بدأ الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ كتاب الفتن بـ :

( بَاب مَا جَاءَ فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً )
قال ابن حجر في فتح الباري :

قَالَ الزُّبَيْر : لَقَدْ خُوِّفْنَا بِهَذِهِ الْآيَة وَنَحْنُ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا ظَنَنَّا أَنَّا خُصِصْنَا بِهَا "

وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " أَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يُقِرُّوا الْمُنْكَر بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَيَعُمّهُمْ الْعَذَاب " وَلِهَذَا الْأَثَر شَاهِد مِنْ حَدِيث عَدِيّ بْن عَمِيرَةَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَا يُعَذِّب الْعَامَّة بِعَمَلِ الْخَاصَّة حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَر بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللَّه الْخَاصَّة وَالْعَامَّة " أَخْرَجَهُ أَحْمَد بِسَنَدٍ حَسَن وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث الْعُرْس بْن عَمِيرَة وَهُوَ أَخُو عَدِيّ ، وَلَهُ شَوَاهِد مِنْ حَدِيث حُذَيْفَة وَجَرِير وَغَيْرهمَا عِنْدَ أَحْمَد وَغَيْره .


يقول الشيخ عبد الكريم الخضير في شرح هذا الحديث :
(ما جاء في قول الله عز وجل "
واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة

" اتقوا : أي اجعلوا بينكم وبين ما ذكر وقاية "
واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " بل نعم الصالح والطالح المباشر للمعصية المرتكب لها والراضي بها والتارك لإنكارها وتغييرها مع قدرته على ذلك فالفتنة إذا نزلت عمت في مثل هذه الظروف التي تتحدث عنها الآية . بل نعم من ارتكب الذنب ومن علم به ورضي بفعله أو علم به ولم ينكر عليه مع قدرته على الإنكار تعمه وهذه نتيجة المداهنة وإقرار المنكر وافتراق الكلمة بحيث تعم الشرور والمعاصي والمنكرات ويتقاعس الناس ويتواكلون في إنكارها . تجد الإنسان يمر بشخص يرتكب منكر أو يترك واجب ويتركه اعتمادا على أنه كلف بهذا الأمر من كلف من قبل ولي الأمر وليس من المسؤولين .
أنت مسؤول مكلف من قبل الله عز وجل ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع خشية الضرر إن نطق بالإنكار ينكر بقلبه . ولا يسع أحد يمر بمنكر مهما كان فاعله ولا ينكر عليه وما وصل المر إلى ما وصل إليه مما نعيشه من ظروف وتعيشه الأمة في سائر الأقطار من انتشار المنكرات مع ضعف في الإنكار إن وجد إلا غريب التواكل سنين تجد الأخيار يذكرون بلا شك والإنكار موجود لكنه ليس على المستوى المطلوب من مقاومة هذه السيول الجارفة من المنكرات التي قصد بها من قبل الأعداء إفساد هذه الأمة لأنها إذا فسدت وفشت فيها المنكرات سهل الاستيلاء عليها بعد أن ذلت . بذل المعاصي والمنكرات .


جاء الوعيد الشديد في ترك الإنكار وإذا ترك صاحب المنكر فإن المصيبة تعم صاحبها ومن سكت ومن أقره وسبب لعن بني إسرائيل أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه . قد يصل الأمر إلى حد اليأس في زوال المنكر فيقول الإنسان ما الفائدة في كوني أنكر مع أن صاحب المنكر لا يرتدع ولا يرعوي نقول عليك أن تبدل السبب وتمثل الأمر وتفعل ما أمرت به فالنتائج بيد الله عز وجل ..

يتبع