و قد وجدت ردا جميلا للأخ الكريم أبو تراب-جزاه الله خير الجزاء فى الدنيا و الآخرة- عن الحديث:
و أما السؤال عن كيف تذهب الشمس للسجود تحت العرش فتقول بعون الله:
إن هذا الحديث صح الصادق المصدوق (صلى الله عليه و سلم) و لكنه على سبيل التمثيل و هذه الأساليب التعبيرية مستفيضة مستساغة فى لغة العرب، و إنما يستشكل هذا من لم يتذوق لغة العرب و مالهم من الإفتتان فى الأساليب و طرق البيان، و نحن بلاشك نجزم بأن الشمس تسجد حقيقة و تخاطب ربها لكن كل هذا لا يُعلم كيفه كقوله تعالى ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَسْجُد لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم وَالْجِبَال وَالشَّجَر وَالدَّوَابّ وَكَثِير مِنْ النَّاس)) و جميعنا يشهد الشجر و الدواب و الشمس و القمر و لا نعلم كيف يكون سجودهم ولا مخاطبتهم لربهم سبحانه فكل منهم قد علم صلاته و تسبيحه ، فلا يجب أن نتكلف التشبيه و التصويرالنمطى فى كل شىء و إلا فكيف نفهم قوله عليه الصلاة و السلام عن الرجل الذى نام عن الصلاة ((هذا رجل بال الشيطان فى أذنيه)) هل يحمل اللفظ على المعنى المدرك المشاهد؟ بالطبع لا فهذه مسائل تمثيلية تقع حقيقة ولكن ليس بالصفة التى تنطبق علينا
و قد قال العلماء عن هذا الحديث المبارك أن السجود قد يكون متكرراً فى كل لحظة كلما غربت الشمس عن جزء من أرض الله،
و قال البعض أن السجود يكون بعد الغروب عن الأرض التى كان بها رسول الله تحديداً و هى جزيرة العرب أرض البعثة حيث أول بيت وضع للناس و أخر بيت، بيت الله الحرام و مركز الحج و قبلة الإسلام.
و يدل على ذلك أن الشمس إن كانت تذهب لتسجد تحت العرش كما يشبه العقل البشرى فهل يعنى ذلك أنها لا تكون تحت العرش قبل الذهاب؟
الإجابة لا لأن الأحاديث صحت بأن العرش هو أكبر المخلوقات و سقفها كلها و هى بجانبه كحلقة فى فناء
و لو قيل أنها إذا غربت تكون أقرب للعرش فهذا ينافى معتقد من قال بثبوت الأرض إذ أن أقرب لحظة للشمس من العرش حينها ستكون و هى فى الفلك الرابع فى كبد السماء لا حين تغرب
اما إذنه تعالى لها بالعودة من حيث أتت فهذا لأن الشمس و إن كانت لا تغرب بذاتها فهى التى تسبب الغروب بتأثير جاذبيتها على حركة الأرض فالأرض تدور بسبب تأثير جاذبية الشمس عليها ، لذا فالفعل للشمس و الأثر على الأرض
و من جهة أخرى فإن الأمر يتحقق تطابقاً او التزاماً، فحين يامر الاب ابنه بشراء منتج معين فهذا يتضمن طلباً للبائع أن يبيعه اياه . و حين يطلب شخص من أخرأن يناوله الكتاب الذى فى يد فلان ، فهذا طلب ضمنى لهذا الفلان بتسليم هذا الكتاب..إلخ،
كذا فإن الإذن للشمس بالشروق يتضمن إذناً لكل المخلوقات بالسير فى ناموسها المقدر لأن كل شىء مسير بإذنه ولا تُرفع قدم عن قدم إلا بإذن الله تعالى ، و هذا الكون و إن كان الله تعالى قد وضع له نواميسه المسببة إلا أنه مسبب الأسباب و مقدر المقادير سبحانه ،و حسبك أن تقرأ الحديث باللفظ الصحيح الوارد فى مسند الإمام أحمد قال : {حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ كُنْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد حِين غَرَبَتْ الشَّمْس فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَبَا ذَرّ أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَب الشَّمْس ؟ " قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد بَيْن يَدَيْ رَبّهَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَسْتَأْذِن فِي الرُّجُوع فَيُؤْذَن لَهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا اِرْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَرْجِع إِلَى مَطْلِعهَا ...الحديث} فكلمة كأن يتجلى فيها المعنى التمثيلى
المفضلات