،



قال ابن فضل الله العمري رحمه الله :
"اجتمع عليه عصبُ الفقهاء والقضاة بمصر والشام ، وحشدوا عليه خيلهم ورجلهم ، فقطع الجميع ، وألزمهم الحجج الواضحات أيّ إلزام ، فلما أفلسوا : أخذوه بالجاه والحكام " اهـ



،


قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
" كان - أي شيخ الإسلام - يدعو لأعدائه ، ما رأيته يدعو على واحد منهم ..!
وقد نعيتُ إليه يوماً أحد معارضيه الذي كان يفوق الناس في إيذائه وعدائه ، فزجرني ، وأعرض عني ، وقرأ : "إنّا لله وإنا إليه راجعون".
وذهب لساعته إلى منزله ، فعزى أهله ، وقال : " اعتبروني خليفة له ، ونائباً عنه ، وأساعدكم في كل ما تحتاجون إليه".
وتحدث معهم بلطف وإكرام : بعث فيهم السرور ، فبالغ في الدعاء لهم حتى تعجبوا منه
". اهـ
،



قال الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس اليعمري المصري رحمه الله :
" كاد يستوعب السنن والآثار حفظاً ..!
إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته ، أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته ، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه وذو روايته ، أو حاضر بالنحل والملل لم ير أوسع من نحلته ، ولا أرفع من درايته ، برز في كل فن على أبناء جنسه .
لم تر عين من رآه مثله ، ولا رأت عينه مثل نفسه
" اهـ


،


قال الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله :
" لما عاد الناصر قلاوون إلى المُلك ، واستقر به الأمر ، أراد أن ينتقم من العلماء والقضاة الذين مالئوا خصمه الأمير بيبرس الجاشنكير عليه ، وهم أيضاً من آذوا ابن تيمية من قبل ، وقد مكث بسببهم في سجن القلعة ثمانية عشر شهراً ..!
وهنا نجد خلق العلم والدين والفضل قد تجلى في ابن تيمية الكريم ..!

استفتى السلطانُ الناصر ابنَ تيمية في هؤلاء العلماء ؛ فأفتى بأن : دمائهم حرام عليه ، وأنه لا يحل له إنزال الأذى بهم .
فراجعه السلطان وقال : إنهم قد آذوك وسعوا في قتلك مراراً .
فقال الشيخ الكريم : "من آذاني فهو مني في حل ، ومن آذى الله ورسوله ، فالله ينتقم ، وأنا لا أنتصر لنفسي" ..!
ولم يكتف الشيخ بالعفو ، أو الامتناع عن الإفتاء ، أو الفتوى بعكس ما يريد ، بل :
أخذ يخاطبه في العفو عنهم ويقول له : "إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم من العلماء الأفاضل" ، وما زال به حتى عفا عنهم ..!

وهؤلاء العلماء والقضاة فيهم ابن مخلوف قاضي المالكية (*) الذي كان يطلب رأس شيخ الإسلام ، والذي كان يمنعه من المناقشة ، ولذلك نطق لسان ذلك القاضي بالثناء عليه بعدها .
قال القاضي ابن مخلوف :
"ما رأينا مثل ابن تيمية : حرضنا عليه فلم نقدر ، وقدر هو علينا ؛ فصفح ، وحاجّ عنا
"

اهـ بتصرف يسير من كتاب "ابن تيمية" للإمام أبي زهرة .



(*) قال الشيخ أبو زهرة -رحمه الله- أنه لولا شيخ الإسلام ابن تيمية لما كان لهذا القاضي المالكي ذكراً في الوجود ؛ لأنه ذُكر معه مخالفاً معادياً ..!


،


قال الذهبي رحمه الله :
" ما رأيت في العالم أكرم منه ، ولا أفرغ منه عن الدينار والدرهم : لايذكره ولا أظنه يدور في ذهنه ، وفيه مروءة ، وقيام مع أصحابه ، وسعي في مصالحهم ؛ وهو فقير لامال له ، وملبوسه كآحاد الفقهاء : فرجية ، ودَلق ، وعمامة تكوّن قيمة ثلاثين درهماً ، ومداس ضعيف الثمن ، وشَعْره مقصوص ". اهـ



،

كتب الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله ، إلى الحافظ الذهبي رحمه الله ، في شأن شيخ الإسلام :
" أما قول سيدي في الشيخ ؛ فالمملوك - يعني نفسه : تواضعاً - يتحقق كبر قدره ، وزخارة بحره ، وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية ، وفرط ذكائه واجتهاده ، وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف ..!
والمملوك يقول ذلك دائماً ، وقدره في نفسي أكبر من ذلك وأجل ، مع ما جمعه الله له من الزهادة والورع والديانة ، ونصرة الحق ، والقيام فيه لا لغرض سواه ، وجريه على سنن السلف ، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى ، وغرابة مثله في هذا الزمان ، بل من أزمان
" ..!