سم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عزيزي البرعم
هل تأملت هذا يوما؟
24 ساعة من حياة الطفل المسلم
القرآن الكريم هو كتاب الله الذي يتضمن الحلول المنطقية الكاملة لكل ما يحتاجه الإنسان في مختلف مجالات الحياة. وتشير الآيتان الأوليان من القرآن الكريم إلى أن الله سبحانه وتعالى تحدث عن كل ما يهم الإنسان: : " ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ"، و: "مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيل كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" (يوسف 111) ويقول الله تعالى": وَنزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" (النحل 89).
المؤمن الحق هو الذي ينظم حياته وفقا لمقتضيات القرآن الكريم، والمؤمن الحق يسعى إلى تطبيق الآيات القرآنية في حياته اليومية، فكل عمل يقوم به منذ استيقاظه صباحا وحتى ساعة نومه يكون انعكاسا لتأثير الآيات القرانية فكلامه وحركاته وسكناته كلها متوحاة من الأخلاق القرآنية، تلك الأخلاق العالية التي هي حلية المؤمن طوال حياته، وقد جاء في القرآن الكريم: "قُلْ إِنِّي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قَيِّمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (الأنعام، 162)
يعتقد بعض الناس أنّ الدّين مرتبط بأوقات معينة وعبادات معينة والحياة بالنسبة لهم زمنان: زمن للعبادة وزمن للأعمال الأخرى، إذ أنّهم لا يتذكرون الله والآخرة إلاّ عند أداء الصلاة والصوم والتصدّق أو الذهاب إلى الحجّ. أمّا بقية الأعمال فهي أعمال دنيوية مختلفة لا علاقة لها بالدّين، فالحياة الدنيا حسب رأيهم هي تعب و ركض و مشقّة . هؤلاء النّاس أبعد ما يكونون عن الأخلاق القرآنية فلهم حياتهم الخاصّة وأخلاقهم الخاصة ولهم نظرة تتماشي وفق أهوائهم، فهم لا يفهمون المعاني الحقيقية للأخلاق القرآنية.
يؤمّن الإنسان لنفسه حياة مختلفة عن بقيّة الناس لاتباعه الأخلاق القرآنية مبدأ ومنهاجا، فإيمانه بالقضاء والقدر يبعث فيه الطمئنية ويحميه من الخوف والقلق و يبعث فيه الأمل في الحياة فلا يحسّ أبدا بالتشاؤم و تمنحه القوة لمواجهة مصاعب الحياة، و ينعكس ذلك على أقواله وأفعاله وقراراته وكلّ تصرفاته التي هي نتيجة حتمية لاعتماده الأخلاق القرآنية منهاجا لحياته، يظهر ذلك عندما يسير في الطريق وعند الأكل وعند الذهاب إلى المدرسة وعند طلب العلم وعند العمل وعند ممارسة الرياضة وعند الحديث وعند مزاولة الأعمال التجارية وحتى عند مشاهدة التلفاز أو سماع الموسيقى، عندها يعي الإنسان أنّ العيش ضمن التعاليم القرآنية تكليف وتشريف يجب تطبيقها بكلّ دقة سعيا إلى مرضاة الله تعالى في كلّ الأعمال و الحرص على عدم الانحراف عن تلك الأخلاق القرآنية السامية.
الدين هو هو الأخلاق والوصايا والأحكام القرآنية القابلة للتطبيق في جميع مجالات الحياة، وهذا بلا شك هو الطريق القويم الذي إذا ما سار على نهجه الإنسان فاز في الدنيا والآخرة وحقق السعادة الكبرى، وقد قال الله تعالى: " مَنْ عَمَلَ صَالحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهْوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْييَنَّه حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " ( النحل: 97 )
إنّ العيش ضمن الأخلاق القرآنية يكوّن في الإنسان – بإذن الله – ملكة بعد النظر والعقل الراجح فيكون قادرا على التمييز بين الطريق السليم، والخطإ وكلّما التزم بالمنهج القرآني اكتسب القدرة على التفكير العميق وتحليل الوقائع تحليلا منطقيا. بفضل هذه الصفات تسهل حياة الفرد ويسمو إلى أعلى المراتب لأن الإنسان الذي يؤمن بالله ويحيى بالأخلاق القرآنية تكون جميع تصرّفاته وحركاته؛ قيامه ومشيته ونظرته للأشياء وتقييمه للأمور مختلف تماما عن الناس الآخرين.
إذن سنتناول بالتحليل في هذا الكتاب الأعمال اليومية والأحداث التي يعيشها المسلم على أساس الالتزام بالأخلاق القرآنية، وسنتعرّض بالشّرح للسبل التي يتّبعها المسلمون لحلّ مشاكلهم اليوميّة غايتنا من ذلك تحسّس طريق الحياة السعيدة التي تحققها الأخلاق القرآنية، والله في كتابه الكريم يدعو كل الناس إلى هذه الحياة السّامية، فالطريق الوحيد لحياة خالية من الشك والقلق والخوف والحزن والكدر والعيش في جوّ ملؤه الطّمأنينة والسعادة، هو التحرّك ضمن الأخلاق القرآنية في كلّ ساعة و كلّ لحظة من لحظات الحياة.
24 shum lk pdhm hg'tg hglsgl
المفضلات