الفصل الرابع
جموع التكسير

من المعربات التي تعرب بالحركات رفعا بالضمة ، ونصبا بالفتحة ، وجرا بالكسرة .
ولجمع التكسير ما للاسم المفرد من أحكام إعرابية ، إلا ما كان منها ممنوعا من الصرف ، كما أوضحنا ذلك في الاسم المفرد .
تعريفه :
اسم يدل على ثلاثة فأكثر ، وله مفرد يشاركه في معناه ، وأصله مع تغيير ضروري يحث لمفرده عند الجمع .
مثل : رجال ، منازل ، كراسي ، غرف ، أبواب ، مساجد ، جنود ، أصابع ، قلوب .
42 ـ ومنه قوله تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله }1 .
وقوله تعالى : { أحياء وأمواتا}2 .
وقوله تعالى : { إذ قال ربك للملائكة }3 .
وقوله تعالى : { فلنأتهم بجنود لا قبل لهم بها }4 .
في الآيات السابقة وردت أسماء تدل على الجماعة ، ولكن هذه الأسماء لم تجمع جمعا سالما ، والمقصود من الجمع السالم هو ما سلم مفرده من التغيير عند الجمع ، ولكنها جمعت جمع تكسير ، أي أن صورة مفردها قد تغيرت عند الجمع ، سواء في الشكل أم في عدد الأحرف . فأحبار ، ورهبان ، وأرباب ، وأحياء ، وأموات ، وملائكة ، وجنود ، جموع تكسير مفردها : حبر ، وراهب ،
ــــــــــــــــ
1 ـ 31 التوبة . 2 ـ 26 المرسلات .
3 ـ 71 ص . 4 ـ 27 النمل .

ورب ، وحي ، وميت ، وملك ، وجندي ، وعند جمعها تغير مفردها ، فحرف الحاء في حبر مكسور بينما أصبح ساكنا في أحبار ، وحرف الباء ساكن في حبر أيضا ، أصبح مفتوحا في أحبار ، مع التغيير الطارئ في حروف الكلمة ذاتها ، وهكذا بقية الجموع الأخرى التي وردت في الأمثلة ، وقس عليها .
بينما في جمع المذكر السالم نجد أن المفرد لا تتغير صورته عند الجمع ، لا شكلا في الحركات الحروف ، ولا زيادة في الحروف ذاتها .
نقول : محمد : محمدون ، وأحمد : أحمدون ، وعلي : عليون ، وصابر : صابرون قادر : قادرون ، ومسلم : مسلمون .
فكلمة " محمد " في المفرد ثابتة الحروف شكلا وعددا ، أما الواو والنون فهما علامة إعراب ليس غير .
شروطه :
يشترط في الأسماء التي تجمع جمعا مكسرا أن تكون ثلاثية ، أو رباعية . كما بينا سابقا ، أما ما زاد على أربعة أحرف فتجمع بحذف حرف ، أو حرفين من حروفه .
نحو : سفرجل : سفارج ، حذفت اللام .
غضنفر : غضافر ، حذفت النون .
عنكبوت : عناكب ، حذفت الواو والتاء .
عندليب : عنادل ، حذفت الياء والباء .
أما الصفات بأنواعها ، سواء أكانت اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، أو صفة مشبهة ، أو اسم تفضيل ، فالأصل فيها أن تجمع جمع مذكر سالما ، لأنه القياس المطرد فيها ، وجمعها جمع تكسير ضعيف وشاذ ، هذا ما قاله النحاة .
ونحن نرى أن من الأفضل في قواعد اللغة العربية أن تكون مرنة لتؤدي مدلولها بيسر وسهولة ، لأن الغرض منها التيسير ، وليس التعقيد ، فما المانع من جمع بعض الصفات جمعا مكسرا على غير القياس ، مادامت تؤدي المطلوب مع عدم المساس بقواعد اللغة ، وقد تعرض كثير من علماء اللغة لهذه القضية ، وأوفوها حقها من البحث ، وخرجوا منها بعدد من التوصيات أهمها :
1 ــ لا ما نع من قياس جمع " مفعول " مطلقا إذا كان اسما على " مفاعيل " .
أما الصفة ففيها خلاف ، لأن القاعدة عندهم أن الصفات القياس فيها أن تجمع جمعا سالما ، وما جمع منها جمع تكسير فهو شاذ ، غير أن الكلمات التي حصرها بعض النحويين مما كانت صفات على وزن مفعول وجمعت جمع تكسير يخرج القاعدة من الشذوذ إلى القليل على أقل تقدير ، إن لم يكن قياسا مطلقا .
ومن الصفات التي على وزن مفعول ، وجمعت على مفاعيل .
مكسور : مكاسير ، ملعون : ملاعين ، مشؤوم مشائيم ، مسلوخ : مساليخ .
مغرور : مغارير ، مصعود : مصاعيد ، مغلول مغاليل ، مسلوب : مساليب .
ميسور : مياسير ، مستور مساتير ، ميمون : ميامين ، مجنون : مجانين .
مملوك : مماليك ، مرجوع : مراجيع ، متبوع : متابيع ، معزول : معازيل .
مشهور : مشاهير ، مشغول : مشاغيل ، مفلول : مفاليل ، مفلوك : مفاليك .
منحوس : مناحيس ، منكود : مناكيد ، معمود : معاميد ، محبوي : محابيس .
مسجون : مساجين ، مشروع : مشاريع ، موضوع : مواضيع ، مسحوق : مساحيق .
ومن الشواهد على ذلك قول الشعراء . 8 ـ يقول المتنبي :
لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد
الشاهد " مناكيد " جمع تكسير لصفة على وزن " مفعول " وهي " منكود .
ومنه قول زهير :
أمست سعاد بأرض ما يبلغها إلا العتاق النجيبات المراسيل
الشاهد " مراسيل " وهو جمع تكسير لصفة على وزن مفعول ، وهي مرسول .
ومنه قول الشاعر :
أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا بالدين والناس بالدنيا مشاغيل
الشاهد " مشاغيل " جمع تكسير لصفة على وزن : مفعول " ، وهي " مشغول " .
ومنه ما أنشده الكسائي :
إن هو مستوليا على أحد إلا على أضعف المجانين
الشاهد " المجانين " جمع تكسير لصفة على وزن " مفعول " وهي " مجنون " .
والشواهد على ذلك كثيرة . غير أن النحاة اعتبروا ما جمع من الصفات التي على وزن مفعول : جمع تكسير على وزن " مفاعيل " سماعي لا يقاس عليه ، وعلتهم في ذلك إلحاق الوصف من اسم الفاعل ، واسم المفعول بالفعل لمشابهته إياه لفظا ومعنى ، وكما امتنع تكسير الفعل ، امتنع أيضا تكسير الصفة في صيغتي اسم الفاعل والمفعول ، والقياس في جمعها أن تجمع جمعا سالما مذكرا أو مؤنثا (1) .
2 ـ وما قيل في الصفة التي على وزن مفعول يقال أيضا في اسم الفاعل والمفعول المبدوئين بميم زائدة . فقد حملت لنا المصادر الموثوق بها من معاجم لغوية ، أو كتب أدب أو لغة كثيرا من الصفات المبدوءة بميم زائدة في اسم الفاعل والمفعول ، وقد جمعت تلك الصفات على مفاعل ، أو مفاعيل ، ناهيك عن ذكر بعضها في قول الحق تبارك وتعالى ، وفي كلام سيد المرسلين . وفي رأيي أن ذلك يخرجها أيضا من الشاذ إلى القليل ، كما هو الحال في مجيء بعض أوزان جموع التكسير على غير القياس ، وسوف نتعرض له في موضعه إن شاء الله .
أما ما جاء من اسمي الفاعل ، والمفعول المبدوء بميم زائدة مجموعا جمعا مكسرا على وزن مفاعل أو مفاعيل ، الآتي :
43 ـ : { وحرمنا عليه المراضع }2 .
وما ورد منه في أشعار العرب كثير ، وقد حصره بعض علماء اللغة فيما يربو على ثلاثة وعشرين بيتا من الشعر ، نذكر منها بعض الشواهد على سبيل التمثيل .
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ شرح المفصل ج5 ص24 . 2 ـ 12 القصص .

9 ـ قال أبو ذؤيب الهذلي :
كأن مصاعيب غلب الرقاب في دار صرم تلاقى مريحا
الشاهد " مصاعيب : جمع تكسير على وزن " مفاعيل " ، لاسم مفعول بمبدوء بميم زائدة ، وهو " مُصعَب " .
ومنه قول زهير :
ديار لها بالرقمتين كأنها مراجيع وشم في نواشر معصم
الشاهد " مراجيع " جمع تكسير على وزن " مفاعيل " لاسم فاعل مبدوء بميم زائدة ، وهو
" مُرجِع " .
ومنه قول القطامي :
ونحن نورد الخيل وسط بيوتنا ويغبقن محضا وهي مَحْل مسانف
الشاهد " مسانف " جمع تكسير على وزن " مفاعل " لاسم مفعول مبدوء بميم زائدة ، وهو
" مُسنَف " .
ومنه قول لبيد :
وبيض على النيران في كل شتوة سراة العشاء يزجرون المسابلا
الشاهد " المسابل " جمع تكسير على وزن " مفاعل ، لاسم الفاعل المبدوء بميم زائدة ، وهو " مُسبِل " . والشواهد كثيرة ونكتفي بهذا القدر .