لا يوجد مقابل تشريحى للعقل عند الإنسان أو الحيوان...
يوجد (مخ) ولكن لا يوجد تشريحيا ما يعرف ب(العقل)..
كذلك ليس عندنا مقابل تشريحى للروح عند الإنسان أو الحيوان..
إذا قام عالم تشريح بوصف تفصيلى لأجزاء جسم مخلوق من المخلوقات..سيغيب عن هذا الوصف: العقل والروح..
يخلو الجسم من أعضاء بهذه الأسماء أو ما يدل عليها..
آخر ما توصل إليه العلم فى هذا الصدد هو أن (القدرات العقلية) للكائنات ما هى إلا توصيلات عصبية معقدة بين أجزاء المخ المختلفة...وتتعقد هذه الإتصالات بقدر أكبر كلما ارتقى الكائن وتعاظم ذكاؤه وقدراته الإبداعية..
أما الروح..فقد حيرت أهل العلم المعاصر وتفلتت من بين أياديهم أية خيوط قد تقودهم لأسرارها..
هذه النقطة تمثل إشكالية كبيرة للعلماء الماديين...فكل أطروحاتهم قائمة على المشاهدة..وما لم يشاهد معجز بالنسبة لهم..
هاتان صورتان لمخى الإنسان والشمبانزى:
هل تلاحظ أى فارق؟؟!!
بالطبع لا يوجد أى فارق بخلاف الحجم الأكبر نسبيا عند الإنسان وزيادة التعرجات فى مخه مقارنة بالشمبانزى...
يقول دارون:
"لا يوجد فارق أساسى بين الإنسان والثدييات العليا فى القدرات العقلية..فالثدييات العليا مثلها مثل الإنسان عندها ذاكرة وحب استطلاع وقدرة على المحاكاة والتركيز والتعلم..فى الحقيقة أن أى حيوان يفتقر للقدرة على التعلم يتم استبعاده من الطبيعة طبقا لقانون البقاء للأصلح..بينما يتزايد ذكاء كل المخلوقات مع الزمن كما حدث للإنسان مع التطور"
13'
وعندما تسأل الداروينيين: لماذا لم نر من هذا التطور شيئا حتى الآن على مدار آلاف السنين..لماذا لا نرى قردا يؤلف قطعة موسيقية مثلا أو يخترع جهازا كهربائيا؟؟!! يأتى الرد المعاد والمكرر بأن هذا التطور يحتاج لوقت طويل..ملايين السنين..
ولكن ألم يأن الأوان بعد آلاف السنين أن يحدث شىء منه..ألم يأن الأوان أن يناقشنا قرد مثلا فى مسألة الرفق بالحيوان؟؟؟!! أم أننا سنصحو يوما لنفاجأ بمجموعة من القرود يناقشون الميزانية على طاولة الإجتماعات فى مجلس الوزراء بدون أية مقدمات؟؟!!!
لهذا تحديدا...يخضع الإنسان للحساب والمساءلة ولا تخضع الحيوانات..الإنسان كائن مميز والحيوانات كائنات غير مميزة..
"وإذا كان للحيوانات عقول محدودة القدرات لم ولن تكون أبدا مميزة..فعقل الإنسان قادر على التمييز بما يمتلك من تعقيدات تمكنه من استخلاص النتائج والتفرقة بين الصواب والخطأ واتخاذ القرار بعد تقدير عواقبه..
وهى إمكانيات موجودة فيه منذ بدء الخليقة..ولم ينلها تعديل بمرور الزمن..ما تعاظم بفعل الزمن ليس إلا تراكم معرفى.."
القاعدة السابعة
اللافت للنظر بشكل مثير للعجب أن الماديين التجريبيين وصلوا لنتائج حطت من قدر الإنسان المميز وساوته بالحيوان غير المميز نتيجة طرقهم وسائل معرفية أكثر انحطاطا تعتمد فقط على الحواس الخمس فى التنظير..وهو اختزال مخل لقدرات العقل الإنسانى على اكتساب المعرفة..يقول عنه الفيلسوف العبقرى الطيب بو عزة أنه اختزال للكائن الإنساني إلى عضوية بيولوجية فقط واستدخاله في العالم الحيواني بسبب إفلاس التجربة الدينية الغربية..كما أن نزوعات الفلسفة المعاصرة نحو اللاعقلانية تعد إفلاسا للوعي ودليل عجز عن تعويض الفراغ الاعتقادي الذي خلفه نقد الدين وتدنيس المقدس في الثقافة الأوربية...
14'
وبينما اختصر الحداثيون عقولهم فى حواسهم الخمس..نجد صحابيا فى الجزيرة العربية منذ أكثر من 14 قرنا هو عامر بن عبد القيس يقول: "لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا" ...ولا يدرك أنه بذلك يعبر عن الفطرة الإنسانية كما رآها كانت (الذى يستشهد بفلسفته الملحدون!!!) عندما أكد أن التدين حاجة أساسية عند البشر يجب إشباعها...
ليس هذا فحسب..بل إنه يعبر عن أرقى نظريات الابستمولوجيا التى تؤمن بالتحليل وربط الحقائق كقدرة أشمل على اكتساب المعرفة من مجرد الإعتماد على المشاهدات الحسية..
**********************
إذا كانت الأدلة السابقة تقطع بوجود خالق مسير للكون..يبحث عنه البشر منذ قديم الأزل..فماذا تنتظر منه؟؟؟
ألا تنتظر منه أن يعلن عن نفسه؟؟!! ألا تنتظر منه أن يعرفك بذاته؟؟!! ألا تنتظر منه أن يشرح لك البدايات والمصائر وغايات الوجود وكيفية إدارة الحياة فى هذه الدنيا؟؟؟!! ألا تنتظر منه أن يتصدى لكل من يريد أن يغتصب الألوهية والربوبية؟؟!!
لنفترض أنك تسعى لاقتناء سلعة ما..رخيصة السعر كانت أو ثمينة...
ربما وجبة سريعة او حذاء رياضى أو جوهرة غالية أو بيت جديد...
طرق بابك فى يوم ما من يقول لك:
" عندى طلبك.."
بالطبع ستفرح فرحا حذرا..الفرح لأنك وجد غايتك وقد جاءت لبابك دون مشقة..والحذر لأنك غير متأكد من أن هذا الطارق سيبيعك ما تطلبه بدون غش أو خداع..
كيف تتصرف ؟؟!!
الأمر سهل وتنظمه قوانين فى كل الدول المحترمة..
للمشترى حقوق وللبائع حقوق...
من حق المشترى أن يتأكد من:
- شخصية البائع
- إمكانية الرجوع للبائع مستقبلا
- أن السلعة تطابق طلب المشترى وأنها بالجودة اللازمة
- أن سعر السلعة ليس مبالغا فيه..
- أن السلعة لها ضمانة ضد عيوب الصنع
ليس من حق المشترى طبقا للقوانين المعمول بها فى كل دول العالم أن يتدخل مثلا فى شئون البائع الشخصية أو ان يطلب أن يقابل صانع السلعة وجها لوجه أو أن يشترط رؤية عملية الصنع بنفسه أو أن يشترط شرح التفاصيل الفنية لتلك العملية...
فى المقابل من حق البائع :
- أن يتقاضى ثمن سلعته وفقا للعقد المبرم بينه وبين المشترى
- أن يشترط على المشترى الإلتزام بتعليمات التشغيل
- ألا يسرق المشترى حقوق الملكية الخاصة بالسلعة المباعة
- أن يستخدم المشترى السلعة فى الغرض الذى صنعت من أجله
- أن يكون المشترى أمينا فى الحكم على السلعة عند تقصى رأيه فيها..
وليس من حق البائع أيضا أن يتدخل فى شئونك الشخصية أو أن يقيد استخدامك للسلعة المباعة أو أن يشترط عليك شروطا تعجيزية أو أن يجبرك على شراء سلعة لم تقتنع بها..
إذا اعتبرنا أن محمدا بن عبد الله هو البائع...وأنك أنت المشترى..وأن السلعة التى تطلبها ويعرضها هو عليك هى الإجابة على تلك الأسئلة التى حيرتك بخصوص هذا الكون وخالقه ومسير أموره...فماذا انت فاعل؟؟
هو يقول أنه رسول ..يحمل رسالة لك من الله..خالق الكون ومسيره...فيها الإجابات على أسئلتك..سيبيع لك هذه السلعة ويتقاضى الثمن وفقا للقواعد المتعارف عليها منذ فجر التاريخ...
لك حقوق المشترى وله حقوق البائع...كيف تتصرف؟؟!!
لو أنى مكانك لعاينت البائع والمبيع قبل أن أتخذ القرار..
من كتابات دكتور ياسر نجم
المفضلات