2. طور المضغة :

يكون الجنين في اليومين 23-24 في نهاية مرحلة العلقة انظر (الشكل 3-6)



ثم يتحول إلى مرحلة المضغة في اليومين 25-26 ويكون هذا التحول سريعاً جداً، ويبدأ الجنين خلال آخر يوم أو يومين من مرحلة العلقة إتخاذ بعض خصائص المضغة، فتأخذ الفلقات (Somites) في الظهور لتصبح معلماً بارزاً لهذا الطور.انظر على سبيل المثال (الشكل 3-7)



ويصف القرآن الكريم هذا التحول السريع للجنين من طور العلقة إلى طور المضغة باستخدام حرف العطف (ف) الذي يفيد التتابع السريع للأحداث انظر الجدول (3-1).



معنى كلمة مضغة:

المضغة في اللغة تأتي بمعان متعددة منها:

(شيء لاكته الأسنان).

وفي قولك (مضغ الأمور) يعني صغارها.

وذكر عدد من المفسرين أن المضغة في حجم ما يمكن مضغه
وعند اختيار مصطلحات لمراحل نمو الجنين، ينبغي أن يرتبط المصطلح بالشكل الخارجي، والتركيبات الداخلية الأساسية للجنين، وبناء على هذا فإن إطلاق اسم مضغة على هذا الطور من أطوار الجنين يأتي محققاً للمعاني اللغوية للفظها: مضغة.

كا أوضح علم الأجنة الحديث مدى الدقة في اختيار تسمية "مضغة" بهذا المعنى، إذ وجد أنه بعد تخلق الجنين والمشيمة في هذه المرحلة يتلقى الجنين غذاءه وطاقته، وتتزايد بذلك عملية النمو بسرعة، ويبدأ ظهور الكتل البدنية المسماة فلقات التي تتكون منها العظام والعضلات.

ونظراً للعددي من الفلقات (الكتل البدنية) التي تتكون فإن الجنين يبدو وكأنه مادة ممضوغة عليها طبعات أسنان واضحة فهو مضغة.

ويمكن إدراك تطابق مصطلح "مضغة" لوصف العمليات الجارية في هذا الطور في النقاط التالية:

1 . ظهور الفلقات التي تعطي مظهراً يشبه مظهر طبع الأسنان في المادة الممضوغة، وتبدو وأنها تتغير باستمرار مثلما تتغير آثار طبع الأسنان في شكل مادة تمضغ حين لوكاه- وذلك للتغير السريع في شكل الجنين – ولكن آثار الطبع أو المضغ تستمر ملازمة. فالجنين يتغير شكله الكلي، ولكن التركيبات المتكونة من الفلقات تبقى… وكما أن المادة التي تلوكها الأسنان يحدث بها تغضن وانتفاخات وتثنيات فإن ذلك يحدث للجنين تماماً انظر (شكل3-8)



2 . تتغير أوضاع الجنين نتيجة تحولات في مركز ثقله مع تكون أنسجة جديدة، ويشبه ذلك تغير وضع وشكل المادة حينما تلوكها الأسنان.

3 . وكما تستدير المادة الممضوغة قبل أن تبلع، فإن ظهر الجنين ينحني ويصبح مقوساً شبه مستدير مثل حرف (C) بالإنجليزية.

4 . ويكون طول الجنين حوالي (1) سم في نهاية هذه المرحلة، وذلك مطابق للوجه الثاني من معاني كلمة مضغة وهو (الشيء الصغير من المادة) وهذا المعنى ينطبق على حجم الجنين الصغير. لأن جميع أجهزة الإنسان تتخلق في مرحلة المضغة ولكن في صورة برعم.

وأما المعنى الثالث الذي ذكره بعض المفسرين للمضغة (في حجم ما يمكن مضغه) فإنه ينطبق ثانية على حجم الجنين، ففي نهاية هذا الطور يكون طول الجنين(1) سم، وهذا تقريباً أصغر حجم لمادة يمكن أن تلوكها الأسنان.

وأما طور العلقة السابق فقد كان الحجم صغيراً لا يتيسر مضغه إذ يبغل (3.5) مم طولاً، وينتهي طور المضغة بنهاية الأسبوع السادس.

ولا تتمايز الفلقات في البداية، ولكنها سرعان ما تتمايز إلى خلايا تتطور إلى أعضاء مختلفة، وبعض هذه الأعضاء والأجهزة تتكون في مرحلة المضغة، والبعض الآخر في مراحل لاحقة.

وإلى هذا المعنى تشير الآية القرآنية الكريمة:
﴿...ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ...﴾ [الحج:5] .
ويحدد القرآن الكريم أن العظام تبدأ بعد مرحلة المضغة ثم تكسي العظام بالعضلات. وهذا ما يقرره علم الأجنة الحديث.

الخلاصة:

يبدأ طور العلقة بتعلق الجنين بالمشيمة، ويأخذ في تعلقه واستطالته شكل العلقة.

وينتهي هذا الطور بالنمو السريع لخلايا الجنين في عدة اتجاهات، وتبدأ العلقة في أخذ شكل المضغة الذي ينتهي بدوره بانتشار الهيكل العظمي في أوائل الأسبوع السابع.

وهكذا نجد أمامنا مراحل محددة البداية والنهاية، وأسماء معبرة عن الشكل، وأهم الأحداث، وحروف عطف مناسبة تشير إلى الفوارق الزمنية في التحول.

ومعرفة هذه الحقائق إلى القرنين الأخيرين كان مستحيلاً فضلاً عن 1400عام.

وإذا تأمل الإنسان الأطوار السابقة يجد أن مراحلها قصيرة جداً ولا يمكن الحصول على الأجنة خلالها سليمة إلا بوسائل علمية دقيقة كان من المستحيل تيسرها في وقت نزول القرآن الكريم، وما كان يخرج منها في حالات الإجهاض على هيئة سقط مبكر يخرج في كمية من الدماء، وقد تمزق إلى أجزءا دقيقة لا تعطي مظهراً يمكن دراسته فضلاً على أن تلك الأجيال لم يكن في إمكانها أن تعلم أن هذه الدماء تحمل سقطاً من جنين، لأن معرفة حدوث الحمل لم تكن حتى عهد قريب متحققة في الأسابيع الأولى التي تحدث فيها هذه الأطوار للجنين.

وهكذا تعتبر هذه الأوصاف القرآنية دلالات واضحة على أن هذه الحقائق العلمية جاءت للرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الله سبحانه وتعالى.