التثويب في أذان الفجر الأول
تعريف التثويب: التثويب هو قول المؤذن بعد قوله حيَّ على الفلاح: الصلاة خير من النوم، وذلك في أذان الفجر الأول .
أخرج النسائي(1)في باب الأذان في السفر، من حديث أبي محذورة رضي الله عنه، وفيه قال: » الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، في الأولى من الصبح « .وعنه رضي الله عنه قال: » كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أقول في أذان الفجر الأول: حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله «(2).
وأخرج البيهقي من طريق نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
» كان الأذان الأول بعد حيّ على الصلاة، حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين «(3).
قال الصنعاني:
ليس الصلاة خير من النوم من ألفاظ الأذان المشروع للدعاء إلى الصلاة، والإخبار بدخول وقتها، بل هو من الألفاظ التي شرعت
لإيقاظ النائم، فهو كألفاظ التسبيح الأخير الذي اعتاده الناس في هذه الأعصار المتأخرة عوضاً عن الأذان الأول(4).
وأما ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أن قول المؤذن:» الصلاة خير من النوم « في الأذان الذي ينادى فيه للصلاة، مستدلاً بأن الإقامة تسمّى أذاناً أيضاً، لقوله صلى الله عليه وسلم، : » بين كل أذانين صلاة «(1)أي بين الأذان والإقامة، فالأذان الأول هو الأذان الذي يُنادى فيه للصلاة، والأذان الثاني: الإقامة .
فجوابنا عنه: أن هذا الاستدلال يخالف ظاهر النص، فإنه من المتفق عليه عند العلماء أن النص متى ما احتمل معنى ظاهراً ومعنى آخر مؤولاً، فالحمل على الظاهر هو الأصل والواجب إلا بدليل .
فالحمل على الظاهر هنا، يقتضي أن يُحمل على الأذان الأول الذي يُنادي به لإيقاظ النائم لأنه هو الأول في الفجر .
فقد أخرج البخاري(2) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: » لا يمنعنَّ أحدكم ـ أو أحداً منكم ـ
أذانُ بلال من سَحوره، فإنه يؤذن ـ أو يُنادي ـ بليل ليرجع قائمكم، ولينبِّهَ نائمكم، وليس أن يقول الفجر أو الصبح « .
فائدة:
وأما التسبيحات المبتدعة في هذه الأزمنة المتأخرة، قبل أذان الفجر، قال عنها ابن حجر:
ادعى بعض الحنفية ـ كما حكاه السروجي منهم ـ أن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الأذان، وإنما كان تذكيراً أو تسحيراً كما يقع للناس اليوم، وهذا مردود، لكن الذي يصنعه الناس اليوم مُحْدَثٌ قطعاً، وقد تضافرت الطرق على التعبير بلفظ الأذان فحمله على معناه الشرعي مقدَّم، ولأن الأذان الأول لو كان بألفاظ مخصوصة لما التبس على السامعين، وسياق الخبر يقتضي أنه خشي عليهم الالتباس، وادعى ابن القطان أن ذلك كان في رمضان خاصة، وفيه نظر(3).
المفضلات