الكلام:عرفه محمد بن مالك في ألفيته بقوله:"كلامنا لفظ مفيد كاستقم"فقوله لفظ خرجت به لغة الإشارة ،ومفيد خرج بهما كان لا يفيد معنىً معروفا عند العرب مثل "رأيت زيدا وعمرا لوحده"وقد يكون الكلام من كلمتين أو أكثر، وأقل ما يتركب منه الكلام اسمان, أو اسم وفعل, أو فعل وحرف, أواسم وحرف.وينقسم الكلام باعتبار آخر إلى أمر ونهي وخبر واستخبار.
والأمر والنهي عند أهل البلاغة يسمى إنشاءا،ويقابله الخبر.والإنشاء لا يحتمل التصديق ولا التكذيب،والخبر يحتمل الصدق ويحتمل الكذب.
والاستخبار هو طلب للخبر وهو استفهام واستفسار.
ومن اعتبار آخر، ينقسم الكلام إلى تمنٍ وعرض وقسم.
ومثال التمني"ليتك تعود يوما"،ومثال العرض"ألا تعود إلينا"،ومثال القسم "والله لتنزلنْ، بالله لتذهبن".
وينقسم من اعتبار آخر إلى حقيقة ومجاز،فالحقيقة هو مابقي على معناه من غير تأويل ،فالشجرة الخضراء هي الشجرة الحقيقة،وأسد الغابة هو الأسد حقيقة،والحقيقة تقسم إلى لغوية وشرعية وعرفية.ومثال الحقيقة اللغوية التي وضعها أهل اللغة:"شجرة التفاح"فهي الشجرة حقيقة.ومثال الحقيقة الشرعية وهي عبارة عن ألفاظ لغوية أضيفت إلى الشرع لتصبح حقائق شرعية"التجويد وهو في اللغة تحسين،وصار في الشرع معناه ،العلم الذي نستطيع من خلاله إعطاء الحرف والكلم القرآني حقه ومستحقه مخرجا وصفة ومدا ووقفا وابتداءا".وأما مثال الحقيقة العرفية :فعندما يقول العرب "فلان أكل لحما"لا تشمل السمك ،بل يكون مقصودهم الجمل والخروف والطير،وإذا قصدوا السمك قالوا"أكل فلان سمكا"وتم في ما بعد إضافة السمك إلى باقي اللحوم وشاهده قوله تعالى عن البحر:" لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا"
والمجاز هو نقل اللفظ من معناه الأول إلى معنى ثان لمناسبة بينهما أو لعلاقة بينهما،ومثاله قولنا علي أسد ،ومعنى الأسد الأول هو الحيوان المعروف،ومعناها الثاني الذي انتقلت إليه هو غاية الشجاعة للعلاقة بين الشجاعة والأسد،وحكم المجاز في أنه موجود في اللغة العربية وموجود في القرآن في غير الأسماء والصفات ،ومن أراد التفصيل عن هذا الحكم فننصحه بالرجوع إلى موضوعنا شبهات حول الأسماء والصفات في موضوع شبهات وردود في قسم نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المنتدى الطيب.ثم إن المجاز يكون إما بالزيادة ،وإما بالنقصان،وإما بالنقل،وإما بالاستعارة.ومثال المجاز بالزيادة:قوله تعالى على لسان الخضر لموسى عليهما السلام في أول آية عندما نسي أول مرة"قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا" وعندما نسي في المرة الثانية قال :" قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا"ونلاحظ زيادة كلمة "لك"في الآية الثانية وهي للكناية عن شيء من تحرج الخضر عليه السلام من اجتهاد موسى عليه السلام في ما كان الخضر عليه السلام يفعله من قتله للغلام وخرقه للسفينة. ومثال المجاز بالنقصان:" وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ"أي واسأل أهل القرية.ومثال المجاز بالنقل: قوله تعالى على لسان أهل النار:"حتى أتانا اليقين"فاليقين هنا انتقل إلى معنى الموت.ومثال المجاز بالاستعارة: "جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ"فليس الانقضاض بالهجوم وإنما بالسقوط.ثم إن المجاز أيضا ينقسم إلى مجاز عقلي ومجاز لغوي.والمجاز العقلي يكون بنسبة الفعل إلى من لم يفعله على الحقيقة،ومثال ذلك قولنا"مات فلان"ففلان لا يملك الإحياء والإماتتة لا لنفسه ولا لغيره،بل الذي قبض روحه هو ملك الموت،والذي يحيي ويميت على الحقيقة هو الله جل في علاه.والمجاز اللغوي ينقسم بدوره إلى مفرد ومركب،وكل منهما بدوره ينقسم إلى أقسام،فالمفرد هو ماكان بالزيادة والنقصان والنقل ،والمركب هو ما كان بالاستعارة ،وقد فصلنا ذلك قبل قليل.
نعود فنقول إن الكلام الإنشائي ينقسم إلى أمر ونهي.فالأمر هو استدعاء الفعل بالقول من الآمر إلى من هو دونه، وصيغته "افعل"،وربما جاءت بلام الأمر"ليقضوا تفثهم"،وقد تكون بصيغة عليكم "عليكم أنفسكم"،وقد تكون بصيغة المصدر النائب عن فاعله " فَضَرْبَ الرِّقَابِ"،ويكون أيضا بصيغة الخبر:" وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ" كما أسلفنا،ويكون على سبيل الوجوب مالم يقيد بدليل من انتداب أو إباحة،ويخرج من إلزامه الساهي (الناسي والغافل ونحو هذا)والصبي(الذي لم يبلغ ذكرا أو أنثى)والمجنون، والأمر بالشيء نهي عن جميع أضداده, والنهي عن الشيء أمر بأحد أضداده مثل النهي عن الزنا والأمر بالزواج أو بالصوم لمن لم يستطع أو بالتعفف حتى يغنيه الله من فضله،ثم إن الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به مثل الطهارة واستقبال القبلة للصلاة ونحو ذلك.والنهي هو استدعاء الترك بالقول من الآمر إلى من هو دونه على سبيل الوجوب مالم يقيد بدليل على الكراهة التي هي حسب مصطلح الأصوليين ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله.
ومن أبواب أصول الفقه أيضا:العام والخاص.فالعام ما عم اثنين فصاعدا لأن أقل الجمع اثنان لغة وشرعا،والكلام العام هو الكلام المستغرق لجميع ما يصلح له،ومن ألفاظه ال التعريف المستغرقة "إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ"وكل وجميع ولفظ من وهي خاصة للعاقل " مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ"ولفظ "ما" لغير العاقل" وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ"وهي تتعدى مجازا للعاقل ومثال ذلك قول ضابط في الشرطة(ولا تشبيه)لأحد العناصر:"إئتني بما طلبته"،ويكون ما طلبه على سبيل المثال أحد اللصوص مع ما سرقه ذلك اللص،وأما قوله تعالى :" قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى"فإن كلمة ما في قوله "أيا ما تدعوا"عائدة على اسمي الله "الله"و"الرحمن"ومستغرقة لجميع الأسماء الحسنى،والاسم غير ذات الله ولهذا ينادى بصيغة غير العاقل.
ومن صيغ العموم لفظ "أي" ومثاله "قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ"ومن صيغه "أين"لعموم المكان ومثاله "يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ"وربما اقترنت ب"ما"لتوكيد العموم " أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ"ومن صيغ العموم "أجمع"مثالها:" فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ"والعام إما أن يكون مطلقا وإما أن يكون مقيدا وذلك حسب متعلقه.والخاص يقابل العام والتخصيص تمييز الجملة وهو ينقسم إلى متصل ومنفصل:فالمتصل: الاستثناء عن العموم, والتقييد بالشرط, والتقييد بالصفة. الاستثناء: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام وإنما يبقى من المستثنى منه شيء ومن شرطه أن يكون متصلا بالكلام، ويجوز تقديم الاستثناء على المستثنى منه, ويجوز الاستثناء من الجنس ومن غيره.ومثال التقييد بالشرط"إذا جاءك القوم فأكرمهم" فإن لم يأتوا فلا نستطيع إكرامهم. ومثال التقييد بالوصف أو الصفة"أقرأ الكتب المفيدة"فتخرج الكتب الغير مفيدة بهذا التخصيص.ويجوز تخصيص الكتاب بالكتاب, وتخصيص الكتاب بالسنة، وتخصيص السنة بالكتاب, وتخصيص السنة بالسنة، وتخصيص النطق بالقياس؛ ونعني بالنطق قول الله سبحانه وتعالى وقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
المفضلات