بيان أقسام الوقف العام :


بالاستقراء والتتبع لجميع الأئمة العشرة نجد أقسام الوقف العام لا تخرج عن أربعة ، وهي: اضطراري ، اختباري ، انتظاري واختياري.


· الإضطراري : هو ما يعرض للقارئ أثناء القراءة ويضطر إليه اضطراراً بسبب ضيق نفس أو عطاس أو عجز أو نسيان أو غلبة بكاء أو غلبة ضحك ، وكلها تسمى أمور ضرورية أي يقف القارئ رغماً عنه.

حكـمه :

الجواز ، أي يجوز الوقف عليه ولا يجوز الابتداء بما بعده ويجب الابتداء بكلام له معنى بعد زوال الضرورة.

تنبيه : لا يلزم منه مراعاة المعنى لأنه مضطرا.


· الاختباري : وهو ما يتعلق بالرسم العثماني فيجب على القارئ مراعاة الرسم في حال تلقيه للقراءة من قطع أو وصل أو إثبات أو حذف لحروف المد الثلاثة الواقعة في آخر الكلمة أو الوقف بالتاء المفتوحة أو المربوطة.


فلابد من مراعاة هذه الأمور عند القراءة ، مثلاً : في قوله تعالى (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله)البقرة115, فما فوق الخط موصولة باتفاق.


وأيضاً قوله تعالى (يؤتي الحكمة من يشاء)البقرة269, تقف باثبات الياء على ما فوق الخط اختبارا لثبوتها رسماً بخلاف الموضع في سورة النساء في قوله تعالى: (وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً) فنقف على الكلمة. باسكان التاء لحذف الياء رسماً.

· الانتظاري : وهو أن يقف القارئ على كلمة ليعطف عليها غيرها عند قراءته بجمع القراءات السبع أو العشر في حال التلقي ولا يشترط في هذا الوقف تمام المعنى.

· الاختياري: هو الذي يقصده القارئ باختياره من غير عروض سبب من الأسباب المتقدمة في أنواع الوقوف الثلاثة ، وهم ينقسم إلى : اللازم ، التام ، الكافي ، الحسن ، القبيح ، أقبح القبيح.


9) تعريف النوع الأول من أنواع الوقف الاختياري (التام) :

الوقف التام : الوقف على كلام تم معناه ولم يتعلق بما بعده لا لفظاً ولا معنى.


10) بيان الأصل فيه من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام :

أن جبريل عليه السلام نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم وكان بصحبته ميكائيل ، فقال له يا محمد أن الله يقرئك السلام ويأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد ، فقال ميكائيل استزده ،فقال: إقرأ القرآن على حرفين ، فقال ميكائيل استزده ، فمازال يراجعه كما قال ميكائيل حتى أمره أن يقرأ على سبعة أحرف ثم قال (كلها شاف كاف ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بمغفرة).


مثال في قوله تعالى : (يدخل من يشاء في رحمته والظالمين ...) سورة الانسان31 , فالوقف على كلمة – رحمته – وقف تام ، لكن لا يصح الوقف على كلمة – الظالمين- حيث لا يتوهم عطف الظالمين مع المؤمنين ودخولهم في رحمة الله والظلم معروف أنه أكبر أنواع الشرك.


11) بيان أقسام الوقف التام :

ينقسم الى قسمين : تام مقيد ، تام مطلق.

فالتام المقيد هو اللازم لأنه مقيد بأمثلة من القرآن لو وصلت بما بعدها لأفسدت المعنى ، رمزه في المصحف ( ).

أما التام المطلق فإنه لو وصل بما بعده لم يفسد المعنى.

لكن كلاهما تم الكلام عنده.


12) بيان أمثلة الوقف اللازم وحكمه وموقعه من الآيات ورمزه وسبب تسميته:

أولاً : أمثلته في وسط الآيات :

1. (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا)المائدة64 سبب نزول الآية : أن اليهود أصابهم القحط فتجرأ بعض أحبارهم فقال هذا الكلام والله عز وجل نسب القول إلى اليهود كلهم لرضاهم وسكوتهم على هذا القول الذي فيه جرأة على الله تعالى ، فالله عز وجل دعا عليهم في قوله (غلت أيديهم) وأيضاً (لعنوا بما قالوا) ولو وصلنا لأوهم أن ما بعدها من مقول اليهود ، والحرف (بل) يفيد الإضراب وهو تعليق من الله عز وجل على كلامهم.


2. (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء)آل عمران181 :

سبب نزول الآية : أن رجلا من أحبار اليهود كان يسمى فنحاص ، فدخل عليه أبو بكر في بيت هو مكان الدراسة يسمى البيت المدراس ، فوجد فنحاص واليهود حوله ، فقال اليهودي : أن صاحبكم يقول أن الله يطلب القرض منا وهو في حاجة إلينا – بعد نزول قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً)البقرة245 – فلطمه أبو بكر وذهب يشتكيه إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم ، فسأله الرسول عن ذلك فذكر له أبو بكر مقولة فنحاص فأنكر الرجل ، فنزلت الآية تثبت صدق أبي بكر.

فلو وصلنا يتوهم البعض أن (سنكتب) من مقول اليهود وهو تعليق من الله عز وجل.

3. (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله)الانعام36 :

هذه الآية ليست أول الموضوع وإن كانت في أول الحزب ، فبداية الموضوع من أول قوله تعالى (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا ..) وفي ذلك تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام وقبلها (فإنهم لا يكذبونك) وذلك لأنه اشتهر عندهم بالصدق والأمانة قبل الرسالة .

فالله يقرر أنهم لا يكذبونك (ولكن الظالمين بآيت الله يجحدون) فهو كبر منهم وجحود وعدم استجابة وليس تكذيب.

وفي هذه الآية بشارة للرسول عليه السلام مؤكدة للتسلية بأن الله ناصرة

(وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت ...)الانعام35, وبعدها (إنما يستجيب) و (إنما) تفيد الحصر أي حصر الاستجابة للخير للذين يسمعون الذكر فيتبعونه ، فبعضهم لا يسمع الخير أو يسمع ولا يستجيب.

فلو وصلنا لحصل التوهم بأن الواو للعطف وأن الموتى تستجيب وإن كان الموتى في الحقيقة يسمعون ولكن لا يستجيبون.

فالواو هنا للاستئناف ، ودفعاً للتوهم وضعت الميم فوق الكلمة.

4. (ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا)يونس65.

5. (فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون)يس76.

لو لم نقف ووصلنا لأصبحت الآية في ظاهرها توصي أن ذلك من مقول الكفار وهم لم يقولوا ذلك ، فهذا خطاب من الله تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام بأن لا يحزن من كلامهم وإعراضهم وعقب الله عز وجل (إن العزة لله جميعاً) وبعزته سبحانه يعز الرسول والإسلام.

ثانيا : أمثلة للوقف اللازم على رؤوس الآيات :