كتبها
أبو الهيثم محمد درويش
لا شك أن خطى اليهود نحو بناء هيكلهم مسرعة, وكأنما يستعجلون زوالهم المحتوم الذي لا يشكون فيه, بل هم يؤمنون بحتمية زوالهم ربما أكثر من بعض المسلمين وبالرغم من ذلك يصرون على التجبر والتكبر والكفر والطغيان, يهدمون المساجد ويرهبون العُـبّاد في خلواتهم, يقتلون الأم والجنين, ويسفكون الدم الطاهر كل وقت وحين, حتى أضحى الأبرياء من المؤمنين, بين جريح وقتيل وأرملة ويتيم وسجين.
تمسك اليهود كعهدهم بحبل الناس, فمهما طال بهم انقطع وإن بزغ نجمه وسطع, وإن زادت قوته ورتع, فلابد من حبل الناس أن ينقطع ويبقى حبل الله المتين وصراطه المستقيم وطريقه القويم, سبيل المرسلين واتباعهم من المؤمنين.
صب اليهود على أبرياء المؤمنين الرصاص صباً فأذابوا العظام تحت الجلود, وتحالفوا مع من تحالفوا فوضعوا السدود, شددوا الحصار وخنقوا الأمصار, وأشعلوا العداوة والبغضاء بين الإخوة في الأقطار, نشروا الفساد, وأفشوا الخنا والزنا في العباد, عن طريق آلتهم الإعلامية الضخمة التي التفت حول الأرض مثل الأفعى تغير من توجهات العباد وسولكياتهم بما يخدم يهود ومطامع إسرائيل, فلعنة الله على كل خائن, ونسأل الله الهداية لكل جاهل مغبون مستغفل.
ما من بقعة على الأرض فيها دم مسفوك أو فتنة طاعنة إلا ولليهود فيها سهم ضارب, عثوا في الأرض فساداً حتى اشتكى الإنس والجن والجماد والطير والحيوان من نجاستهم وغلهم وحقدهم على العباد.
إن إصرار اليهود على تخريب المسجد الأقصى بعمل الأنفاق من تحته لهدم أركانه, ثم بناءهم لكنيس الخراب ووضعهم حجر الأساس لهيكلهم المزعوم, هو سقف تطلعاتهم, ولكن الله غالب على أمره؛ فكنيسة الخراب هذه إن شاء الله هي بداية الخراب الفعلي لدولة اليهود النجسة, وسبحان من جعل تسميتهم لكنيسهم مطابق مع رؤى دنيال في أسفارهم وذكره لنهاية إسرائيل (رجسة الخراب) والتي سنفصل في ذكر ما ورد فيها
فرجسة الخراب إسرائيل كما هو ثابت في كتبهم وفي رؤى أنبيائهم نهايتها قد اقتربت بل لعل مسمى كنيس الخراب بهذا الاسم المطابق لما في التوراة أدل بيان على اقتراب الوعد الحق ونهاية إخوان القردة والخنازير وفيما يلي نقل لما يؤيد هذه المعاني:
وصف رجسة الخراب:
يسرد العلامة سفر الحوالي في كتابه يوم الغضب وصف رجسة الخراب من نبوءات دانيال في كتابهم المقدس وإليك طرفاً منها : ( أرجو من القارئ أن يميز بين رجسة الخراب وبين معاونها القوي الذي يوصف دائما بأنه يكسر بغير يد, وسيأتي في النهاية بيان إهلاكه بالريح العاتية إن شاء الله).
ومن واحدٍ منها خرج قرن صغير وعظم جداً نحو الجنوب ونحو الشرق ونحو فخر الأراضي، وتعظم حتى إلى جند السماوات وطرح بعضاً من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم، وحتى إلى رئيس الجند تعظم، وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن (بيت) مَقْدِسِه وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح'.
قال دانيال: 'فسمعت قدوساً واحداً يتكلم، فقال قدوس واحد لفلانٍ المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين؟ فقال لي: إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء. فيتبرأ القدس'.
وفي الطبعة الكاثوليكية: 'إلى ألفين وثلاث مئة مساء وصباح ثم تُرد إلى القدس حقوقه'.
وهكذا طلب دانيال من المَلَك أن يعبر الرؤيا، فخاطبه قائلاً: 'يا ابن آدم إن الرؤيا لوقت المنتهى... هأنذا أعرفك ما يكون في آخر السخط؛ لأن الرؤيا لميعاد الانتهاء، أما الكبش الذي رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس، والتيس العافي مُلْك اليونان، والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول، وإذا انكسر وقام أربعة عوضاً عنه، فستقوم أربع ممالك من الأمة ليس في قوته،[18] وفي آخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل، وتعظم قوته ولكن ليس بقوته، يهلك عجباً وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين، وبحذاقته ينجح -أيضاً- المكر في يده، ويتعظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر، فرؤيا المساء والصباح التي قيلت هي حق، أما أنت فاكتم الرؤيا لأنها إلى أيامٍ كثيرة'.
ويختم الحديث عن تلك الأحداث بقيام الساعة وبعث الأموات ويوصي دانيال قائلاً: 'أما أنت يا دانيال، فأخفِ الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية'.
وعندها يقول دانيال: 'وأنا سمعت وما فهمت، فقلت: يا سيدي! ما هي آخر هذه؟ فقال: اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة إلى وقت النهاية... من وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرِّب (وفي ترجمة أخرى: شناعة الخراب) ألف ومائتان وتسعون يوماً، طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى الألف والثلاث مئة والخمسة والثلاثين يوماً، أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح...'.
وانتهى السفر واستراح دانيال ولاسيما وقد اطمأن إلى أن القدس ستعود لـه حقوقه بعد 45 سنة!!
يتبع...
المفضلات