في شبهة بخصوص عقاب الله لإبليس والأمر بالسجود لم يكن موجه له أصلاً بإعتبار الأمر كان للملائكة وإبليس من الجن فلِم يعاقبه على شئ لم يأمره به ؟

والرد إن أقرب الأقوال في رأيي للصحة هو ماذهب إليه الإمام بن كثير وهو أن إبليس من مكثه مع الملائكة تشبّه بهم رغم أنه ليس منهم ولكن لتشبهه بهم صار الأمر موجها له .

قال بن كثير:-

(( والغرض أن الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم، دخل إبليس في خطابهم؛ لأنه وإن لم يكن من عنصرهم إلا أنه كان قد تشبه بهم، وتوسم بأفعالهم، فلهذا دخل في الخطاب لهم، وذم في مخالفة الأمر )) ج 1 ص 230

وقال :-

(( { فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ } أي: خانه أصله؛ فإنه خلق من مارج من نار، وأصل خلق الملائكة من نور، كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "خُلِقت الملائكة من نور، وخُلق إبليس من مارج من نار، خُلق آدم مما وصف لكم" . فعند الحاجة نضح كل وعاء بما فيه، وخانه الطبع عند الحاجة، وذلك أنه كان قد تَوَسَّم بأفعال الملائكة وتشبه بهم، وتعبد وتنسك، فلهذا دخل في خطابهم، وعصى بالمخالفة . )) ج 5 ص 167



قال الحسن البصري :-

(( ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قَط، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم، عليه السلام، أصل البشر)) الطبري ( 15 /170 )

وقال بن كثير عن الروايات التي تقول أن إبليس من حي من أحياء الملائكة وأنه من أشرافهم وكان خازن الجنة

(( وقد رُوي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها. ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غُنْيَةٌ عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وضع فيها أشياء كثيرة، وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذين يَنْفُون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، كما لهذه [الأمة من] الأئمة والعلماء، والسادة الأتقياء والأبرار والنجباء من الجهابذة النقاد، والحفاظ الجياد، الذين دونوا الحديث وحرروه، وبينوا صحيحه من حسنه، من ضعيفه، من منكره وموضوعه، ومتروكه ومكذوبه، وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين، وغير ذلك من أصناف الرجال، كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي، خاتم الرسل، وسيد البشر [عليه أفضل التحيات والصلوات والتسليمات]، أن ينسب إليه كذب، أو يحدث عنه بما ليس [منه] ، فرضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنات الفردوس مأواهم، وقد فعل. )) ج 5 ص 168-169

وقال الإمام بن جبرين :-

(( ثم رتب على قوله:
مِنَ الْجِنِّ بالفاء فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ فدل ... أن علة فسقه عن ربه كونه من أصل الجن، لا من أصل الملائكة. هذا أظهر شيء في محل النزاع. ))



وأضيف هذه الفتوى لمن أراد الإستزادة :-

http://www.islam-qa.com/ar/ref/8976