الناس منزلتان؛ فمنهم مؤمن، ومنهم ملحد، وثمة منزلة بين المنزلتين، وهي (اللا أدري)، وكلُّهم متفق على حقيقة، وهي: (لا شيء يأتي صدفة من العدم)، وكلهم بدأ بداية صحيحة، وهي: (التفكير في الكون والإنسان والحياة)؛ فمن قاده تفكيرُه إلى حدوث المادة آمن بموجدها بدهيا (لكل مصنوع صانع)، ومن قاده تفكيرُه إلى سرمدية المادة وأزليتها ألحد؛ لأنَّ الدليل على وجود الصانع مفقود.

ونحن قبل الولوج في إيجاد المفاهيم الصادقة عن الكون والإنسان والحياة، لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ إدراك شيء ما يكون بأحد أمرين: إمَّا بإدراك ذاته، وإمَّا بإدراك أثره؛ فمثلا، يقول أحدهم: هناك من سار في هذه الطريق اللية، فيقال له: كيف عرفت ذلك: هل رأيته؟ هل سمعته؟ هل أخبرك بذلك أحد؟ فيقول: لا، ولكني رأيت أثر سيره فاهتديت إلى مسيره، وإلى وقت سيره.

إذن، إن قادنا تفكيرُنا إلى حدوث المادة؛ فالكون والإنسان والحياة دليل خريت، وحجة دامغة، وسلطان مبين يقودنا إلى الإيمان بخالق له، وهذا الإيمان ليس عن طريق إدراك ذاته، بل هو إدراك لوجوده بإدراكنا لأثره فيما يقع عليه حسُّنا، وهو الكون والإنسان والحياة، وهنا يحضرني قول ذاك الأعرابي: الأثر يدل على المسير، والبَعْرَة تدل على البعير، فسماء ذات أبراجٍ، وأرض ٌ ذات فجاج، وبحارٌ ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟! بلى.

jtkd] Ygph] ,gd] hgpsdkd