إدوارد/أدولــف درومـــــــون (1844-1917(
Edouard-Adolphe Drumont
صحفي فرنسي، وواحد من أهم المفكرين المعادين لليهود في الحضارة الغربية. عاش في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا،وهو عصر الهيمنة الأوربية على العالم واقتسامه بين القوى الإمبريالية المختلفة،وكان معروفاً باتجاهاته اليسارية في مقتبل حياته الصحفية. وقد اضطر درومون إلى الاستقالة من صحيفة لاليبرتيه عام 1866 وأرجع هذا إلى سيطرة المليونير اليهودي ذي الاتجاهات السان سيمونية إسحق بريير الذي كان يمتلك الجريدة،واتهم اليهود بالسيطرة على الاقتصاد والإعلام،وظهر في العام ذاته كتابه فرنسا اليهودية في جزئين،وهو من أهم كلاسيكيات معاداة اليهود في الحضارة الغربية،ويُقال إنه كان أكثر الكتب شيوعاً في أوربا في القرن التاسع عشر إذ طُبع ما يزيد على مائة طبعة،وتُرجم إلى عديد من اللغات.

ويتسم فكر درومون بأنه خليط من الأفكار الدينية الراسخة في الوجدان المسيحي الغربي والأفكار الاشتراكية والشيوعية التي حققت ذيوعاً بين الجماهير الأوربية في القرن التاسع عشر. ويتضح هذا في كتابه فرنسا اليهودية الذي يذهب فيه إلى أن اليهود عنصر تجاري هامشي بطبيعته يعوق نمو الطبقة الوسطى المحلية (المسيحية) بسبب سيطرته على المشاريع التجارية والصناعية الكبرى. واليهود لا يندمجون مع الأمم الأخرى، فهم عنصر غريب، يعيشون بين الفرنسيين ولا يندمجون معهم، فهم لا وطن لهم. بل إن أولئك اليهود الذين يبدو كما لو كانوا مندمجين، هم في واقع الأمر أكثر العناصر خطراً، فهم مخادعون يتسللون داخل الأمة لإفسادها وتدميرها. ويُلاحَظ أن وصف درومون لليهود يقترب كثيراً من وصفنا للجماعات الوظيفية التي تعيش في المجتمعات المختلفة دون أن تكون فيها، والتي تندمج فيها كي تتعامل معها بكفاءة ولكنها تظل منعزلة عنها، وتحقق تراكماً هائلاً في الثروة. وقد اقترح درومون مصادرة أموال اليهود على أن تُستخدَم هذه الأموال لإيجاد وسائل إنتاجية للطبقة العاملة المُستغَلة.

وفي عام 1892، أسس درومون جريدة لا ليبر بارول والتي أفصح فيها عن رؤيته التي تجمع بين توجه كاثوليكي وتوجه اشتراكي في آن واحد والتي نشر فيها مقالاته عن فضيحة قناة بنما، وقد سجن لمدة ثلاثة أشهر بسببها. كما أسس جماعة رابطة أعداء اليهود، ثم كتب ملحقاً لكتاب فرنسا اليهودية وعدة كتب أخرى تُعبِّر عن الاتجاه نفسه المعادي لليهود. ورشح نفسه للانتخابات عام 1898 وفاز بمقعد في البرلمان. ثم قاد الحملة ضد دريفوس، ولكن تبرئة دريفوس أدَّت إلى تراجُع نفوذه.

كـارل ليوجـر (1844-1915(
Karl Lueger
سياسي نمساوي ومؤسس وزعيم الحزب المسيحي الاشتراكي النمساوي الذي اتسم بتوجهه المعادي لليهود. وُلد في فيينا لعائلة متوسطة ودرس القانون. بدأ حياته السياسية مع الجناح اليساري للحزب التقدمي حيث تعاون مع أعضائه من اليهود ومن بينهم أجناز ماندل الذي ظل صديقاً لليوجر ومستشاره السياسي لفترة طويلة. وقد انتخب ليوجر عضواً بمجلس مدينة فيينا عام 1875 ودخل البرلمان عام 1885. ورغم أن ليوجر نفسه لم يكن معادياً لليهود، ولم يكن متحمساً لفكرة الشعب العضوي الألماني، إلا أنه مثل غيره من السياسيين النمساويين في تلك الفترة، لم يتردد في استغلال كلا الأمرين من أجل تحقيق أغراضه وطموحاته السياسية. إذ كانت فيينا تضم في تلك الفترة مزيجاً من القوميات المختلفة، وكان استخدام أي سياسي لمشاعر معاداة اليهود يشكل أداة لتوحيد وكسب تأييد هذه الجماعات المتنافرة، وكذلك كسب تأييد البورجوازية الصغيرة التي كانت تعاني من المشاكل الاقتصادية. وقد اشترك ليوجر عام 1893 في تشكيل الحزب المسيحي الاشتراكي. وكان يسعى لكسب أصوات البورجوازية الصغيرة لهزيمة الحزب الليبرالي الذي تولى السلطة آنذاك وحظي بتأييد يهود فيينا. وبالفعل، حقق ليوجر شعبية كبيرة بفضل مهاراته كخطيب، ونجح في أن يجعل حزبه القناة الرئيسية للتعبير عن الاستياء الاجتماعي والسخط العام. وهاجم ليوجر الرأسمالية والماركسية باعتبارهما نتاجاً للعقل اليهودي. وقد نجح حزبه في انتخابات مجلس مدينة فيينا، وانتُخب ليوجر عام 1895 عمدة للمدينة، إلا أن الإمبراطور النمساوي فرانسيس جوزيف رفض الموافقة على نتيجة الانتخابات، ربما بسبب نشاط ليوجر المستفز للشعور العام، ولكنه اضطر تحت ضغط الرأي العام في فيينا وبإيعاز من تيودور هرتزل إلى إقرار تعيينه. وقد عمل ليوجر من خلال منصبه الذي احتفظ به حتى وفاته على إدخال العديد من الإصلاحات الاجتماعية والخدمات العامة.

ورغم أن سياسة إدارته كان لها بعض الآثار الاقتصادية السلبية على أعضاء الجماعة اليهودية في فيينا، إلا أن موقفه تجاه اليهود أصبح أكثر اعتدالاً بعد وصوله إلى السلطة، وضمت إدارته صديقه اليهودي ماندل (الذي تنصر وسنه 72 سنة)، كما أن نائب العمدة كان ذا أصول يهودية. وكان ليوجر يقوم بزيارات للمعابد والأسر اليهودية. وأكثر ما يدل على انتهازية ليوجر واستغلاله لمعاداة اليهود للأغراض السياسية عبارته « أنا الذي أقرر من هو اليهودي »، وهي عبارة تعكس في الواقع إدراك ليوجر للإبهام وعدم الوضوح الذي يحيط بمسألة تعريف اليهودي في فيينا، حيث ذهب البعض إلى اعتبار اليهود جماعة دينية، بينما اعتبرهم البعض الآخر، مثل القوميين الألمان، جماعة عرْقية. وقد أتاح ذلك لليوجر إنكار معاداته لليهود أو تأكيدها وفقاً لما تستدعيه مصلحته والمصلحة السياسية لحزبه. إلا أن ترويجه الأفكار المعادية لليهود كان له أثر، فيما ما يبدو، على فكر أدولف هتلر إبان نشأته.

أوجست ســترندنبـرج (1849-1912(
August Strindenberg
أهم كُتَّاب المسرح السويديين، ومن أهم كُتَّاب الدراما في العالم أجمع. وُلد لأسرة من الطبقة الوسطى في العاصمة السويدية لأب يعمل وكيلاً في النقل البحري وأم خادمة.

ألَّف ما يزيد على الستين عملاً درامياً، كما كتب مئات المقالات والعشرات من الروايات والمجموعات القصصية القصيرة والسيرة الذاتية. وهو يمثل بالنسبة للأدب السويدي واللغة السويدية ما يمثله شكسبير للأدب الإنجليزي واللغة الإنجليزية.

وترجع علاقة سترندنبرج باليهود إلى بدايته الأولى ككاتب واقعي تقدُّمي هاجم الملكية والمؤسسات الرجعية في السويد في كتابه الملكية الجديدة وكتابه أشعار (1883). وقد أثار هذان الكتابان القوى المحافظة في السويد ضده، وهو ما حدا به إلى السفر إلى أوربا متنقلاً بين بلادها. ونشر، وهو في الخارج، مجموعة إسكتشات تحت عنوان «الزواج» عام 1884، وكان ناشرها يهودياً. وفي هذه المجموعة، هاجم سترندنبرج المؤسسات الدينية هجوماً شديداً ودافع عن الجانب الجسدي في الزواج الأمر الذي دفع أعداءه إلى مقاضاته باستخدام فقرة في القانون السويدي تجرِّم التجديف، وأشاروا إلى اسكتش في المجموعة سماه «شعراء الفضيلة» استخدم فيه إشارات ترمز للعشاء الأخير.

وفي البداية، رفض سترندنبرج العودة والوقوف أمام المحاكمة. إلا أنه عاد فيما بعد عندما بدأ الادعاء في مقاضاة ناشره اليهودي وفقاً للقانون السويدي الذي كان يجيز مقاضاة الناشر في حالة غياب المؤلف. وقد صرح سترندنبرج بأن عودته ترجع أساساً لخوفه من تحيُّز القانون ضد الناشر اليهودي لكونه يهودياً حيث إن أوربا كانت تجتاحها في تلك الآونة موجة من العداء لليهودية (على حد قوله). وقد بُرئ سترندنبرج من تهمة التجديف، إلا أن محاكمته ذاتها جلبت عليه الخراب، حيث قُوطع من الناشرين وأصحاب المسارح على حدٍّ سواء. وفي هذه الفترة، كتب سترندنبرج مسـرحياته الشـهيرة مس جولي، و الأب، و اللعب بالنار و الدائنون، وغير ذلك مما أعطـاه شهرة ككاتب طبيعي النهج. وقد أدَّت الضغوط الاقتصادية إلى رحيله عن السويد مرة ثانية عام 1892 والانغماس في الفترة من 1892 في محاولات عقيمة لتحويل المعادن وصناعة الذهب حيث ترك الأدب تماماً. وقد تأثر في هذه الفترة بأعمال المتصوف الديني السويدي سويدنبورج، بعد تأثره العميق بأفكار نيتشه.

وفي هذه الفترة أيضاً، نشر سترندنبرج عدة مقالات في صحف ومجلات الجماعات التي تهتم بالأسرار الروحية والسيميائية في فرنسا ووُجِّهت لها تهمة معاداة اليهود. وتستحق فكرة معاداة سترندنبرج لليهود وقفة طويلة. فقد ذاعت تلك الفكرة كما اشتُهر عنه أيضاً بأنه عدو المرأة. ولقد رأينا كيف عاد سترندنبرج للسويد ليواجه المحاكمة بتهمة التجديف بدلاً من إعطاء الفرصة لخصومه لمقاضاة ناشره اليهودي. وقد أعرب سترندنبرج في كتاباته وخطاباته أكثر من مرة عن كراهيته لناشره واحتقاره له حيث وصفه بأنه «مصاص دماء يثرى على حسابه»، ويراكم المال بينما يعيش هو « في الفاقة والعوز ». كما ذكر غير مرة أن معاداته لليهود إنما هي معاداة للماليين من اليهود والمرابين الذين يثرون على حساب غيرهم من البشر. وذكر أيضاً في خطابه للناقد الأدبي برانديز عام 1882 أن «المسألة ليست اليهود ولا اليهودية ولكنها مسألة أولئك اليهود السويديين الذين يستغلوننا ».

وحتى مقالاته التي نشرها في فرنسا والتي تتسم بعدائها لليهود بين عامي 1894 و1895 كانت رداً على دفاع زولا عن دريفوس، وقد كانت هذه المقالات ممتلئة بمعاداة زولا أكثر من معاداة اليهود كجنس في ذاته.

وفي 1897، نشر سترندنبرج انطباعاته عن هذه الفترة في كتابه الجحيم وهو دراما خيالية في شكل سيرة ذاتية تمتلئ بالإشارات الباطنية والإحساس المتزايد بارتكاب الذنب الأزلي. وقد عاد سترندنبرج ابتداءً من عام 1898 إلى الكتابة الدرامية حيث سارت مسرحياته في هذه المرحلة التي يدعوها النقاد «مرحلة ما بعد الجحيم» في مسارين يتقاطعان كثيراً هما رواية التاريخ السويدي من منظور شعبي، والمسرحيات ذات المحتوى الديني. ومن أمثلة ذلك كارل الثاني عشر و سوناتا الشبح المليئة بالرموز الموحية دينياً. وقد كان سترندنبرج في تلك الفترة من حياته يمثل المدافع الأول عن حقوق الطبقات الشعبية من واقع التزام ديني. وقد اتسمت نظرته لليهود في هذه المرحلة بروح التسامح، كما مثلت فكرة القبول عنده فكرة محورية في معظم المسرحيات، مثل: إلى دمشق و عيد الفصح و مسرحية حلم .

وتُوفي سترندنبرج في أبريل عام 1912، وتحوَّل آخر عيد ميلاد له (في 22 يناير 1912) إلى مناسبة شعبية تتخللها مظاهرات كبرى هتف فيها المتظاهرون: «عاش شاعر الشعب - عاش شاعر الحرية».