بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الانبياء رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
عقوبة الحاسدضرر الحسد يكون على الحاسد في الدين والدنيا .
قال عبدالله بن مسعود: لا تعادوا نِعَم الله، فقيل له: ومَن يعادي نِعَم الله؟! قال: الذين يحسُدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ثم إن الحسد يحمل على إطلاق اللسان في المحسود بالشتم والتحايل على أذاه.دَعِ الحَسُودَ وَمَا يَلْقَاهُ مِنْ كَمَدِهْ كَفَاكَ مِنْهُ لَهِيبُ النَّارِ فِي جَسَدِهْ
إِنْ لُمْتَ ذَا حَسَدٍ نَفَّسْتَ كُرْبَتَهُ وَإِنْ سَكَتَّ فَقَدْ عَذَّبْتَهُ بِيَدِهْ
وقال الأصمعي: سمعت أعرابيًّا يقول: ما رأيت ظالمًا أشبه بمظلوم من الحاسد؛ حزن لازم، ونفس دائم، وعقل هائم، وحسرة لا تنقضي.وقال معاوية - رضي الله عنه -: ليس في خصال الشرِّ أعدل من الحسد، يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود.
فإن قيل: هل للحاسد دواء؟ فالجواب: قلَّ أن ينجع فيه دواء؛ لأنه جهول ظلوم، وليس يشفي علة صدره ويزيل حزازة الحسد من قلبه إلا زوال النعمة، فحينئذ يتعذَّر الدواء أو يعزُّ
ومن هذا قول بعضهم وأحسنوَكُـلٌّ أُدَاوِيهِ عَلَى قَــدْرِ دَائِـهِ سِــوَى حَاسِدِي فَهْيَ الَّتِي لاَ أَنَالُهَا
وَكَيْفَ يُدَاوِي المَرْءُ حَاسِدَ نِعْمَةٍ إِذَا كَــانَ لاَ يُرضِــيهِ إِلاَّ زَوَالُــهَــانعم، إن كان الحاسد ذا فهم فدواؤه أن يقمع أسباب الحسد من الباطن؛ فإن سببها في الغالب الكبر وعزة النفس، ثم يتكلَّف مدح المحسود والتواضُع له والهدية إليه.
ثم اعلم أنك إنما تحسد إخوانك على الدنيا وحطامها، وأما قُوَّام الليل وصُوَّام النهار فلا أراك تحسدهم.وقال الجاحظ عن الحاسد( هو الكلب الكلِب ، والنمر الحرِب ، والسم القشِب ، والفحل القطِم، والسيل العرم ، إن مَـلَـكَ قتل وسبا ، وإن مُلِك عصى وبغى ، حياتك موته وثبوره ، وموتك عرسه وسروره ، يصدق عليك كل شاهد زور ، ويكذب فيك كل عدل مرضيّ ، لا يحب من الناس إلا من يبغضك ، ولا يبغض إلا من يحبك ... إنه لا يأتيك ولكنه يناديك ، ولا يحاكمك ولكنه يوازنك ، أحسن ما تكون عنده حالاً : أقل ما تزيد مالاً ، وأكثر ما تكون عيالاً ، وأعظم ما تكون ضلالاً . وأفرح ما يكون بك أقرب ما تكون بالمصيبة عهداً وأبعد ما تكون من الناس حمداً ، فإذا كان الأمر على هذا فمجاورة الأموات ، ومخالطة الزمنى ، والاجتنان بالجدران ، ومص المصران ، وأكل القردان ، أهون من معاشرة مثله ، والاتصال بحبله )(5) ا.هـوللحسد اضرار وعواقب وخيمة كما اسلفنا على الحاسد نذكر منها مايلي1- الحسرة التي تأكل قلب الحاسد حتى تصبح ألماً في جسده : فإن الحاسد يحقن في جسده الهم والغم والحقد والبغض وتمني زوال نعم الآخرين عنهم ، وربما زادت هذه النعم فزاد غيظه.
2- انخفاض منزلته في قلوب الناس ، ونفورهم منه حتى يصبح مبغوضاً عندهم ، وقد قيل : الحسود لا يسود .
3- إسخاط الله تعالى في معارضته ومخالفة قضائه وقدره .
4- إهدار الحسنات وكسب الخطايا والآثام ، فإن الحاسد غالباً ما يسعى لإزالة النعمة عن المحسود بقوله أو فعله وفي ذلك إهدار للحسنات ، وكسب للسيئات .
5- زرع العداوة بين الأصحاب والأقارب وتفكيك المجتمع المسلم ، قال الجاحظ عن آثار الحسد: ( فمنه تتولد العداوة ، وهو سبب كل قطيعة ، ومنتج كل وحشة ، ومفرق كل جماعة ، وقاطع كل رحم بين الأقرباء ، ومحدث التفرق بين القرناء ، وملحق الشر بين الخلطاء ، يكمن في الصدور كمون النار في الحجر )(8) ا.هـ
المفضلات