1. ادعاء وصية النبي عليه الصلاة والسلام لعلي بالخلافة
  2. فها هي فرية أخرى ابتدعوها ابتداعًا، تلك الفرية هي: الادعاء بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة من بعده، نشرت طوائف كثيرة من الشيعة هذه الإشاعة، وأعجبت المستشرقين، والعلمانيين حتى درّسوها في المدارس والجامعات، حتى يوهموا الدارسين أن المخالفات بين الصحابة كانت مبكرة جدًا، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، للأسف الشديد، فإنني وجدت مثل هذه المناهج تدرس وبشدة في أكثر من جامعة، ووجدت أيضًا كتبًا كثيرة تتبنى هذا الفكر مع كونه مغايرًا للحقيقة تمامًا.
  1. للرد على هذه الإشاعة أو الشبهة، شبهة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة نقول:
  2. أولًا: لم يرد بهذه الوصية نقل صحيح، كل الروايات التي ذكرت هذه الوصية روايات في غاية الضعف، بل هي موضوعة من الأصل، ونحن كمسلين حريصين على ديننا يجب أن نحرص أن ننقل الصحيح فقط من الروايات، وخاصةً في هذه القضايا الشائكة، وهذه الأمور التي يطعن بسببها في صحابي أو أكثر، ومن أراد أن يخرج علينا بفكرة الوصاية هذه، فليأت بدليل صحيح وإلا فما أسهل الكلام
  3. ثانيًا: إذا كانت هناك وصية معلومة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه للزم أن نفترض أن الصحابة جميعًا اتفقوا على مخالفتها، ومخالفة وصية كهذه تكون مخالفة صريحة للشرع، فيلزم هنا الاتهام الصحابة جميعًا بالمخالفة الشرعية للإسلام، وفي أمر خطير كهذا، وهذا ما لا يعقله عاقل، كيف يتفق جيل بأكمله على خلافة رجل، وإنكار خلافة رجل آخر مع وجود الوصية بغير ذلك، مع العلم أن أبا بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما كلاهما من قريش، فلا مجال لترجيح واحد على الآخر إن كان هناك وصية بذلك، وكيف يتفق الأنصار مع القرشيين ضد علي بن أبي طالب؟
  1. هذه تساؤلات لا رد عليها عند طوائف الشيعة التي تتبنى فكرة الوصية لعلي بن أبي طالب، ولم يستطيعوا أن يخرجوا من هذا المأزق إلا بأمر عجيب: هو أنهم فَسّقوا، وأحيانًا كَفّروا كل جيل الصحابة إلا مجموعة تعد على أصابع اليدين منهم، وهذا من المستحيل أن يستساغ عقلًا، فضلًا عن غياب النقل الصحيح بذلك.
  2. وهذا الموقف في غاية الخطورة ترتبت عليه نتائج خطيرة، فهذه الطوائف الشيعية المتجاوزة قالت:
  3. إن كل هؤلاء الصحابة بدّلوا وغيّروا في أمر خطير كهذا، فكيف يقبل منهم بقية الأمور؟
  4. ولذلك قالوا أنهم لا يجب أن ينقلوا عنهم حديثًا، ولا دينًا، ولا تشريعًا، ولا فقهًا، فحرموا أنفسهم وأتباعهم من آلاف الأحاديث التي نقلت عن طريقهم، قالوا:
  1. لا نأخذ عن عائشة،
  2. لا نأخذ عن أبي هريرة،
  3. لا نأخذ عن عمر بن الخطاب،
  4. لا نأخذ عن عبد الله بن عمر،
  5. لا نأخذ عن عبد الله بن عمرو،
  6. لا نأخذ عن كامل الأنصار،
  7. إذن أين الدين؟
  8. أين الشرع الذي تتبعون؟
  9. لا يأخذون إلا ما جاء عن طريق علي بن أبي طالب، وعدد محدود جدًا لا يزيد عن العشرة من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وينقل عنهم بواسطة طرقهم الخاصة التي هي في غالبها ضعيف، بينما يعرضون كلية عن كل الطرق التي قبلها علماء السنة المسلمين؛ لأنهم كما يقولون نقلوا عن الصحابة الذين تآمروا في زعمهم على علي بن أبي طالب، من ثم فهم لا يعترفون بالبخاري ولا بمسلم ولا بسنة أبي داود أو الترمذي أو النسائي أو ابن ماجه، والإمام أحمد، أو غيرهم من أئمة الحديث عند المسلمين، وهذه بالطبع كارثة، هاوية سحيقة، بل هي ضرب للدين في أصوله.
  1. ثالثًا: إذا كان هناك فعلًا وصية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلماذا لم يصرح بها علي بن أبي طالب؟
  2. أو حتى يكتفي بالإشارة أو بالتلميح، ألا يعد علي بن أبي طالب هنا كاتمًا لما أوصاه به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
  3. إذا كانت هناك وصية لأحد فكتمها يعد مخالفة للشرع، أيفعل علي بن أبي طالب ذلك؟
  4. قالت الشيعة: إنه كتم هذا الأمر تقية.
  5. أي يتقي الصحابة فكتم الأمر خوفًا على نفسه إلى أن تأتي الظروف، ويتمكن من الحكم، لا حول ولا قوة إلا بالله، أي مجتمع هذا الذي تصفون؟
  6. ثم ألم يكن علي بن أبي طالب شجاعًا مقدامًا لا يخاف في الله لومة لائم؟ أيكتم هذا الأمر تقية؟
  7. ثم من يتقي؟
  1. هل علي بن أبي طالب الهاشمي، وقبيلته التي هي أعظم قبيلة في قريش، هل يتقي أبا بكر التيمي وقبيلته بني تيم التي من أضعف بطون قريش؟
  2. لا أعتقد أن أحدًا يقبل ذلك عقلًا.
  3. رابعًا: هل كانت فاطمة بنت محمد رضي الله عنها بعيدة عن سرير أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد كانت بجواره حتى آخر اللحظات، فهل لم تعلم منه شيئًا خطيرًا كهذا حتى تخبر به بعد ذلك؟
  4. وهل منع علي بن أبي طالب من زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا يخبره بهذا الأمر؟
  5. من الواضح بدراسة كل الملابسات أن هذه الوصية ما هي إلا قصة مختلقة لم يعرف بها أحد إلا بعد أن وضعت، وألفت، ولفقت لرسول الله صلى الله عليه وسلم.