عائلـــة مورجنتـــاو
The Morgenthau Family
عائلة أمريكيةيهودية من المموِّلين والعاملين بالقطاع الحكومي والدولة. وُلد هنري مورجنتاو (1856ـ 1946) في ألمانيا، ثم هاجرت أسرته إلى الولايات المتحدة عام 1865 واستقرت فيمدينة نيويورك. ودرس مورجنتاو القانون واشتغل بالمحاماة، إلا أن اهتمامه اتجه نحوقطاع العقارات فساهم في تكوين ورئاسة شركة عقارية (شركة هنري مورجنتاو) في الفترة 1905 ـ 1913.

وقد اعتزل مورجنتاو مجال الأعمال ودخل مجال العمل السياسي،فاشترك في الحملتين الرئاسيتين للرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في عامي 1913 و1916،وكوفئ على مجهوداته بتعيينه سفيراً للولايات المتحدة لدى تركيا في الفترة 1913 - 1916. وعمل من خلال هذا المنصب على رعاية نشاط البعثات المسيحية التبشيرية فيالدولة العثمانية ومتابعة أوضاع الجماعات اليهودية والأرمن بها. ولا يُعَدُّ قيامهبرعاية التبشير المسيحي واليهود وأرمن الدولة العثمانية ذا علاقة بيهوديته الحقيقيةأو المزعومة، وإنما هو جزء من نشاطه كسفير أمريكي لدى الدولة العثمانية. وفي الإطارنفسه، لعب مورجنتاو دوراً مهماً في دعم التجمع الاستيطاني اليهودي في فلسطين خلالالحرب العالمية الأولى، حيث أرسل برقيات عاجلة إلى اللجنة الأمريكية اليهوديةلإبلاغها بالأوضاع المتردية للمستوطنين اليهود في فلسطين وطلب منحة مالية عاجلةقيمتها خمسون ألف دولار أُرسلت بالفعل إلى فلسطين. ورغم هذا الموقف، كان مورجنتاومعارضاً للصهيونية حيث اعتبرها «استسلاماً وليس حلاًّ للمسألة اليهودية »، كمااعتبر أن تحقيق المشروع الصهيوني « سيُفقد يهود الولايات المتحدة ما اكتسبوه منحرية ومساواة وإخاء »، ومعنى ذلك أنه سيثير مسألة ازدواج الولاء ويشجع العناصرالمعادية لليهود. وكان اليهود المندمجون من أعضاء البورجوازية الأمريكية (ذويالخلفية الألمانية) يعتبرون أنفسهم أقلية دينية يتجه ولاؤها لوطنهم الأمريكي الذيينتمون إليه. إلا أنهم، بصفة عامة، تبنوا تأييد إقامة دولة يهودية في فلسطين، وذلكفي محاولة لتحويل هجرة يهود اليديشية بعيداً عن الولايات المتحدة، لما كان يشكلهذلك من تهديد للمكانة الاجتماعية والأوضاع الطبقية لأثرياء اليهود، خصوصاً أن الحربالعالمية الأولى كانت تنذر بتدفُّق هجرة يهودية واسعة باتجاه الأراضي الأمريكية.

وفي عام 1917، قام الرئيس الأمريكي ويلسون بتكليف مورجنتاو بمهمة سرية إلىتركيا لمحاولة حثها على التخلي عن ألمانيا وعقد صلح منفرد مع الحلفاء. إلا أن هذاالسلام كان ضد الخطط الإمبريالية لبريطانيا الرامية إلى الاستيلاء على أراضي الدولةالعثمانية. كما كان ضد المخططات الصهيونية الرامية إلى الاستيلاء على فلسطين، ولهذاأرسلت بريطانيا حاييم وايزمان للقاء مورجنتاو في جبل طارق قبل وصوله إلى تركيا حيثنجح في إقناعه بالعدول عن مهمته. (تُذكَر هذه الواقعة عادةً كدليل على مدى قوةاللوبي اليهودي ومقدرته على تحريك الأحداث وتوجيهها بما يخدم صالحه وهي بالفعلكذلك، ولكنها مع هذا تظل الاستثناء الذي يؤكد القاعدة فهي واقعة نادرة. كما يُلاحَظأن اللوبي هنا لم يكن لوبي يهودياً وإنما كان بريطانياً أيضاً. كما أن نجاحمورجنتاو لم يُغيِّر أياً من الثوابت الإسـتراتيجية الأمــريكية وإنما ينصرف إلىإحدى التفصيلات). وبعد الحرب، لعب مورجنتاو دوراً نشيطاً في مواجهة مشاكل اللاجئينفي أوربا. وكان من مؤيدي تأسيس عصبة الأمم، وترأَّس لجنتها لتوطين اللاجئين عام 1923، وأشرف على عملية التبادل السكاني لأكثر من مليون شخص بين تركيا واليونان. وفيعام 1919، ترأَّس لجنة أمريكية لتقصِّي أوضاع الجماعـة اليهودية في بولندا، وكان منمؤسسي الصليب الأحمر الدولي.

أما هنري مورجنتاو الأصغر (1891 ـ 1967)، فهوابن هنريمورجنتاو. وكان خبيراً زراعياً فترأَّس مجلس المزارع الفيدرالي وإدارةالائتمان الزراعي في بداية تطبيق الرئيس الأمريكي روزفلت لسياسته الاقتصاديةالجديدة عام 1932. وفي عام 1934، عُيِّن وزيراً للخزانة، وظل في هذا المنصب حتىوفاة روزفلت عام 1945. وساعدت إصلاحاته الضريبية وسياسته المالية في إخراج البلادمن حالة الكساد الاقتصادي التي كانت تعاني منه، كما كان من أوائل الداعين إلى ضرورةتعبئة الموارد الصناعية والمالية للبلاد استعداداً لدخول الولايات المتحدة الحربالعالمية الثانية. وفي عام 1943، نجح هنري مورجنتاو الأصغر في الحصول على موافقةوزارة الخارجية الأمريكية لخطة وضعها المؤتمر اليهودي العالمي لتحويل موارد ماليةأمريكية لإنقاذ يهود فرنسا ورومانيا. كما كان وراء تشـكيل مجلـس لاجئي الحــرب الذيأسَّسه روزفلت عام 1944. وقبل انتهاء الحرب مباشرةً، طرح مورجنتاو مشروعاً أثاركثيراً من الجدل يتضمن تقسيم ألمانيا وتحويلها إلى منطقة زراعية. وبعد اعتزالهالعمل العام، اتجه مورجنتاو بشكل نشيط نحو الشئون والقضايا اليهودية، فتولَّى فيالفترة 1947 ـ 1950 منصب رئيس النداء اليهودي الموحَّد ثم عُيِّن رئيساً شرفياً لهفي الفترة 1950 ـ 1953. ولعب النداء اليهودي الموحَّد دوراً مهماً في دعم دولةإسرائيل الجديدة من خلال المبالغ الكبيرة التي جمعها. وقد كان مورجنتاو من مؤيديإسرائيل، فرأس مجلس إدارة الجامعة العبرية بين عامي 1950 و1951، كما ترأَّس المؤسسةالأمريكية للتمويل والإنماء من أجل إسرائيل، وتزعَّم حملة بيع سندات إسرائيل. ويُعتبَر موقف مورجنتاو تجاه إسرائيل مناقضاً لموقف والده تجاه الصهيونية. وهذاتعبير عن التحول الذي طرأ على موقف اليهود المندمجين من أعضاء البورجوازيةالأمريكية بعد تأسيس دولة إسرائيل، إذ اتضح لهم مدى عمق تلاقي المصالح بينها وبينالولايات المتحدة. فالدولة الصهيونية، كما تبيَّن لهم، إن هي إلا قاعدة للولاياتالمتحدة ولمصالح الرأسمالية والإمبريالية في المشرق العربي. وبالتالي، فإن تأييدهملإسرائيل ودعمهم لها مادياً وسياسياً ومعنوياً لا يشكل أي تعارض مع انتمائهمالأمريكي الأساسي ولا يعرِّضهم للاتهام بازدواج الولاء، فتأييدهم لأي منهما ينبع منتأييدهم للأخر ويصب فيه. ومن هنا، يمكن اعتبار مورجنتاو ممثلاً لما نسميه «الصهيونية التوطينية» التي تدعم إسرائيل من منظور أمريكي بالدرجة الأولى.

أما روبرت موريس مورجنتاو (1919 - )، فعمل بالمحاماة ثم عُيِّن مدعياًعاماً في نيويورك. وارتبط بأنشطة عصبة محاربة الافتراء واتحاد نيويورك للأعمالالخيرية اليهودية.

عائلـة ووربــورج
The Warburg Family
عائلة أمريكية يهودية من رجال المال ذات جذور إيطالية استقرت منذ بداية القرنالسابع عشر في ألمانيا. وفي عام 1798، أسَّس موسى ماركوس ووربورج (تُوفي عام 1830) وشقيقه جيرسون (توفى عام 1825) مؤسسة مصرفية في مدينة هامبورج باسم «م.م. ووربورجوشركاه». ومن أهم شخصيات العائلة ماكس ووربورج (1867 ـ 1946) الذي ترأَّس مؤسسةووربورج في ألمانيا. وقد كان ماكس ووربورج شخصية مالية مرموقة، فكان عضواً في مجالسإدارة العديد من المؤسسات الصناعية الألمانية، وقدَّم خدمات كثيرة للحكومةالألمانية قبل مجئ النازي إلى الحكم، كما كان من بين أعضاء البعثة الألمانية لمؤتمرالسلام في باريس عام 1919. وكان من قيادات الجماعة اليهودية في ألمانيا، وكانت لهمساهمات خيرية كثيرة لصالح المؤسسات اليهودية المختلفة. وفي الفترة بين عامي 1933و1938، قدَّم ماكس ووربورج مساعدات مهمة للمنظمات اليهودية التي كانت تساعد اليهودعلى الهجرة من ألمانيا وعلى توطينهم في دول أخرى. وقد استولت السلطات النازية علىمؤسـسته عـام 1938، فهـاجر إلى الولايات المتحدة عام 1939، وأصبح عضواً في اللجنةالأمريكية اليهودية وعضواً في لجنة التوزيع المشتركة، كما ساهم في تأسيس منظماتمختصة بمساعدة وغوث المهاجرين الجدد من اليهود إلى الولايات المتحدة.

أمابول موريتز ووربورج (1868 ـ 1932)، شقيق ماكس ووربورج، فهو أحد الشـركاء في مؤسـسةووربورج الماليـة منذ عام 1895. وقد تزوج في العام نفسه ابنة المالي الأمريكياليهودي سولمون لويب صاحب المؤسسة المالية الأمريكية المهمة كون لويب وشركاه، وانضمإلى هذه المؤسسة بعد انتقاله إلى الولايات المتحدة عام 1902. ولعب بول ووربورجدوراً مهماً في إعادة تنظيم القطاع المصرفي الأمريكي حيث شارك في وضع التشريعاتالخاصة بتأسيس نظام الاحتياطي الفيدرالي عام 1913. وقد عيَّنه الرئيس الأمريكيوودرو ويلسون عضواً في مجلس الاحتياطي الفيدرالي ثم نائب رئيس له عام 1917. وظل،حتى بعد عودته إلى نشاطه المالي الخاص عام 1921، عضواً ثم رئيساً للمجلس الاستشاري. وكان ماكس ووربورج نشطاً في مجال الأعمال الخيرية والخدمة العامة، اليهودية أو غيراليهودية، فساهم في نشاط اللجنة الأمريكية اليهودية للتوزيع المشترك، وفي أعمالالجمعية الأمريكية من أجل التوطين الزراعي لليهود في روسيا. ومما يُذكَر أن عائلةووربورج كانت تُعَدُّ من صفوة العائلات اليهودية ذات الأصول الألمانية في الولاياتالمتحدة، التي وجدت من صالحها دعم المؤسسات التي كانت تقوم باستيعاب المهاجرينالجدد وأمركتهم، تماماً كما اهتمت بدعم المؤسسات التي كانت تعمل على تحسين أوضاعالجماعات اليهودية في بلادهم الأصلية، مثل المنظمات التي اهتمت بدعم التوطينالزراعي لليهود في روسيا وشرق أوربا، وبالتالي عملت على الحد من هجرتهم إلىالولايات المتحدة، وبخاصة بعد الحرب العالمية الأولى التي كانت تنذر ببدء هجرةيهودية جماعية ثانية باتجاه الأراضي الأمريكية.

أما فليكس موريتز ووربورج (1871 ـ 1937)، شقيق بول ووربورج، فقد انتقل عام 1894 إلى الولايات المتحدة حيثتزوج ابنة المالي اليهودي المرموق يعقوب شيف عام 1895، وأصبح شريكاً في مؤسستهالمصرفية كون لويب وشركاه. وساهم من خلال مشاركته في هذه المؤسسة في التحولالاقتصادي والصناعي الذي شهدته الولايات المتحدة في نهايات القرن التاسع عشروبدايات القرن العشرين، وقد كان للمؤسسات المالية المملوكة لعائلات يهودية ذات أصولألمانية دور بارز في هذا المجال. وكان لفليكس ووربورج نشاط مهم في مجال الشئوناليهودية حيث ترأَّس اللجنة الأمريكية اليهودية للتوزيع المشترك منذ تأسيسها عام 1914 وحتى عام 1932، كما كان أحد كبار المساهمين في نشاط الجمعية الأمريكية من أجلالتوطين الزراعي لليهود في روسيا، وهو أيضاً مؤسِّس المنظمة الاقتصادية لللاجئينوغيرها من المنظمات اليهودية التي كانت تعمل على استيعاب المهاجرين الجدد وإعادةتأهيلهم للاستقرار في الولايات المتحدة. ورغم أن فليكس ووربورج عارض الصهيونية فيبادئ الأمر، باعتبار أنها تثير قضية ازدواجية ولاء اليهود الأمريكيين، وتثيرالعناصر المعادية لليهود، إلا أنه نشط في دعم الاستيطان اليهودي في فلسطين. وفي عام 1926، دعم المؤسسة الاقتصادية لفلسطين والجامعة العبرية، ثم تعاون مع لويس مارشال (رئيس اللجنة الأمريكية اليهودية) وحاييم وايزمان في توسيع الوكالة اليهودية لتضمأعضاء من غير الصهاينة. وتولَّى فليكس ووربورج رئاسة مجلس إدارتها، لكنه استقالمنها عام 1930 احتجاجاً على الكتاب الأبيض البريطاني الذي حدَّ من الهجرة اليهوديةإلى فلسطين، كما عارض عام 1937 المشروع البريطاني لتقسيم فلسطين. ويمكن إطلاق صفة «صهيوني توطيني» على فليكس ووربورج إذ أنه موَّل ودعم الاستيطان اليهودي في فلسطيندون الهجرة إليها بنفسه، وذلك تحقيقاً وحمايةً لمصالحه الطبقية والاقتصادية كمواطنأمريكي بالدرجة الأولى.

وقد وُلد جيمس بول ووربورج (1896 - 1969)، ابن بولووربورج، في ألمانيا، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة عام 1902 وهو في سن السادسة. وخدم جيمس ووربورج في الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الأولى، ثم دخل مجالالمال حيث كان رئيساً لبنك أكسبتانس الدولي ومديراً لبنك مانهاتن. كما كان من بينأعضاء لجنة المفكرين التي كونها الرئيس الأمريكي روزفلت خلال السنوات الأولى منسياسته الاقتصادية الجديدة. وعمل خلال الحرب العالمية الثانية نائباً لمدير مكتبالإعلام الحربي. ولجيمس ووربورج كتابات عديدة في الشعر والاقتصاد والشئون الخارجيةوالعامة.

وعمل فردريك ماركوس ووربورج (1897 ـ 1973)، ابن فليكس ووربورج، مععدة مؤسسات مصرفية (كالمؤسسة الدولية الأمريكية) في الفترة 1909 ـ 1921، وعمل فيمؤسسة ووربورج المالية في الفترة 1922 ـ 1927، وفي مؤسسة إخوان ليمان في الفترة 1927 ـ 1930. وفي عام 1931، أصبح فردريك ووربورج شريكاً في مؤسسة كون لويب وشركاه.

أما بول فليكس ووربورج (1904 - 1965)، وهو أيضاً من أبناء فليكس ووربورج،فعمل في عدة مؤسسات مالية ومصرفية ونشط خلال الثلاثينيات في نقل اللاجئين منالأطفال من ألمانيا النازية إلى الولايات المتحدة. وخلال الحرب العالمية الثانية،عمل كضابط مخابرات في الجيـش الأمريكي، ثم كملحق عسـكري في السـفارة الأمريكية فيباريس. كما عمل في السفارة الأمريكية في لندن في الفترة ما بين عامي 1946 و1950. وكان بول فليكس ووربورج عضواً بارزاً في الحزب الجمهوري الأمريكي.

أماإدوارد مورتيمور موريس ووربورج (1908 ـ )، فلم يشترك بشكل نشيط في الأعمال الماليةلعائلته، بل وجه اهتمامه للمجالات الخيرية والثقافية والفنية، اليهودية وغيراليهودية. وترأَّس اللجنة الأمريكية اليهودية المشتركة للتوزيع في الفترة 1941 ـ 1966، كما كان رئيساً للنداء اليهودي الموحَّد في الفترة 1950 ـ 1955، ثم رئيساًشرفياً له منذ عام 1956. وامتد اهتمام إدوارد ووربورج إلى المؤسساتالإسـرائيلية،فأصـبح من أمناء المؤسسة الثقافية الأمريكية ـ الإسرائيلية، وعضواً في مجلس مديريالجامعة العبرية.

ولجميع أفراد عائلة ووربورج، مثلهم مثل غيرهم من العائلاتالبورجوازية الأمريكية، مساهمات كبيرة في المجالات الخيرية والتعليمية والثقافية،اليهودية وغير اليهودية.