الأذان..
وفي أوائل الهجرة شرع الأذان، تلك النغمة العلوية التي تدوى في الآفاق، وتهز أرجاء الوجود، تعلن كل يوم خمس مرات بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتنفي كل كبرياء في الكون وكل دين في الوجود، إلا كبرياء الله، والدين الذي جاء به عبده محمد رسول الله. وقد تشرف برؤيته في المنام أحد الصحابة الأخيار عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وقد وافقت رؤياه رؤيا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأقره النبي صلى الله عليه وسلم، والقصة بكاملها مروية في كتب السنة والسيرة.
تشريع الآذان
صحيح مسلم - كتاب الصلاة - باب بدء الأذان:
568 - ص 285:
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الصلاة باب بدء الأذان 377:
حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا محمد بن بكر ح وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق قالا أخبرنا ابن جريج حدثنا هارون بن عبد الله واللفظ له قال حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج أخبرني نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر أنه قال "كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم قرنا مثل قرن اليهود فقال عمر أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قم فناد بالصلاة"
سنن الترمذي - كتاب الصلاة - أبواب الأذان - باب ما جاء في بدء الأذان:
- ص 358 –
أبواب الأذان باب ما جاء في بدء الأذان:
189 حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا محمد بن - ص 359 - إسحق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال " لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالرؤيا فقال إن هذه لرؤيا حق فقم مع بلال فإنه أندى وأمد صوتا منك فألق عليه ما قيل لك وليناد بذلك قال فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر إزاره وهو يقول يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد فذلك أثبت" قال وفي الباب عن ابن عمر قال أبو عيسى حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح - ص 360 - وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحق أتم من هذا الحديث وأطول وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة - ص 361 - وعبد الله بن زيد هو ابن عبد ربه ويقال ابن عبد رب ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان - ص 362 - وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني له أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو عم عباد بن تميم.
وقد ذهب العلماء فى تشريع الأذان إلى مذهبين:
- الأول: أن الأذان تم تشريعه فى رحلة الإسراء والمعراج وأقره الرسول عليه الصلاة والسلام فى المدينة حين أمر بلال أن ينادى للصلاة كما جاءت الرواية فى صحيح مسلم.
- الثانى: أن الأذان تم تشريعه عن طريق حلم عبد الله بن يزيد والذى أقره الرسول عليه الصلاة والسلام وهو الأقرب للصحة.
معانى الأذان والإقامة:
الله أكبر لتأكيد التوحيد والإقرار لله بالوحدانيّة وأنه تعالى أكبر من كل ما يشغل عن إجابة النداء "إنّما أُمِرَ الناس بالأذان لعلل كثيرة، منها: أن يكون تذكيراً للناسي، وتنبيهاً للغافل، وتعريفاً لمن جهل الوقت واشتغل عنه؛ ويكون المؤذِّن بذلك داعياً لعبادة الخالق، ومرغِّباً فيها، ومُقِرَّاً له بالتوحيد، مجاهراً بالإيمان، معلناً بالإسلام...".
الله أكبر، كأنّه يقول: الله أعلى وأجلّ، وهو الغنيُّ عن عباده، لا حاجة به إلى أعمال خلقه.
إلى أن يقول: "وجُعِل بعد التكبير الشهادتان (اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله )، لأنَّ أوّل الإيمان هو التوحيد والإقرار لله بالوحدانيّة، والثاني الإقرار للرسول بالرسالة، وأنَّ إطاعتهما ومعرفتهما مقرونتان، ولأنَّ أصل الإيمان إنّما هو الشهادتان، فجعل شهادتين شهادتين كما جُعِلَ في سائر الحقوق شاهدان، فإذا أقرّ العبد لله عزّوجلّ بالوحدانيّة وأقرّ للرسول بالرسالة فقد أقرَّ بجملة الإيمان؛ لأنّ أصل الإيمان إنّما هو بالله وبرسوله. وإنّما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة (حى على الصلاة – حى على الفلاح)، لأنّ الأذان إنّما وضع لموضع الصلاة، وإنّما هو نداء إلى الصلاة في وسط الأذان ودعاء إلى الفلاح بالصلاة والوقوف بين يدى الله ، وجعل ختم النداء كما فتح باسم الله الله أكبر ولا إله إلا الله، كأنّه يقول: الله أعلى وأجلّ والإله الواحد الأحد، وهو الغنيُّ عن عباده، لا حاجة به إلى أعمال خلقه.
ومعنى "قد قامت الصلاة" في الإقامة، أي حان وقت الزيارة والوقوف بين يدى الله والمناجاة، وقضاء الحوائج، والتواصل مع الله عزّوجلَّ، وإلى غفرانه وعفوه ورضوانه.
وعن أبي سعيد الخدريّ: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "لا يسمع مدى صوت المؤذِّن جنّ ولا إنس ولا شيء إلاَّ وشهد له يوم القيامة"
شبهة فى تشريع الآذان:
أنه جاء فى حلم ولم يأتى بتشريع سماوى...
الرد على الشبهة:
يقول الله تعالى (ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك فإن مع العسر يسْراً إن مع العسر يسْراً فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) (سورة الشرح).
إن الله تعالى يصطفى من عباده الأخيار من يرفع لهم ذكرهم.. فقد رفع ذكر النبى عليه الصلاة والسلام فلا يقول المسلم لا إله إلا الله حتى يتبعه محمد رسول الله.
وقد يصطفى الله من عباده وصحابة رسوله الكريم من يرفع لهم ذكرهم فيكون التشريع متفقا مع آرائهم أو رؤيا أحلامهم وذلك لعلم الله بنقاء قلوبهم وشدة إيمانهم، ويوجد فى السيرة النبوية الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم مثل عمر بن الخطاب وغيره ممن نزل الوحى مؤيداً لكلامهم أو ردود أفعالهم.
المفضلات