وقال :" هذا التصوّر لحقيقة الحكم قد تغيّر شيئـًا ما بدون شك على عهد عثمان ، ولقد كان من سوء الطالع : أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخٌ كبير ، ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام ، وضعفت إرادته عن الصمود لكيد مروان وكيد أمية من ورائه "العدالة الاجتماعية،الطبعة الخامسة ص : 186.
وقال:" منح عثمان من بيت المال زوج ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم ، فلما أصبح الصباح جاءه زيد بن أرقم خازن مال المسلمين وقد بدا في وجهه الحزن وترقرقت في عينيه الدموع ، فسأله أن يعفيه من عمله ، ولما علم منه السبب وعرف أنه عطيته لصهره من مال المسلمين قال مستغربـًا : (أتبكي يا ابن أرقم أن وصلتُ رحمي ؟) ، فرد الرجل الذي يستشعر روح الإسلام المرهف : (لا يا أمير المؤمنين ، ولكن أبكي لأني أظنك أخذت هذا المال عوضـًا عما كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله لو أعطيته مائة درهم لكان كثيرًا ، فغضب عثمان على الرجل الذي لا يطيقُ ضميره هذه التوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفة المسلمين ، وقال له : (ألق بالمفاتيح يا ابن أرقم فإنا سنجد غيرك)"العدالة الاجتماعية ص : 159.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،لماذا كل هذا الحقد على بني أمية يا سيد،أوليسوا أصهار النبي صلى الله عليه وسلم؟!أوليسوا هم من فتح الأرض ونشروا الإسلام شرقاً وغرباً بما فيها الأندلس التي كانت شمساً أضاءت أوربا والدنيا بأسرها بنور الحضارة والعلم والتقدم؟!كان يجدر بكاتب مثلك وثق فيه الشباب والمثقفون أن يحافظ على التراث والتاريخ ويدفع شبهات المستشرقين لا أن يفعل العكس،لم كل هذا التحريف والتشويه يا سيد؟!ومن المستفيد؟!.
ثم يثني على الثورة التي قادها الخنزير المدعو بعبد الله بن سبأ تماشياً مع اتجاهه الثوري الانقلابي الاشتراكي الخارجي التكفيري بقوله:" وأخيرًا ثارت الثائرة على عثمان ، واختلط فيها الحقُّ بالباطل ، والخير بالشر ، ولكن لا بدّ لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام ويستشعر الأمور بروح الإسلام أن يقرّر أن تلك الثورة في عمومها كانت أقربَ إلى روح الإسلام واتجاهه من موقف عثمان ، أو بالأدق من موقف مروان ومِن ورائه بنو أمية"العدالة الاجتماعية ص : 189 طبعة خامسة، ص : 160 ـ 161 الطبعة12،لأن أتباعه حرفوا النص في طبعات أخرى إلى ذم لابن سبأ ،والأخطر من ذلك أنه قال في كتابه كتب وشخصيات:" ولست شيعياً"ولقد قلده أتباعه اليوم بانتحال السلفية لتمرير عقائدهم وأفكارهم الليبرالية أو التكفيرية أو غيرها،وليتهم اكتفوا بذلك،بل يأتون إلى أتباع السلف ويجرحونهم بأنهم يدعون السلفية وأنها منهم براء،ويصفونهم بألقاب تحط من شأنهم مثل "الجامية"نسبة إلى العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله تعالى،الذي لم يكن يخشى في الله لومة لائم،وهذا يذكرنا بقول أعداء الأمة على أتباع السلف الصالح ونبذهم ب"الوهابية"نسبة للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
وشاهدوا هذا الرابط الذي يحوي طابعاً إيرانياً عليه صورة سيد قطب اعترافاً منهم بعظيم خدمات هذا الرجل بقصد منه أو بغير قصد.
http://islamancient.com/blutooth/161.jpg
وسترون أيضاً صورة خالد اسلامبولي، الذي قام باغتيال الرئيس السابق أنور السادات،وهذا يدل على دعم إيران واستفادتها من كل توجه خارجي تكفيري.
ولقد بقيت متحيراً في أمر سيد،فيما إذا كان مدفوعاً مأجوراً من أعداء الأمة أياً كانوا،أو فيما إذا كان قد فعل ذلك عن جهل واندفاع أحمق أهوج في نفق يعج في ظلمات بعضها فوق بعض،إلى أن قرأت كتاباً يدون سيرته من أولها وحتى مماته بعنوان "سيد قطب"وهو من تأليف عبد الله عزام أول الأفغان العرب وأستاذ زعيم الخوارج المعاصر أسامة بن لادن،وعبد الله عزام يعتبر من أشد المغرمين بسيد قطب ،ودافع عنه دفاعاً مستميتاً ،يقول وهو يروي سيرة سيد قطب،في حديثه عن سبب تحول سيد إلى جماعة الأخوان المسلمين :" وأما الحادثة الثانية: فقد حصلت في بيت مدير المخابرات البريطاني في أمريكا ، إذ كانت السفارات الغربية تتسابق في رمي شباكها لاصطياد الطلاب الشرقيين وإيقاعهم بحبائلها ليكرسوا في محافلها المختلفة ، ويقسموا العهد على خدمتها وإنذار الحياة خالصة لخدمتها ، وأي صيد أثمن من الكاتب المعروف سيد? فدعاه مدير المخابرات البريطاني إلى بيته"
والسؤال الخطير والقضية التي شغلتني إلى اليوم،ماذا كان يفعل سيد عند رئيس المخابرات البريطانية حتى عاد وقلمه ينفث هذه السموم ويتهافت الشباب المسلم على كتبه بهذا الشكل المريب؟!وما أدراك ما المخابرات البريطانية وما بريطانيا .
ومع ذلك فسأحسن الظن بسيد،وسأصدق كلام عبد الله عزام وكلام سيد،وسأعتبر بأن سيد فعل ما فعل عن غير قصد ،في هذه الحالة فأنا أتوجه بالنصح لكل من يقرأ هذه الكلمات بأن يستبرأ لدينه وآخرته ويبتعد عن مواطن الشبهات،ويستغني بالآلاف المؤلفة من الكتب والمجلدات عن كتب هذا الضال المضل،لأن ما تنبه إليه العبد الجاهل الذي لم يرتق ولا حتى إلى مرتبة طويلب العلم الذي كتب هذه الكلمات،الذي هو أنا،ليس إلا غيض من فيض والله على ما أقول شهيد،فقد نستحسن أموراً أخرى هنا أو هناك وتكون في حقيقتها طواماً عظيمة يترتب عليها مصائب وشبهات لا ندرك خطرها،ولا يستطيع التصدر لها إلا العلماء الربانيين الراسخين في العلم حفظهم الله لنا وحفظنا معهم ورحم موتاهم،فالشطحات العقائدية التي وقع فيها سيد كثيرة جداً تبلغ المئات وربما الآلاف ولا مجال لحصرها هنا،فهو الآخر أقر عقيدة وحدة الوجود،وبأن الروح أزلية،وكفر المجتمعات الإسلامية على وجه العموم وسمى مساجدهم ب"معابد الجاهلية"،وكم من المآسي التي تسببت بها عقيدته في التكفير،فإننا لا نجد موقعاً على الإنترنت أو جماعة تكفيرية واحدة إلا ونجدهم يقدسون سيد وكتبه ويغلون فيه غلواً مقزعاً،وإن مصائب التكفيريين على الأمة الإسلامية وحدها لتكفي وزيادة،وهنا أحببت أن أذكر شبهتهم التي يعلقون عليها جل توجهاتهم وأهدافهم ومسيرتهم ألا وهي الآية الكريمة:" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"فهم لم يكتفوا بتكفير الحكام بسبب غياب الحكم بما أنزل الله فقط،بل كفروا الشعوب لأنها على حد زعمهم"رضيت بحكم الطواغيت ولم تشعل الثورات لتطبيق الحكم بما أنزل الله"وإليكم أقوال أهل التفسير في هذه الآية:
قال وكيع عن سعيد المكي عن طاوس قال :" ليس بكفر ينقل عن الملة"
قال الثوري عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : "كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق"ونوضح بعون الله كيف يكون الكفر والظلم والفسق أكبراً مخرجاً عن الملة أو أصغر لا ينقل عن الملة.
غلت في مسألة التكفير طائفتان،طائفة غلت في عدم التكفير حتى قالوا"لا يضر ذنب مع إيمان كما لا ينفع عمل مع كفر،وإيمان أحط البشر كإيمان جبريل وميكائيل فضلاً عن أبي بكر وعمر"رضي الله عنهما وأرضاهما،هذه الطائفة تسمى بالمرجئة،وأما الطائفة الثانية فقد غلت في التكفير حتى أخرجوا فاعل الكبيرة من الزنا والسرقة والقتل من الإسلام بالكلية وقالوا بأنه كافر في الدنيا مخلد في النار يوم القيامة،ألا وهم الخوارج،وبهذه المناسبة نذكر بأن المعتزلة قالوا بأن فاعل الكبيرة في منزلة بين منزلتين،وهذا أيضاً قول باطل لا دليل عليه لا في القرآن ولا في السنة المطهرة،فالله تعالى يقول "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"طبعاً سبب ضلالهم أنهم جعلوا الإيمان شيئاً واحداً لا يتجزء،وعقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل،يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية،والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر ونذكر منها قوله تعالى:" إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً"،ولتوضيح عقيدة أهل السنة والجماعة في فاعل الكبيرة يجب علينا أن نعرف الكفر،الكفر لغة الغطاء،واصطلاحاً:قول أو فعل أو عمل مخالف للشرع يغطي إيمان المرء ،وهذا الغطاء إما أن يكون كلياً مخرجاً عن الملة،أو جزئياً لا يخرج عن الملة،ودليل تقسيمه إلى أكبر وأصغر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الوارد في الصحيحين وغيرهما:" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"وهنا فلقد فرق أهل العلم ومنهم ابن تيمية رحمه الله بين مفهومين هما الإيمان المطلق،ومطلق الإيمان،وفاعل الكبيرة الذي توافرت فيه شروط الإيمان مع كبيرته فقد الإيمان المطلق،الذي هو درجة كبيرة من الإيمان،ولكنه لم يفقد مطلق الإيمان،الذي هو جذر الإيمان أو جذوته أو أصله في قلبه،ثم إن التكفير يعد من أخطر أبواب الفتوى على الإطلاق،يعد الراسخون في العلم حتى المليون قبل أن يدخلوا فيه للحديث الوارد في الصحيحين وغيرهما وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"ورجائي الوحيد لأخوتي وأخواتي كلما رأوا تكفيرياً أن يسألوه على سبيل المثال:"هل تحفظ مناسك الحج أو العمرة؟"أو اسألوه:"عدد واجبات الصلاة أو سننها "ولا نريد إحراجهم بالأسئلة ولكننا نريد عملاً مثمراً يعود على أمتنا بالنفع وأن نشغل أوقاتنا بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على ضوء فهم سلفنا الصالح رضوان الله عليهم،نكمل أقوال أهل التفسير في الآية المذكورة.
قال السدي: "ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا أو جار وهو يعلم فهو من الكافرين"ويوضح هذا المعنى القول التالي:
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : "من جحد ما أنزل الله فقد كفر ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق"بمعنى،أن شرط خروج من لم يحكم بما أنزل الله عن الملة هو الجحود،بمعنى أوضح،لو سرق السارق أكثر من النصاب وهو يعلم في قرارة نفسه أن هذا من الكبائر تقطع يده ،ولكن إذا اعتقد بأن السرقة حلال فإنه يخرج عن الملة بعد قيام الحجة والاستتابة حتى ولو لم يسرق في حياته ولو مرة واحدة،فشرط تكفير من لم يحكم بما أنزل الله أن يعتقد بأن القوانين الوضعية الفاجرة أفضل من الحكم بالشرع،والاعتقاد محله القلب ونحن لا نحكم على الظاهر لسبب بسيط وهو أن من حسن إيمان المرء حسن ظنه بغيره وسوء ظنه بنفسه وليس العكس،فإن قال قائل:"إنهم يقيمون المحاكم ويضعون الدساتير التي تحكم بالقوانين الوضعية،فماذا تريد أكثر من هذا الدليل على جحود الحكم بشرع الله؟"نقول،ربما قام شارب للخمر بفتح خمارة والعياذ بالله،وهذا بلا منكر عظيم بلا ريب وبلا شك،طيب هل كشفنا عن قلبه وعرفنا أنه استحل الخمر بهذا العمل؟ليس بالضرورة،ثم يجب أن يفهم التكفيريون بأن إقامة الحدود شأن أولياء الأمر فقط،ولو تُرِكَ الأمر لآحاد الناس فستتحول أمتنا بالكامل إلى غابة وستعم الفوضى ويقتل الأبرياء،وهذا ما حصل فعلاً في الكثير من الدول الإسلامية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم...يتبع