هذا هو تفسير أبن كثير و القرطبى , أين أحل القبلة و اللمسة و الزنية الاولى و السرقة و شرب الخمر , أين أحلها يا جاهل :-

نص تفسير أبن كثير

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

" الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى " النجم - 32

يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض، وأنه الغني عما سواه، الحاكم في خلقه بالعدل، وخلق الخلق بالحق، { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } أي: يجازي كلا بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
ثم فسر المحسنين بأنهم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، أي: لا يتعاطون المحرمات والكبائر، وإن وقع منهم بعض الصغائر فإنه يغفر لهم ويستر عليهم، كما قال في الآية الأخرى: { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا } [النساء: 31]. وقال هاهنا: { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ } . وهذا استثناء منقطع؛ لأن اللمم من صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال.
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر (1) عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمَم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فَزِنَا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تَمنَّى وتَشْتَهِي، والفرج يُصدِّق ذلك أو يُكَذِّبه".
أخرجاه في الصحيحين، من حديث عبد الرزاق، به (2) .
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن (3) ثور حدثنا مَعْمَر، عن الأعمش، عن أبي الضُّحَى؛ أن ابن مسعود قال: "زنا العينين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، ويُصدّق ذلك الفرج أو يُكَذِّبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا، وإلا فهو اللَّمَم" (4) . وكذا قال مسروق، والشعبي.
وقال عبد الرحمن بن نافع -الذي يقال له: ابن لبابة الطائفي-قال: سألت أبا هريرة عن قول الله: { إِلا اللَّمَمَ } قال: القُبلة، والغمزة، والنظرة، والمباشرة، فإذا مس الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل، وهو الزنا.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { إِلا اللَّمَمَ } إلا ما سلف. وكذا قال زيد بن أسلم.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد أنه قال: في هذه الآية: { إِلا اللَّمَمَ } قال: الذي يلم بالذنب ثم يَدَعه، قال الشاعر:
إنْ تَغْفِر اللهُمّ تغفر جَمّا ... وَأيّ عَبْد لَكَ مَا أَلَمَّا?! ...
__________

(1) في م: "معمر بن أرطأة" وزيادة "ابن أرطأة" خطأ. انظر: تعليق أحمد شاكر على المسند على المسند حديث رقم (7705).
(2) المسند (2/276) وصحيح البخاري برقم (6612) وصحيح مسلم برقم (2657).
(3) في أ: "أبو".


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

نص تفسير القرطبى :-

النظر وزنى اليدين البطش وزنى الرجلين المشي وإنما يصدق ذلك أو يكذبه الفرج فإن تقدم كان زنى وإن تأخر كان لمما وفي صحيح البخاري و مسلم عن ابن عباس قال : ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما [ قال أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة فزنى العينين النظر وزنى اللسان النطق والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ] والمعنى : أن الفاحشة العظيمة والزنى التام الموجب للحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة هو في الفرج وغيره له حظ من الإثم والله أعلم وفي رواية أبي صالح [ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه ] خرجه مسلم وقد ذكر الثعلبي حديث طاووس عن ابن عباس فذكر فيه الأذن واليد والرجل وزاد فيه بعد العينين واللسان : وزنى الشفتين القبلة فهذا قول : وقال ابن عباس أيضا هو الرجل يلم بذنب ثم يتوب قال ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول :
إن يغفر الله يغفر جما وأي عبد لك لا ألما
رواه عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال النحاس هذا أصح ما قيل فيه وأجلها إسنادا وروى شعبة عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في قول الله عز وجل { إلا اللمم } قال هو أن يلم العبد بالذنب ثم لا يعاوده قال الشاعر :
( إن تغفر اللهم تغفر جما ... وأي عبد لك لا ألما )
وكذا قال مجاهد و الحسن هو الذي يأتي الذنب ثم لا يعاوده ونحوه عن الزهري قال : اللمم أن يزني ثم يتوب فلا يعود وأن يسرق أو يشرب الخمر ثم يتوب فلا يعود ودليل هذا التأويل قوله تعالى { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم } الآية ثم قال : { أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم } فضمن لهم المغفرة كما قال عقيب اللمم { إن ربك واسع المغفرة } فعلى هذا التأويل يكون { إلا اللمم } استثناء متصل قال عبد الله بن عمرو بن العاص : اللهم ما دون الشرك وقيل : اللمم الذنب بين الحدين وهو ما لم يأت عليه حد في الدنيا ولا توعد عليه بعذاب في الآخرة تكفره الصلوات الخمس قاله ابن زيد و عكرمة و الضحاك و قتادة ورواه العوفي و الحكم بن عتيبة عن ابن عباس وقال الكلبي اللمم على وجهين : كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا في الدنيا ولا عذابا في الآخرة فلذلك الذي تكفره الصلوات الخمس ما لم يبلغ الكبائر والفواحش والوجه الآخر هو الذنب العظيم يلم به الإنسان المرة بعد المرة فيتوب منه وعن ابن عباس أيضا وأبي هريرة وزيد بن ثابت : هو ما سلف في الجاهلية فلا يؤاخذهم به وذلك أن المشركين قالوا للمسلمين : إنما كنتم بالأمس تعملون معنا فنزلت وقاله زيد بن أسلم وابنه وهو كقوله تعالى : { وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف } وقيل : اللمم هو أن يأتي بذنب لم يكن له بعادة قاله نفطويه قال والعرب تقول ما يأتينا إلا لماما أي في الحين بعد الحين قال : ولا يكون أن يلم ولا يفعل لأن العرب لا تقول ألم بنا إلا إذا فعل الإنسان لا إذا هم ولم يفعله وفي الصحاح : وألم الرجل من اللمم وه وصغائر الذنوب ويقال : هو مقاربة المعصية من غير مواقعة وأنشد غير الجوهري :
( بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب ... وقل إن تملينا فما ملك القلب )
أي اقرب وقال عطاء بن أبي رباح اللمم عادة النفس الحين بعد الحين وقال سعيد بن المسيب هو ما ألم على القلب أي خطر وقال محمد بن الحنفية كل ما هممت به من خير أو شر فهو لمم ودليل هذا التأويل [ قوله عليه السلام : إن للشيطان لمة وللملك لمة ] الحديث وقد مضى في البقرة عند قوله تعالى { الشيطان يعدكم الفقر } وقال أبو إسحاق الزجاج أصل اللمم والإلمام ما يعمله الإنسان المرة بعد المرة ولا يتعمق في ولا يقيم عليه يقال : ألممت به إذا زرته وانصرفت عنه ويقال ما فعلته إلا لمما وإلماما أي الحين بعد الحين وإنما زيارتك إلمام ومنه إلمام الخيال قال الأعشى :
( ألم خيال من قتيلة بعدما ... وهى حبلها من حبلنا فتصرما )
وقيل إلا بمعنى الواو وأنكر هذا الفراء وقال : المعنى إلا المتقارب من صغار الذنوب وقيل اللمم النظرة التي تكون فجأة
قلت : هذا فيه بعد إذ هو معفو عنه ابتداء غير مؤاخذ به لأنه يقع من غير قصد واختيار وقد مضى في النور بيانه واللمم أيضا طرف من الجنون ورجل ملموم أي به لمم ويقال أيضا أصابت فلان لمة من الجن وهي المس والشيء القليل قال الشاعر
( فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن ... إلا كلمة حالم بخيال )
الثالثة : قوله تعالى { إن ربك واسع المغفرة } لمن تاب من ذنبه واستغفر قاله ابن عباس وقال أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل وكان من أفاضل أصحاب ابن مسعود رأيت في المنام كأني دخلت الجنة فإذا قباب مضروبة فقلت لمن هذه فقالوا لذي الكلاع وحوشب وكانا ممن قتل بعضهم بعضا فقلت وكيف ذلك ؟ فقالوا إنهما لقيا الله فوجداه واسع المغفرة فقال أبو خالد : بلغني أن ذا الكلاع أعتق اثني عشر ألف بنت
قوله تعالى { هو أعلم بكم } من أنفسكم { إذ أنشأكم من الأرض } يعني أباكم آدم من الطين وخرج اللفظ على الجمع قال الترمذي أبو عبد الله : وليس هو كذلك عندنا بل وقع الإنشاء على التربة التي رفعت من الأرض وكنا جميعا في تلك التربة وفي تلك الطينة ثم خرجت من الطينة المياه إلى الأصلاب مع ذرو النفوس على اختلاف هيئتها ثم استخرجها من صلبها على اختلاف الهيئات منهم كالدر يتلألأ وبعضهم أنور من بعض وبعضهم أسود كالحممة وبعضهم أشد سوادا من بعض فكان الإنشاء واقعا علينا وعليه حدثنا عيسى بن حماد العسقلاني قال : حدثنا بشر بن بكر قال حدثنا الأوزاعي قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض علي الأولون والآخرون بين يدي حجرتي هذه الليلة فقال قائل يا رسول الله ومن مضى من الخلق قال نعم عرض علي آدم فمن دونه فهل كان خلق أحد قالوا : ومن في أصلاب الرجال وبطون الأمهات قال نعم مثلوا في الطين فعرفتهم كما علم آدم الأسماء كلها ]
قلت وقد تقدم في أول الأنعام أن كل إنسان يخلق من طين البقعة التي يدفن فيها { وإذ أنتم أجنة } جمع جنين وهو الولد ما دام في البطن سمي جنينا لاجتنانه واستتاره قال عمرو بن كلثوم :
( هجان اللون لم تقرأ جنينا )
وقال مكحول كنا أجنة في بطون أمهاتنا فسقط منا من سقط وكنا فيمن بقي ثم صرنا رضعا فهلك من من هلك وكنا فيمن بقي ثم صرنا يفعة فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي ثم صرنا شبابا فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي ثم صرنا شيوخا لا أبا لك فما بعد هذا ننتظر ؟ وروى ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد [ عن ثابت بن الحرث الأنصاري قال : كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير هو صديق فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كذبت يهود ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمه إلا أنه شقي أو سعيد فأنزل الله تعالى عند ذلك هذه الآية { هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض } إلى آخرها ] ونحوه عن عائشة كان اليهود بمثله { فلا تزكوا أنفسكم } أي لا تمدحوها ولا تثنوا عليها فإنه أبعد من الرياء وأقرب إلى الخشوع { هو أعلم بمن اتقى } أي أخلص العمل واتقى عقوبة الله عن الحسن وغيره قال الحسن : قد علم الله سبحانه كل نفس ما هي عاملة وما هي صانعة وإلى ما هي صائرة وقد مضى في النساء الكلام في معنى هذه الآية عند قوله تعالى { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } فتأمله هناك وقال ابن عباس : ما من أحد من هذه الأمة أزكيه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

أين دليلك على التحليل أيها الأنسان ؟