البرمجة الإيجابية في تربية الرسول الكريم
يقول أحد علماء البرمجة اللغوية العصبية متحدثاً عن مدى تأثير الرسائل السلبية على تربية الطفل: "إنك تتلقى من أبويك أكثر من 100 ألف رسالة سلبية على شكل كلمة (لا)، أو (لا تفعل ذلك)، أو (لمَ فعلت ذلك)، وذلك في السنوات العشر الأولى من عمرك".
تأمل أخي القارئ كم يؤثر هذا الحجم الضخم من التعليمات السلبية التي يتلقّاها الطفل خلال مرحلة طفولته، وكم تترك من أثر سلبي على شخصيته وذكائه. فالعلماء يعتبرون أن كل كلمة (لا) يتلقاها الطفل من أحد والديه هي بمثابة رسالة سلبية سوف تؤثر عليه حين يكبر، لأن هذه الرسالة يتم اختزانها في العقل الباطن للطفل، وترافقه طيلة حياته.


إن كثرة هذه الرسائل كما يؤكد العلماء يؤدي إلى عزلة هذا الطفل أحياناً، وأحياناً إلى أن يصبح انفعالياً، وقد تؤثر هذه الرسائل السلبية على ذكاء ومستقبل هذا الطفل، ولذلك بدأ العلماء اليوم يهتمون بأسلوب جديد في التربية قائم على البرمجة الإيجابية للطفل منذ ولادته.
هذا الأسلوب الإيجابي لا يقول للطفل لا تفعل، أو لماذا فعلت، ولماذا لم تفعل، بل يشجع الطفل دائماً على التجربة، ويعلمه كيف يتصرف بشكل صحيح.

إن هذا الأسلوب الجديد بالنسبة للعلماء، ليس جديداً بالنسبة لمعلم العلماء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم!! فقد كان هذا النبي الكريم يوجّه كمية كبيرة من الرسائل الإيجابية أثناء تربيته وتعليمه للأطفال.
فهذا هو سيدنا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يحدثنا عن المنهج النبوي في التربية، فيقول: خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات، فلم يقل لشيء فعلته لم فعلت كذا، أو لشيء لم أفعله لمَ لمْ تفعل كذا!!!

وسبحان الله! عشر سنوات ولم تصدر من هذا النبي الكريم رسالة سلبية واحدة!! إن هذا الأمر يدل على أن أول من استخدم أسلوب البرمجة الإيجابية في التربية هو محمد صلى الله عليه وسلم! ولكن ماذا يدل ذلك؟ إنه يدل على رحمة ورأفة هذا النبي الكريم بمن حوله، ويدل أيضاً على صدق كلام الله تعالى عندما وصفه بقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128].

لقد كان النبي الأعظم حريصاً على سلامة الطفل وتربيته وعدم إيذائه ولو بكلمة، فالعلماء يقولون إن الكلمات والتعليمات التي يتلقاها الطفل الصغير يكون لها أكبر الأثر في شخصيته في المستقبل، وإن دماغ الطفل يتأثر أكثر بكثير من دماغ الكبير، وسؤالنا لكل من يستهزئ بهذا النبي الكريم: ألا تظنون بأن نبيَّنا قد سبق علماءكم إلى التربية الإيجابية التي تفتخرون أنتم اليوم بأنكم من اكتشفها؟
هذا يا أحبتي هو رسول الله! وهذه هي عظمة الإسلام، ولكننا قصرنا في حق هذا النبي الرحيم عليه الصلاة والسلام، لقد قدم لنا كل شيء ولكن للأسف لم نقدم له شيئاً يُذكر، طبعاً الله أكرمه ورفعه ويكفيه أن الله تعالى خالق الكون ورب البشر قد قرن اسمه باسمه فلا يُذكر اسم الله إلا ومعه اسم الحبيب الأعظم: (لا إله إلا الله محمد رسول الله).


ما هو الفرق بين النفس والروح؟
عندما يتحدث الله عن الروح يقول تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85]. وعندما يتحدث عن النفس يقول: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران: 185]. وهذا يعني أن النفس تموت ولكن الروح هي أمر لا يعلمه إلا الله وعلمنا قليل أمام علم الله تعالى.

ويمكننا أن نقول إن الروح هي الطاقة التي بثها الله في خلقه من كائنات حية على وجه الأرض، فتحركها وتجعلها تتكاثر وتجعل الخلايا تنقسم، وعندما تموت الخلية فإن هذه الطاقة المحركة تكون قد استنفذت. ويمكن أن نتخيل الروح على أنها ذبذبات غير مرئية ولا يمكن قياسها ولا إدراكها بأي جهاز، ولكن يمكن أن نرى نتائج وجودها. هذه الذبذبات الروحية هي التي تحرك الخلايا وتدفعها للانقسام والاستمرار في حياتها.

ولكن النفس هي الهالة التي تحيط بالجسم وتلتصق به ولا تغادره إلا أثناء النوم وعند الموت. وهذا التصور استنتجته من قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الزمر: 42]. فالنفس يتوفاها الله تعالى أي يأخذها ويعيدها إليه عندما ينام الإنسان، ثم تعود لتلتصق به لحظة الاستيقاظ، وتتم العملية بسرعة فائقة يمكن أن تكون أسرع من الضوء.

والنفس توسوس للإنسان وتحرضه على فعل السوء، يقول تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) [يوسف: 53]. طبعاً هذا بالنسبة لإنسان بعيد عن الله، ولكن المؤمن يعمل من خلال قلبه على تطهير هذه النفس وضبطها حتى تصبح نفساً مطمئنة، هذه النفس المطمئنة تعود إلى الله بعد الموت: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) [الفجر: 27-30].

وإنني أتوقع لو أن العلماء بحثوا عن النفس لوجدوها لأنه لا يوجد في القرآن ما يمنع من اكتشاف النفس، على عكس الروح التي أكد الله على أنها أمر خاص به.
والخلاصة فإن الإنسان عبارة عن جسد مؤلف من خلايا مادية مكونة من ذرات ولكن وجود الروح بين هذه الذرات يجعلها حية تتكاثر وتنمو وتعيش. والنفس هي التي توجه هذا الجسد بما يحمله من روح كما يوجه السائق سيارته، فإما أن يقودها إلى بر الأمان وإما أن يهوي بها في وادٍ سحيق، والله أعلم

البرمجة اللغوية العصبية: هل تتفق مع ديننا الحنيف؟
في الحقيقة إن من وضع أسس البرمجة اللغوية العصبية Neuro Linguistic Programming هم أناس غير مسلمين. فقد قام جون غزندر ورتشارد باندلر بوضع أسس هذا العلم، واعتمدوا فيه على شيء واحد وهو بعض التجارب الناجحة بنظرهم، ولكن ما هو مقياس النجاح لديهم؟ إنهم ينظرون إلى أي إنسان جمع المال الكثير على أنه ناجح بغض النظر عن الطريقة التي جمع فيها هذا المال! ينظرون لأي إنسان مشهور حتى ولو كان يتعاطى المخدرات على أنه إنسان ناجح ويتخذونه قدوة لهم، وهنا تكمن خطورة هذا العلم وواجب التنبيه على ذلك.

فلو أخذنا مثالاً من القرآن وهو "قارون" الذي أهلكه الله بسبب طغيانه فإنهم سيعتبرونه نموذجاً ناجحاً جداً لأنه جمع أموالاً تعجز الجماعات القوية عن حملها، ولكن الله تعالى ليس بحاجة إلى هذا المال، إنه يريد شيئاً منا ألا وهو طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. إذن البرمجة اللغوية العصبية NLP بشكلها الحالي هي علم ناقص ولا بد من دراسة لنجاح أناس فقراء نجحوا اجتماعياً ونفسياً. إن علماء البرمجة يتحدثون عن أهم هدف من أهدافها وهو الحصول على الاطمئنان والاستقرار النفسي.

ولكن الشيء المؤكد أنه لا يوجد اطمئنان خارج ذكر الله تعالى، والدليل على ذلك هو قول الله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]. انظر معي إلى هذه الآية كم يمكن أن تعالج من أمراض يعجز الأطباء عن علاجها! هل يستطيع علماء البرمجة أن يمنعوا إنساناً من الخوف من الموت؟؟؟ بالتأكيد لا لأنهم ليس لديهم معلومات عن الحالة التي سيمر بها الإنسان بعد الموت.

إن هذه الآية بكل بساطة تعطي المؤمن كميات كبيرة من الاطمئنان والاستقرار النفسي حتى عندما يفكر بالموت. لقد أخبرنا علماء البرمجة عن أناس نجحوا وتفوقوا في حياتهم عبر التاريخ، ولكنهم لم يخبرونا ما هو وضعهم الآن بعدما ماتوا!
إن المبادئ الصحيحة في البرمجة الغوية العصبية موجودة في القرآن والسنة منذ زمن بعيد، ولذلك فإنني أقترح على إخوتي من المهتمين والباحثين والقراء أن يردّوا هذا العلم إلى أصوله الإسلامية، وأن يعلموا أن كل قاعدة صحيحة يكتشفها العلماء لابد أن نجد لها ذكراً في كتاب الله تعالى الذي قال: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام: 38].
ولذلك يمكن القول بأن البرمجة الموجودة في القرآن شاملة وكاملة وتغطي جميع مراحل الإنسان سواء الحياة الدنيا أو مرحلة الموت أو الآخرة. والآن إخوتي وأخواتي في الله ما رأيكم بهذا الكلام وهل توافقون على وجود مساوئ لهذا العلم؟