وأن سيدنا لوط أباح للضالين من قومه الزنا ببناته بديلا عن اللواط

"وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ (78) قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79)"

فلو كان عرض عليهم البنات للزواج لكان العرض فرديا وليس جماعيا
كما أن عدد الناس أكبر من عدد البنات فكيف يكون زواجبين عدد غير متكافىء؟


لا نستغرب أن نجد هذا التبجح والتطاول على انبياء الله عليهم السلام من قوم عندهم كل محرّم مباح ، يجدون الفواحش في كتابهم ويحاولون أن يلحقوا ما بها بكتاب الله المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فإن كان حالهم الكفر فليس بعد الكفر ذنب .

يقول صاحب الشبهة شُلت يداه ان نبي الله لوط عليه السلام قد أباح لقومه الزنا ببناته سفاح لا نكاح ، مفسراً آيات الله على هواه جاهلاً بأي دلائل وقرائن تنفي هذا الإتهام الباطل لنبي فضله الله على العالمين بل ومحللاً تحليلاً سخيفاً بقوله أن عدد الرجال كان أكبر من عدد بنات لوط وبهذا يكون قد دهاهم للزنى بهن ، ورداً على هذا الإدعاء نعرض الآية القرآنية والدليل على بطلان قولهم هذا

: (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ) هود 78، 79.



من المسلّم به ولا جدال أن الزنى من الفواحش والكبائر وأن أنبياء الله معصومون من الوقوع في هذه الكبائر والفواحش عصمة من الله (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) الإسراء 32. وقد نهى الله تعالى العباد على لسان رسله بترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، فما أمرهم الأنبياء إلا بخير وما نهوهم إلا عن شر ، فكيف بنبي من أنبياء الله يأمر بالفاحشة ؟!! هذا أمر مردود فقد كان لوط عليه السلام ينهى قومه عن الفاحشة (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) الأعراف 80. ولا يقول لوط إلا ما أمره الله به وقد (قُلْ إِنَّ اللّهَلاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) الأعراف 28.ولو قال غير ذلك - وهو غير وارد لعصمته عليه السلام - لما نجاه الله من العذاب ، بل أن الله تعالي فضله على العالمين وأتاه حكماً وعلماً (وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) الأنعام 86. (وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) الأنبياء 74. فما أبعد أن يقع نبي الله في الضلالة والجهالة والأمر بالفاحشة

لقد كان بيت لوط عليه السلام هو أطهر بيت في قومه ، ولقد أراد قومه ان يخرجوه من قريتهم لانه كان يأمرهم بترك الفواحش وما كان رأيهم في لوط وآله إلا كما أخبرنا القرآن عن ذلك (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) الأعراف 82. فعجباً لقوم شهد لهم قومهم بالطهارة ويأتي تافه حقير بعد كل هذا الزمن ويقول أن أبوهم أمر بالفحش ؟!!

فإن كان لوط عليه السلام لا يأمر بالفواحش بما معنى هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ؟ هذا القول قد فندنا إمكانية أن يكون يعرض بناته للسفاح وبالتالي فإن العرض لا يكون إلا للنكاح وفي الآية دليل واضح على ذلك وهو كلمة " أطهر لكم " .
قال بن كثير رحمه الله ( وَقَوْله " قَالَ يَا قَوْم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَر لَكُمْ " يُرْشِدهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ فَإِنَّ النَّبِيّ لِلْأُمَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِد فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا هُوَ أَنْفَع لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)

( " قَالَ مُجَاهِد : لَمْ يَكُنَّ بَنَاته لَكِنْ كُنَّ مِنْ أُمَّته وَكُلّ نَبِيّ أَبُو أُمَّته . وَكَذَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَة وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجُوا النِّسَاء وَلَمْ يَعْرِض عَلَيْهِمْ سِفَاحًا وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : يَعْنِي نِسَاءَهُمْ هُنَّ بَنَاته وَهُوَ أَب لَهُمْ وَيُقَال فِي بَعْض الْقِرَاءَات " النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ " وَهُوَ أَب لَهُمْ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَغَيْرهمْ ) .

وهذا هو القول الراجح لما دل عليه قول لوط عليه السلام لقومه (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) الأعراف 81. فبقوله عليه السلام " أطهر لكم " أحل لكم فتتنزهون عن الفواحش بما أحل لكم ولكنهم أبوا وما أرادوا إلا الفواحش وقد قالوا على لوط وبيته أنهم أناس يتطهرون أي يبتعدون عن الفواحش

هذا والله أعلم

حياك الله