عائلـــة روتشــيلد
The Rothschilds
عائلة من رجال المالويهود البلاط الذين تحوَّلوا بالتدريج إلى رأسماليين من أعضاء الجماعات اليهودية،ويعود أصل العائلة إلى فرانكفورت في القرن السادس عشر. والاسم «روتشيلد» منقول منعبارة ألمانية تعني «الدرع الأحمر» وتشير كلمة «درع» هنا إلى ذلك الدرع الذي كانعلى واجهة منزل مؤسِّس العائلة إسحق أكانان. وقد حققت عائلة روتشيلد مكانة بارزة فيعالم المال والبنوك في أوربا بدءاً من القرن الثامن عشر وحتى القرن العشرين. وتاريختطوُّر العائلة هو أيضاً تاريخ يهود البلاط واختفائهم وتحوُّلهم إلى مجرد أعضاء فيالرأسمالية الغربية الرشيدة ثم التشكيل الإمبريالي الغربي (الذي كان يُخطِّطلاقتسام الدولة العثمانية والاستيلاء على ثروات الشرق). ودعم الأسرة للمشروعالصهيوني في فلسطين، ليس تعبيراً عن وجود مصالح يهودية مستقلة وإنما تعبير عنمعدلات الاندماج في الحضارة الغربية في تشكيلها القومي والإمبريالي.
وكانماجيراشيل روتشيلد (1743 ـ 1812) تاجر العملات القديمة هو الذي وسَّع نطاق العائلةفي مجال المال والبنوك، بعد أن حقق ثروة طائلة أثناء حروب الثورة الفرنسية من خلالعمله في بلاط الأمير الألماني وليام التاسع. وقد تفرَّق أبناؤه الخمسة وتوطنواوأسسوا أفرعاً لبيت روتشيلد في خمسة بلاد أوربية هي: إنجلترا وفرنسا والنمساوإيطاليا بالإضافة إلى ألمانيا. وبالتالي، فقد أقاموا شبكة من المؤسسات الماليةالمرتبطة ببعضها البعض.
أسس الابن الأكبر نيثان ماير روتشيلد (1777ـ 1836) فرع بيت روتشيلد في إنجلترا، وتزوج أخت زوجة موسى مونتفيوري الثري والمالي اليهوديوزعيم الجماعة اليهودية في إنجلترا. وأتاحت له هذه الزيجة دخول أوساط المجتمعاليهودي السفاردي في إنجلترا سريعاً. واكتسب نيثان ماير روتشيلد مكانة مرموقة فيعالم المال أثناء الحروب النابليونية حيث ساهم في تمويل إنفاق الحكومة الإنجليزيةعلى جيشها في أوربا، واستعان في ذلك بأخيه جيمس روتشيلد المقيم في فرنسا، كما ساهمفي تمويل التحويلات البريطانية إلى حلفائها في أوربا. وقد استطاعت عائلة روتشيلد،خلال تلك الفترة، تدبير ما يقرب من 100 مليون جنيه إسترليني للحكومات الأوربية. وبعد الحرب، كانت هذه العائلة هي الأداة الرئيسية في تحويل التعويضات الفرنسية إلىالحلفاء وفي تمويل القروض والسندات الحكومية المخصصة لعمليات إعادة البناء. واكسبتههذه المعاملات المالية مكانة متميِّزة في جميع أنحاء أوربا ودعمت مركز مؤسستهكواحدة من أبرز المؤسسات المالية الأوربية في تلك الفترة.
وكان نيثانروتشيلد يتسم بالدهاء المالي والتجاري. فخلال فترة الحروب النابليونية، نجح هووإخوته، من خلال عمليات تهريب السلع من إنجلترا إلى أوربا، في تحقيق مكاسب ضخمة. كما استغل إمكانياته في الحصول على المعلومات والأخبار بشكل سريع نسـبياً، بفضـلشبـكة الاتصـالات التي أسستها العائلة فيما بينها، لتحقيق أرباح طائلة لمؤسسته. وكان نيثان من أوائل من علموا بانتصار إنجلترا على قوات نابليون في معركة ووترلو. وكان ذلك يعني ارتفاع أسعار سندات الحكومة الإنجليزية. إلا أن نيثان أسرع ببيع حجمكبير من سنداته حتى يوهم الجميع بأن إنجلترا خسرت الحرب، وهو ما دفع الكثيرين إلىالتخلص من السندات التي في حوزتهم، الأمر الذي أدَّى بدوره إلى انخفاض أسعار هذهالسندات بشكل حاد. وهنا قام بشراء هذه السندات بثمن بخس مُحقِّقاً من وراء ذلكأرباحاً طائلة حيث قفزت أسعار السندات إلى أعلى، عقب إعلان خبر انتصار إنجلتراوهزيمة نابليون. وظل نيثان يستغل قدرته على الحصول على المعلومات والأخبار سواءالخاصة بالتطورات السياسية أو الخاصة بالأمور المالية في التلاعب من خلال عملياتالبيع والشراء الواسعة النطاق في أسعار الأسهم والسندات مُحقِّقاً لنفسه ولمؤسستهمكاسب ضخمة.
وبعد وفاة نيثان ماير، تولَّى أكبر أبنائه ليونيل نيثانروتشيلد (1806ـ 1879) إدارة مصالح بيت روتشيلد في لندن. وكان ليونيل أول عضـويهـودي في البرلمان الإنجليزي. وقد اشـترك في عمليات مالية مهمة، من بينها تدبيرقرض قيمته 16 مليون جنيه لتمويل حرب القرم. كما قدم ليونيل التمويل اللازملدزرائيلي رئيس وزراء بريطانيا، الذي كانت تربطه به صداقة وثيقة، لشراء نصيب مصر فيأسهم قناة السويس عام 1875، وهي عملية تمت في كتمان وسرية تامة بعيداً عن الخزانةالبريطانية، ولم يُبلَّغ البرلمان البريطاني بها إلا بعد إتمامها. ولا شك في أنمساهمة بيت روتشيلد في تقديم القروض للخديوي إسماعيل ولأعيان مصر، وما تبع ذلك منتَضخُّم المديونية المالية لمصر ثم ما جر ذلك وراءه من امتيازات أجنبية ثم تَدخُّلبريطاني في آخر الأمر بحجة الثورة العرابية، كل ذلك تم في إطار المصالح الإمبرياليةالرأسمالية التي كانت تسعى لفصل أهم أجزاء الإمبراطورية العثمانية عنها تمهيداًلتحطيمها وتقسيمها.
وقد اشترك ليونيل روتشيلد أيضاً في إقامة السككالحديدية في فرنسا والنمسا بالتعاون مع فروع بيت روتشيلد في البلدين. وقد بادرروتشيلد بإقامة هذه المشاريع بعد أن تبيَّن له مدى نجاح وأهمية السكك الحديدية فيإنجلترا التي كانت أول دولة تطوِّرها، وهو ما يعكس تبادل فروع بيت روتشيلد للخبراتوالتجارب فيما بينها. كما قامت مؤسسته بتمويل جهود الاستعماري سيسل رودس لإقامةإمبراطورية ضخمة لصناعة وتجارة الماس في جنوب أفريقيا.
ويُلاحَظ أن الزواجمن داخل العائلة ظل النمط الغالب بين أعضائها، وهو تقليد كان يهدف إلى الحفاظ علىالثروة داخل العائلة وتدعيم العلاقات فيما بينها. وقد تمسكت العائلة بقاعدة صارمةفي زواج الأبناء. ففي حين كان يُسمَح لبنات روتشيلد بالزواج من غير اليهود، لميُسمَح بذلك للذكور الذين كان يئول لهم النصيب الأكبر من ثروة العائلة وإدارةأعمالها. ومن الواضح أن المعيار المُستخدَم هنا معيار غير يهودي، وقد كان آلروتشيلد يحاولون بذلك الحفاظ على الثروة لا على الانتماء اليهودي. وقد كان اليهودي،حسب الشريعة، هو من يولد لأم يهودية، ولذا فإن زواج بنات روتشيلد من غير اليهود كانيعني أن أولادهم (اليهود الحقيقيين) سينشأون في بيوت غير يهودية وأن آباءهم منالأغيار.
وتزوج ليونيل روتشيلد من ابنة عمه كارل روتشيلد (الذي كان قداستقر في نابولي). واهتمت الزوجة بالمشاريع الخيرية للعائلة، وبخاصة بناء المدارساليهودية الحرة. ونالت هذه المدارس اهتماماً خاصاً من العائلة، وكانت هذه المدارسقد أقيمت أساساً لخدمة أبناء المهاجرين اليهود الأوائل من شرق أوربا الذين جاءوابثقافتهم اليديشية وتقاليدهم الدينية، وهو ما كان يثير قلقاً بين أعضاء الجماعةاليهودية المندمجين في إنجلترا؛ لما قد يمثله ذلك من تهديد لمواقعهم الطبقيةومكانتهم الاجتماعية. وهذه المدارس بالتالي، كانت تهدف إلى استيعابهم ودمجهم وصبغهمبالثقافة الإنجليزية. وقد أصبح دعم عائلة روتشيلد للصهيونية (فيما بعد) أداة لإبعادهذه الهجرة برمتها عن بلادهم بعد أن تزايد حجمها في نهاية القرن التاسع عشر، أي أنهكان دعماً صهيونياً توطينياً.
وقد تولَّى ناثانيل ماير روتشيلد (1840 ـ 1915) إدارة بيت روتشيلد بعد وفاةوالده، وأصبح أول فرد في عائلة روتشيلد يحصل علىلقب لورد. كما ورث البارونية من عمه سير أنتوني دي روتشيلد (1810 ـ 1876). وقد كانتله علاقات صداقة مع ولي العهد البريطاني الذي أصبح فيما بعد الملك إدوارد السابع،ومع كلٍّ من بلفور ولويد جورج رئيس وزراء بريطانيا آنذاك. وقد اهتم ناثانيل روتشيلدبأوضاع الجماعات اليهودية في شرق أوربا التي تدهورت بسبب تعثُّر عملية التحديثوتعرُّض جميع الأقليات للاضطهاد. فرفض تدبير القروض للحكومة القيصرية احتجاجاً علىذلك رغم أن والده ظل يمثل الحكومة الروسية في المجالات المالية لمدة 20 عاماً. ورغمعدم تعاطفه مع الصهيونية، إلا أنه رحب بمشاريع هرتزل لتوطين اليهود.
أماابنه الأكبر ليونيل والتر روتشيلد (1868 ـ 1937)، فقد ترك عالم المال والبنوكوتخصَّص في علوم الأحياء والطبيعة. وتعود أهمية ليونيل والتر إلى أنه كان يمتلكحديقة حيوانات خاصة، كما أن وعد بلفور أخذ شكل خطاب موجه إليه. وقد أيد ليونيل منذعام 1917 الجهود الدبلوماسية لكلٍّ من حاييم وايزمان (الذي أصبح أول رئيس لإسرائيل) وناحوم سوكولوف الرامية إلى إصدار تعهُّد بريطاني بشأن تأسيس «وطن قومي» لليهود. وكان ليونيل روتشيلد يرى أن الوجود الصهيوني في فلسطين لابد أن يأخذ شكل دولة لاشكل وطن قومي وحسب، وأن هذا يخدم مصالح الإمبراطورية البريطانية، ومن ثم مصالحعائلة روتشيلد. وعند إصدار وعد بلفور، كان روتشيلد رئيساً شرفياً للاتحاد الصهيونيلبريطانيا وأيرلندا. كما كان أثناء الحرب العالمية الأولى من مؤيدي إنشاء الفيلقاليهودي الذي دخل فلسطين مع الجيش البريطاني.
ومن الجدير بالذكر أن عائلةروتشيلد، مثلها مثل غيرها من عائلات أثرياء اليهود المندمجين في المجتمع البريطاني،كانت في البداية رافضة لصهيونية هرتزل السياسية بسبب تَخوُّفهم مما قد تثيره منازدواج في الولاء، وهو ما يشكل تهديداً لمكانتهم ووضعهم الاجتماعي. وقد ساهمتالعائلة في تأسيس «عصبة يهود بريطانيا League of British Jews» المناهضة للصهيونية. لكن هذا الموقف تبدَّل فيما بعد حيث تبيَّن أن وجود كيان صهيوني استيطاني في المشرقالعربي يخدم مصالح الإمبراطورية البريطانية، وذلك إلى جانب أن الصهيونية كان يتمتقديمها في ذلك الوقت كحل عملي لتحويل هجرة يهود شرق أوربا إلى فلسطين بعيداً عنإنجلترا وغرب أوربا.
كما استقر في بريطانيا جيمس أرماند دي روتشيلد (1878 ـ 1957) ابن إدمـوند دي روتشـيلد، والذي حصــل على الجنسية البريطانية، وأصبح عضواًفي البرلمان البريطاني وخدم في الجيش البريطاني في كلٍّ من فرنسا وفلسطين أثناءالحرب العالمية الأولى. وكان من بين مهامه تجنيد المتطوعين من بين المستوطنيناليهود في فلسطين للالتحاق بالفيلق اليهودي. كما أُلحق ضابطاً بمشاريع عديدة فيفلسطين، وترأَّس هيئة الاستيطان اليهودي في فلسطين التي كانت تدير المستوطنات التيأسسها والده في فلسطين. وخصَّص في وصيته عند وفاته مبالغ كبيرة لإقامة مشاريع منأهمها إنشاء مبنى الكنيست في القدس.
وفي فرنسا، أسس جيمس ماير دي روتشيلد (1792 ـ 1868) فرع بيت روتشيلد في باريس عام 1812. وأصبح شخصية مالية احتفظتبنفوذها الواسع في عالم المال رغم تغيُّر الحكومات، فعمل على تدبير القروض لملوكالبوربون، وكان مقرباً للملك لويس فيليب حيث تولى إدارة استثماراته المالية الخاصة،كما قدَّم قروضاً عديدة للدولة. كما شارك لفترة طويلة من عمره في رسم السياسةالخارجية الفرنسية. وفي أعقاب ثورة 1848، استمر بيت روتشيلد في تقديم خدماتهالمالية وقام بتدبير القروض لنابليون الثالث. وشهدت هذه الفترة منافسة شديدة بينبيت روتشيلد وبين المؤسسة المالية المملوكة للأخوين اليهوديين إسحق وإميل بيرييرداخل فرنسا وخارجها. كما حصل جيمس ماير على امتياز بناء سكك حديد الشمال الفرنسيةالتي ظلت ملكاً لعائلة روتشيلد حتى عام 1940.
وقد ورثه خمسة أبناء من بينهمماير ألفونس جيمس دي روتشيلد (1827 ـ 1905) والذي تولَّى من بعـده إدارة بيتروتشيلد عام 1854، وترأَّس سكك حديد الشمال، كما أصبح أيضاً عضواً في مجلس إدارةبنك فرنسا. وبعد هزيمة فرنسا عام 1870 ـ 1871 في الحرب الفرنسية البروسية، أدارماير ألفونس روتشيلد المفاوضات الخاصة بالتعويضـات والديون الفرنسـية الواجب سدادهاللجانب البروسي.
ومن بين الأبناء الخمسة أيضاً، إدموند روتشيلد (1845 ـ 1934) الذي تعود أهميته إلى دعمه للنشاط الاستيطاني اليهودي في فلسطين (انظر: «إدموند روتشيلد»). وترأَّس حفيده إدموند (1926 ـ ) رئاسة لجنة التضامن مع إسرائيلفي عام 1967 التي ترأَّسها من قبله جي دي روتشيلد (1909 ـ ) وهو حفيد ماير ألفونس. وقام إدموند خلال الخمسينيات والستينيات باستثمارات عديدة في إسرائيل، بخاصة فيقطاعي السياحة والعقارات. كما ترأَّس جي النداء اليهودي الموحَّد. وعند وقوع فرنساتحت الاحتلال الألماني عام 1940، تم الاستيلاء على ممتلكات العائلة وفرَّ أفرادهاإلى إنجلترا والولايات المتحدة حيث ظلوا طوال فترة الحرب. واستعادت العائلة الجزءالأكبر من ممتلكاتها وثرواتها عقب انتهاء الحرب.
وفي النمسا، أسس سولومونماير دي روتشيلد (1774 ـ 1855) آخر يهودي بلاط في أوربا فرع الأسرة في فيينا. وكانصديقاً لمترنيخ زعيم الرجعية الأوربية الذي ساعده في التغلب على أزمات مالية عديدة،وصدر قرار إمبراطوري بمنح سولومون وإخوته الأربعة البارونية وذلك عام 1822 بعد بضعةأيام من حصول حكومة مترنيخ على قرض ضخم من بيت روتشيلد. كما أن علاقة سولومونروتشيلد بأفراد أسرته المنتشرين في أرجاء أوربا أتاحت له أن يكون مصدر معلوماتمهماً لمترنيخ حول التطورات السياسية الجارية على الساحة الأوربية. ويُقال إنه ساعدمترنيخ على الهرب أثناء ثورة 1848 وأخفاه في منزله. ومن أهم إنجازات سولومونروتشيلد بناء أول خط سكك حديدية في النمسا وتأسيس بنك كريديتا نستالت النمساوي الذيأصبح فيما بعد بنك الدولة النمساوية. وخلفه ابنه سولومون روتشيلد (1803 ـ 1872) الذي عُيِّن في البرلمان النمساوي.
وشهدت الأسرة تدهوراً حاداً في وضعها فيظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي شهدتها أوربا بعد الحرب العالمية الأولىوالتي انتهت باستيلاء النظام النازي على مؤسستهم عام 1938 بعد ضم النمسا إلىألمانيا النازية. وتمت تصفية فرع بيت روتشيلد في النمسا بعد رحيل لويس دي روتشيلد (1882 ـ 1955) إلى الولايات المتحدة.
وفى ألمانيا، واصل أمشل ماير فونروتشيلد (1773 ـ 1855) أعمال الأسرة في فرانكفورت، وقدَّم قروضاً كبيرة لعديد منالحكام الألمان. وكان أمشل أكبر مموِّلي الحركة اليهودية الأرثوذكسية. وخلفه مايركارل (1820 ـ 1886) من نابلي، وكان رجعياً في آرائه ومؤيداً لبروسيا وبسمارك. وقدانقرض فرع الأسرة في فرانكفورت بموت وليام كارل ( 1828 ـ 1901).
وقد أسسكارل ماير روتشيلد (1788 ـ 1855) فرع نابلي، وقدم خدمات مالية عديدة للدويلاتالإيطالية، وخصوصاً الدولة البابوية، إلا أن هذا الفرع كان أقل الفروع أهمية، وقدأُغلق بعد عام 1861.
ويتضح مما سبق أن عائلة روتشيلد، كغيرها من العائلاتاليهودية المالية الكبيرة في أوربا، كانت في البداية من يهود البلاط ثم أصبحت تشكلجزءاً من نسيج الرأسمالية الرشيدة الذي كان آخذاً في التشكُّل خلال القرنين الثامنعشر والتاسع عشر، وهي فترة اتسمت بتحولات عميقة داخل المجتمعات الأوربية وبتزايُدحدة الاضطرابات السياسية والصراعات العسكرية وبتنامي الأطماع الاستعمارية. فشاركبيت روتشيلد في تمويل الجيوش والحروب، وفي تسوية التعويضات والديون، وفي تمويلمشاريع إعادة بناء ما دمرته الحروب وفي تقديم القروض للعديد من الملوك والزعماء،وفي تمويل المشاريع والمخططات الاستعمارية والتي كان المشروع الصهيوني في فلسطين فينهاية الأمر يشكل جزءاً منها.
وقد تضاءلت أهمية عائلة روتشيلد مع نموالنظام المصرفي الرأسمالي الحديث القائم على العلاقات بين المؤسسات الماليةالمختلفة والذي حل محل نظام التجارة والربا القديمين. كما أن نمو حجم التعاملاتالمالية في العالم قلَّص حجم رأس المال المتوافر في يد الرأسماليين اليهود (منعائلة روتشيلد وغيرهم) قياساً إلى حجم رؤوس الأموال المُتداوَلة داخل النظامالرأسمالي العالمي، وذلك رغم ازدياده من الناحية المطلقة. ويُعَدُّ اسـم روتشـيلد،في الأدبيـات اليهـودية والصهيونية، رمزاً للثري اليهودي الخيِّر الذي يجزل العطاءلإخوانه في الدين ولا ينساهم البتة. أما في أدبيات العداء لليهود، فهو مثل للجشعوالطمع وامتصاص الدماء والتآمر العالمي من جانب الصيارفة اليهود.
المفضلات