الأخت الفاضلة
الله عز وجل عندما أنزل التوراة والإنجيل أنزلهم لأمة بني اسرائيل فقط وليس للبشرية جمعاء .. كما أن الله وكل لهم الحفاظ على هذه الكتب لتصبح آمنة أستأمنهم الله عليها كما أستأمن الله الكون للبشر .
فلا حافظ بني اسرائيل على هذه الكتب ولا حافظت البشرية على الكون ... فكان أولى أن الله يمنع البشر من تخريب وإفساده للكون .
لقد خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه ولكن كتب عليه الموت ، ولقد أنزل الله الألواح على موسى عليه السلام ولكنها ضاعت ، فأين الألواح وأين عصى موسى ؟
فليس كل ما خلقه الله أو ما أنزله الله للبشرية يُلزم الله حفظه لأنه لم يتعهد بحفظه .
قال الله تعالى
إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا
وقال الله تعالى
{ إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ }
فقد استحفظ الله الربانيين والأحبار بالتوراة، أي طلب منهم أن يحفظوها، وكان هذا أمراً تكليفياً، والأمر التكليفي عُرضة لأن يُطاع وعُرضة لأن يُعصى. واستحفظهم الله التوراة والإنجيل:
{ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ }
[المائدة: 14]
وصار أمر المنهج منسياً. وليس على بالهم كثيراً؛ لأن الأمر إذا توارد على البال واستقر دائما في بؤرة الشعور يظل في الذهن، لكن النسيان يأتي عندما يكون الأمر بعيداً عن البال.
والحق طلب منهم أن يحفظوا المنهج، ولكنهم - ما عدا النبيين - لم ينفذوا، وكل أمر تكليفي يدخل في دائرة الاختيار، ولذلك نجد أن الأحبار والربانيين قد نسوا، وما لم ينسوه كتموه. وأول مرحلة من مراحل عدم الحفظ أنهم نسوا،والمرحلة الثانية هي كتمان ما لم ينسوه، والثالثة هي: ما لم يكتموه حرَّفوه ولووا به ألسنتهم. وياليتهم اقتصروا على هذه المراحل فقط، ولكنهم جاءوا بأشياء وقالوا: هي من عند الله وهي ليست من عند الله:
{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ }
[البقرة: 79]
هذه الآية هي الحلقة المفقودة التي توضح التحريف الذي قصده الله ... فأهل الكتاب لا يملكوا القدرة على تحريف الكتاب نفسه ، فالكتاب الذي أنزله الله محفوظ وموجود ولا يملك أحد التلاعب في حروفه أو كلماته .. ولكن أهل الكتاب كتبوا كتب أخرى بأيديهم وقالوا هذه من عند الله وما هي من عند الله ويقولون على الله الكذب .
المشكلة الكبرى التي يُعاني منه المسلمين هي التضليل الإعلامي واستخدام أسلوب التقية الإعلامية مع المسيحيين لعدم إثارتهم فضللوا المسلمين ، علماً بأن المسيحيين أنفسهم يؤمنوا بأن هناك أخطاء وتحريف في النسخ التي بين أيديهم فما بالك بمعنى التحريف المذكور في القرآن .
قال الإعلام بأن المسيحية دين سماوي وأن الإنجيل الذي بين أيديهم مُحرف ولكن بداخله مضمون من أصل مضمون الإنجيل الذي نزل على المسيح عليه السلام ، فأين هو الإنجيل الحقيقي لنقارن ونتأكد من صدق هذا الكلام ؟. علماً بأن المسيحيين أنفسهم يؤمنوا بوقوع أخطاء بسبب النسخ داخل الكتب التي بين أيديهم فما بالنا بما ذكره القرآن !.
ولو رجعنا لله ورسوله سنجد أن هذا الكلام خطأ لأن المسيحية ليست ديانة من عند الله لأن دين الله الإسلام منذ خلق آدم عليه السلام إلى قيامة الساعة {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]}ولا يوجد عند الله تعدد ديانات ، كما أن ما جاء بـ [البقرة: 79] يؤكد بأنه الأناجيل التي تؤمن بها الكنيسة هي كُتب كُتبت وقالوا هي من عند الله .. ويؤكد ذلك أن الكنيسة تؤمن بأن الأناجيل الأربعة هي كتب منسوبة لأربعة أشخاص وكل شخص كتب إنجيله على حسب ثقافته وعلمه وهذا يؤكد بأنها خالفت الإنجيل الذي نزل على المسيح عليه السلام جملة واحدة والذي قال عنه الله عز وجل {واتيناه الانجيل [المائدة:46]}.
إن كتابي التوراة والإنجيل المنزلان من الله عز وجل هما بكامل محتواهم كما انزلهم الله ولا يملك أحد أن يُحرف بهما حرف أو كلمة أو جملة أو آية (توجد نسخة بالأزهر ونسخة بالفاتيكان) ... أما الكتب التي بين يدي الكنيسة هي كتب كتبت بأيدي بشرية ليس لهم صلة بالسماء وما هي من عند الله كما قال الله في محكم تنزليه
{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ }
[البقرة: 79]
هذه هي الحقيقة طبقاً للقرآن والسُنة لقول الله جل وعلا
{... فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ..}
[النساء:59].
فبالرجوع إلى الله ورسوله نتأكد بأن المسيحية ليست دين سماوي ولا الكتاب المقدس هو مضمون التوراة والإنجيل المنزلان من عند الله بل هو كتاب ألفه بشر وقالوا هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب
يتبع
المفضلات