هل شهد القرآن بصحة العقيدة المسيحيّة؟


قبلأن نبدأ في الرد على شبهات مرقس سندرس العقيدة المسيحية وسنقوم بعرض موقف القرآن الكريم منها بإذن الله.

1. المسيح هو الله :
يؤمن بعض النصارى بألوهية المسيح. ويقول القرآن الكريم في ذلك:

﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَالْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَأَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاًوَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُوَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌالمائدة17

التفسير الميسر : لقد كفر النصارىالقائلون بأن الله هو المسيح ابن مريم, قل -أيها الرسول- لهؤلاء الجهلة من النصارى: لو كان المسيح إلهًا كما يدَّعون لقَدرَ أن يدفعقضاء الله إذا جاءه بإهلاكه وإهلاك أُمِّه ومَن في الأرض جميعًا, وقد ماتت أم عيسىفلم يدفع عنها الموت, كذلك لا يستطيع أن يدفع عن نفسه; لأنهما عبدان من عباد الله لا يقدران على دفع الهلاك عنهما, فهذا دليلٌ على أنه بشر كسائر بني آدم. وجميعالموجودات في السموات والأرض ملك لله, يخلق ما يشاء ويوجده, وهو على كل شيء قدير. فحقيقة التوحيد توجب تفرُّد الله تعالى بصفات الربوبية والألوهية, فلا يشاركه أحدمن خلقه في ذلك, وكثيرًا ما يقع الناس في الشرك والضلال بغلوهم في الأنبياءوالصالحين, كما غلا النصارى في المسيح, فالكون كله لله, والخلق بيده وحده, وما يظهرمن خوارق وآيات مَرَدُّه إلى الله. يخلق سبحانه ما يشاء, ويفعل مايريد.

وورد في الآية 82 من نفس السورة :
﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَالْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْاللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُعَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْأَنصَارٍالمائدة72

التفسير الميسر : يقسمالله تعالى بأن الذين قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم, قد كفروا بمقالتهم هذه, وأخبر تعالى أن المسيح قال لبني إسرائيل: اعبدوا الله وحده لا شريك له, فأنا وأنتمفي العبودية سواء. إنه من يعبد مع الله غيره فقد حرَّم الله عليه الجنة, وجعل النارمُستَقَرَّه, وليس له ناصرٌ يُنقذُه منها.

2. المسيح هو إبن الله :
كما يؤمن البعض الآخر بأن المسيح هو ابن الله. ويقول القرآن الكريم في ذلك:
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْالنَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْيُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّىيُؤْفَكُونَ﴾التوبة30

التفسير الميسر :لقدأشرك اليهود بالله عندما زعموا أن عزيرًا ابن الله. وأشرك النصارى بالله عندما ادَّعوا أن المسيح ابن الله. وهذا القول اختلقوه من عندأنفسهم, وهم بذلك لايشابهون قول المشركين من قبلهم. قَاتَلَ الله المشركينجميعًا كيف يعدلون عن الحق إلى الباطل؟

كما يقول الله تعالى:

﴿أَلَا إِنَّهُممِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ {151} وَلَدَ اللَّهُوَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {152}سورةالصافات

التفسير الميسر للآيات :وإنَّ مِن كذبهم قولهم: ولَد الله, وإنهم لكاذبون; لأنهم يقولون ما لايعلمون.

3. الله هو ثالوث :

ومن أهم عقائد النصارى قولهم بالثالوث:
العهدالجديد يقول ان الإله هو الآب فقط . وليس هناك إله سواه , وأن الآب هو إله الإبن , والآب هو يهوه العهد القديم , وهو إله الارواح أيضاً . وأدلة ذلك من كتب النصارى :


Joh 17:1 تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَعَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً


Joh 17:2 إِذْ أَعْطَيْتَهُسُلْطَاناً عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْأَعْطَيْتَهُ
.
Joh 17:3 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْيَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِيأَرْسَلْتَهُ.


الإِلَهَالْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ = الآب

يقول بولس:


1Co 8:6 لَكِنْلَنَا إِلَهٌ وَاحِدٌ: الآبُالَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُلَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِوَنَحْنُ بِهِ.

.Eph 1:17 كَيْ يُعْطِيَكُمْإِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِيمَعْرِفَتِهِ،

يقول يسوع بنفسه ان الآب هوإلهه :

Joh 20:17 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِيوَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ».

Rev 3:12 مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُوداً فِي هَيْكَلِ إِلَهِي، وَلاَ يَعُودُيَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلَهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِإِلَهِي أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِالنَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلَهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ.


الآب هو يهوه العهد القديم :


Joh 8:54أَجَابَيَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئاً. أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي الَّذِي تَقُولُونَ أَنْتُمْإِنَّهُ إِلَهُكُمْ

الآب هو إله الارواح أيضاً :



Num 16:22 فَخَرَّا عَلى وَجْهَيْهِمَا وَقَالا: «اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَليُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟»
Num 27:16 «لِيُوَكِّلِ الرَّبُّ إِلهُ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِرَجُلاً عَلى الجَمَاعَةِ


لو افترضنا بأن الآب (بغض النظر عن التسمية) هو الإله الوحيد الحقيقي فمن الطبيعي اذا الا يشاركه أحد في صفاته ولكننا نجد أن الآب يشترك في بعض الصفات مع غيره كما يبينه كتابهم الذي يقدسون.

3 هذاالإيمان الجامع هو أن تعبد إلهاً واحداً في ثالوث ,وثالوثاً في توحيد.
4 لا نمزجالأقانيم ولا نفصل الجوهر


.
5 إن للآب أقنوماً ,وللابن أقنوماً ,وللروح القدسأقنوماً

.
6 ولكن الآب والابن والروح القدس لاهوت واحد ومجد متساوٍ ,وجلال أبديمعاً

.
7 كما هو الآب ,كذلك الابن ,كذلك الروح القدس

.
8 الآب غير مخلوق ,والابن غير مخلوق ,والروح القدس غير مخلوق

.
9 الآب غير محدود ,والابن غير محدود ,والروح القدس غير محدود

.
10 الآب سرمد ,والابن سرمد ,والروح القدس سرمد

.
11 ولكن ليسواثلاثة سرمديين ,بل سرمد واحد

.
12 وكذلك ليس ثلاثة غير مخلوقين ,ولا ثلاثة غيرمحدودين ,بل واحد غير مخلوق وواحد غير محدود

.
13 وكذلك الآب ضابط الكل ,والابنضابط الكل ,والروح ضابط الكل

.
14 ولكن ليسوا ثلاثة ضابطي الكل ,بل واحد ضابطالكل

.
15 وهكذا الآب إله ,والابن إله ,والروح القدس إله

.
16 ولكن ليسواثلاثة آلهة ,بل إله واحد

.
17 وهكذاالآبرب ,والابن رب ,والروح القدس رب

.
18 ولكن ليسواثلاثة أرباب ,بل رب واحد

.
19 وكما أن الحق المسيحي يكلّفنا أن نعترف بأنكلاً من هذه الأقانيم بذاته إله ورب

.
20 كذلك الدينالجامع ,ينهانا عن أن نقول بوجود ثلاثة آلهة وثلاثة أرباب

.
21 فالآب غير مصنوعمن أحد ,ولا مخلوق ,ولا مولود

.
22 والابن من الآب وحده ,غير مصنوع ,ولا مخلوق ,بل مولود

.
23 والروح القدس من الآب والابن ,ليس مخلوق ولا مولود بلمنبثق

.
24 فإذاً آب واحد لا ثلاثة آباء ,وابن واحد لا ثلاثة أبناء ,وروح قدسواحد لا ثلاثة أرواح قدس

.
25 ليس في هذا الثالوث من هو قبل غيره أو بعده ولا منهو أكبر ولا أصغر منه

.
26 ولكن جميع الأقانيم سرمديون معاً ومتساوون

.
27 ولذلك في جميع ما ذُكر ,يجب أن نعبد الوحدانية في ثالوث ,والثالوث فيوحدانية

.
28 إذاً من شاء أن يَخْلُص عليه أن يتأكد هكذا فيالثالوث



ولكننا نجد بأن النصارى يؤمنون بأن الله هو ثالث ثلاثة (الآب،الابن،الروح القدس) يشتركون في أشياء تجعل منهم يشركون في عبادة الله الواحد إلهين ما أنزمل الله بهما من سلطان. ويكون النصارى بذلك قد خالفوا جوهر التوحيد الذي أرسل من أجله كل الرسل.
يقول الله تعالى:

﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍوَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّايَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌالمائدة73


التفسير الميسر :لقد كفر من النصارى من قال: إنَّ الله مجموع ثلاثة أشياء: هي الأب, والابن, وروح القدس. أما عَلِمَ هؤلاء النصارىأنه ليس للناس سوى معبود واحد, لم يلد ولم يولد, وإن لم ينته أصحاب هذه المقالة عن افترائهم وكذبهم ليُصِيبَنَّهم عذاب مؤلم موجع بسبب كفرهم بالله.

ومما تقدّم يظهر لنا بأن القرآن الكريم قد وصف النصارى بأشنع الصفات فهم باختصار مدلسون، مشركون، منافقون كذبة، غير موحدين.
ويؤمن النصارى بعقائد كفرية أخرى قد نرد على بعضها في هذا الموضوع كلما دعا الامر لهذا.
بعد كل ما تقدم لم يعد هناك داع للنقاش في أطروحة ضيفنا المحترم مرقس (القرآن يشهد بصحة العقيدة النصرانية) ولكننا سنبين المزالق التي وقع فيها ونردّ تفصيليا على شبهه بإذن الله.

يتبع بأذن الله تعالى ...