مصدر الشبهة :


وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (البقرة 228).

وقوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا )

..........................................

فما هو وجه إعتراضهم ولماذا وقفوا حين إثارتهم لهذه الشبهة على جزء من الأية ولماذا أيضا لم يوضحوا ما هى الدرجة التى نصت عليها الاية الكريمة وكذلك القوامة التى نصت عليها الأية الأخرى على الأقل بمنظورهم هم !

والحقيقة أن جملة ما يسوق النصرانى أو الملحد في مثل هذا يحمل الرد عليه ففى نفس الاية التى يثيرون حولها الشبهة يقول تعالى قبل أن يذكر الدرجة (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فلن تراهم سوف يعلقوا على الأية جملة واحدة فيسوقونها بهذا الشكل ثم نأخذ منهم إعتراضا على حكم سبقه حكم معترضين على الدرجة الفاصلة بين الرجل والمرأة والأدهى أنهم لم يبينوا لنا ما هى تلك الدرجة حتى تتضح للقارئ معالم الشبهة !

وهنا لابد أن أسأل النصارى مرددي هذه الشبهة أولا لماذا تعترضون على تفضيل الرجل عن المرأة !!!!؟
فكتابكم الذى تؤمنون به قد ذكره بل أفاض فى ذكره بطريقة فى منتهى الإستخفاف بالمرأة فالمرأة فى عرفكم مجدها الرجل وهى كائن حقير نجس خلق فقط لأجل خدمة الرجل وغير مسموح لها بأن ترفع صوتها فوق صوت الرجل بل هى مأمورة بأن تخضع له تماما أقسم هذه نصوص كتابكم ، فهل علمت أيها النصراني أن دينك أعطى المرأة حق وكفلها لذا جئت تعترض على ما ذكره الإسلام فى حقها ويا ليتك فهمت أو بحثت بشكل موضعى !

ألم تقرأ هذا العدد فى كتابك من قبل :
1كورنثوس 14 : 34 " لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُوناً لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضاً.وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئاً فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ ". ( ترجمة فاندايك )
فلمن هذا العدد اليس من رسائل الكذاب بولس !

وكذلك قال فى 1:تيموثاوس 2 : 12 _ 14: " وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ،لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ،وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي ". ( ترجمة فاندايك )

فمن هذا البولس ، أهو رسول الإسلام أم صاحب الروح القدس !؟

وجاء في سفر التكوين 3 : 16 قول الرب لحواء حين أغوت آدم :
" قَالَ لِلْمَرْاةِ: تَكْثِيرا اكَثِّرُ اتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أولادا. وَالَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ ". ( ترجمة فاندايك ) وبحسب ترجمة كتاب الحياة : " وَهُوَ يَتَسَلَّطُ عَلَيْكِ ".

فمن هذا الكائن الذى هضمتم حقه ولم تكتفوا بل خال لكم الكبر فجئتم تتهكمون على ما قد رفعه الإسلام من ظلم عليها وأثرتم شبهات قذرة لا تنم سوى عن حقد يملأ قلوبكم وجهل يكشف أمركم ودياثة تشرح حالكم حتى خرجتم على الثوابت .

عودا الى موضوعنا ....

قال الإمام البغوى فى التفسير- قوله تعالى: ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) قال ابن عباس: بما ساق إليها من المهر وأنفق عليها من المال، وقال قتادة: بالجهاد، وقيل بالعقل، وقيل بالشهادة، وقيل بالميراث، وقيل بالدية وقيل بالطلاق، لأن الطلاق بيد الرجال، وقيل بالرجعة، وقال سفيان وزيد بن أسلم: بالإمارة وقال القتيبي ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) معناه فضيلة في الحق ( وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .

وكل هذه الإمور لا يخرج عليها إلا ديوث معلوم الدياثة فلابد أن يكون زمام الأمر بيد الرجل لما خلقه الله عليه ، فالقوة معلومة للرجال لا للنساء لذا لابد ان يكون السلطان بيد القوى وهذا الأمر من الفطرة لا يأباه ويخرج عليه إلا من اختل علقه ورد قوله ، فالرجل هو مؤسس البيت والرجل هو الذى يتحمل تبعيات الحياة وهو المكلف بالإنفاق على البيت وهو الموجه والمدبر لأمر البيت وليس وهذه مسئوليه كبيرة رفعها الله عن المرأة بل هى من أثقل المسؤليات التى تقع على الرجل إن لم تكن أثقلها على الإطلاق !

يقول الإمام الشعرواى رحمة الله عليه :
يقول الحق( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) وهي درجة الولاية والقوامة ، ودرجة الولاية تعطينا مفهوما أعم وأشمل، فكل اجتماع لابد له من قيم، والقوامة مسئولية وليست تسلطاً، والذي يأخذ القوامة فرصة للتسلط والتحكم فهو يخرج بها عن غرضها؛ فالأصل في القوامة أنها مسئولية لتنظيم الحركة في الحياة.

وفى النكت والعيون :
ثم سبحانه ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) وفيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : ولهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن ، مثل الذي عليهن من الطاعة ، فيما أوجبه الله تعالى عليهن لأزواجهن ، وهو قول الضحاك .
والثاني : ولهن على أزواجهن من التصنع والتزين ، مثل ما لأزواجهن ، وهو قول ابن عباس .

والثالث : أن الذي لهن على أزواجهن ، ترك مضارتهن ، كما كان ذلك لأزواجهن ، وهو قول أبي جعفر .

ثم جل شأنه : ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ ) وفيه خمسة تأويلات :

أحدها : فضل الميراث والجهاد ، وهو قول مجاهد .

والثاني : أنه الإمْرَةُ والطاعة ، وهو قول زيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن .

والثالث : أنه إعطاء الصداق ، وأنه إذا قذفها لاعنها ، وإن قذفته حُدَّتْ ، وهو قول الشعبي .

والرابع : أفضاله عليها ، وأداء حقها إليها ، والصفح عما يجب له من الحقوق عليها ، وهو قول ابن عباس وقتادة .

ومنه فتلك الدرجة لا تعلو عن كونها فحولة ورجولة الرجل التى فضل الله الرجل على المرأة بها فى الخلق وليس فى الأمر أى شبهة على الإطلاق ويأبى القويم إلا أن يقول غير ذلك فلا يفهم من ذلك أن تلك الدرجة هى السيطرة على المرأة وحجب حقها وظلمها كما نصت عليه نصوص كتب النصارى الظاهرة البينة وحال يشهده من له سابق عهد بالملاحدة ، كلا فهناك من النصوص ما يحرم ذلك قطعا إنما الدرجة كما ساقها اهل التفسير فى الأمور التى تركن الى الرجل بطبيعة خلقه .

فلو تأملنا قوله تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) سنجد أنه يتبعه مباشرة قوله (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء:34

فوالله لأن إثارة هذا النقاط لهو دليل حى على أن هؤلاء السفهاء لا شأن لهم مع ذويهم وأنهم ديايثه ، فالقوامة فى الأية ليست مزية يتمتع بها الرجل بل هى مسئولية يا لا رجال فالرجل قوام على المرأة فى تحمل مسئولية البيت من انفاق وتوجيه،

وقد ذكر الإمام الشوكانى فى فتح القدير فى تفسير هذه الأية كلاما يخط بماء الذهب فقال رحمه الله :

قوله : ( الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النساء بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ )هذه الجملة مستأنفة مشتملة على بيان العلة التي استحق بها الرجال الزيادة ، كأنه قيل : كيف استحق الرجال ما استحقوا مما لم تشاركهم فيه النساء؟ فقال : ( الرجال قَوَّامُونَ ) الخ ، والمراد : أنهم يقومون بالذب عنهنّ ، كما تقوم الحكام والأمراء بالذبّ عن الرعية ، وهم أيضاً يقومون بما يحتجن إليه من النفقة والكسوة والمسكن ، وجاء بصيغة المبالغة في قوله : ( قَوَّامُونَ ) ليدّل على أصالتهم في هذا الأمر ، والباء في قوله : ( بِمَا فَضَّلَ الله ) للسببية والضمير في قوله : ( بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ ) للرجال والنساء ، أي : إنما استحقوا هذه المزية لتفضيل الله للرجال على النساء بما فضلهم به من كون فيهم الخلفاء والسلاطين والحكام والأمراء والغزاة ، وغير ذلك من الأمور . قوله : ( وَبِمَا أَنفَقُواْ ) أي : وبسبب ما أنفقوا من أموالهم ، وما مصدرية ، أو موصولة ، وكذلك هي في قوله : ( بِمَا فَضَّلَ الله ) و " من " تبعيضية ، والمراد : ما أنفقوه في الإنفاق على النساء ، وبما دفعوه في مهورهنّ من أموالهم ، وكذلك ما ينفقونه في الجهاد ، وما يلزمهم في العقل .

وقد استدل جماعة من العلماء بهذه الآية على جواز فسخ النكاح إذا عجز الزوج عن نفقة زوجته وكسوتها ، وبه قال مالك ، والشافعي ، وغيرهما .

فالشبهة لا محل لها حقيقة إلا فى نفس من لا يملك زمام أمر بيته وهذا الأمر لا يرضاه رجل والله فطوبى لكم به ...