بسم الله الرحمن الرحيم
فى الحلقة السابقة تحدثت عن أن آخر تناقضين هما الأهم لأن يهوذا اختفى من الصورة تماماً بعد الصلب و نهايته مُختلَف فيها كما رأينا و كلها حكايات تناقلها الناس و القرآن لم يتحدث عن الكيفية التى نجا بها الله مسيحه و لكنه أخبر أنه رفعه إليه و كل من تكلم بعد عن نجاة المسيح تكلم فى قولين:
1- هو خيانة يهوذا و أنه هو الذى أُلقى عليه الشبه و هو ما تحدثت عنه النبوءات كما سنرى بعد ذلك و كذلك نفهمها من القرءان فى آل عمران:"وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)"أى أن هناك من مكر بالمسيح فرد الله كيده فى نحره .
2-هو أن يهوذا ضحى بحياته و لم يكن خائنا و هذا ما كشفه إنجيل يهوذا و هو قول ابن عباس و بعض الإخوة استنتجه أيضا من الأناجيل الأربعة .
و كما رأينا قبلاً أن الأربع شهود ما شافوش حاجة و نكمل التناقضات التى فى قصة القيامة أضعف قصص الأناجيل على الإطلاق
متى أتت الزائرات إلى القبر؟
تتحدث الأناجيل عن زائرات للقبر في يوم الأحد، ويجعله مرقس بعد طلوع الشمس، فيقول: "وباكراً جداً في أول الأسبوع أتين إلى القبر، إذ طلعت الشمس، وكنّ يقلن فيما بينهنّ من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر، فتطلعن، ورأين أن الحجر قد دحرج " (مرقس 16/2-3 ).
لكن لوقا ومتَّى يجعلون الزيارة عند الفجر، وينصُّ يوحنا على أن الظلام باقٍ، يقول يوحنا: "في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً، والظلام باق، فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر" (يوحنا 20/1 )، ( انظر: متى 28/1، لوقا 24/1).
ولنقرأ محاولة الأب متى المسكين في الجمع بين الفجر وطلوع الشمس، فقد قال: "فالاختلاف ناتج أن النسوة قمن باكراً جداً والظلام باق، وأتين إلى الباب، باب غربي المدينة، وانتظرن هناك إلى أن فتحوا الباب الذي لا يفتح إلا في شروق الشمس، وهكذا بين أن قمن ووصلن في الفجر عند الباب وخرجن والشمس قد طلعت؛ كانت المفارقة".
ولا ريب أن القارئ يدرك أن أحداً من الإنجيليين أو المؤرخين لا يدري شيئاً عما يكتبه الأب المسكين عن باب المدينة المغلق، كما يدرك أن تفسير الأب للقصة يكذب ما قاله يوحنا الذي يقول: " جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً، والظلام باق"، لقد وصلت المجدلية إلى القبر والظلام باق، وليس إلى باب المدينة الغربي الذي لا يفتح إلا بعد شروق الشمس!
من زار القبر؟
أما الزائرات والزوار، فهم حسب يوحنا مريم المجدلية وحدها كما في النص السابق " جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً " (يوحنا 20/1 - 3).
وأضاف متى مريمَ أخرى أبهمها " جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر " (متى 28/1).
لكن مرقس يخبر قراءه أن الزائرات هن مريم المجدلية وأم يعقوب وسالومة، فيقول: "اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطاً ليأتين ويدهنّه " (مرقس 16/1 ).
وأما لوقا فيخبر أن القادمات للزيارة كن نساء كثيرات ومعهن أناس، يقول لوقا: "وتبعته نساء كنّ قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده. ثم في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ أناس، فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر" (لوقا 23/ 55 - 24/1). وهذا كله إنما كان في زيارة واحدة.
متى دحرج الحجر؟
ثم هل وجد الزوار الحجر الذي يسد القبر مدحرجاً أم دُحرج وقت الزيارة؟
يقول متى: " وإذا زلزلة عظيمة حدثت، لأن ملاك الرب نزل من السماء، جاء ودحرج الحجر عن الباب، وجلس عليه " ( متى 28/2 )، فيفهم منه أن الدحرجة حصلت وقتذاك.
بينما يذكر الثلاثة أن الزائرات وجدن الحجر مدحرجاً، يقول لوقا: "أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ أناس. فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر" (لوقا 24/2) ( وانظر: مرقس 16/4، يوحنا 20/1 ).
ماذا رأت الزائرات؟
وقد شاهدت الزائرات في القبر شاباً جالساً عن اليمين، لابساً حُلة بيضاء حسب مرقس (انظر: مرقس 16/5)، ومتى جعل الشاب ملاكاً نزل من السماء. ( انظر: متى 28/2 )، ولوقا جعلهما رجلين بثياب براقة. (انظر: لوقا 24/4).
وأما يوحنا فقد جعلهما ملَكين بثياب بيضٍ، أحدهما عند الرأس، والآخر عند الرجلين. ( انظر يوحنا 20/12 ).
أين لقيت المجدلية المسيح؟ ومن الذي بشرها بقيامة المسيح؟
لقد كانت زائرات القبر أول من رأين المسيح، فأين حصل هذا اللقاء.
يجيب يوحنا بأنه كان داخل قبر المسيح، حين كانت المجدلية (وهي الزائرة الوحيدة حسب يوحنا) تتحدث إلى الملائكة، "فقالا لها: يا امرأة لماذا تبكين؟ قالت لهما: إنهم أخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه، ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء ، فنظرت يسوع واقفاً، ولم تعلم أنه يسوع، قال لها يسوع: يا امرأة لماذا تبكين؟ من تطلبين؟ فظنت تلك أنه البستاني؛ فقالت له: يا سيد إن كنت أنت قد حملته؛ فقل لي: أين وضعته؟ وأنا آخذه، قال لها يسوع: يا مريم. فالتفتت تلك، وقالت له: ربوني الذي تفسيره يا معلّم" (يوحنا 20/14-16)، ونلحظ هنا أنها اكتشفت أن المسيح مازال حياً من غير إخبار الملائكة لها، فقد رأته وتعرفت عليه بعد برهة من حديثه معها.
وأما إجابة متى عن السؤال فهي مختلفة ، فإنه يرى أن المجدلية وصاحبتها قد لقيتاه خارج القبر، بل بعيداً عنه، فقد قال لهما الملاك مبشراً بنجاة المسيح: " لا تخافا أنتما. فإني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب، ليس هو ههنا، لأنه قام كما قال. هلم انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعاً فيه، واذهبا سريعاً، قولا لتلاميذه أنه قد قام من الأموات ... فخرجتا سريعا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه، وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه؛ إذا يسوع لاقاهما، وقال: سلام لكما. فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له. فقال لهما يسوع: لا تخافا. اذهبا، قولا لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل وهناك يرونني" (متى 28/8-10).
وهكذا فحسب متى كان اللقاء بعيداً عن القبر، وكانت البشارة بقيامته من قبل الملائكة، لا المسيح نفسه، ليتجدد السؤال : أي الإنجيلين أصاب كبد الحقيقة وأيهما أخطأها؟ وهل يمكن أن يكون مصدر ذا وذاك الله؟
هل أسرت الزائرات الخبر أم أشاعته؟
ويتناقض مرقس مع لوقا في مسألة: هل أخبرت النساء أحداً بما رأين أم لا ؟ فمرقس يقول: "ولم يقلن لأحد شيئاً، لأنهن كن خائفات " ( مرقس 16/8 )، ولوقا يقول: " ورجعن من القبر، وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله " ( لوقا 24/9 ).
لمن ظهر المسيح أول مرة؟
وتختلف الأناجيل مرة أخرى في عدد مرات ظهور المسيح لتلاميذه، وفيمن لقيه المسيح في أول ظهور؟ فمرقس ويوحنا يجعلان الظهور الأول لمريم المجدلية. ( انظر: مرقس 16/9، يوحنا 20/14). ويضيف متى: مريم الأخرى. ( انظر: متى 28/9 ).
بينما يعتبر لوقا أن أول من ظهر له المسيح هما التلميذان المنطلقان لعمواس ( انظر: لوقا 24/13 ).
كم مرة ظهر المسيح؟ وأين؟
ويجعل يوحنا ظهور المسيح للتلاميذ مجتمعين ثلاث مرات. ( انظر: يوحنا 20/19، 26 ) بينما يذكر الثلاثة للمسيح ظهوراً واحداً (انظر: متى 28/16، مرقس 16/14، لوقا 24/36).
ويجزم لوقا المتتبع لكل شيء بتدقيق أن المسيح ظهر للتلاميذ مرة واحدة، وقد رُفع في نهاية هذه المقابلة، فيقول: "وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم، وقال لهم: سلام لكم، فجزعوا وخافوا، وظنوا أنهم نظروا روحاً .. وأخرجهم خارجاً إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم، وفيما هو يباركهم انفرد عنهم، وأُصعد إلى السماء" ( لوقا 24/36 - 51).
وهذا اللقاء الأول والأخير بين المعلم وتلاميذه يرى لوقا أنه قد تم في أورشليم، فيقول: "ورجعا إلى أورشليم، ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم، وهم يقولون: إن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان ... وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم، وقال لهم: سلام لكم" ( لوقا 24/33 - 36).
بينما يقول صاحباه (متى ومرقس) بأن ذلك كان في الجليل " أما الأحد عشر تلميذاً، فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل، حيث أمرهم يسوع، ولما رأوه سجدوا له" ( متى 28/16)، ( وانظر مرقس 16/7 )، فهل كان لقاؤهم الأول مع المسيح في الجليل أم في أورشليم؟
هل حضر توما اللقاء مع الأول مع المسيح؟
وعند غض الطرف عن عدد ظهورات المسيح للتلاميذ فإنا نتساءل عن الحضور الذين رأوا المسيح في اللقاء الأول حيث كان التلاميذ مجتمعين في أورشليم أو الجليل، هل كانوا جميعاً موجودين أم أن أحدهم وهو توما الشكاك كان غائباً عن هذا اللقاء؟
متّى يرى أن التلاميذ الاثني عشر كانوا موجودين خلا يهوذا الخائن، فيقول: "وأما الأحد عشر تلميذاً، فانطلقوا إلى الجليل، إلى الجبل، حيث أمرهم يسوع، ولما رأوه سجدوا له، ولكن بعضهم شكّوا" (متى 28/16-17)، يفهم منه أن توما كان أحد أولئك الساجدين حينذاك، ولعله هو من عناه متى حين قال: "ولكن بعضهم شكوا".
لكن يوحنا يجزم بغياب توما عن اللقاء الأول، ويقول: "أما توما أحد الاثني عشر الذي يقال له التوأم، فلم يكن معهم حين جاء يسوع، فقال له التلاميذ الآخرون: قد رأينا الرب " (يوحنا 20/19-25)، والحديث بالطبع عن اللقاء الأول، وقد لقيه بعد ذلك بثمانية أيام، وشكّ في شخص من يراه، وأراه المسيح يديه ورجليه كما قال يوحنا. (انظر يوحنا 20/26-27).
لكن العجب كل العجب فيما أضافه بولس في اللقاء الأول، لقد أضاف ضيفاً غريباً ثقيلاً، وهو يهوذا الأسخريوطي، التلميذ الخائن الهالك، فقد قال: "قام في اليوم الثالث حسب الكتب، وإنه ظهر لصفا، ثم للاثني عشر " (كورنثوس (1) 15/4)، إنه تناقض صارخ آخر من تناقضات هذه الرواية التي تعتبر بحق أضعف أجزاء العهد الجديد.
كم بقي المسيح في الأرض قبل رفعه؟
ونشير أخيراً إلى تناقض كبير وقعت فيه الأناجيل، وهي تتحدث عن ظهور المسيح، ألا وهو مقدار المدة التي قضاها المسيح قبل رفعه.
ويفهم من متى ومرقس أن صعوده كان في يوم القيامة ( انظر: متى 28/8 - 20، مرقس 16/9 - 19، ولوقا 24/1 - 53 ).
إلا أن مؤلف أعمال الرسل - والمفترض أنه لوقا - جعل صعود المسيح للسماء بعد أربعين يوماً من القيامة. ( انظر: أعمال 1/13 ) و هو ثانى تناقض بين انجيل لوقا و سفره بعد بارباس الذى كشفناه فى حلقتنا السابقة.
المفضلات