وهنا يلمح هذا البيشوي إلى أن الآية الكريمة :حصلت " الوفد " علي نسخة من محاضرة الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس ومطران دمياط وكفر الشيخ،تتضمن كلمته في اليوم الثالث لمؤتمرتثبيت العقيدة في دير الأنبا إبرام بالفيوم.
شكك " بيشوي "في محاضرته المقرر إلقاؤها أثناء مثول" الوفد " للطبع مساء أمس في صحة بعض آيات القرآن الكريم،وتساءل عن موعد نزولها: هل في حياة النبي محمدصلي الله عليه وسلم أم أنها أضيفت بعد وفاته !.
أشار بيشوي إلي الآية الكريمة التي تقول : " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم " .
واستشهد بلقاء عقده بمنزل السفير المصري في قبرص حضره أعضاء السفارة . وأشار إليأنه ذكر خلال اللقاء أن المسيحية تتطابق مع الإسلام باستثناء هذه الآية الكريمة. وتساءل عن موعد نزولها وطالب المسلمين بالبحث فيها،لأنها لو ثبتت لن يكون هناك اتفاق .
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ( 72 ) المائدة
ليست من القرءان ولم تنزل على حضرة الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم – وإنما أضيفت إلى القرءان الكريم فيما بعد ذلك بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .
طبعاً كلام الأنبا بيشوي هذا كلام جديد وفريد من نوعه ، لم يسبقه به أحد من العالمين ، ولا حتى أبو جهل في زمانه !!
كلام الأنبا بيشوي كلام جاهل متخلف يفتقد لأبسط الدلائل ، وأسس الإستدلال العلمي .
كلام بيشوي هذا يفتح لنا الباب أيضاً أن نقول جميع الأنبياء قد كتبوا بشارات عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كتبهم ، وقد قام الكتاب والنساخ بإزالتها بعد ذلك .
هذا هو ببساطة الوجه الثاني لعملة كلام بيشوي .
الأنبا بيشوي قال هذا الكلام ضارباً بعرض الحائط أوليات وأبسط المعلومات التي تخص الكتاب الذي يتهمه بالتحريف من جهة النقل وهي " التواتر " و " الحفظ في الصدور " .
هذا التواتر الذي خص الله به هذه الأمة وحدها عن سائر الأمم ، ذلك الصمام المانع لحدوث مثل تلك الأمور ، ودفعها عن كتاب الله عز وجل .
فهذه آية قرآنية ، متواترة ، ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قد قرأها وقرأها أصحابه والمسلمين الأوائل ، وما بعدهم إلى يومنا هذا ، حتى يشاء الله عز وجل .
ولو فرضنا مثلاً – على سبيل الجدل – صحة هذيان بيشوي هذا ، فإنه يقول أن المسيحية تتطابق مع الإسلام بإستثناء هذه الآية ، وفي وجهة نظره أنها أضيفت فيما بعد ذلك لتهدم هذا التطابق .
والسؤال هنا لماذا لم يقوم من قام بإضافة هذا النص لهدم ذلك التطابق المزعوم ، بحذف تلك النصوص التي يرى من خلالها بيشوي التطابق بين المسيحية والإسلام ؟!
ولا أدري ها هو مستوى إضطلاع بيشوي على النصوص الإسلامية ، وهل قرأ القرءان الكريم كاملاً أم لا ؟
فمثلاً الآية التي ينكرها بيشوي قد أكد على معناها وفحواها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله :
" لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله ".[1]
فهل هذا الحديث أيضاً تم وضعه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
كما أن الآية التي أشار إليها بيشوي ليست هي الآية الوحيدة في بيان كفر وشرك من عبد المسيح ، وأنهم جميعاً ليسوا على شيء ، وأن المسيح ابن مريم عبد الله ورسوله :
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 73 ) َفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 74 ) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( 75 ) المائدة
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ( 116 ) المائدة
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ( 6 ) الصف
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُأَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ( 171 ) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ( 172 ) النساء
فهل تم أيضاً إضافة هذه الآيات بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
حقاً ، فمن تكلم في غير فنه فقد أتى بالأعاجيب .
______________________________________
[1] البخاري 60 : ك : أحاديث الأنبياء 45 : ب : قول الله { و اذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها } 2 / 371 ح 3445 .
المفضلات