيفه ويضرب به ، وكيف اُعطي هذه الفرصه ليضرب ، وكيف تركوه ولم يقتلوه ، وكيف استعمل سيفاً وكيف أستله ، وما هذا التمهل والتروي من الجنود والكهنه القادمون للقبض على المسيح للإنتظار لإصلاح الاُذن وإعادتها لمكانها من قبل المسيح ، ُثم وبما ان بُطرس عمل هذا العمل ، ولم يُقتص منه الجنود ومن معهم لضرب رئيس العبيد وقطع أُذنه في المكان نفسه ، كيف يتجرأ بُطرس ويلحق بالجمع ، في دار رئيس الكهنه ، إلا إذا كانت حادثة قطع الاُذن غير صحيحه وهي كذلك .
ثُم نأتي إلى علتهُم أو مُبررهم وحُجتهم لصلبه وقتله ، والتي أمر بيلاطس بكتابتها بثلاث لُغات ووضعها فوق رأسه وهو على الصليب وهي "يسوع الناصري ملك اليهود " ، علماً أن الأناجيل غير مُتفقه على ما كُتب فوق راسه ففي أنجيل لوقا {23: 39 } " هذا هو ملك اليهود "، وقد إحتج اليهود على هذه العله عند بيلاطس ، بأنه يجب أن يُكتب الذي إدعى انه ملك اليهود ، ولم يستجب لهم بيلاطس بانه ما كتبتُ قد كتبت، والتُهم الثانيه لم تصل لأهميه أن تُكتب وهي إتهامه بقوله أنه ينقض الهيكل ويبنيه بثلاثة أيام وهي شهادة الزور التي شهد بها إثنان بعد أن لم يجدوا من يشهد ضده ، فلو أن المسيح إدعى أو قال إنه إبنُ الله منذُ دعوته ، أو على الأقل إعترف بذلك أثناء التحقيق معهُ لأعتُبرت هذه هي العله القويه والتي تُعتبر تجديف على الناموس ، فكيف لو قال إنه الله ، ولكانت هذه العله هي التي لن يبحثوا عن شهود عليها ، ولكانت هي العباره التي من المفروض أن تُكتب فوق رأسه ( هذا الذي إدعى أنه إبنُ الله أو انه رب وانه الله ) ، لأن القول بأنه يُريد ان يُصبح ملكاً عليهم أمر ليس فيه تجديف على الناموس ، والتي إحتج اليهود عليها ، ولو كان هُناك شيء من الصحه لقوله أنه إبنُ الله لأحتج اليهود على انه يجب أن تُكتب هذه العله ، ثُم إن بيلاطس وهيرودس لم يجدوا ما يُدينونهُ به ، وكانوا مُزمعين إطلاقه ، ولو كانت هذه صحيحه لكانت هي المُبرر والعله لإدانته أمام الشعب لصلبه وقتله .
متى{26 :64 } " ثُم قول رئيس الكهنه لهُ استحلفك بالله الحي أن تقولَ لنا هل أنت المسيح إبنُ الله . قال لهُ يسوع أنت قُلت " وهذا يدُل على أنه لا وجود مُسبق لقوله إنه إبنُ الله ، فهو يستحلفه على ذلك الآن بالله ، ولم يُجبه بنعم ، بل قال له أنت قُلت ليُلزمه الحُجة على نفسه ، وهي إجابته المُتكرره لكُل سؤآل يُوجه لهُ هذا المقبوض عليه .
ولا ندري ما هو الموقف لليهود والكهنه ، مما يقوله ويدعيه ممن إدعوا انهم اتباع للمسيح من بعده ، بأنه إبن الله بل هو الله ، وهو رب وخالق...إلخ .
المفضلات