الدولة الإسلامية وحقوق الإنسان

ومما أثاره الحداثيون والعلمانيون من يمينيين ويساريين: ادِّعاؤهم أن قيام الدولة الإسلامية التي تحكم بالشريعة الإسلامية يتعارض مع ميثاق حقوق الإنسان، الذي صدر عن الأمم المتحدة، وتلقَّاه العالم بالقَبول.
فهم يرون حكم الشريعة الإسلامية يتعارض مع حقوق الإنسان في عدة مجالات:
1. منها: مجال الحرية الدِّينية، التي تفرض على من دخل في الإسلام: ألا يخرج منه، وإلا كانت عقوبته القتل على جريمة الرِّدَّة عن الإسلام.
2. ومنها: مجال حقوق المرأة، التي يجعلها الإسلام -فيما زعموا- في مرتبة دون مرتبة الرجال، ومن ذلك: أنها لا تتزوج إلا بإذن وليها، وأنها إذا تزوجت كان الرجل قواما عليها، وكان الطلاق بيده، وإذا ورثت كان نصيبها كما قال القرآن:عناية الإسلام بحقوق الإنسان لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِعناية الإسلام بحقوق الإنسان [النساء:11]، ولهذا توقف عدد من الدول الإسلامية في قبول اتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
3. ومنها: مجال حقوق الشواذ والعراة والإباحيين، التي تتعارض مع أحكام الشريعة في تحريم الزواج المثلي، وتحريم اللواط والسحاق، وتحريم الزنى، والتبرج والخلاعة.
4. ومنها: مجال حقوق الأقليات الدِّينية، وقد أفردناها بالحديث.

عناية الإسلام بحقوق الإنسان:
ويهمنا أن نبين في هذا المقام أنه لا يوجد دين كالإسلام عُني بالإنسان، وقرَّر أن الله كرمه: عناية الإسلام بحقوق الإنسان وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَعناية الإسلام بحقوق الإنسان [الإسراء:70]، وأنه جعله في الأرض خليفة، وأنه سخر له ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وأنه خلقه في أحسن تقويم، وعلمه البيان، ومنحه العقل والإرادة، وأنزل له الكتب، وبعث له الرسل. كل هذا من كرامته على الله سبحانه.

كما عُني الإسلام بحقوق الإنسان التي جعلها في معظم الأحيان فرائض وواجبات، إذ الحق يجوز للإنسان أن يتنازل عنه، أما الفرض والواجب اللازم، فلا يجوز فيه ذلك.
وبخاصة حقوق الضعفاء لدى الأقوياء: حقوق الفرد لدى المجتمع ... حقوق الشعوب لدى الحُكَّام ... حقوق الفقراء لدى الأغنياء ... حقوق الأُجَرَاء لدى المُلاَّك ... حقوق العمال لدى أرباب العمل ... حقوق النساء لدى الرجال ... حقوق الأطفال لدى الآباء والأمهات ... حتى حقوق الحيوان لدى الإنسان!
ونوَّع هذه الحقوق بين مادي وعقلي، وفردي وجماعي، وآني ومستقبلي، وجعل من ضمير كل إنسان حارسا على حقوقه، يطالب بها، ويدافع عنها، ويتعاون مع غيره في الذود عنها. ويهاجر من الأرض التي تضيع فيها، ولا يجد له وليا ولا نصيرا.

ولقد كتب الكثيرون في موضوع حقوق الإنسان، وأُلِّفت فيه كتب[1]، وقُدمت فيه أو في بعضه رسائل جامعية للماجستير والدكتوراه، وأُشبع بحثا ودراسة.
ولكني أكتفي هنا بخلاصة ذكرتها في كتابي (الثقافة العربية والإسلامية بين الأصالة والمعاصرة)[2].
وهذه الخلاصة مقتبسة من كتاب الأستاذ الدكتور محمد فتحي عثمان بعنوان (حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والفكر القانوني الغربي). وهي خلاصة علمية موثَّقة بالأدلة الشرعية والتاريخية المستقاة من مصادرها الأصيلة.
(وفيها بيَّن أن تقرير حقوق الإنسان في الإسلام، استوعب الاتجاهات الوضعية كلها قديما وحديثا وتفوَّق عليها، مؤكدا ما يلي:

ukhdm hgYsghl fpr,r hgYkshk