كل هذا كان يحدث بفضل الله وتوفيقه، مع مراعاة الضوابط الشرعية ومنها عدم اظهار الاحترام لشعائر كفرهم ولا تهنئتهم بتلك المناسبات الدينية حتى بعد دعوتي من قبلهم للمشاركة فيها، ولا أذكر أنني شاركتهم ولا مرة بتلك الاحتفالات، لأنهم بعد أن أدركوا تحفظي على جملة من الأمور قاموا هم من تلقاء أنفسهم بسحب الدعوة معتذرين خجلين من أنفسهم منسحبين برصيد وافر من احترامهم لي ولديني ارتفع مؤشره عندهم عالياً بفضل الله وحده، لو استخدمت لغة أهل أسواق البورصة والاسهم.
لكن أذكر استجابة لدعوة من كنيسة نصرانية في مناسبة لهم وجدتها فرصة للحديث عن معتقد المسلمين في المسيح وأمه عليهما السلام وذكر ولادته في القرآن الكريم وأنها من آيات الرحمن ودلائل ما أيد الله به نبيه وعبده عيسى بن مريم. كما بينت موقفنا من مقولات النصارى في أنه الله أو ابن الله، والعياذ بالله من قولهم.
وقد رفضت مخالطتهم بعد انتهاء الفعالية وآثرت الخروج فوراً نظراً لأني وجدت بعض الحاضرات كن في ملابس غير محتشمة صدمتني من رؤيتهم على تلك الحال داخل الكنيسة يوم الأحد وساعة قداسهم والقسيس يفتح أحضانه لهن ويقبل كل واحدة منهن على خدها ويضع يده على خصر تلك ويعانق الأخرى بحرارة!!
أيضاً وقبل مشاركتي بالحديث لهم امتنعت عن القيام معهم أثناء فقرة الترانيم الكنسية وهي من مظاهر صلواتهم وعبادتهم الباطلة، فلما أشاروا علي بالوقوف معهم اعتذرت لأن ذلك مما يقدح في توحيدي بالله عز وجل، وقلت بشكل واضح لمن ألح علي في القيام أنه يكرهني على أمر يخالف ديني وعليه أن يحترم تعاليم الاسلام في شخصي أو انصرف غير آسف، وأكدت أنني لن أشارك بالوقوف في صلوات يتوجهون بها لغير الله أبداً حياء من الله تبارك وتعالى، فاحترموا قولي واعتذروا لي عن الطلب وتركوني جالس انتظر دوري للحديث اليهم.
بالطبع انزعج غلاة المنصرين والمتعصبين من ردي ولكن دون تعليق منهم، بينما تفهمت الأكثرية موقفي وقدروه واحترموه مشكورين، وهو الموقف الذي جعل من أراد القاء الأسئلة المفخخة ضد الاسلام أثناء تلك الكلمة يتهيبني ويتحاشى الاحتكاك بي ولله الحمد.
وقد تعلمت يومها أنه لا خير في أي خطاب دعوي غير مهاب الجانب، والذي ملؤه المبالغة في التودد للكفار ولو بتجاوز الحد الشرعي، فلا خير يرتجى بخطاب يبدو ذليلاً ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. والعزة التي أفهمها لا تقتضي التعالى ولا التكبر ولا الغرور، ولكن التسامح والبر والقسط لا يقتضي أيضاً أن أفقد كرامتي وهويتي الاسلامية لكي أذوب فيهم تدريجياً.
لم أضطر إلى التجهم ولا إلى ابداء امتعاضي من الالحاح علي بالمشاركة بالوقوف معهم أثناء فقرة ابتهالاتهم الدينية على أنغام الموسيقى (وأحيانا بالروك أند رول والديسكو في كنائس أخرى!!)، ولكن أبديت موقفي بكل هدوء وبأكبر ابتسامة على محياي لأن هذا يعزز ابداء الثقة في موقفي لدى الخصوم وغيرهم.
وأذكر بفضل الله كيف أن شبيبة التنصير من الذين وجهوا لي الدعوة للمشاركة في تلك المناسبة أحسوا ببالغ الندم بعد مداخلتي ونقاشاتي الجانبية قبلها، حتى أنهم ألمحوا لي أن القسيس أمرهم بالابتعاد عني والتوقف عن الحديث معي خشية أن يفتتنوا بكلامي!!! ذلك كان موقف القسيس وحاشيته من المنصرين ولم يكن موقف أتباع الكنيسة الذين رحبوا بالمداخلة ولله الحمد رغم أنها تطرقت لجملة من الاختلافات الجذرية في العقيدة بيننا مسلمين ونصارى مع التطرق لأوجه الاتفاق لكي يكون الخطاب متوزاناً ودقيقاً، ولكي أعرض عقيدة التوحيد بلا لبس ولا غموض قدر استطاعتي ازاء اعتقاد القوم في ما يقدح فيه من مثل التثليث وما شابه من معقتداتهم في الله تبارك وتعالى وتنزه عن قولهم.
وكان الهدف من الاستجابة للدعوة بالحديث اليهم في كنائسهم فقط اذا وافق ذلك مناسبة دينية اسلامية وكنا نقول لهم وجهوا لنا الدعوة في شهر رمضان أو عيد الفطر وعيد الأضحى مثلاً لكي نعزز من حضور أعيادنا ولا نتأثر بمناسباتهم ولا نجعلهم يظنون أننا اذا لبينا الدعوة للحديث عن الاسلام في مناسباتهم وأعيادهم أن ذلك اعتراف واقرار منا بصحتها وموافقة منا عليها وما تقوم عليه من اباطيل ويحصل فيها من منكرات.

لست وحدي من كان يشارك بفعاليات أخرى داخل الكنائس وفق ضوابط معينة لا نتجاوزها ايصالا للدعوة لغير المسلمين، بل كان يشارك معنا أئمة ودعاة وشيوخ من مسلمي تلك البلاد وغيرهم بدعوة من القساوسة، فإن لم نعط الفرصة للحديث لجموع المدعووين امتنعنا في هدوء عن المشاركة وشكرناهم على الدعوة لأن المشاركة في حد ذاتها قد تفهم على أنه اقرار ضمني بصحة ما يفعلونه بتلك المناسبات الدينية أو مصادقة اسلامية على أصلها الكفري وطقوسها البدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان.
كما كنا نخشى المشاركة لأجل المشاركة بدون فرصة سانحة لالقاء كلمة ولو في خمس دقائق حتى لا يفتن عوام المسلمين وشبابهم بمشاركتنا فيظنون أن في الأمر سعة فيشاركون غير المسلمين أعيادهم. وكنا اذا دعينا لالقاء كلمات أو محاضرات عن الاسلام أو الدخول في حلقات نقاشية نبادر بدعوتهم لحضور فعاليات ومناشط دعوية مخصصة لغير المسلمين في مراكزنا الاسلامية والمساجد تحت اسم “ضيوف الاسلام”.

ويحضرني الآن كلام كهل أمريكي تنشأ في النصرانية وحضر مشاركة لي وسط جمع حاشد ضم 63 قسيساً ومنصراً انتهت إلى مناظرة مفتوحة مع حوالي 13 منهم امتدت إلى خمس ساعات حول زعمهم أن المسيح هو الله أو أنه ابن الله، فقام هذا الكهل، وقد كان صاحب الدعوة، بالاعلان أنه لطالما اعتقد في قلبه استحالة أن يكون المسيح وهو من بني البشر الها يعبد أو أن يكون ابنا لله. ثم وضع يده على ركبتي وقد كان يجلس إلى جواري والدموع في عينيه لما عرف من الحق وقال لي بما كاد أن يبكيني أمامهم: “هذا يا بني الذي ذكرت هو والله ما استشعرته طول حياتي وأوافقك بكل قلبي وجوارحي”.
والحمدلله أن ذلك الحديث وتلك المناسبة موثقة في تحقيق مصور على صفحتين بصحيفة المدينة المنورة أواخر سنة 1999م، كما أشارت إلى مشاركتي ومداخلتي وكالة أنباء الاسشيوتد برس الدولية وأجرى تلفاز ولاية ميناسوتا الأمريكي معي لقاء عابراً حول تلك المشاركة التي حضرتها باللباس الخليجي ولله الحمد.
وأقول: نحن ما كنا نسعى للمبادرة إلى حضور مناسباتهم، ولكن نستجيب لدعوتهم ايانا لها في تلك البلاد وفق تلك الضوابط المذكورة وخارج أيام مناسباتهم، مع فريق دعوي وكتيبات ومواد دعوية نجهزها للتوزيع عليهم داخل كنيستهم أو خارجها إن تعذر ذلك.
وعن تجربة شخصية امتدت حوالي ربع قرن في الاجتهاد لدعوة غير المسلمين وتأليف قلوب المنصفين والمسالمين منهم في تلك البلاد وهنا من أبناء الجاليات، مما تعلمته من قامات عالية في الدعوة هنا وبالخارج، أخلص إلى القول بأن الخير كل الخير والفلاح كل الفلاح يكمن في اتباع المنهج الصحيح والسليم في دعوتهم وليس في مخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تحت أي مبررات أو ذرائع، لأن النتائج في الغالب تكون عكسية.
فمن يتجاوز المحظورات في تلك الحفلات والأعياد ويبيح لنفسه المشاركة فيها على الاطلاق بدون شروط ولا تحفظ وباسم تأليف قلوب غير المسلمين والبر بهم والاقساط اليهم، فهو لا يدرك أنه بعدما يذهب فإنه يشارك وحيداً منعزلاً إن كان من المسلمين المحترمين، لأن هؤلاء قلة جداً من المشاركين في تلك الأعياد الماجنة الصاخبة، ولا يحققون الأثر المنشود من استمالة غير المسلمين…
خصوصاً في ظل مشاركة أغلبية ساحقة من فساق شباب المسلمين المنسلخين من الأخلاق تماما والذين ما ذهبوا لمشاركة غير المسلمين أعيادهم إلا لأنها فرصة سانحة لاقتراف المحرمات تحت غطاء تلك المناسبات وشعارات التسامح والتعايش المشترك، وهذا كله بات مشاهداً في بلدان اسلامية عديدة مع الأسف الشديد، ويعرفه من حضر حفلات قناصل الدول الغربية ومجمعات العمالة النصرانية الوافدة السرية في بلادنا وما يحصل فيها من موبقات ومخازي ودعارة مكشوفة أحياناً…
فهل ثمة عاقل يريد لنا أن نفهم أن عضو هيئة كبار العلماء يريد لنا المشاركة في تلك الحفلات؟؟؟!!!!!! [طالع تقرير موقع ويكي ليكس الأخير من رسائل سفارة وقنصليات الولايات المتحدة الأمريكية بالسعودية عن بعض تلك الحفلات الماجنة المتعلقة بمناسبات غير اسلامية في بلاد الحرمين وما يحصل فيها من موبقات ومحرمات ودعارة على المكشوف وتعاطي للخمور والمخدرات - رابط التقرير].
أيضاً اباحة اجابة أعيادهم بلا قيد ولا شرط ولأي مسلم تفتح أبواباً للتنصير داخلياً وعربياً واسلامياً، لأن المنصرين في كل برامجهم التي وضعوها لاستمالة واستدراج المسلمين أكدوا على توظيف تلك المناسبات الدينية لصالح التنصير. وقد اطلعت على تلك البرامج والخطط التنصيرية بحكم أبحاثي ورصدي لشؤون وحيل التنصير.
وأعلم وعن سابق اطلاع ودراية أن حالات من ارتد عن الاسلام من فساق شباب المسلمين – وبعضهم من الشباب السعودي للأسف وإن كان وقوع ذلك من النوادر- كانت بدايات بذوره في مخالطة غير المسلمين ومشاركتهم احتفالاتهم ومناسباتهم دينية وغيرها بدون تحفظ.
وكانت المبررات المبدئية التي يسوقها هؤلاء الشباب لأضفاء الشرعية على مشاركاتهم تتمسح في الغالب بدعاوى التسامح مع غير المسلمين والعيش المشترك وتحبيبهم في الاسلام. ولا أدرى ما علاقة التلطف الذي كانوا يبدونه للكاسيات العاريات من الكافرات بتلك الأعياد بتأليف قلوبهن لصالح الدعوة!!! هراء وسفسطة دوما ما تنتهي إلى الوقوع في الفتنة بل والرذيلة كثيراً وادمان المخدرات والمسكرات والجنس انتهاء بالانسلاخ من الاسلام بالكلية والعياذ بالله مروراً بأمراض وأزمات نفسية حادة!!
هذا مع العلم أنه لم يعد خافياً أن من الكنائس العربية والأجنبية من تورط في توظيف الحسناوات من النصرانيات لاستمالة الشباب مسلمين وغير مسلمين والعمل على تنصيرهم ولو بالجنس!! هذا ليس ادعاء من جانبي ينقصه الدليل ولكن أشار إليه أساتذة كبار أفاضل من قبل كتبوا في شؤون التنصير بالأدلة والوثائق. واعترف به متنصرون سابقون عادوا للأسلام ولله الحمد، نسأله سبحانه السلامة والعفو والعافية.
كما أنني تعاملت شخصياً مع بعض ضحايا مجندات التنصير والتنصير بالجنس والعلاقات الآثمة وعلى رأسهم متنصر سعودي ظهر على فضائيات التنصير مؤخراً يسب الله ورسوله وبلاده!!! [هو بالمناسبة المتنصر السعودي الحقيقي الذي ظهر على فضائيات التنصير العربية أما البقية فممثلون وأدعياء انتحلوا شخصيات وهمية وقد افتضح زيف أمرهم وانكشف].

وقد رد هذا الدعي على بعض الكلام عنه محاشياً الرد على سلسلة مواضيع ومقالات كتبتها عنه قبل سنتين وقصة تنصره في الأردن بين أفخاذ بنات الكنيسة. لم يستطع أن يذكر اسمي ولم يتجرأ لتحدي هذه المدونة بفضل الله تبارك وتعالى، وآثر الانسحاب مخزياً بعدما انسحبت قيادات كنائس كاثوليك الأردن كافة من مواجهة الحقائق الفاضحة [تفاصيل القصة على هذا الرابط].
بدايات انحراف هذا الشخص كانت في اختلاطه بالنصارى في حفلاتهم ومناسباتهم الدينية وغيرها أثناء فترة بعثته الدراسية بدولة الأردن الشقيق حيث أصبح هناك هدفاً متحركاً سهل المنال ليتم توظيف أسمه وصورته وشخصه في اطار حملات الاساءة والتنصير الدولية ضد الاسلام، ضمن مخطط محبوك وواسع يستهدف هذه البلاد وعقيدتها في المقام الأول.
أقول هذا أيضاً عن خبرة ودراية بأحوال من يسمون بالمتنصرين أو المرتدين أو من يتوهم أنه صار مرتداً وإن هو إلا ضحية من ضحايا الحيل النفسية التي يجيدها المنصرون وأساليب غسيل الدماغ التي أتقتنوا أدواتها وفنونها ويدرسونها في كليات التنصير.
وبين يدي هذه الأيام ملف حالة ثانية مماثلة لحالة العمري، وهي أشد مأساوية من سابقتها، وبدايات الانهيار معها كانت بمثل مستصغر الشرر الذي استهان به هؤلاء المغرر بهم لما أباحوا لأنفسهم مخالطة الكفار ومشاركتهم أعيادهم ومناسباتهم، فتلك على الدوام هي الخطوة الأولى التي تتبعها خطوات الانحلال الخلقي حتى لحظة الانسلاخ من الدين بالكلية، فالله نسأل ألا يجعل مصيبتنا في ديننا وأن يحفظ شبابنا وأولادنا! [تتحفظ المدونة على ذكر تفاصيل هذه الحالة الجديدة حتى يتم تأهيل هذا الشاب وعلاجه من مرضه النفسي وعودته سالما لبلده باذن الله].

كل هذا الذي ذكرت يعرفه تماماً فضيلة الشيخ د. قيس وأكثر منه، ولا أخاله يسمح بأحصنة طروادة التنصيرية هذه لكي تفعل أفاعيلها القذرة في شباب المسلمين بذريعة أن مشاركتهم أعياد الكفار من المباحات.
وختاما أقول: إن العبرة بالنتائج، فلو افترضنا جدلاً أن اباحة مشاركة المسلمين أعياد الكفار سوف تحببهم في الاسلام وأنها ستحد من الاساءات لديننا(كما تفهم هذه الاباحة عكاظ ومن ينستب إلى الليبرالية أو يذهب مذهبا في هذه المسألة)، فإن المشاهد من حقائق الواقع أن أعدادا متزايدة من عوام المسلمين في كل بلاد العرب والمسلمين أمسوا يشاركون بلا تحفظ في تلك المناسبات التي صرنا نرى فيها وللأسف الشديد فضيلة مفتي تلك الجمهورية والداعية الفضائي المعروف والرئيس والوزير يسارعون ويبادرون بلا دعوة لتهنئة النصارى وطلب رضاهم!!
ولكنك وفي المقابل بقدر ما تجد من مشاركة “اسلامية” بتلك الأعياد الكفرية في ذلك البلد بقدر ما ترى تردي أحوال أهله الدعوية، واستقواء شوكة التنصير به، ووقاحة الكفار وتطاولهم على الاسلام وأهله فيه تبعاً لذلك، فبات ما ينتج عن تلك المشاركة هو العكس فعلياً وليس كما كان يأمل أو يروج أؤلئك النفر من المسلمين غفر الله لنا ولهم (انظر الحالة المصرية مثلاً مع وافر احترامي للأشقاء المصريين وطغيان الكنائس بذلك البلد الحبيب).
إذن لم تحقق هذه المشاركات المرجو منها بل وفشلت فشلاً ذريعاً في بلداننا العربية والاسلامية وأدت بنا إلى نتائج عكسية، وسيكون من الحماقة أن نعالج الخطأ بأخطاء أكبر أي بتوسيع دوائر المشاركة كمن يريد أن ينجو من الغرق لو ظن أنه يستطيع أن يتنفس تحت الماء أطول فترة ممكنة… وليت برك هذه الحفلات من الماء ولكنها مستنقعات آسنة من الفجور على طريق الردة السريع.
وبخلاف تلك الدول العربية والخليجية، أصلحنا الله واياها، فإن أكثر دولة في معدلات من يشهر اسلامه بها هي في بلادنا ولله الحمد، وخصوصاً من العمالة النصرانية، رغم أننا لم نسمح لهم ولن نسمح لهم باقامة كنائس لدينا ولا باظهار تعاليم دينهم وأعيادهم وبالرغم من أن التنصير جريمة هنا يعاقب عليها النظام. فلو كان ما التزمنا به في هذه البلاد منفراً لهم لحصل أن نكون أقل البلاد العربية والاسلامية من جهة معدلات دخول الوافدين اليها في الإسلام بينما العكس هو الصحيح فعلياً وفق تقارير مكاتب توعية الجاليات بالمملكة، وتتنافس في هذا مدينتا الرياض وجدة دون سائر المدن هنا بفضل الله وتوفيقه.
أرجو ألا يفهم أحد من كلامي أنني أقول أننا مجتمع مثالي بلا أخطاء ولا عيوب، ولكني أتحدث في هذه الجزئية تحديداً، مدركاً في الوقت نفسه ومعترفاً أنه لو كان حالنا أقرب الى المثالية في بلادنا لتضاعفت أعداد الداخلين في الأسلام بالعشرات فوق ما هي عليه الآن من زيادة تصاعدية كل عام ولله الحمد.
اعتذر إن أطلت، وأعود للتأكيد أنه في هذا الاطار كله أفهم كلام الشيخ د. قيس، بافتراض صحة النقل عنه دون اختزال أو تحريف.
ولم يبق إلا أن أقول: لو ضربت بكل ما قلت عرض الحائط وذهبت مذهب العكاظيين وأشباههم في فهم الكلام المقتضب والمنسوب للشيخ على علاته، فهل اذا قامت كنيسة عربية في الخليج مثلاً بتوجيه الدعوة لفضيلته للمشاركة بعيد من أعيادهم هل تراه سيرحب ويقبل؟ لأننا إن وافقنا عكاظ وفهمنا ما فهمت فلابد أن عضو هيئة كبار العلماء لن يبيح لعامة المسلمين ما يستكنفه هم أو ينأى بنفسه عنه أو يحرمه على نفسه، أوليس كذلك؟ فهل تظنون الشيخ سيفعل؟ هل سنراه في صورة تذكارية مع شخص يمثل بابا نويل مثلاً؟ اتساءل هنا أيضاً سخرية من عكاظ وليس من مقام فضيلته وفقه الله.

فإن قلت لكم أن الحـ….ير قد باتت تكتب لنا وتحرر أو تحرف الأخبار والفتاوى من شارع الصحافة السعودية فصدقوني!
إن ساء زملاء الصحافة المتورطين في هذا التحريف للخبر هذا التشبيه القرآني بحق من يحمل أسفار العلم والوحي دون فهم ولا تبصر، فأنا يسيء إلي مشاعري دعوة صحيفة عكاظ لي ولغيري في بلاد الحرمين لمشاركة النصارى احتفالاتهم هذه الأيام التي يسبون فيها الله بمسبة لم يسبه بمثلها أحد من البشر لما قالوا اتخذ الرحمن ولداً، سبحانه أنّى يكون له ولد! فمن من العكاظيين من سوف يعتذر إلى ربه قبل أن يطالبني بالاعتذار له؟

كما يسيء إلى عقيدة التوحيد لدينا ويقدح فيها أن ندعى للاحتفاء بعيد بابا نويل، والذي كان شخصية حقيقية، من طغاة وأكابر مجرمي الكنيسة في القرن الرابع الميلادي وممن شارك في اضطهاد بقية من أتباع المسيح عليه السلام الذين كانوا على التوحيد قبل أن يفرض هذا البابا وغيره عليهم التحول إلى التثليث بحد السيف وتحت آلات التعذيب وبالحديد والنار. هذا البابا الارهابي صار له طرطور أحمر يباع ويشترى في أسواق المسلمين والخليج حتى صرنا نرى طرطور بابا التثليث على رؤوس الموحدين ولا حول ولا قوة إلا بالله [طالع تفاصيل هذه الشخصية من المصادر النصرانية - رابط الموضوع].
ووالله حتى لو كان بابا نويل هو البابا أوربان نفسه الذي أعلن الحروب الصليبية على العالم الاسلامي قبل ألف عام لروّجت صحيفة عكاظ للاحتفاء بعيده ولقامت بتلفيق الأخبار وتحريف الفتاوى في هذا السبيل خصوصاً وأن لهذه الصحيفة مقالات قديمة نشرتها لكتاب بها ما أنفكوا يحاولون من خلال أعمدتهم الصحافية بها الترويج لهذه الدعوة المنكرة….
والفضيحة اليوم ليست فقط في تحريف الصحيفة السعودية المعروفة بالكذب وتلفيق كثير من الأخبار على الشيوخ والدعاة في أكثر من مناسبة، ولكنها أيضاً وبشكل أكبر تطال كل الصحف الخليجية والعربية التي نقلت عنها إلى درجة أن محرك البحث في جوجل زات عن العشرين صفحة لما فتشت خلف الخبر وانتشاره!
طبعاً أتفهم حفاوة تلك الصحف وخصوصا في بقية دول شبه الجزيرة العربية حيث الاسراف والمغالاة في اظهار الفرح بأعياد الكفار ومشاركتهم فيها فهي فتوى عكاظية “جات على طبطابهم” كما نقول في مكة المكرمة، عساهم يسكتوا بها تنامي أصوات المعارضة الشعبية التي تنكر هذا المنكر وتبرأ إلى الله منه…
والله المستعان على ما يصفون وحسبنا الله ونعم الوكيل!
* كاتب واعلامي من مكة المكرمة. باحث ومحاضر في مقارنات الأديان وشؤون التنصير ودعوة غير المسلمين، من تلاميذ الشيخ أحمد ديدات رحمه الله.