التربية والتعليمعند الجماعات اليهودية في جنوب أفريقيا
Education of the Jewish Communities in South Africa
تَدفَّق المهاجرون من يهود اليديشية على جنوب أفريقيا فيالثمانينيات القرن التاسع عشر قادمين من أوربا الشرقية، وخصوصاً من ليتوانيا. وكانوا يتَّسمون بالتمسك بعقيدتهم اليهودية وإثنيتهم اليديشية.
ونظراً لأنعدد اليهود ذوي الأصل الأوربي الغربي لم يكن كبيراً في جنوب أفريقيا، فإن الاتجاهاتوالأفكار الاندماجية لم تحقق انتشاراً كبيراً بين يهود اليديشية. كما أن المجتمعالذي وفد إليه هؤلاء المهاجرون هو نفسه مجتمع لا يشجع على الاندماج فيه وإنما يشجععلى الفصل بين الأديان والألوان والأجناس. ولذا، نجد أن مناهج المدارس الحكومية ذاتتوجُّه ديني مسيحي وعنصري أبيض. وقد تبنَّى أعضاء الجماعات اليهودية هذه الصيغة،فأُسِّس مجلس للتعليم اليهودي في كل من جوهانسبرج وكيب تاون بهدف تطوير نظام خاصللتعليم اليهودي المستقل. وتم تأسيس أول مدرسة يوم كامل يهودية عام 1948.
ويقدِّم أعضاء الجماعة اليهودية في جنوب أفريقيا دعماً سخياً لشبكة مدارساليوم الكامل التي زاد عددها من 17 مدرسة في عام 1968 تضم 5.632 طالباً، إلى 92مدرسة تضم 13.398 طالباً أو 85% من إجمالي الطلاب في المدارس اليهودية في بدايةالثمانينيات. كما كان 53% من الأولاد اليهود في الفئة العمرية 3 ـ 17 سنة مسجلين فيمدارس اليوم الكامل في بدايات الثمانينيات. وبلغت نسبة الأطفال اليهود من الفئةالعمرية 3 ـ 17 سنة المسجلين في جميع المدارس اليهودية 46%
وإلى جانب مدارساليوم الكامل، هناك مدارس توفر دروساً صباحية أو مسائية للأطفال، ومدارس عبريةمسائية أرثوذكسية، ومدارس مسائية عبرية إصلاحية. كما تُوجَد في جوهانسبرج مدرسةدينية عليا أرثوذكسية وأخرى يديشية.
وهناك علاقة وثيقة بين جنوب أفريقياوإسرائيل في المجال التعليمي، فمعهد تدريب مدرسي العبرية الذي تأسَّس عام 1944 يرسلخريجيه لقضاء فترة عام من الدراسة الإضافية في إسرائيل. كما أن هناك برنامجاًلإرسال طلاب مدارس اليوم الكامل الثانوية إلى إسرائيل لتَعلُّم العبرية. كذلكيُلاحَظ أن المدرسين الإسرائيليين يعوضون نقص المدرسين الذي تعاني منه مدارسالجماعة اليهودية. وتقدِّم إسرائيل منحاً دراسية سخية لطلاب جنوب أفريقيا على أملتشجيعهم على الاستيطان فيها.
ويُلاحَظ تناقُص أعداد الطلبة من أعضاءالجماعة اليهودية في مدارس اليوم الكامل لعدة أسباب، منها تزايُد معدلات الاندماج،إذ يصنَّف اليهود باعتبارهم بيضاً. ومما يجدر ذكره هنا أن الطلبة عادةً ما يتركونمدارس الجماعة اليهودية ليلتحقوا بالمدارس الإنجليزية (لا الهولندية)، فالتوجُّهالثقافي العـام ليهـود جنوب أفريقيا أنجلو ساكسوني، ولا توجد سوى قلة صغيرة تتحدثالهولندية. وقد أدَّى تزايد هجرة يهود جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة وإنجلتراوإسرائيل إلى تناقص أعداد الطلبة.
يانوس كورساك (1878-1941(
Janus Korzak
تربوي ومؤلف وأخصائي اجتماعي بولندي. وُلد لأسرة يهوديةبولندية ثرية مندمجة من سكان وارسو. تلقى تعليمه ليعمل في الطب إلا أن اهتمامهبالفقراء جعله يترك مهنة الطب ويتطوع في معسكر صيفي للأطفال المحرومين.
أبدى كورساك اهتماماً بالأطفال وبالذات الفقراء منهم، فقدَّم في أول كتبه،أطفال الشوارع (1901)، وصفاً للمعاناة المخيفة التي يعاني منها الأطفال الأيتامالذين لا مأوى لهم في المدن حيث يعيشون بذكائهم ويسرقون ليطعموا أنفسهم، وهم رغمهذا مازالوا قادرين على التفرقة بين الصـواب والخـطأ. أما كتابه الآخر طفل الصالون (1906)، فيُعطي صورة مخالفة لطفل الطبقة الوسطى المدلل الذي تعتمد حياته علىالنقود. وقد أثارت كتاباته كثيراً من النقد وبالذات من جانب العناصر الرجعية.
في عام 1911، ترأس كورساك ملجأ للأطفال الأيتام اليهود في وارسو واستمر فيهذه الوظيفة إلى آخر أيام حياته، باستثناء فترة الحرب العالمية الأولى حيث خدمكضابط طبيب في الجيش البولندي. اتبع كورساك طريقة حديثة في إدارة المعهد حيث منحالأطفال فرصة إصدار جريدة خاصة بهم أُطلق عليها مجلة الصغار، وظهرت هذه المجلةكملحق أسبوعي لإحدى الجرائد الصهيونية. وقد أدَّى نجاح كورساك في إدارة الملجأ إلىاستعانة السلطات البولندية به لتأسيس ملجأ مشابه للأطفال غير اليهود في وارسو.
عمل كورساك أيضاً كموظف مسئول عن ملاحظة الأفراد الموضوعين تحت الاختبار منجانب القضاء، وكمحاضر في الجامعة البولندية الحرة وفي معهد تدريب المعلمين اليهود. كما عمل كمذيع في الإذاعة لموضوعات لها علاقة بالأطفال والكبار.
ونتيجةًلخدمته في مجال التربية ومعاملة الأطفال، قام كورساك بنشر بعض الأعمال التي توضحكيفية التعامل مع الطفل، مثل: كيف تحب الطفل (1920 ـ 1921)، و حق الطفل في الاحترام (1929). كما ألَّف بعض قصص الأطفال.
ولا يوجد بُعْد يهودي واضح أو كامن فيكتابات كورساك، فهو تربوي بولندي حديث يتعامل مع المشكلات التربوية في بلده، وإذاكان هناك مضمون يهودي في بعض كتبه وقصصه، فإن المنظور العام فيها يظل منظوراًبولندياً لا يختلف كورساك فيه عن المثقفين البولنديين الذين تناول بعضهم الموضوعاليهودي باعتبار أن اليهود كانوا يشكلون أقلية كبيرة في بولندا. وقد قام كورساكبزيارة فلسطين مرتين: مرة عام 1934، وأخرى عام 1936. وأمضى بعض الوقت في كيبوتس عينهارود وأبدى إعجابه بالفلسفة الاجتماعية والتربوية التي قامت عليها حركة الكيبوتس،وهو في هذا لا يختلف كثيراً عن المثقفين الغربيين الذين ينزعون التجربة الصهيونيةعن سياقها الاجتماعي والتاريخي الاستيطاني الإحلالي ثم يجعلونها موضع إعجابهمالعميق. وقد أُرسل كورساك إلى أفران الغاز عام 1942، شأنه في هذا شأن الألوف منمثقفي بولندا ونخبتها والملايين من سكانها، حيث قرر النظام النازي القضاء عليهملتخفيف الكثافة السكانية في المجال الحيوي لألمانيا، وتحويل الشعب البولندي إلىمادة بشرية طيعة يمكن تسخيرها في خدمة الدولة القومية المركزية في ألمانيا.
أبراهـام فلكســنر (1866-1959(
Abraham Flexner
عالموتربوي أمريكي يهودي وُلد في مدينة لوي فيل بولاية كنتاكي عام 1866، والتحق بجامعةجونز هوبكنز حيث درس الأدب الإغريقي والروماني وتخرَّج فيها عام 1886، وقام بتدريساللغة اللاتينية واليونانية من عام 1886 إلى عام 1890 في مدرسة لوي فيل الثانوية. وفي عام 1891، أسس فلكسنر مدرسة ثانوية خاصة تُعد الطالب للدراسة الجامعية أطلقعليها مدرسة «الأستاذ فلكسنر». واتبعت هذه المدرسة الطريقة الفردية في التعليم التيحققت نجاحاً مالياً وتربوياً. إلا أنه، بعد التدريس فيها مدة خمسة عشر عاماً، تركهاوالتحق بجامعة هارفارد لمدة عام (1905 - 1906)، ثم التحق بعد ذلك بجامعة برلين (1906 - 1907) حيث درس علم النفس والفلسفة والتربية. وأثناء دراسته في برلين، وقعفلكسنر تحت تأثير الفيلسوف والمربي ومؤرخ التعليم العالي الألماني فردريك بولسن.
وفي عام 1908، صدر لفلكسنر كتاب الكلية الأمريكية وهو عرض موجز ونقديللتعليم العالي في الولايات المتحدة. ولم يؤد هذا الكتاب إلى أية إصلاحات مباشرةللتعليم العالي إلا أنه أثار اهتمام هنري س. بريشت، رئيس مؤسسة كارنجي لتحسينالتعليم، الذي كلفه بإجراء دراسة على كليات الطب في الولايات المتحدة. وقام فلكسنربإجراء مسح لجميع كليات الطب في الولايات المتحدة وكندا والبالغ عددها 154 كلية،منها سبعة في كندا قام بمسحها من حيث شروط الالتحاق ومؤهلات أعضاء التدريس (والميزانية المخصَّصة لهم) ونوعية المعامل الموجودة فيها ومدى كفايتها وعلاقة هذهالكليات بالمستشفيات. وظهرت نتيجة هذه الدراسة في تقرير عام 1910 بعنوان تعليم الطبفي الولايات المتحدة وكندا. وأدَّت هذه الدراسة إلى إصلاحات جوهرية في تعليم الطببالولايات المتحدة. وأعقب فلكسنر هذه الدراسة بدراسة تحليلية نقدية عن تعليم الطبفي أوربا نُشرت بعنوان تعليم الطب في أوربا (1912). كما صدر لفلكسنر دراسة أخرىمهمة عن البغاء في أوربا (1914).
وكعضو وسكرتير للهيئة العامة للتعليم بينعامي 1912 و1928، قام فلكسنر بدراسات عن التعليم في الولايات المتحدة بالاشتراك معف. ب. باكمان، فصدر لهما كتاب عن التعليم العام في ولاية مريلاند (1916)، و مـدارسجـاري (1918). أما كتاب الكليـة الحديثـة (1927)، فحوى كثيراً من أفكار واقتراحاتإصلاح التعليم الثانوي والعالي. وفي كتاب الجامعات: الأمريكية والإنجليزيةوالألمانية (1930)، يُوجِّه فلكسنر نقداً شديداً للاتجاه الوظيفي في مؤسسات التعليمالعالي في أمريكا. أما آخر منجزاته التربوية فكان تأسيس وتنظيم المعهد العاليللدراسات العليا في برينستون. ومن مؤلفاته الأخرى: هل يُقدِّر الأمريكيون التعليمحق قدره (1927)، و سيرة حياة هنري بريشت (1943)، و دانيل كويت جيلمان: مؤسـسالجامعـة ذات الطابع الأمريكي (1946)، و الاعتمادات المالية والمؤسسات (1952)،وكتاب سيرة ذاتية بعنوان أتذكر وقد أُعيد نشره بعد وفاته بعنوان أبراهام فلكسنر: سيرة حياة (1962(.
ولا يمكن القول بأن فلكسنر صاحب نظرية تربوية أصيلة،كما أن انتماءه اليهودي لا يتبدَّى لا في سيرة حياته ولا في كتاباته النظرية ولاممارساته العملية.
إسحق بركسون (1891-1975)
Isaac Berkson
تربوي أمريكي يهودي وُلد في مدينة نيويورك، وبدأ عمله في مجال التعليم كمديرللمعهد اليهودي المركزي في نيويورك عام 1917. وفيما بين عامي 1918 و1927، أشرف علىمدارس وبرامج الخدمة العامة التابعة لمكتب التعليم اليهودي لمدينة نيويورك. وفي عام 1927، قام بتدريس مادة التربية في المعهد الديني اليهودي الذي أُدمج فيما بعد معكلية الاتحاد العبري. وفي العام نفسه، تلقى دعوة للقيام بعمل مسح شامل للمدارساليهودية في فلسطين. وبعد أن أنهى المسح، مكث هناك حتى عام 1935 كمراقب لنظامالتعليم اليهودي، ثم عاد إلى الولايات المتحدة. وفي عام 1938، قام بتدريس مادةفلسفة التربية في كلية مدينة نيويورك وعُيِّن أستاذاً بها عام 1955.
يُعَدُّ بركسون من أتباع التربية التقدمية التي نادى بها كلٌّ من جون ديويوكيلباتريك، إلا أن تقبُّله الفلسفة البرجماتية كان جزئياً. ويُعتبَر كتابه نظرياتفي الأمركة: دراسة نقدية مع الإشارة إلى الجماعة اليهودية بالذات (1920) تعليقاًمهماً على نظرية التعددية الثقافية الأمريكية. وفي كتاب المثال والجماعة (1958)،يطرح بركسون نظرية الجماعة كوسيلة لمعالجة المشاكل الخاصة بالتعليم اليهودي. وتذهبنظريته هذه إلى القول بأن الجماعات اليهودية المختلفة في العالم تُكوِّن جماعةيسرائيل التي تملك ميراثاً من القيم الثقافية والاجتماعية والروحية الخاصة، ومن ثمفإن الفرد اليهودي إذا أراد أن تنمو وتزدهر شخصيته فعليه أن يجمع بين ولائه لميراثجماعة يسرائيل (بما في ذلك دولة إسرائيل) وبين مشاركته في المثل العالمية التيتُعتبَر ميراثاً للبشرية. ويُعَدُّ هذا تعبيراً عن وجهة النظر التي تُسمَّى مركزيةالدياسبورا، وهو إيمان أعضاء الجماعات اليهودية بأن ثمة شيئاً ما مشتركاً بينهم،وأن الدولة الصهيونية لها أهمية خاصة ولكن أهميتها لا تضعها في المركز إذ تظلالجماعات اليهودية بكل تنوعها هي المركز، ومن ثم يجب الحفاظ على الهويات اليهوديةالمختلفة.
ولبركسون مجموعة أخرى من الأعمال تشمل مقدمة لفلسفة تربوية (1940)، و التربية تواجه المستقبل (1943)، و الأخلاق والسياسة والتربية (1968).
المفضلات