فالهاء في صورته وطوله وخلقه عائدة كلها على آدم .. فتأمل
ومعناها أن الله خلقه على هيئته الكاملة بطول ستين ذراعاً ولم يُخلق من تطور خلقي كحالنا .
وحتى لا يساوينا أحد بالمُعطلة نقول لو ثبتت زيادة " على صورة الرحمن " في الروايات الأخرى فنحن نقول بها وإثباتاً كما وردت بغير تشبيه أو تكييف أو تعطيل ..
وإثبات ضعف " على صورة الرحمن " يُرجع إليه في السلسة الضعيفة للشيخ الألباني رحمه الله الحديث رقم (1176)
وهذا عقد مما قال :
قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة :
وقد يقال : إن الحديث يقوى بما رواه ابن لهيعة بسنده عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
" إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه فإنما صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن " .
قلت : قد كان يمكن ذلك لولا أن الحديث بهذا اللفظ منكر كما سبق بيانه آنفا، فلا يصح حينئذ أن يكون شاهدا لهذا الحديث.
ومنه تعلم ما في قول الحافظ في " الفتح " بعد أن نقل قول القرطبي :
" أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه إن الله خلق آدم على صورة الرحمن، قال : وكأن من رواه [ رواه ] بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في ذلك، وقد أنكر المازري ومن تبعه صحة هذه الزيادة، ثم قال : وعلى تقدير صحتها فيجمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى "
فقال الحافظ :
" قلت : الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في " السنة " والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله ثقات، وأخرجها ابن أبي عاصم أيضا من طريق أبي يونس عن أبي هريرة بلفظ يرد التأويل الأول، قال : " من قاتل فليتجنب الوجه فلأن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن ". فتعين إجراء ما في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه، أومن تأويله على ما يليق بالرحمن جل جلاله ".
قلت : والتأويل طريقة الخلف، وإمراره كما جاء طريقة السلف، وهو المذهب، ولكن ذلك موقوف على صحة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد علمت أنه لا يصح كما بينا لك آنفا، وإن كان الحافظ قد نقل عقب كلامه السابق تصحيحه عن بعض الأئمة، فقال :
" وقال حرب الكرماني في " كتاب السنة " : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقال إسحاق الكوسج : سمعت أحمد يقول : هو حديث صحيح ".
قلت : إن كانوا يريدون صحة الحديث من الطريقين السابقين فذلك غير ظاهر لنا ومعنا تصريح الإمام ابن خزيمة بتضعيفه وهو علم في الحديث والتمسك بالسنة والتسليم بما ثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا أيضا ابن قتيبة حيث عقد فصلا خاصا في كتابه " مختلف الحديث " ( ص 275 - 280 ) حول هذا الحديث وتأويله قال فيه :
" فإن صحت رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تأويل ولا تنازع ".
وإن كانوا وقفوا للحديث على غير الطريقين المذكورين، فالأمر متوقف على الوقوف على ذلك والنظر في رجالها، نقول هذا لأن التقليد في دين الله لا يجوز، ولا سيما في مثل هذا الأمر الغيبي، مع اختلاف أقوال الأئمة في حديثه، وأنا أستبعد جدا أن يكون للحديث غير هذين الطريقين، لأن الحافظ لم يذكر غيرهما، ومن أوسع اطلاعا منه على السنة ؟ نعم له طرق أخرى بدون زيادة " الرحمن " فانظر
: " إذا ضرب أحدكم.. " و" إذا قاتل أحدكم... " في " صحيح الجامع " ( 687
و716 ) وغيره.
وخلاصة القول : إن الحديث ضعيف بلفظيه وطريقيه، وأنه إلى ذلك مخالف للأحاديث الصحيحة بألفاظ متقاربة، منها قوله صلى الله عليه وسلم :
" خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا ". أخرجه الشيخان وغيرهما " الصحيحة 450 ". انتهى كلام الشيخ رحمه الله
فالحذر لازم في هذه المسألة لا سيما وبعض عرض كلام الشيخ الألباني رحمه الله وهذا التحقيق الذي يغشاه نور اتُهم بأنه جهمي ومعطل وخطورة المسألة في إثبات الشيخين ابن باز والعثيمين للرواية فلكلامهما قبول ولكن الحق أحقُ أن يتبع .
والله أعلى وأعلم ..
المفضلات