بوريـس باسترناك (1890-1960)
Boris Pasternak
شاعر وروائي روسي، وُلد في موسكو ابناً للرسام الروسي ليونيد باسترناك. تنصَّر باسترناك في طفولته، وتعكس أعماله الشعرية التي تُعتبَر من أهم الأعمال الشعرية الروسية في القرن العشرين الروح المسيحية الأرثوذكسية. درس الفلسفة في جامعة موسكو ثم في ماربورج في ألمانيا، وأصدر أول أعماله الشعرية عام 1914. ولم تتناول أعماله أية مواضيع يهودية بشكل خاص فيما عدا روايته الشهيرة دكتور زيفاجو التي كتبها عام 1958، وتتناول هذه الرواية المسألة اليهودية. وتتخلل أعمال باسترناك بعض أفكاره الأساسية التي تعكس رؤية المثقف الليبرالي للقضايا السياسية، ولفكرة الثورة وقضايا الفن. فتتكرر في أعماله مسألة عدم جدوى الأيديولوجيات، وغياب أي نوع من العلاقة بين السياسة والسعادة الإنسانية، كما تتكرر حيرة المثقف إبان الثورات بين تأييده للتغيير ورفضه للعنف المصاحب للثورات.
وقد انعكس كره باسترناك للعنف، واتجاهه نحو الفرار من الواقع السياسي في سبيل السعادة الفردية، في روايته دكتور زيفاجو. وعكست هذه الرواية أيضاً انفصال باسترناك عن اليهودية تماماً، كما عكست اعتزازه وإيمانه بتفوق المسيحية، واعتقاده بأن الاندماج هو السبيل الوحيد أمام اليهود للتخلص من المآسي التي تلحق بهم. وقد نالت هذه الرواية جائزة نوبل عام 1958، وأثار حصوله على الجائزة زوبعة سياسية نظراً لما كانت تحتويه الرواية من نقد للنظام السوفيتي وأيديولوجيته ولما كان يتخللها من مسحة دينية مسيحية. واضطر باسترناك إلى رفض الجائزة تحت ضغط من السلطات السوفيتية. ومن الجدير بالذكر أن باسترناك ظل في نظر السلطات السوفيتية، منذ الثلاثينيات، فناناً منعزلاً محباً للجمال متميِّزاً بحرفية فائقة، كما اعتُبر من بقايا مثقفي فترة ما قبل الثورة المنفصلين عن واقعهم الجديد. وقد مُنعت روايته من التداول في الاتحاد السوفيتي. وبعد وفاته، رُدَّ إليه اعتباره بشكل جزئي. وفي عهد البريسترويكا، تم نشر دكتور زيفاجو في الاتحاد السوفيتي، وأُعيد نشر أعماله الأخرى.
وتُصنِّف بعض الموسوعات اليهودية باسترناك باعتباره «يهودياً»، وهو تصنيف يفتقر إلى أية قيمة تفسيرية أو تصنيفية. فإذا كان باسترناك قد وُلد يهودياً، فإن علاقته باليهودية انتهت بعد بضع سنوات من مولده، ولا يمكن تفسير أدبه إلا بالعودة لاهتماماته الدينية المسيحية ولموقفه المبهم من الثورة البلشفية.
فرانــز فرفــل (1890-1945(
Franz Werfel
روائي نمساوي يهودي وكاتب مسرحي وشاعر. وُلد في براغ لعائلة يهودية ثرية ودرس في جامعات براغ وليبزيج، واشتغل محرراً في دار نشر، وصادق ماكس برود وفرانز كافكا. استهل فرفل حياته الأدبية بكتابة الشعر وصدرت له مجموعة أشعار عام 1911 تحت عنوان صديق العالم والتي دعَّمت مركزه الأدبي ووضعته ضمن أهم الشعراء التعبيريين في عصره. وتميَّز هذا العمل بطابع ديني مشيحاني وتمحور حول فكرة الحب والصداقة والأخوة الكونية العميقة. خدم فرفل خلال الحرب العالمية الأولى في صفوف الجيش النمساوي، وصدرت له عقب الحرب مجموعة أشعار بعنوان يوم القيامة (1919)، جسَّدت انطباعاته عن الحرب وتناولت الموت والهلاك والبعث والخلاص، وأكد فيها فرفل أن المحبة والأخوة بين البشر هما المفتاحان الوحيدان لإحياء شباب العالم الذي أصبح ملطخاً بالدماء.
وفي عام 1923، أصدر مجموعة أخرى من الأشعار تحت عنوان إهابة سحرية دعا فيها إلى أخوة ديونيسية جديدة (نسبة إلى ديونيسوس إله الخمر عند اليونان) تجمع بين جميع المخلوقات: الإنسان والحيوان والجماد، ومن ثم فهي وحدة حلولية عضوية ذات توجه نيتشوي واضح.
واتجه فرفل بعد الحرب إلى الكتابة المسرحية وكتب عدداً من المسرحيات الناجحة مثل ثلاثية إنسان المرآة (1921) التي تناول فيها فكرة سقوط الإنسان وخلاصه، وهي الفكرة نفسها التي تناولها في مسرحيته الدينية بولس بين اليهود (1926). وفي مسرحية الصمت (1922)، تحدث عن خطر النازية واعتبرها تُمثِّل ثورة الإنسان البدائي ضد الإنسان المُتحضِّر. وبعد صعود هتلر إلى السلطة في ألمانيا،كتب المسرحية التاريخية الدينية الطريق الأبدي (1936) والتي عُرضت بنجاح كبير على مسارح نيويورك،تناول فيها قضية يهود العصور الوسطى الذين عاشوا حياة نفي مستمرة نتيجة تمسكهم بعقيدتهم،كما عبَّر فيها عن حيرته الروحية وعدم وضوح انتمائه الديني.
ومع انحسار التعبيرية وانبعاث الواقعية، انتقل فرفل إلى عالم القصة والرواية وحقق من خلالها شهرته العالمية. وتميَّزت رواياته بطابع صوفي تبشيري وتبنَّت قضايا المطحونين والمهزومين والصراع بين قوى الخير وقوى الشر، ومن أهم مؤلفاته الروائية الأربعون يوماً لموسى داغ (1933) والتي أبرز فيها مقدار الظلم الذي يمكن أن تفرضه الأغلبية ضد الأقلية من خلال تناوله صراع الأرمن ضد الأتراك. وفي روايته القلب النقي (1931) يؤكد أهمية السمو الروحي والديني والأخلاقي الذي يعلو عن مستوى الواقع الفج والنشاط السياسي غير النزيه.
وقد هرب فرفل من النمسا عام 1938 بعد استيلاء النازي عليها،واستقر في فرنسا،ثم هرب مرة ثانية بعد عام 1940.وأثناء وجوده في فرنسا،ألهمته زيارته لمزار ديني في لودز كتابة رواية أغنية برناديت التي صدرت في الولايات المتحدة عام 1941 وحققت نجاحاً كبيراً وحُوِّلت إلى فيلم سينمائي.وتجسد هذه الرواية الصراع بين قوى الظلام وقوى النور وتُمجِّد المسيحية الكاثوليكية التي ظل فرفل منجذباً إليها طوال حياته.وكان فرفل قد كتب مقالاً عام 1917 بعنوان « الرسالة المسيحية » يوحي بأنه كان على وشك اعتناق الكاثوليكية،إلا أنه لم يُقدم على ذلك أبداً.وقد أكَّد عام 1943 أن تكوينه الفكري والثقافي تم في ظل التأثير الروحي للمسيحية والكنيسة الكاثوليكية كما يتبين بشكل واضح من خلال أعماله الأدبية. ومما يُذكَر أن فرفل تزوج عام 1929 من أرملة الموسيقار اليهودي جوستاف ماهلر التي كانت رافضة لليهودية، واقترحت قبل زواجهما أن يتخلى فرفل عن يهوديته ويتنصَّر، ولكنهما اتفقا في النهاية على أن يتم تعميده بعد وفاته.
وفي سنواته الأخيرة عكف فرفل على كتابة عمله الملحمي الضخم نجم الذين لم يولدوا بعد والذي صدر بعد وفاته عام 1946، واستعرض فيه القضايا والأسئلة الأزلية التي تظل دائماً دون إجابة نهائية والتي أرَّقته طوال حياته،وتُوفي فرفل في الولايات المتحدة ودُفن في فيينا.
ويظهر اسـم فرفل في كثير من الموسـوعات اليهـودية كمؤلف يهودي، وهو أمر يثير الحيرة لأن رؤيته في جوهرها مسيحية.
إيليـا إهرنبـورج (1891-1967(
Ilya Ehrenburg
كاتب روسي يهودي، وُلد في كييف لأسرة مندمجة في المجتمع الروسي، وكان أبوه يمتلك مصنعاً لتقطير الخمور. انضم إهرنبورج للحركة الاشتراكية واضطر إلى اللجوء إلى باريس. وقد تحوَّل إلى الكاثوليكية عام 1911. كتب إهرنبورج في هذه المرحلة أشعاراً ذات طابع صوفي مسيحي، وتتحدث كتاباته النثرية (منذ عام 1920) عن معاناة اليهـود باعتبار أن ذلك جـزء من المخطـط الإلهي للقضـاء على الشر، وهذه فكرة قبَّالية. ولكنه عاد ورفض الإيمان الديني وقرر التعاون مع « حركة التاريخ ». واضطر للهجرة من روسيا عام 1921، ولم يَعُد إليها إلا في صيف 1941. تتناول بعض مؤلفاته موضوعات يهودية من أهمها رواية حياة لازيك رويتشفانتس العاصفة (1928) بطلها ترزي بسيط سيئ الحظ يبعث على الرثاء ولا علاقة له بالسياسة، ولكنه دائماً محط شك كل النظم، فبعد أن تم تحرير المنطقة التي يعيش فيها على يد القوات البلشفية ينظر إليه ممثلو النظام الجديد باعتباره ممثلاً للحرفيين البورجوازيين ذوي النزعة الفردية. وحينما يفرّ إلى الغرب، يظن الجميع أنه عميل سري شيوعي. وحينما يفرّ إلى فلسطين، لا يكون حظه أحسن حالاً. والبطل يشبه من بعض الوجوه أبطال شالوم عليخم (الكاتب اليديشي(.
وأثناء الحرب، لعب إهرنبورج دوراً نشيطاً في اللجنة السوفيتية اليهودية المعادية للفاشية، وحرر هو وفاسيلس جروسمان الكتاب الأسود الذي ضم أقوال شهود عيان لجرائم النازيين، ولم تنشر السلطات السوفيتية الكتاب. وحينما أُعلنت دولة إسرائيل واعترف بها الاتحاد السوفيتي، ذكَّر إهرنبورج يهود بلاده بأن الاتحاد السوفيتي هو وطنهم.
وبعد سقوط ستالين، كتب إهرنبورج رواية ذوبان الثلوج (1954)، وهي تتناول شخصية مدير مصنع ديكتاتوري إبّان المرحلة الستالينية. ومن شخصيات الرواية طبيب يهودي يُتَّهم بالاشتراك في مؤامرة الأطباء. وظهرت بين عامي 1960 و1965 مذكرات إهرنبورج (الناس والحياة 1962، ومذكرات 1964)، وهي تصف كثيراً من معاصري إهرنبورج، مثـل: مارك شـاجال وأيزاك بابل وسـولومون ميخولز.
المفضلات