لقد أسهم الأستاذ محب الدين الخطيب وأثرى المكتبة الإسلامية بمؤلفات وتحقيقات وتعليقات قيمة، مثل تحقيقاته وتعليقاته على كتاب "العواصم من القواصم" لأبي بكر العربي، وكتاب "مختصر التحفة الإثنى عشرية" لولي الله الدهلولي، وكتاب "المنتقى" للحافظ الذهبي، وكتاب "الخطوط العريضة"، وكتاب "الرعيل الأول"، وكتاب "تقويمنا الشمسي"، وكتاب "قصر الزهراء بالأندلس"، وكتاب "الأزهر مضيه وحاضره والحاجة إلى إصلاحه"، وكتاب "اتجاهات الموجات البشرية في جزيرة العرب"، فضلا عن ترجماته لكتاب "مذكرات غليوم الثاني"، وكتاب "قميص من نار" للكاتبة التركية خالدة أديب، وكتاب "الدولة والجماعة" للمفكر التركي أحمد شعيب، وكتاب "الغارة على العالمة الإسلامي" للكاتب الفرنسي لوشاتليه، وغيرها من الكتب المؤلفة أو المحققة أو المترجمة، وكلها تدل على مدى الفهم العميق، والفقه الدقيق، والبصر الثاقب.
من أقواله :
قال الأستاذ الخطيب في افتتاحية مجلة "الأزهر" عدد شهر جمادي الأولى 1374هـ - 1954م : (العلم عالمي لا تختص به امة دون امة.. ولا تحتكره قارة من قارات الأرض فيكون غيرها عالة عليها فيه، إنه مشاع كالهواء الذي نتنفسه، وكالبحار التي تحيط باليابسة، لأنه مجموعة الحقائق التي توصل إليها العقل البشري في مراحل تفكيره وتجاربه وملاحظاته المتسلسلة بتسلسل الزمن. فجدول الضرب من المعارف الإنسانية العريقة في القدم وسيبقى حاجة من الحاجات الأولية لطلاب علم الحساب في كل وطن، ولولا ما كان معروفاً قبل المسلمين من علم الحساب ما توصلوا إلى إتحاف الإنسانية بالحقائق الأولية من قواعد علم الجبر والمقابلة، ولولا علم الجبر والمقابلة الذي توصل علماؤنا إليه من مئات السنين لما تقدمت في العصور الأخيرة علوم الرياضيات التي وصلت بها الأعمال الهندسية إلى غايتها، ولا غضاضة على امة تطلب العلم بها من حيث تجده.
وكذلك الطب وعلوم الطبيعة، لأن العلم واحد في كل امة، وهو سبيل القوة في الحرب والإسلام ولا بد من توصيله).
ومن أقواله أيضا : (علينا أن نأخذ من كل مكان ما نحن في حاجة إليه من أسباب العزة والقوة، وأن نحتفظ بكل ما في كياننا الوطني والديني مما لا يعد من عوامل الذل وبواعث الوهن. وكل ما كان نستعيره من الأمم الأخرى محدوداً لا يتجاوز منفعته المؤكدة فإن ذلك أحرى ألا نذوب في غيرنا ونخرج من أنفسنا، فنحن نطلب من التجديد ما ننظم به حياتنا، وما نستغني به مصنوعات الأمم الأخرى بما ننتجه بأيدينا نحن).
وفاته :
وقد انتقل إلى رحمة الله عام 1389هـ - 1969م، ودفن بمصر.
رحم الله أستاذنا العلامة محب الدين الخطيب، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين، خير ما يجزي عباده الصالحين، ونفع الله بذريته قصي محب الدين الخطيب وإخوانه.
المبشرات بانتصار الإسلام :
كل داعية للإسلام يجب أن يكون واثقاً بوعد الله تعالى، مستبشراً بمستقبل رسالته الخاتمة ودعوته الخالدة، رافضاً اليأس الذي هو من لوازم الكفر، والقنوط الذي هو من مظاهر الضلال.
وهكذا وجدت إمامنا الشهيد حسن البنا، لم تنطفئ شعلة الأمل في صدره في اشد الأوقات حرجاً, وكم دبج في ذلك المقالات التي تحيي الأمل، وتبعث الرجاء، وكم كرر في رسائله : أن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد. وكتب الشهيد سيد قطب كتابه (المستقبل لهذا الدين), وهكذا كل الدعاة الأصلاء.
فنستبشر خيراً، ولنأمل خيراً : "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون" النمل:93.
(د. يوسف القرضاوي – من كتاب "المبشرات بانتصار الإسلام") .
من كتاب من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة – المستشار : عبد الله العقيل
المفضلات