1 سورة البقرة، الأية 153.
ص -139- الله صلى الله عليه وسلمفي الصلاة؛ قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا السلام على الله؛ فإن الله هو السلام"؛ أي: إن الله سالم من كل نقص.
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "السلام مصدر، وهو من ألفاظ الدعاء، يتضمن الإنشاء والإخبار؛ فجهةالإخبارية تناقض الجهة الإنشائية، وهو معنى السلام المطلوب عند التحية...".
إلى أن قال: "والمقام لما كان مقام طلب السلامة التي هي أهم عند
الرجل أتى في طلبها بصيغة اسم من أسماء الله - تعالى، وهو السلام، الذي تطلب منه السلامة؛ فتضمن معنيين: أحدهما: ذكر الله... والثاني: طلب السلامة، وهو مقصود المسلم".
2- ومن الألفاظ التي لا تقال في حق الله تعالى:"اللهم اغفر لي إن شئت"؛ فطلب الحاجة من الله لا يعلق على المشيئة؛ وإنما يجزم به.
وفي (الصحيح)عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئتن ليعزم المسألة؛ فإن الله لا مكره له"، ولمسلم: "وليعظم الرغبة؛ فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه".
والنهي عن ذلك لأمرين:
الأول: أن الله - سبحانه - لا مكره له على الفعل، وإنما هو يفعل ما يريد؛ بخلاف العبد؛ فإنه قد يفعل الشيء وهو كاره، ولكن يفعله لخوف أو رجاء من أحد، والله ليس كذلك.
الثاني: أن التعليق على المشيئة يدل على فتور في الطلب وقلة رغبة فيه،
ص -140- فإن حصل، وإلا؛ استغنى عنه، وهذا يدل على عدم الافتقار إلى الله.
وفي رواية مسلم الأمر بتعظيم الطلب؛ لأن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه؛ أي: لا يكبر عليه - سبحانه - ولا يعسره، وليس عنده بعظيم، وإن عظم في نفس المخلوق، وذلك لكمال فضله وجوده وسعة غناه؛ فهو يعطي العظائم، ولا يعجزه شيء: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}1 .
3- ومن الألفاظ التي لا تقال في حق الله تعالى: الإقسام على الله إذا كان على جهة الحجر عليه أن لا يفعل الخير.
عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان. فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان، إني قد غفرت له وأحبطت عملك"، رواه مسلم.
التألي: من الأليةَّ - بتشديد الياء، ومعنى "يتألى": يحلف.
وقوله: "من ذا الذي": استفهام إنكار.
وهذا
الرجل أساء الأدب مع الله، وحكم عليه، وقطع أنه لا يغفر لهذا المذنب؛ فكأنه حكم على الله - سبحانه، وهذا من جهله بمقام الربوبية، واغتراره بنفسه وبعمله، وإدلاله بذلك؛ فعومل بنقيض قصده، وغفر لهذا المذنب بسببه، وأحبط عمله بسبب هذه الكلمه السيئة التي قالها، مع أنه كان عابدًا.
قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "تكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته".
ففي الحديث وجوب التأدب مع الله سبحانه في الأقوال والأفعال، وتحريم الإدلال على الله والإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين، وتحريم الحلف على الله إذا كان على جهة الحجر عليه أن لا يفعل الخير بعباده.
--------------------------------