3561 - ( خير أبواب البر الصدقة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 47 :
$ضعيف$
رواه الطبراني (3/ 178/ 2) : حدثنا أبو زكريا الدينوري البصري : أخبرنا سعيد بن محمد بن ثواب الحصري : أخبرنا عبدالعزيز بن عبدالله القرشي : أخبرنا خالد الحذاء ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ سعيد بن محمد بن ثواب الحصري ترجمه الخطيب في "التاريخ" (9/ 94-95) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وأبو زكريا الدينوري البصري ؛ لم أعرفه .
ولعل الهيثمي أشار إليهما حين قال (3/ 110) :
"رواه الطبراني في الكبير ، وفيه من لم أعرفه" .
وعبدالعزيز بن عبدالله القرشي هو أبو القاسم المدني الفقيه ، وهو ثقة من شيوخ البخاري .
(66/1)
3562 - ( خير إخوتي علي ، وخير أعمامي حمزة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 47 :
$موضوع$
أخرجه الديلمي (2/ 116) من طريق أبي نعيم ، عن عباد بن يعقوب ، عن عمرو بن ثابت ، عن عبدالرحمن بن عابس بن ربيعة ، عن أبيه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد واه جداً ؛ عباد بن يعقوب وعمرو بن ثابت رافضيان ، أوردهما الذهبي في "الضعفاء والمتروكين" ، فقال في الأول منهما :
"قال ابن حبان : رافضي داعية" . وقال في الآخر :
"تركوه ، رافضي . قاله أبو داود" .
(67/1)
3563 - ( خير الدعاء الاستغفار ، وخير العبادة قول لا إله إلا الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 48 :
$موضوع$
رواه الديلمي (2/ 116-117) من طريق الحاكم ، عن أبي البختري : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي ، عن أبيه مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته أبو البختري - واسمه وهب بن وهب - ؛ وكان يضع الحديث كما قال أحمد . وقال ابن معين :
"كان يكذب عدو الله" .
والحديث أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (رقم528-بترقيمي) ، ومع ذلك أورده في "الجامع الصغير" ! وفي "الكبير" أيضاً (1/ 518) من رواية الحاكم في "تاريخه" .
(68/1)
3564/ 1 - ( خير الدواء : السعوط واللدود ، والحجامة ، والمشي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 48 :
$ضعيف$
رواه الشيخ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل في "الأمالي" (2/ 2) بسند صحيح ، عن أبي السفر ، عن الشعبي مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لإرساله .
وأبو السفر اسمه سعيد بن محمد ؛ وهو ثقة .
(69/1)
3564/ 2 - ( خير الرجال رجال الأنصار ، وخير الطعام الثريد ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 49 :
$ضعيف$
رواه الديلمي ، عن أبي نعيم ، عن عبدالله بن الأشعث بن سوار ، عن أبيه ، عن أبي الزبير ، عن جابر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الأشعث بن سوار قال الحافظ :
"ضعيف" .
وابنه عبدالله ؛ شبه مجهول ؛ أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 8) ولم يذكر عنه رواياً غير جعفر بن عون ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
(70/1)
3565 - ( خير الزاد التقوى ، وخير ما ألقي في القلب اليقين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 49 :
$ضعيف جداً$
رواه الديلمي (2/ 117) عن أبي الشيخ معلقاً ، عن الحسن ابن عمارة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ الحسن بن عمارة متروك .
(71/1)
3566 - ( خير العبادة أخفها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 49 :
$موضوع$
رواه القضاعي (100/ 1) عن سلام المدائني قال : أخبرنا أبو عبدالرحمن ، عن زياد بن أبي مريم ، عن عثمان بن عفان مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد واه بمرة ؛ آفته سلام المدائني ، وهو ابن سليم الطويل ؛ كذاب متهم بالوضع .
وشيخه أبو عبدالرحمن ؛ أظنه زيد بن أبي الحواري ؛ ضعيف .
وزياد بن أبي مريم ؛ لم يدرك عثمان بن عفان .
(72/1)
3567 - ( خير الغداء بواكره ، وأطيبه أوله وأنفعه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 50 :
$موضوع$
رواه الديلمي (2/ 118) عن يونس بن محمد : حدثنا إبراهيم بن الوليد الجصاص : حدثنا غسان بن مالك : حدثنا عنبسة بن عبدالرحمن : حدثنا أبو زكريا اليمان ، عن أنس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ آفته عنبسة بن عبدالرحمن ، وهو متروك ، رماه أبو حاتم بالوضع .
وغسان بن مالك ؛ قال أبو حاتم :
"ليس بالقوي" .
والحديث أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (650) ، ومع ذلك أودعه في "الجامع الصغير" ، فتناقض !
(73/1)
3568 - ( خير الناس ؛ مؤمن فقير يعطي جهده ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 50 :
$موضوع$
أخرجه الديلمي (2/ 113) من طريق أبي نعيم ، وهذا في "أخبار أصبهان" (1/ 217) عن عبدالوهاب بن الضحاك : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبدالله بن دينار ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع آفته ابن الضحاك هذا ؛ قال أبو حاتم :
"كذاب" . وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 167) :
"رواه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" بسند ضعيف" .
كذا قال ! ونقل المناوي عنه أنه قال : "ضعيف جداً" . وهذا أقرب إلى حال عبدالوهاب الكذاب .
وروي من طريق أخرى عن عبدالله بن دينار به ، لكن مختصراً ، وقد مضى (2852) .
(74/1)
3569 - ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الآخرون أراذل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 51 :
$ضعيف$
رواه الطبراني (1/ 224/ 2) ، والحاكم (3/ 191) من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة - وهذا في "المصنف" (12/ 176/ 12458) - عن عبدالله بن إدريس ، عن أبيه ، عن جده ، عن جعدة بن هبيرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ رجاله ثقات رجال الشيخين غير جد عبدالله بن إدريس ؛ واسمه يزيد بن عبدالرحمن الأودي ؛ وثقه ابن حبان والعجلي ، ولم يرو عنه غير اثنين من الثقات ، وكأنه لذلك لم يوثقه الحافظ ، بل قال :
"مقبول" .
يعني عند المتابعة ، ولم أجد له متابعاً على قوله : "أراذل" ، فهو منكر . والله أعلم .
وقال الهيثمي (10/ 20) :
"رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح ؛ إلا أن إدريس بن يزيد الأودي لم يسمع من جعدة . والله أعلم" .
قلت : كأنه لم يتنبه أن بينهما يزيد الأودي والد إدريس ، فتنبه .
ثم ذكره نحوه من حديث أبي هريرة مرفوعاً ، وزاد في آخره :
"إلى يوم القيامة" ، وقال :
"رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه داود بن يزيد الأودي ، وهو ضعيف" .
نعم ؛ أخرج الطبراني (10/ 114/ 10058) من طريق الأجلح ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن عبدالله مرفوعاً به . وزاد بعد القرن الثالث :
"ثم يجيء قوم لا خير فيهم" .
قلت : وهذا إسناد حسن . وأصله في "الصحيحين" ، وقد مضى (700) .
وفي الحديث علة أخرى ، وهي ذكر القرن الرابع في خير الناس ، وفي ثبوت هذه الزيادة نظر ؛ لأن الأحاديث الصحيحة لم يرد فيها ذكر القرن الرابع جزماً ، بل على الشك ؛ كما في حديث عمران ؛ قال عمران :
"فلا أدري أقال رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثة" ، أخرجه الشيخان وغيرهما ، وكأنه لذلك لم يقطع الحافظ بصحته ، بل أعله بعلة أخرى فقال (7/ 6) - بعد أن عزاه لابن أبي شيبة والطبراني - :
"ورجاله ثقات ؛ إلا أن جعدة مختلف في صحبته" .
كذا قال ! ورجح في "التهذيب" أنه جعدة بن هبيرة المخزومي ، وجزم في "الإصابة" بأن أمه أم هانىء بنت أبي طالب ، وأن له رؤية بلا نزاع ؛ لأنه ولد في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ، وقال البخاري :
"له صحبة" .
وبالجملة : فعلة الحديث عندي :
أولاً : جهالة حال يزيد بن عبدالرحمن الأودي ، وتوثيق العجلي وابن حبان إياه مما لا يرفعها عندي ؛ لتساهلهما في التوثيق ؛ كما هو معروف عند أهل العلم ، ولذلك لم يوثقه الحافظ في "التقريب" كما سبق .
ثانياً : زيادة القرن الرابع فيه ؛ فإني لم أرها في شيء من الأحاديث الصحيحة على كثرتها ، وقد خرجت طائفة طيبة منها في "الروض النضير" (347) ، وفي بعضها ما ذكرت من الشك في الرابعة ، ومثله لا يمكن القضاء عليه إلا بزيادة من ثقة حافظ ، وهذا مما لم أجده ، اللهم إلا في رواية من حديث النعمان بن بشير ، تفرد بها عاصم ابن بهدلة ، وفي حفظه ضعف ؛ كما تقدم في تخريج حديث ابن مسعود في "الصحيحة" (700) ، ثم وجدت عاصماً قد رواه على الصواب دون زيادة "القرن الرابع" في رواية عنه عند أحمد (4/ 276) ، والبزار (3/ 290/ 2767) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 177) . وكذلك وقعت هذه الزيادة في رواية لأحمد (1/ 378) عن ابن مسعود ، وهي شاذة عندي ؛ لأنها لم ترد في "الصحيحين" ، ولأن في رواية لأحمد (1/ 434) : "ثلاثاً أو أربعاً" ، هكذا على الشك ، وهي رواية لمسلم (7/ 185) بنحوه ، وأحمد أيضاً (1/ 417) .
وقد وقع مثل هذا الاضطراب في حديث بريدة الأسلمي ، يرويه عنه عبدالله ابن مولة قال :
كنت أسير مع بريدة الأسلمي ، فقال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"خير هذه الأمة القرن الذي بعثت أنا فيهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ،ثم يكون قوم تسبق شهادتهم أيمانهم .." الحديث .
أخرجه أحمد (5/ 357) : حدثنا عفان : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن عبدالله بن مولة به . وقال عفان مرة :
"القرن الذين بعثت فيهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم" .
هكذا وقع فيه في الرواية الأولى أربعة قرون ، وفي المرة الأخرى خمسة قرون !
وهكذا وقع في "مجمع الزوائد" (10/ 19) من رواية أحمد ، وهذا اضطراب ظاهر !
وقد خولف عفان في روايتيه ، فقال أحمد (5/ 350) : حدثنا إسماعيل ، عن الجريري به ؛ إلا أنه قال :
"خير أمتي قرني منهم ، ثم الذين يلونهم . قال : ولا أدري أذكر الثالث أم لا ؟" .
(75/1)
قلت : وهذه الرواية أصح من الأوليين ؛ لأن إسماعيل - وهو ابن علية - ثقة حافظ من رجال الشيخين ، بخلاف حماد بن سلمة ؛ فإنه لم يحتج به مسلم إلا من روايته عن ثابت ، ولم يحتج به البخاري أصلاً ، وذلك ؛ لأن في حفظه كلاماً ، فروايته عند مخالفة من هو أوثق منه وأحفظ مرجوحة . ولا يمكننا أن ننسب هذا الاضطراب إلى الجريري - واسمه سعيد بن إياس - بحجة أنه كان اختلط ؛ لأن كلاً من حماد وإسماعيل قد رويا عنه قبل الاختلاط .
نعم ؛ يمكن عزو ذلك إلى عبدالله بن مولة شيخ أبي نضرة ، فإنه لا يعرف ؛ كما يشير إلى ذلك قول الذهبي في "الميزان" :
"ما روى عنه سوى أبي نضرة" .
وتوثيق ابن حبان إياه مما لا قيمة له ؛ لما عرف من تساهله في التوثيق ، حتى إنه ليوثق من يصرح فيه بمثل قوله : "لا أعرفه ولا أعرف أباه" ! كما أثبته بالنقل عن كتابه "الثقات" في غير هذا الموضع ، ولذلك ؛ لم يوثقه الحافظ ، وإنما قال فيه : "مقبول" . يعني عند المتابعة ، ولم يتابع من ثقة إلا على القرن الثالث الذي شك فيه في رواية إسماعيل ، بخلاف القرن الرابع ؛ فإنه لم يرد إلا مشكوكاً فيه كما تقدم ، وأما القرن الخامس فهو منكر ؛ لعدم وروده مطلقاً في شيء من طرق الحديث التي وقفت عليها إلا في هذه الطريق الواهية ، ولا تغتر بقول الهيثمي عقبها - وبعد أن ساق الروايات الثلاث - :
"رواها كلها أحمد وأبو يعلى باختصار ، ورجالها رجال الصحيح" .
فإن عبدالله بن مولة ليس من رجال "الصحيح" أولاً ، ثم هو لا يعرف ثانياً ؛ كما بينته آنفاً . ولعله التبس عليه بعبدالله بن حوالة الصحابي المشهور ، وإن كنت أستبعد هذا ؛ فإن محقق كتاب "المجمع" الذي وقع في هذا الالتباس ، قد بين أن الهيثمي ذكره على الصواب ؛ فجاء هذا المحقق فأفسده وجعله "عبدالله بن حوالة" ، وعلق عليه بقوله : "في الأصل مولة" ! وقد اغتر بهذا التصحيح صديقه وزميله في التتلمذ على الشيخ الكوثري ؛ ألا وهو الشيخ عبدالفتاح أبو غدة كما يأتي .
(تنبيه) : أخذ بعض متعصبة الحنيفة الهنود من حديث جعدة بن هبيرة أن مراسيل القرن الرابع حجة ، فقال في كتابه "قواعد في علوم الحديث" (ص450) بعد أن نقل كلام الحافظ فيه ، ورجح صحبة جعدة :
"وعلى هذا ؛ فيجوز لنا أن نحتج بمراسيل القرن الرابع أيضاً ؛ لاشتراكهم مع الثالث في العلة التي بها قبلنا مراسيلهم" !
وعلق عليه الشيخ أبو غدة متعقباً له - على خلاف عادته - ، فقال :
"قلت : هذا توسع غير ناهض ؛ فقد جاء ذكر الخيرية للقرن الخامس أيضاً كما في "مجمع الزوائد" (10/ 19) من حديث (عبدالله بن حوالة) . رواه أحمد وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح" .
قلت : وهذا التعقب وإن كان في نفسه صحيحاً عندنا لموافقته مذهب المحدثين في ترك الاحتجاج بالمرسل - سوى مرسل الصحابي - على ما هو مشروح في علم المصطلح ؛ فإن لنا عليه مؤاخذات :
الأولى : أن مؤلف "القواعد" لما ذكر من قبل (ص138) أن المختار عند الحنيفة قبول مرسل أهل القرن الثاني والثالث ، لم يعلق عليه أبو غدة ، بل تلقاه بالتسليم ؛ لأنه مذهبه ! بل زاد على ذلك ، فاستدل له بحديث البخاري : "خير أمتي قرني ..." الحديث ؛ بالإضافة إلى استدلال المؤلف على ذلك بالإجماع والمعقول ، وكل ذلك مردود عند التحقيق ، وليس هذا محل بيان ذلك ، فإذا كان استدلال المؤلف واستشهاد المعلق صحيحاً ، فيلزمهما طرد هذا الاستدلال ، وهذا ما صنعه المؤلف حينما عثر على حديث جعدة بن هبيرة ، فاستدل به على الاحتجاج بمرسل القرن الرابع أيضاً كما سبق ، فقول الشيخ :
"هذا توسع غير ناهض" ؛ نقض لما سلم به هناك ؛ لأن الدليل واحد ، بل كان الواجب عليه أن يلزم المؤلف بالاحتجاج بمرسل القرن الخامس أيضاً بنفس الدليل الذي استدل به للقرن الرابع وهو حديث بريدة ، وإلا ؛ كان المؤلف متناقضاً ، ولكن المؤلف طرد استدلاله ، وأما المعلق فهو الذي تناقض !
والحق ؛ أن الحديث ليس له علاقة بتوثيق أهل القرون الثلاثة بالمعنى الذي يريده أهل الحديث ؛ وهو إثبات العدالة التي تنافي الكذب والفسق أولاً ، والحفظ والضبط الذي ينافي سوء الحفظ المستلزم لضعف حديث صاحبه ثانياً ، وإنما هو يثبت لهم العدالة فقط ، وفي الجملة لا في التفصيل ، فالاستدلال به على إثبات العدالة لكل فرد من أفراد تلك القرون مما لا يخفى فساده على أهل العلم ، وأما إثبات الأمر الثاني وهو الحفظ والضبط ؛ فهيهات هيهات .
الثانية : أنه قلد محقق "مجمع الزوائد" في جعله الحديث من رواية عبدالله ابن حوالة ، وتحريفه - بجهله - الأصل الذي كان فيه عبدالله بن مولة ، والأول صحابي ، والآخر تابعي مجهول ، (ذلك مبلغهم من العلم) .
(75/2)
الثالثة : تصحيحه الحديث بجزمه به في قوله : "فقد جاء .." ، وهو حديث ضعيف مضطرب ، ولو كان عنده ذرة من المعرفة بهذا العلم الشريف ؛ لكان مجرد نظره في اختلاف ألفاظ الحديث - وقد ذكرها كلها صاحب "المجمع" - كافياً له في دفعه إلى إمعان النظر فيها وترجيح الراجح منها على المرجوح ، ولكن أنى له ذلك ، وهو لا يعرف من هذا العلم إلا مجرد النقل والتقليد تقليداً أعمى ؛ كما يدل على ذلك تعاليقه الكثيرة على الكتب التي يقوم بطبعها ، بل وتحقيقها زعم !!
الرابعة : تقليده الهيثمي في قوله : "رجاله رجال الصحيح" ، وابن مولة ليس من رجال "الصحيح" كما سبق ، ولعل قول الهيثمي هذا هو الذي غره فصحح الحديث - وهو من جهله بهذا العلم - ثم اعترض به على المؤلف ، وإن كان الاعتراض نفسه وارداً عليه ولازماً له كما بينا .
وقد وقع المؤلف نفسه في مثل هذا الاغترار ؛ فإنه اكتفى في تصحيح الحديث للاستلال به على ما ذهب إليه من الأخذ بمرسل القرن الرابع - بقول الحافظ : "رجال ثقات ؛ إلا أن جعدة مختلف في صحبته" . ففهم من قوله : "رجاله ثقات" أنه يساوي قوله لو قال : "إسناده صحيح" ، لولا الاختلاف الذي ذكره ، وما دام أن الراجح عند المؤلف أنه صحابي ؛ فالإسناد صحيح ! وقد عرفت ما فيه من الجهالة والمخالفة للأحاديث الصحيحة التي اتفقت على إثبات القرن الثالث ، والشك في الرابع ، فلا يزول هذا الشك بزيادة رجل مجهول الحال لم يوثقه إلا متساهل بالتوثيق كما سبق !
ثم جدت أمور لابد من النظر فيها ، وبيان ما يجب حولها ، فأقول :
أولاً : حديث بريدة الأسلمي المتقدم برواية أحمد عن عفان ، وفيه ذكر القرن الرابع ، وقد أخرجه ابن أبي شيبة أيضاً في "المصنف" (12/ 177/ 1/ 12463) : حدثنا عفان به . إلا أنه وقع فيه : " .. مع أبي بردة الأسلمي .." كذا : أبي بردة ! ولعله خطأ مطبعي أو نسخي ؛ فإنه لا وجود لأبي بردة الأسلمي في الصحابة ، فلعله في الأصل : "أبي برزة الأسلمي" فإنه صحابي معروف ، وقد وقع كذلك عند بعض رواته كما يأتي ، لكن قد أخرجه ابن حبان ، في أول المجلد الثامن من كتابه "الثقات" من طريق أبي بكر بن أبي شيبة : حدثنا عفان به ، مثل رواية أحمد : ".. بريدة الأسلمي .." ، فهذا يؤكد خطأ ما في "المصنف" .
لكن ؛ قد أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (13/ 415/ 7420) : حدثنا العباس ابن الوليد النرسي : حدثنا عبدالأعلى أبو محمد السامي : حدثنا سعيد - يعني الجريري - ... فساق إسناده المتقدم ، ولكنه قال : "أبو برزة الأسلمي" ! وليس هذا خطأ مطبعياً ؛ فإنه كذلك في بعض المخطوطات ، ويؤيد ذلك أنه في جملة أحاديث ساقها أبو يعلى في "مسند أبي برزة الأسلمي" ، فإذن يمكن أن يعتبر هذا اضطراباً آخر من عبدالله بن مولة فإن السند إليه بهذا صحيح أيضاً ، فكما اضطرب في متن الحديث كما تقدم ، فكذلك اضطرب في إسناده أيضاً ، فمرة قال : "بريدة الأسلمي" ، ومرة قال : "أبو برزة الأسلمي" !
بل إنه اضطرب في متنه على وجه آخر ؛ فإنه لم يذكر القرن الرابع ، بل شك في القرن الثالث ، فقال كما قال إسماعيل ابن علية في روايته المتقدمة : "ولا أدري أذكر الثالث أم لا ؟" .
فهذا مما يؤكد ضعف الحديث وضعف رواية عبدالله بن مولة ، وخطأ من صحح حديثه هذا ؛ كما يأتي بيانه فيما يلي :
ثانياً : قال ابن حبان عقب الحديث :
"هذه اللفظة : "ثم الذين يلونهم" في الرابعة ، تفرد بها حماد بن سلمة وهو ثقة مأمون ، وزيادة الألفاظ عندنا مقبولة عن الثقات .." .
قلت : لا شأن لحماد في هذه الزيادة ، كما لا شأن له بالزيادة الأخرى : "ثم الذين يلونهم" في الخامسة ، كما تقدم في الرواية الأخرى عند أحمد ، فتنبه ، وإنما هو اضطراب من عبدالله بن مولة كما تقدم .
على أنه يمكن أن ينسب إلى حماد نفسه شيء من هذا الاختلاف ؛ فإني وجدت الطحاوي قد روى الحديث في "مشكل الآثار" (3/ 177) من طريق عفان عنه بإسناده ، لم يذكر القرن الرابع مطلقاً ، وفي حماد كلام يسير في حفظه إلا في روايته عن ثابت - كما تقدم - ، فقد يكون منه بعض هذا الاختلاف ، إلا ؛ فهو من عفان أو من دونه ، وهذا مما أستبعده . والله أعلم .
ثالثاً : قد عرفت مما تقدم أن عبدالله بن مولة مجهول ، وأنه علة هذا الحديث ، ولم يتنبه لهذا المعلق على "مسند أبي يعلى" ، فقال :
"إسناده صحيح" !
وركن في ذلك إلى قول الذهبي في ابن مولة في "الكاشف" :
"صدوق" .
وقول الحافظ في "التقريب" :
"مقبول" .
وليس يخفى على أحد أنه لا حجة له في شيء من ذلك ، أما قول الحافظ ، فظاهر لكل من يعرف اصطلاح الحافظ في هذه اللفظة : "مقبول" ، فإنه يعني أنه مقبول عند المتابعة ، وإلا ؛ فلين الحديث ، وعليه ؛ فالحديث لين ؛ لأنه لا متابع له أولاً ، ثم هو قد اضطرب في إسناده ومتنه ثانياً كما سبق بيانه ، فأنى لحديثه الصحة ؟!
(75/3)
وأما قول صاحب "الكاشف" فيه : "صدوق" ؛ فهو في الحقيقة يكشف عن وهم لا وجه له أهل العلم ، ومنهم الذهبي نفسه ؛ فقد صرح - كما تقدم - بأنه ما روى عنه سوى أبي نضرة ، فلعل الوهم من بعض الناسخين ؛ فإن المعروف عندي عن الذهبي أنه إنما يقولها في التابعي المستور الذي روى عنه جمع من الثقات ، وهذا على الغالب ، وأما مجهول العين كهذا ؛ فلا .
رابعاً : ثم إن حديث داود بن يزيد الأودي المتقدم قد رأيته في "معجم الطبراني الأوسط" (2/ 34/ 2/ 5606) من طريق عقبة بن مكرم قال : حدثنا يونس ابن بكير ، عن داود بن يزيد الأودي ، عن أبيه يزيد بن عبدالرحمن ، عن أبي هريرة به ؛ وقال :
"لم يروه عن داود الأودي إلا يونس بن بكير ، تفرد به عقبة" .
كذا قال ! وقد رواه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 276/ 2643) من طريق عبيد بن يعيش ، عن يونس بن عبيد به . ثم رواه من طريق أبي نعيم ، عن داود ابن يزيد الأودي ، عن أبيه ، عن جعدة بن هبيرة عن النبي صلي الله عليه وسلم ، ولم يذكر : "ثم الرابع .." ، وقال :
"وأبو نعيم أحفظ من يونس ، وليس لجعدة صحبة" .
قلت : كذا وقع في رواية أبي نعيم : "داود بن يزيد" ، فإذا صح هذا فهو متابع لإدريس بن يزيد الأودي في روايته المتقدمة ، فهو مما يرجح رواية أبي نعيم هذه ، وأن الحديث حديث جعدة بن هبيرة ، وليس حديث أبي هريرة ، وقد عرفت مما سلف أن يزيد الأودي مجهول الحال ، فالإسناد ضعيف على كل حال ، صحت صحبة جعدة أو لم تصح ، والله أعلم .
خامساً : ذكر الهيثمي في "المجمع" (10/ 20) حديث أبي برزة الأسلمي مختصراً جداً بلفظ :
"خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم" .
وقال :
"وإسناده حسن . رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفه" .
فأقول : أخشى أن يكون قوله : "وإسناده حسن" مقحماً من بعض النساخ ؛ لأنه ينافي قوله : "فيه من لم أعرفه" ، كما ينافي أسلوبهالعام في كلامه على الأحاديث ؛ فإن عادته الغالبة أن يخرج ، ثم يتكلم على الإسناد تصحيحاً وتضعيفاً . والله أعلم .
ثم إنني أخشى أن يكون مداره على عبدالله بن مولة المجهول كما تقدم ، والمجلد الذي فيه مسند أبي برزة - واسمه نضلة - من "المعجم الكبير" للطبراني لم يطبع بعد ، فما أمكنني الوقوف على إسناده فيه .
(75/4)
3570 - ( خير أمراء السرايا ؛ زيد بن حارثة ، أقسمهم بالسوية ، وأعدلهم في الرعية ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 62 :
$موضوع$
أخرجه الحاكم (3/ 215) عن الحسين بن الفرج : حدثنا محمد بن عمر : حدثني عائذ بن يحيى ، عن أبي الحويرث ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه مرفوعاً به . وسكت عنه الحاكم ، وتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : في سنده الواقدي" .
قلت : وهو متهم بالكذب كما تقدم مراراً ، والراوي عنه الحسين بن الفرج ؛ قال في "الميزان" :
"قال ابن معين : كذاب يسرق الحديث ، ومشاه غيره ، وقال أبو زرعة : ذهب حديثه" .
قال الحافظ في "اللسان" :
"وقوله : "مشاه غيره" ما علمت من عنى" .
(76/1)
المفضلات