إليكم مداخلة عم مصيلحي المؤدب والمحترم في الموضوع والتي قضت على الشبهة تماماً :

أهلا بك يا عزيزي .

مداخلة حضرتك معتمدة كليا على أساس أن محمد هو الذي فرض على المسلمين القتال لمصالحه الشخصية ..

الحقيقة أن هذه حرية شخصية يا أستاذ يا فاضل ، لك أن تفترض ما تشاء فأنت مسيحي .

ولكنك الآن تحاور مسلمين ، فحاورهم بما يؤمنون ، ليس بما تؤمن أنت فيهم .

فأما عن الحرية التي يتنطع بها كل الخوالف ممن نكصوا على أعقابهم ورضوا بالذل والهوان في سبيل أن ينعموا بلذة وقتية فلا مكان لها عندنا نحن المسلمون .

نحن الذين حررنا الأمة من هول الاستعباد والخضوع إلا لله .. فحصلنا على الحرية .

وإلا فقلي بالله عليك كيف يعيش الفلسطيني المسكين المحاصر في غزة دون ان يجاهد ويقاتل عدوه ؟

هل هذا الفلسطيني يحب القتال ؟

لا بالطبع ، إنه أشد ما يكره .

ولكنه مجبر عليه ، حتى يحصل على حريته .

والأمر إلى ولي الأمر في الأصل .

لقد كتب الله عليه القتال وهو كره له .

فهكذا نحصل على الحرية .

هذا هو معنى الآية ..

فالآية لا تخص محمداً يا عزيزي ، فقد مات الرجل فقيراً ، لم يطمع في حرب من أجل مال كما تظن ، فعن عمرو بن الحارث قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة .

وعن عائشة قالت ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشيء.

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِعِشْرِينَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَخَذَهُ لِأَهْلِهِ

وأخرج الحاكم وقال: «صحيح على شرط البخاري» عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله دخل عليه عمر، وهو على حصير قد أثر في جنبه، فقال: يا نبي الله، لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا، فقال: «مالي وللدنيا!؟ ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظلّ تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها».

فهذا هو محمد صلى الله عليه وسلم ، مات وليس عنده من حطام الدنيا شيئ .

لقد حقق هذا الرجل العظيم مالم يحققه عظماء العالم أجمع .

وقد قرأت منذ فترة فائدة جميلة ذكرها ابن القيم في كتابه الرائع "الفوائد" حول قوله تعالى : { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } [ سورة البقرة : 216 ]

يقول الإمام ابن القيم في كتابه الفوائد: في هذه الآية عدة أسرار ومصالح للعبد، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد .. وأوجب له ذلك أموراً:

منها: أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه الابتداء .. لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح .. وإن كرهته بنفسه فهو خير لها وأنفع .. وكذلك لا شيء أضر عليه من ارتكاب النهي وإن هويته نفسه ومالت إليه .. فإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب .. وخاصية العقل تحتمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير .. واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم والشر الطويل .. فنظر الجاهل لا يجاوز المبادئ إلى غايتها .. والعاقل الكيس دائماً ينظر إلى الغايات من وراء ستور مبادئها .. فيرى ما وراء تلك الستور من الغايات المحمودة والمذمومة .. فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط فيه سم قاتل .. فكلما دعته لذته إلى تناوله نهاه ما فيه من السم .. ويرى الأوامر كدواء مرّ كريه المذاق مفض إلى العافية والشفاء ..وكلما نهاه كراهة مذاقه عن تناوله أمره نفعه بالتناول ..

نسأل الله لك الهداية .
تصفيق

برافو يا عم مصيلحي ، انا مش عارف عم مصيلحي ده إزاي بيتكلم بكل الأدب ده وبيقدر يمسك اعصابه بصراحة .

انتهت بذلك الشبهة ، وبقيت الثرثرة ..


تابعونا ..