زوجة الرئيس القادم! ـ عبد العزيز محمود
زوجة الرئيس القادم
عبد العزيز محمود | 02-03-2011 00:16

بصراحة لا يكفي النص في التعديلات الدستورية التي اعدتها لجنة صياغة الدستور على ان يكون رئيس الجمهورية مصريا هو ووالديه وغير مزدوج الجنسية بل يجب النص على ان تكون زوجته كذلك، حتى لا تتكرر المصائب التي ارتكبتها زوجة الرئيس في العهدين السابقين!

فلا أحد يريد أن تكون زوجة الرئيس القادم من اصول اجنبية أو مزدوجة الجنسية، حتى لا تمنح زوجها وابنائها في السر جنسية اخرى ، وحتى لا يشعر الرئيس وعائلته بالاستعلاء على الشعب والاحساس بعقدة الخواجة وانهم جميعا من طينة اخرى غير طينة المصريين.

نريد ان تحظر التعديلات الدستورية على زوجة الرئيس القادم التدخل في شئون الحكم والسياسة ، وألا ان يكون لها نشاط ثقافي او اجتماعي او خدمي من اي نوع، حتى لا يختلط الخاص بالعام، وحتى لا نعود مرة اخرى الى دوامة الفساد والصفقات والحسابات السرية والعلاقة غير المشروعة بين السلطة والثروة.

لا نريد لزوجة الرئيس القادم أن ترأس اية جمعيات خيرية أو مؤسسات ثقافية أو مجالس قومية، ولا ان تمارس مهاما هي من صميم عمل اجهزة الدول، فهناك وزارات وأجهزة مسئولة عن الثقافة والصحة والشئون الاجتماعية ورعاية المرأة والطفل ومكافحة الفقر، ومن غير الطبيعي ان تكون زوجة الرئيس بجمعياتها وانشطتها بديلا عن هذه المؤسسات.

لا نريد لزوجة الرئيس القادم ان ترتبط بعلاقة من اي نوع مع رجال الاعمال ، ولا ان يكون لها نشاط في مجال البيزنس، ولا ان تتلقي تبرعات من الداخل والخارج بدعوى رعايتها للاعمال الخيرية، ولا ان تفتح حسابات في البنوك باسمها او باسماء وهمية لتلقي الهبات من العرب والاجانب، فقد تبين ان كل هذه وسائل خفية للاثراء غير المشروع.

لا نريد لزوجة الرئيس القادم ان تحصل على مزايا بحجة انها سيدة مصر الاولى، ولا ان تعامل من اجهزة الدولة باعتبارها فوق القانون، ولا ان تقوم وسائل الاعلام بمتابعة نشاطها وتحركاتها واجتماعاتها وكانها رئيس مواز ، ولا ان تقوم بزيارات رسمية بمفردها الى الخارج فالدستور في الحقيقة لا يعطيها هذه الصلاحيات.

لانريد لزوجة الرئيس القادم ان تعمل بالتجارة ولا ان تبرم الصفقات للحصول على حصص مالية وعمولات، ولا ان تشيد المستشفيات كواجهة للحصول على الهبات، ولا ان تعقد الاجتماعات وتصدر التوجيهات لكبار المسئولين بدون سند من دستور، ولا ان يتم ترشيحها لجائزة نوبل استنادا الى انجازات وهمية، ولا ان تحصل على شهادات الدكتوراة من الجامعات المصرية دون مؤهلات علمية.

لقد دفعت مصر ثمنا غاليا خلال الاربعين عاما الماضية بسبب تدخل زوجة الرئيس في شئون الحكم، كما عانت من هذا الوضع الغريب كل اجهزة الدولة السيادية، ويكفي في عهد الرئيس الاسبق ان قرينته كانت تتصرف باعتبارها الرئيس الموازي، وفي عهد الرئيس السابق كان هناك اربعة رؤساء للدولة هم الرئيس السابق وقرينته ونجلاه.

ورغم ان الدستور المصري لا يعطي زوجة الرئيس أي صلاحيات سياسية، ولا يتضمن موادا تسمح لها بالمشاركة مع زوجها في ادارة شئون البلاد، لكن زوجة الرئيس في العهدين السابقين شاركت في اختيار الوزراء والمحافظين وكبار المسئولين ورؤساء الهيئات والمؤسسات، ووضعت الاقارب والاصهار والمحاسيب في المواقع المهمة ، وتدخلت في اعمال السلطتين التنفيذية والتشريعية بل وفي إصدار قرارات جمهورية لصالح هذا او ذاك!

لم يحدث شيء من هذا في عهد عبد الناصر، فقد وضع الرجل حدودا صارمة بين حياته الخاصة والعامة، ولم يكن لقرينته طوال سنوات حكمه التي استمرت 18 عاما اي نشاط سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو خدمي من اي نوع، ولم يكن لها أي نشاط عام قد يساء استغلاله او تفسيره أو يمكن ان يكون مدخلا خفيا للفساد !

لا احد يريد الحجر على حرية زوجة الرئيس القادم، ولا وضعها قيد الاقامة الجبرية، ولا حرمانها من حقوقها كإنسانة ومواطنة مصرية، ولكن من الضروري ان تكون هناك حدود واضحة لنشاطها العام ، فقرينة الرئيس ليست مواطنة عادية، ومن الواجب ان يكون نشاطها العام في حدود الدستور حتى لا يؤثر على شئون الحكم وعملية صنع القرار.

بالتأكيد تستطيع زوجة الرئيس القادم ان تمارس دورا بروتوكوليا الى جانب الرئيس في المناسبات الهامة، ووفق القواعد المتعارف عليها، لكن لا يحق لها دستوريا القيام باي نشاط سياسي او اقتصادي أو اجتماعي، فقد صار معروفا لكل المصريين ان هذه الانشطة مجرد ابواب خلفية للاثراء غير المشروع.

لو ارادت زوجة رئيس مصر القادم ان تمارس السياسة أو البيزنس، فعليها ان تختار بين طموحها الشخصى وزواجها، فمصر بعد 25 يناير لن تقبل بوجود رئيس مواز على قمة السلطة حتى لو كان هذا الشخص هو زوجة الرئيس!

.,[m hgvzds hgrh]l