معركة حطين
عام 583 للهجرة
وقد جاوز السلطان ال 50 من عمره
لكنه بدا كشاب في البداية من العقد الرابع
معركة فاصلة
بين الإسلام والكفر
كان صلاح الدين
قتل بعض الأسرى الفرنجة
خاصة أقارب ومعارف رينوه دي شاتيو
وهاجم الفرنجة في غارات متفرقة
قبل المعركة
ليوهمهم أنه سيكتفي بذلك
أما الفرنجة فقد جعلوا
أرناط حاكم و أمير على الكرك
ورفعوا له شأنا عندهم
وزوجوه من أجمل نسائهم
جميلة الجميلات
وكما يقولون وافق شن طبقة
فقد كانت تعدله خبثا وجرما
وكان لصلاح الدين رسولا
اسمه عيسى العوام
اختلفوا في أمره
قالوا نصراني عربي وأسلم على يد صلاح الدين
وقالوا بل ظل نصرانيا
وقال البعض بل كان مسلما منذ البداية
وهذا الإختلاف
لأن صلاح الدين
كان محبوبا من نصارى العرب
كأي شخصية عظيمة محبوبة
وكان يحسن معاملة أهل الذمة
يعني نصارى مصر والشام(يسمون أنفسهم مسيحيين (
بصورة مبالغ فيها استنكرها عليه بعض الفقهاء
كما سيتضح
المهم استدرجهم لموقع المياه
وقام بتفريغ
صهاريج المياه
و إفساد كل الأبار
كل بئر يقابلهم في الطريق
و أحاط جنوده بمواقع المياه
مثل الإسورة على المعصم
أو قل مثل القسورة على الحمر المستنفرة
فأصابهم العطش البالغ
وجهد الطريق
وثقل الحديد الذي يحملونه
وقلة التكنولوجيا في الأسلحة
لكنهم كانوا في العدد
عددهم كبير جدا
والكثرة تغلب الشجاعة
إلا في حالة الأسد والقرود
لكنها تغلب الشجاعة
في حالة عنترة والجيش النعماني الغير عشوائي
يعني المنظم
المهم
ووضع صلاح الدين
أعلام صفراء بنسر
خفاقة
وموسيقى عسكرية
كان لا يسمع موسيقى قط
يستحرمها
ولاينصت إليها
إلا في الحرب
وقسم الجيش
لرأس وذراعين
ورجلين
وقلب
وكان هو في القلب
معه أقوى الجنود
بحيث همهم حماية ظهر السلطان
ولو تم هزيمة الجيش
فأولئك العشرة من القوات الخاصة
لا يمكن هزيمتهم
وجن عليهم الليل
وهم يراجعون الخطط
وتركهم صلاح الدين ليصلي القيام
فأخذ يدعو و أطال فترة الدعاء
والدمع ينزل
كالسيول كقطرات اللؤلؤ
ولما انتهى
وجد الجنود يضحكون على شيخ عجوز
يصلي وبالكاد يصلب طوله
فقالوا : كيف يقاتل
فقال صلاح الدين : اسكتوا
من هنا يأتي النصر
إن هذا الشيخ العجوز
إصبعه الذي يوحد به أحب إلى من ألف فارس منكم
وكان صلاح الدين
شديد المواظبة على صلاة الجماعة
لم يعلم عنه الصلاة في البيت
ولما جاء الصباح
استفز صلاح الدين
رينوه المغرور
ليعبر الممر
فأشار بخطورة ذلك ريموند الثاني صاحب أنطاكية
وكانت زوجته عشيقة أرناط
وكانت عرضت على صلاح الدين
أن يتزوجها و أن تتوب وتكون مطيعة له
فاعتذر بلطف
ليكسب ولاءها للمسلمين
فلما رفض
عرضت عليه المعلومات مقابل المال
فأغدق عليها الأموال
فتسربت كل معلومات الفرنجة وخططهم
فكانوا كالكتاب المفتوح


وبدأ الهجوم
فبدأ جنود صلاح الدين
يأتون بالماء المثلج ويغسلون به وجوههم
ويشربون للإغاظة
وكبر السلطان
الله أكبر
فبدت تلك الصيحة
كزئير أسد
ينذر قطيع الأغنام
قبل هجومه
وانطلق السلطان بعساكره العشرة
وكأنهم ألات صممت للقتال
وكأن الناصر محفوظ من الله
وكأنه يعلم ذلك عين اليقين
فكم من سهم لا يصيبه
وكم من سيف يخطئ طريقه
فيرتدع لبطن ماسكه دون السلطان
وكم من شظية تبتعد عن وجهه المكرم
كرم الله وجهه
وتحرك بخفة ورشاقة
وسرعة
لم تناسب عضلاته المفتولة
ولونه اللامع
والشمس ترسل أشعتها البيضاء
على عضلاته
فتزداد لمعانا
وعضلات جنوده
في تناسق غريب
في ممرات مفروشة بالرمل الناعم الأصفر
فيتألف من ذلك مزيج من اللونين
رفيق بالعين
يرتاح إلى رونقه الحالم البهيج
وهو يكر ولا يفر
ويغلب ولا يغلبه أحد
وصار حصانه كأنه مسرور بتلك الحركات
كأن تلك هي متعته ولذته وليس الطعام والنوم والجماع
وكأنه صار يحارب من خلاله
فيتحرك معه كأنهما جسما واحدا
وكأن حصانه كان يقول في نفسه
ترى أعنترة كان بتلك الشجاعة
جري وقفزات لمسافات هائلة
ونظرات الحصان جعلت الأحصنة المعادية تهابه
وتتجنب لقاءه
وكأن الحصان يدرك من على ظهره
وشعروا أن الملائكة نزلت لتحارب معهم
فكم من ملثم غريب يساعد المسلمين
وزاد زئير صلاح الدين
مقلدا طريقة أسد الدين
وهو يتراجع بصورة غير ملحوظة
ليفتح الباب
للأحداث والوعاظ
ليدخلوا ساحة القتال
ويكبر السلطان
الله أكبر
بدت كأنها تطلع من قلبه وليس من حلقه
صوت عال للغاية بلغة عربية
ذات لكنة كردية لطيفة
ومع كل تكبيرة
انسجام عجيب من صليل السيوف
وصوت الفرسان والأحصنة والجمال
والغبار
والطبول
بدت المعركة كأنها مرسومة بعناية من الخالق الجليل
وطارت الرؤوس
وتهشمت الجماجم
وسالت الدماء
وصلاح الدين يتحرك
كأنه واثقا من النصر
حتى خيل للفرنجة
أنهم قزما ضعيفا
يصارع عملاقا مفتول العضلات
لا تفتر له عزيمة
لا يكل ولا يمل
ولا يعرف كلمة اليأس
ملغية من قواميسه
فخارت معنوياتهم
ومما زادها انهزاما
أن وجدوا صلاح الدين
فتح الباب
في نهاية المعركة لما تيقن النصر
للمتطوعة
من نصارى العرب
ليشاركوه ذلكم الشرف
ولم يصدق أرناط نفسه
و هو يرى كتيبته محاطة بشباب من ديانته
يكيلون له السباب
ويشتمونه كأنه عدو دينهم
كاد الناصر أن يشفق عليه
ونزل عنترة زمانه الناصر من حصانه
ليستقبل ملوك الفرنجة
باسما
كتبسم الليث الذي ظفر بالأغنام
وقدم لهم الماء المثلج
ونبيذ العنب
الأحمر والكرز المثلج
الذي ينبذه ولا يشربه بعد ثلاث ليال
خوفا من تحوله إلى الإسكار
النبيذ الحلال
الذي ليس فيه كحول ولا غول فيها
شراب عذب لذيذ
عدا أرناط
قال صلاح الدين : لا تقدموا الماء لذلكم الكلب
فليس له تكريم عندي ولا أمان
فجبذ أرناط الماء
فقال صلاح الدين :
أيها الكلب أسلم تسلم
فقال أرناط : أنا رينو دي شاتيو
أسلم
و الله لو كان نبيك قالها لقتلته بيدي
بارزني يا صلاح الدين
فقال صلاح الدين بلهجة كفيلة بقتل الفرسان
من الرعب
أيها الكلب الفاجر
لا تحسبن أنك تموت بشرف الفرسان
الفرسان لا يقتلون الحجاج العزل وقد قتلت
ولا ينقضون العهود وقد نقضت
أنت مجرم ولست محاربا
واستل سيفه
ووضعه على عنق أرناط
لدقيقة بدت لأرناط كأنها سنة من العذاب
وصرخ الناصر مستجمعا غل السنين
الله أكبر
فطارت رأس أرناط أمتارا
وسط ذهول ورعب الملوك الفرنجة
وبدا صلاح الدين شخصا مختلفا طيب القلب
يتدارك ملامحه المرعبة
وبهدوء بالغ
قال للملوك :
لا تخافوا
سأحسن إليكم
أما ذلكم الفاجر فقد تعدى حدوده على نبينا الأعظم
أراد نبش قبره
ونقض كل العهود
وبالغ الناصر في تكريم سائر الأسرى
عصائر ومرطبات وماء مثلج
ولحوم غزال فاخرة للملوك و بالغ في تكريمهم
ولكن العجيب أن أمير القدس
امتنع عن تسليم القدس
فحاصرها السلطان
وكأنه بلسان الحال يقول
تفرغت لكم
و
اشتد الحصار
وفي المرة القادمة
نعرف كيفية تسليم القدس
وغدر أرملة
أرناط
اللعينة صاحبة الجمال الفظيع المسموم
ومعارك الناصر مع ريتشتارد
ليون هارت
أكمل لاحقا إن شاء الله