بارك الله في شيخنا الجليل
إن من آفة الجهل أنه على استواء واحد في نظر أهله على ما يتحرون بزعمهم من النصفة والمعدلة ، فلو تدسَّس أحدهم إلى كل مكروه وأصعد في كل بلاء ، لكان ذلك بعضه كبعضه سواء في بادئ الرأي وعند تقليب النظر ، لا يدرك فرق ما بين درجاته ، ولا فصل ما بين صفاته ، حتى إذا ضرب كل سبب في غايته ، واتصل كل مبداً بنهايته ، ووقعت الواقعة بجاهل متشدق ، عرف ذلك الجاهل من مقدار الرزيئة مقدار جهله ، وعلم حينئذ أنه كان يملك من الكف عن هذا البلاء مثل الذي ملك من التسبب له وأشف من ذلك ، ولكن بعد أن يكون السهم قد مرق ، والأمر قد مضى ، وبعد أن لا يكون قد أفاد من الجناية إلا معرفته كيف جناها ، فكأن المصيبة على هولها إنما حلت لتفهمه أنه جاهل ؛ وما أعزها كلمة لا تفهم إلا من مصيبة ! كذا قال سلفنا وما أصدق ما قالوا !

فبالله شيخنا اشدد عليهم ، وأثخن فيهم ، فتبصر أقواماً ضلوا ، وتملح مجلس قوم ملوا .